نازحون منسيون.. وأوضاع إنسانية صعبة..

أسرار غياب المنظمات الإنسانية والإغاثية عن مأرب..

2019-03-24 04:03:04 أخبار اليوم/ نايف القداسي


محافظة "مأرب" كانت هي الوجهة الأكثر استقبالاً للنازحين، منذ اندلاع الحرب في اليمن، حيث لجأ إليها مئات الآلاف من شتى محافظات اليمن، وارتفع عدد سكانها 7 أضعاف، إضافة إلى وجود أكثر من 21 ألف مهاجر إفريقي، وفق النشرة الرسمية الصادرة عن موقع محافظة مأرب.
مع ذلك تغيب عن مأرب المنظمات الإغاثية والإنسانية، سواء منها التابعة للأمم المتحدة، أو المنظمات الدولية الأخرى، ولا يوجد منها سوى عدد ضئيل جداً، من بين عشرات المنظمات التي تنشط في اليمن، وتتخذ كلها من صنعاء مقراً رئيسياً لها.
بداية الأسبوع الجاري، زار وفد تابع لمنظمة الهجرة الدولية- مكتب اليمن- المدينة والتقى محافظ المحافظة اللواء/ سلطان بن علي العرادة، الذي ناقش معهم أولويات تدخلات المنظمة في دعم القطاع الصحي وقطاعي المياه والبيئة وإدارة مخيمات النازحين.
وتعد منظمة الهجرة ثالث منظمة تابعة للأمم المتحدة ترسل وفداً للاطلاع على أوضاع النازحين في مدينة مأرب أو تتواجد هناك، بعد منظمة اليونيسيف التي تعمل في المحافظة بشكل طبيعي منذ العام 2016، ومنظمة الغذاء العالمي التي أرسلت وفداً منتصف العام الماضي، وبدأت في التدخل قبيل نهاية العام، وعلى استحياء.
وتحدث المحافظ العرادة، عن حجم الصعوبات والتحديات التي تواجهها السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية في محافظة مأرب في الوقت الراهن مع استمرار حركة النزوح الكبيرة إلى مدينة مأرب من جميع المحافظات اليمنية، لاسيما من المناطق الخاضعة لسلطة المليشيات الحوثية هرباً من بطشها وبحثاً عن الأمن والحرية والعيش بكرامة.
وفي السياق أكد وكيل محافظة مأرب ورئيس لجنة الإغاثة بالمحافظة/ عبد ربه مفتاح- خلال لقائه وفد المنظمة- على غياب الدور الفعلي والمؤثر للمنظمات الدولية في العمل الإنساني في محافظة مأرب عموماً، وفي مشاريع إيواء النازحين ومساعدتهم وتلبية احتياجاتهم بشكل خاص؛ باستثناء الدور الإيجابي لمنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة "اليونيسيف" وتدخلاتها المثمرة في مختلف المجالات الصحية والتعليمية وقطاعي المياه والبيئة خلال الفترة الماضية.
ودعا الوكيل مفتاح، منظمة الهجرة الدولية وكافة المنظمات العاملة في المجالين الإنساني والإغاثي في اليمن إلى فتح مكاتب تنسيق إنسانية لها في محافظة مأرب بما يسهل عملها ويحقق سرعة استجابة تدخلاتها الطارئة في المحافظة.
وفي شهر يوليو من العام الماضي، نفّذ مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة "الأوتشا" في صنعاء زيارة لمدينة مأرب بعد ضغط واحتجاج رسمي تقدمت به الحكومة الشرعية للمكتب.. وسافر الوفد في رحلة مكوكية استغرقت 3 أيام من صنعاء وعبر جيبوتي إلى عدن، ومنها إلى حضرموت فمأرب، ليلتقوا هناك ممثلين عن منظمات المجتمع المدني.
يقول مصدر حضر اللقاء لـ"المصدر أونلاين": كان السؤال الأكثر إلحاحاً، لماذا لا تنزل المنظمات إلى مأرب لزيارة النازحين والاطلاع على أحوالهم، ولماذا لا تتدخل في إغاثتهم رغم أن كل المعايير الدولية للإغاثة تنطبق عليهم؟
أجاب متحدث باسم الفريق الزائر بالقول: ليس لدينا معلومات أو نداءات من أي من شركائنا عن نازحين في مارب، هناك فجوة بيننا وبينكم. رد أحدهم: كيف ستأتيهم البلاغات وهم لا يتواجدون في مأرب؟
كيف حدثت الفجوة؟
في السابق لم تكن محافظة مأرب سوى جزءاً من مكاتب المنظمات بصنعاء تابعة لصنعاء وهو الوضع الذي تبقيه المنظمات حتى اليوم، غير آبهة بالتغيرات الحاصلة في حركة النازحين جراء الحرب الأخيرة، بعد انقلاب جماعة الحوثيين، ومكاتب صنعاء واقعة بشكل كلي تحت سيطرة جماعة الحوثيين، والتي ترى في كل من نزح إلى مأرب خصماً لها.
يقول أحد العاملين في الإغاثة بمأرب: عندما تريد أي منظمة محلية أن ترفع مشروعاً أو تطلق نداء لإغاثة نازحين في مأرب لا تستطيع، لأن مكاتب المنظمات والشركاء المحليين العاملين معها والذين يعقدون "الكَلَسْتر" (الاجتماع الذي يدرس الاحتياجات) كلهم في صنعاء.. وعندما تراسلهم المنظمات من مأرب، يقولون نحن لا نقبل أي نداء من محافظة مأرب إلا عبر الكتلة التي تتبعها المحافظة، ومأرب تتبع كتلة صنعاء!
من جانبه يقول نائب مدير الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين التابعة للحكومة، ومدير فرع الوحدة بمحافظة صنعاء/ عبد الواحد ردمان، نحن منذ سنوات نطالب بأن تحصل مأرب في المنظمات التابعة للأمم المتحدة، على "كتلة فرعية" فقط، ليتم عقد "كلستر" هنا في مأرب، ويتم رفعه إلى الكتلة الرئيسية في صنعاء، لتقبله أو ترفضه، وهو الأمر الذي لم نحصل عليه حتى الآن.
ويضيف ردمان: كنت مع فريق "الأوتشا"- عندما زار مخيم الخانق لإيواء النازحين (في نهم، شرق صنعاء)- وهناك أبدى مدير "الأوتشا" مكتب صنعاء/ ناصر الخولاني، استغرابه من المخيم، مساحته، وعدد ساكنيه، وقال لم تكن الصورة لدينا هكذا، كانت لدينا معلومات عن 50 خيمة خالية من السكان، وقررت "الأوتشا" اعتماد المخيم ضمن برنامج الغذاء العالمي بعد هذه الزيارة.
ويعدّ مخيم الخانق للنازحين الواقع في نهم واحداً من أكبر مخيمات النزوح في اليمن، حيث يحوي أكثر من 800 خيمة، تضم أكثر من 1320 أسرة نازحة، يعانون وضعاً إنسانياً صعباً للغاية، وفق تصنيف المنظمات الإنسانية العاملة في مأرب. وهو واحد من خمسة مخيمات في محافظة مأرب ومحيطها (مخيم الجفينة، جوار مدينة مأرب، يضم آلاف الأسر، مخيم الميل شمال مدينة مأرب يضم نحو 400 أسرة، مخيم الجفرة في الجدعان بمارب يضم 147 أسرة، ومخيم في منطقة كَرَى جنوب مأرب، وفيه نحو 50 أسرة".
ويتابع: في الوضع الحالي نحن نسعى للتواصل مع منظمات الأمم المتحدة، أما المنظمات العالمية غير التابعة للأمم المتحدة، فهذه قصة أخرى، لم نصل إليها بعد، ومعظم هذه المنظمات تعمل وفق "الكلسترات" التابعة لمنظمات الأمم المتحدة.
يقول أحد الناشطين في العمل الإغاثي بمارب: خلال لقاءاتنا وتواصلنا مع المنظمات يردون بالقول إنه ليس هناك توجه لدى الأمم المتحدة للعمل في مأرب.
ويعزو ذلك إلى تصنيف مأرب لدى الأمم المتحدة بأنها "غير آمنة"، بالإضافة إلى ما يشاع عن قيام مركز الملك سلمان للإغاثة بالدور الإنساني اللازم، وأن جميع من في مدينة مأرب هم من القوات الحكومية وليسوا نازحين، فضلاً عن ضعف التسويق والتوضيح للمأساة من قبل سلطات مأرب والحكومة الشرعية.
ومن الأسباب أيضاً قلة الخبرة لدى المنظمات العاملة في مأرب للعمل وفق المعايير الدولية.
وضع المنظمات في صنعاء
في العام 2011م، أنشأ الرئيس السابق/ علي عبد الله صالح، كياناً تابعاً لمجلس الوزراء، أسماه "الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين"، وسلم إدارته لـ "أحمد الكحلاني"، والذي قام بإقصاء العاملين في هذا المجال من غير حزب المؤتمر -كانت الجماعة الحوثية متغلغلة فيه- وعندما بدأت الشراكة بين الحليفين تتهاوى أواخر العام 2017، أحكم الحوثيون سيطرتهم على هذه الوحدة لأهميتها بالنسبة لهم، كونها تدر عليهم مليارات الدولارات.
وأصدر صالح الصماد قراراً بتأسيس "الهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية ومواجهة الكوارث"، وعين شخصيات مقربة من قيادة الجماعة في إدارتها، منهم "د.القاسم عباس" رئيساً، وعبد الخالق عبد الله الشريف (حوثي من مأرب) مديراً لفرع الهيئة في مأرب.
ومع تواجد المكاتب الرئيسية للمنظمات في صنعاء الواقعة تحت سيطرتهم، يستخدم الحوثيون شتى الوسائل للضغط عليها وفرض أجندتهم، خصوصا وأن الموظفين المحليين العاملين في الجوانب الإغاثية والإنسانية يمثلون طرفي الانقلاب "الحوثيون والمؤتمر" قبل مقتل صالح أواخر 2017، ويمثلون الحوثيين فقط بعد ذلك التاريخ.
ابتزاز الحوثيين للمنظمات بات أمراً شائعاً، وتحدثت مصادر إعلامية عن اختطاف الجماعة لموظفين في منظمات إغاثية بصنعاء ورفض الإفراج عنهم إلا بشروط الجماعة، ومقابل مبالغ مالية كبيرة. إضافة إلى تهديدات بالنهب وإيقاف عمل هذه المكاتب إذا لم يتعامل مع الهيئة التابعة للحوثيين الأمر الذي يخافه العاملون في المنظمات.
يقول مصدر إغاثي في مدينة مأرب لـ "لمصدر أونلاين"، وصلني خطاب لَوْم من برنامج الغذاء العالمي، بشأن إغاثة النازحين التي اعتمدت لمخيم الخانق إبان الزيارة، لماذا لا ننسق مع "الهيئة" التابعة للحوثيين!
وقال مصدر في الصندوق الاجتماعي للتنمية في صنعاء: نهاية العام 2017 أردنا أن ننزل إلى مأرب والجوف لتنفيذ مشاريع من أجل استكمال خطة العام، فثار علينا الحوثيون، وقال مسؤول في الهيئة "الهيئة الاغاثية التابعة للحوثيين" هل ستعطون الأموال للدواعش؟ هم بتدفع لهم السعودية والإمارات.
أضاف: بعد شد وجذب، أقنعناهم أن خطة الصندوق كتلة واحدة في كل المحافظات، وأنه إذا لم تنفذ خطة مأرب والجوف ستتوقف خطة اليمن كلها في العام القادم وسيتوقف الدعم؛ فسمحوا لنا بالزيارة وقالوا نفذوا مشاريع بسيطة فقط لتمرير الخطة.
استطرد: وهذا الأمر هو ما تم بالفعل، حيث زار ممثل عن الصندوق محافظتي مارب والجوف في شهر 10/ 2017، وأقر عدداً بسيطاً من المشاريع نفذت في المحافظتين.
وفي حين تضطر بعض المنظمات وبعض العاملين للرضوخ للضغوط الحوثية، تثار اتهامات بين الحين والآخر ضد بعض العاملين على رأس المنظمات بالتواطؤ مع الحوثيين.
أين تذهب أموال المساعدات؟
صنع الحوثيون أسوأ وضع إنساني في العالم، وهم يستغلون المأساة التي صنعوها بغية وقف الحرب من طرف واحد، في حين يواصلون قتل اليمنيين وتفجير منازلهم واعتقالهم والتنكيل بهم، وأيضاً يستغلون المأساة لجلب أكبر قدر ممكن من الدعم الإنساني للمناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وقد اتهمتهم منظمة الغذاء العالمي بأنهم "يسرقون الطعام من أفواه الجوعى"، الأمر الذي أزعجهم ودفع بأحد قادتهم لاتهام المنظمة بأنها تقدم مواداً منتهية الصلاحية، ومطالبا إياها بدفع المساعدات "كاش".
وبلغت المساعدات الاغاثية المقدمة لليمن للعام 2017 أكثر من 2 مليارات دولار، كلها عبر الوحدة التنفيذية التابعة لشريكي الانقلاب، وهيئة الإغاثة الحوثية بعد ذلك، بينما بلغ حجم التدخل في العام الماضي 2018، 2.96 مليار دولار، وقدرت خطة الاستجابة الإنسانية حجم التدخل المطلوب خلال العام الحالي 2019 ب. 4.2 مليار دولار.
نتيجة الضغط الحوثي، تتعامل المنظمات الدولية مع عبد الخالق الشريف- الذي عينه الحوثيون في هيئتهم التