بعد عام على الجريمة العار.. "الشموع" و"أخبار اليوم" تنهضان من تحت الرماد

2019-03-02 04:16:52 أخبار اليوم/ خاص


ما أن دقت الساعة الواحدة من فجر الأول من مارس 2018، كانت قيادة العصابة قد أنهت جميع الترتيبات اللازمة لتنفيذ الجريمة البشعة والأولى من نوعها في اليمن ومنطقة الجزيرة العربية..
الجريمة القذرة:
إحراق مطابع مؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم".
المكان:
المدينة الخضراء التابعة إدارياً لمحافظة لحج وعملياً لمحافظة عدن.
التوقيت:
الساعة الثانية والنصف فجراً..
الأول من مارس للعام 2018.
المجرمون المنفذون:


مجموعة من الجنود المرتزقة التابعين لقوات اللواء الأول دعم وإسناد والحزام الأمني ومعسكر20.، "جميعها تتبع ما يسمى المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعوم من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة، الدولة الثانية في التحالف العربي التي قدمت لتحرر اليمنيين من مليشيا الحوثي الإيرانية وتستعيد الدولة والشرعية وتنهي الانقلاب كما تقول.
ملاحظة: معظم المنفذين للجريمة كانوا يرتدون البزات العسكرية..
العدد: "12" مجرماً، بعضهم تلّقى تدريبات نوعية في تنفيذ عمليات الاقتحامات والاغتيالات، على يد نخبة من الضباط الإماراتيين وآخرين من جنسيات متعددة في "عصب" الإريترية وعدن اليمنية.
قيادة العصابة:


شلال شايع، مدير أمن محافظة عدن.
منير اليافعي "أبو يمامة"، قائد اللواء الأول دعم وإسناد "حزام أمني".
صالح السيد، مدير أمن محافظة لحج..
وضاح عمر عبدالعزيز، قائد قوات الحزام الأمني بعدن.
جلال الربيعي، قائد قوات الحزام الأمني بلحج.
إمام النوبي، قائد معسكر 20 في عدن.
المشرف العام على الجريمة:
"أحمد أبو ماجد"، قائد القوات الإماراتية في عدن، خلال الفترة التي تم فيها ارتكاب الجريمة بحق الصحافة اليمنية والعربية والدولية.
المسؤول الأول عن الجهات المنفذة بحسب التراتبية الأمنية:
المهندس/ أحمد الميسري، وزير الداخلية.
علي ناصر لخشع، نائب وزير الداخلية.
أدوات الجريمة:


عربات عسكرية عدد "2" "طقمين"، نوع "نيسان وتويوتا"، أسلحة آلي كلاشنكوف، أجهزة اتصالات نقالة ولاسلكية، جميع الأدوات المستخدمة صرفت من قبل القوات الإماراتية بعدن، بالإضافة إلى "جالون بنزين" سعة "20 لتراً تم جلبه من أحد معسكرات الحزام في عدن.
تفاصيل الجريمة العار..
في اليوم الأول من شهر مارس 2018م، وتحديداً عند الساعة الثانية والنصف فجراً، قدم مجموعة أشخاص مدججون بالأسلحة على متن طقمين عسكريين ويرتدون بزات عسكرية، ويضعون الأقنعة على وجوههم، خشية التعرف على هويتهم الحقيقية، قاموا باقتحام مقر مؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم" وأشهروا أسلحتهم الآلية المشحونة بالرصاص والحقد معاً، على الكلمة الحرة، في وجوه مجموعة من الصحفيين وعمال المطبعة العزّل وأجبروهم على إيقاف المطبعة والخروج من المبنى تحت تهديد السلاح كما أظهرت كاميرات المراقبة الخاصة بالصحيفة.
وانتشر عدد منهم خارج الصحيفة، محاصرين المقر وشاهرين أسلحتهم على كل من يتم إخراجهم من المطبعة، بعد أن صادروا التلفونات الخاصة بالموظفين والصحفيين ونهبوها. وأجبروهم على الجلوس في الشارع، وهم مصوبين بنادقهم صوب صدور أشخاص عزّل من كل شيء إلاّ الكلمة الحرة، لذلك ظهر أولئك المجرمون مرعوبين ولم ينزلوا بنادقهم ولو لحظة خلال تواجدهم داخل وخارج مقر مؤسسة "الشموع" للصحافة والإعلام.
إلى هنا كانت الخطوة الأولى من الجريمة قد انتهت، وما أن انتهى المجرمون من إخراج جميع الصحفيين والموظفين من المطابع وفي مقدمتهم مدير عام المؤسسة الأستاذ/ سيف الحاضري، قام أحد المجرمين المنفذين بجلب "جالون البنزين" من أحد الأطقم التي قدموا على متنها، وقام برش كمية البنزين على "المطبعة" وعلى كمية الأوراق الموجودة وكانت أكثر من ثلاثة "رولات ورق صحفي" يزن الواحد منها نص طن، بالإضافة إلى كمية الأحبار والمواد المستخدمة في أعمال طباعة الصحف، وكان هذا المجرم قبل قيامه برش البنزين قد أخرج تلفونه الشخصي، وأجرى اتصالاً هاتفياً بأحد قيادات العصابة المذكورين أعلاه وتلقّى التعليمات بإحراق المطبعة، وما أن انتهى من رش كمية البنزين قدم اثنين آخران من العصابة المنفذة وقام أحدهم بإخراج القداحة "الولاعة" وأشعل النار وحدث انفجار متوسط بسبب بعض كميات الحبر والمواد سريعة المشتعلة داخل المطبعة وكاد أحد المجرمين أن يحترق إلاّ أنه تمكن من الهرب.
عام على الجريمة والداخلية تتهرب من المسؤولية..
تأتي الذكرى الأولى لهذه الجريمة ولازال مرتكبو هذه الجريمة الأبشع، طلقاء ويسرحون ويمرحون في عدن رغم أن التحقيقات الأولية التي قام بها ضباط البحث الجنائي، قد كشفت أن المجرمين المنفذين، لأبشع جريمة في تاريخ الصحافة اليمنية، أبلغوا أفراد النقطة الأمنية الواقعة على مدخل المدينة الخضراء، حين تم إيقافهم، كونه لا يوجد أي بلاغ لديهم، بقدوم قوة أمنية، وما أثار الريبة لدى الجندي "الخدمة" في النقطة أن جميع من على متن الطقمين ملثمين وليس على الطقمين أي لوحة معدنية أو أي أرقام، إلاّ أن قائد الطقم الأول والسائق أبلغوا الجندي أنهم يتبعون "أبو اليمامة". ومع ذلك الجندي رفض السماح لهم بالمرور وأبلغ مناوب العمليات الذي تحدث مع قائد الطقم في الهاتف، ليأمر بعد ذلك المناوب في عمليات أمن المدينة الخضراء "وهي قوة تتبع قوات ما يسمى الحزام الأمني"، جندي النقطة بالسماح للطقمين بالدخول كون لديهم مهمة.
مر عام كامل حتى اليوم وجميع محاضر الاستدلالات لدى الأجهزة الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن، التي باتت تتحكم بأمنها مليشيا مسلحة وزعماء عصابات وأمراء حرب يتبعون عدة أطراف. غالبيتهم- بحسب آخر تقرير لفريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدول- يتبعون المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة "عيدروس الزبيدي، الذي يقضي معظم أيامه في الإمارات، ونائبه هاني بن بريك، الذي يتنقل بين الإمارات وعدن وإحدى الجزر اليمنية على متن سفينة إماراتية راسية في المياه الإقليمية اليمنية".
مر العام الأول ولم يقم وزير الداخلية ولا مدير أمن عدن، الذي هو أحد قادة العصابة، باتخاذ أي إجراءات ولم يتم استدعاء أي من قادة العصابة الذين تقدمت بهم مؤسسة "الشموع" للنائب العام، ولم يتم حتى استدعاء قادة النقاط الأمنية المنتشرة في عدن للاستفسار عن هوية المجرمين الذين يستقلون عربات عسكرية تتبع وحدات أمنية وعسكرية بعدن ولماذا لم يتم إيقافهم، خاصة وأنهم قدموا من منطقة كريتر وسلكوا الخط البحري ومروا عبر عدد من مديريات عدن التي تنتشر فيها النقاط الأمنية، مع العلم أن الأجهزة الأمنية لديها القدرة على معرفة من أين قدمت هذه الأطقم وأين ذهبت بعد أن نفذ المجرمون جريمتهم بحق مؤسسة إعلامية وصحيفة أخذت على عاتقها مساندة الحكومة الشرعية والتحالف لمواجهة الانقلاب الحوثي، خاصة وأن وقت تنفيذ الجريمة تكاد فيه حركة السير داخل مدينة عدن منعدمة بسبب الأوضاع الأمنية المنفلتة، وخوف الناس من الخروج في أوقات متأخرة. إلاّ أن وزير الداخلية أحمد الميسري وجميع القيادات الأمنية في عدن تجاهلت توجيهات رئيس الحكومة حينها/ أحمد عبيد بن دغر، وتوجيهات النيابة العامة القاضية، بإجراء التحقيقات وضبط أفراد العصابة التي نفذت هذه الجريمة وكشف من يقف ورائهم.
مر عام كامل على هذه الجريمة الأخطر في تاريخ الصحافة اليمنية وتعزز لدى الرأي العام والشارع العدني خاصة، بأن من يقف وراء الجريمة هي القوات الإماراتية المتواجدة في عدن والمليشيات الموالية لها. وهو الأمر ذاته الذي جعل وزير الداخلية وكافة الجهات المعنية التابعة للحكومة الشرعية على ما يبدو، أن تظهر عاجزة، فاشلة عن فعل شيء من جهة، وتقبل على تحمل المسؤولية كاملة للجرائم التي ترتكبها القوات الإماراتية والمليشيا الموالية لها والتستر عليها مقابل البقاء في المنصب أو حفنة من الأموال الحرام.
النهوض من تحت الرماد..
في مثل هذا اليوم كان القائد الإماراتي وعدد من قيادة العصابة التي أشرفت على جريمة إحراق مؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم"، في محاولة لإطفاء هذا النور الحر الذي يحرق جبروت كل مستعمر، كان يحتسي كأس النصر، ظناً منهم أنهم قد تمكنوا من إسكات الحقيقة وكسر أقلام الحرية التي كانت تزعجهم يومياً عبر صحيفة ورقية استطاعت أن ترعب تلك المدرعات والأطقم ومن يعتلون عليها رغم أنها معززة بالأسلحة المتوسطة والخفيفة.
ظن "أحمد أبو ماجد" القائد الإماراتي والحاكم الفعلي لعدن حينها، أو المندوب السامي- كما يحلو لأبناء عدن تسميته- ومعه شلال وأبو اليمامة وصالح السيد، أنهم قد حققوا أكبر نصر داخل عدن وخارجها، لكن تلك النشوة لم تدم طويلاً..
ها هي الذكرى الأولى لهذه "الجريمة العار" والأبشع في تاريخ الصحافة اليمنية، تحل بكل تداعياتها وقد تمكنت هذه المؤسسة الضوء "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم"، قد استطاعت أن تنفض عنها رماد تلك الجريمة والحريق منذ أشهر، وتمكن مؤسسها من لملة جراحه بصمت وشكيمة وعزيمة كبيرة لا تلين ولا تعرف شيئاً اسمه مستحيل.. ذهب إلى مأرب وتمكّن من نقل ما تبقى من مطابع "الشموع" و"أخبار اليوم"، وعدد من الأجهزة الخاصة بالصحيفة التي حاولت عصابات صالح السيد- مدير أمن لحج- من اعتراضها ومصادرتها، لكنه لم يعرف إلاّ بعد خروجها من محافظة أبين، وأرسل بعدها مجموعة من جنوده لينهبوا ما تبقى بعد مرور أكثر من عشرة أيام على إحراق المطابع واعتقال عدد من الموظفين العاملين في الحراسة والإدارة ليؤكد بهذا الفعل الإجرامي الذي وثقته كاميرات المراقبة، أنه واحد من المجرمين وقادة العصابة التي ارتكبت هذه الجريمة النكراء التي تم التنديد بها من جميع وسائل الإعلام المحلية والعربية ومن جميع المنظمات والنقابات العاملة في مجال الصحافة والحقوق والحريات، داخليا وخارجياً. إلاّ أن ذلك لم يحرّك لدى وزير الداخلية ومن معه أي شعور بالمسؤولية للقيام بواجبهم ولو من باب عدم تحمل مسؤولية التستر على المجرمون ومن يقف خلفهم.
ها هي الذكرى الأولى لجريمة إحراق مطابع "الشموع" و"أخبار اليوم"، تحل والرئيس ونائبه لم يتجاهلان خطورة الصمت على جريمة بهذا الحجم.. تحل الذكرى الأولى ووزير الداخلية والحكومة والجهات القضائية والأمنية لم تستوعب بعد معنى بقاء منفذيها خارج نطاق العدالة وبعيداً عن متناول الأجهزة الأمنية.
تحل ذكرى هذه الجريمة وقد نفضت مؤسسة "الشموع" وصحيفة "أخبار اليوم" ذلك الرماد الذي حاولت الإمارات وميلشياتها في عدن، أن تحجب به الحقيقة، إلاّ أن "الشموع" و"أخبار اليوم" تمكنت من لملمة أوجاعها وتجميع كل التحديات والتداعيات التي خلفتها هذه الجريمة، التي تتجاهل الحكومة تأثيراتها أيضاً على مؤسسة إعلامية مستقلة، وصهرت تلك التحديات وخلطتها بذلك الرماد وحولتها إلى رصاص، شحنت بها أقلامها الحرة لتواجه بها أعداء الحرية والكلمة الصادقة والقتلة والمجرمين وكل أولئك الذين يريدون أن يخضعوا اليمنيين للعبودية الداخلية أو التبعية والعمالة الخارجية..
عزيمة كهذه يقودها إيمان عميق، حتماً سيجعل الكلمة أقوى من رصاص المرتزقة وتجعل من الأقلام سياطاً تكسر بها جبروت كل جلاد.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد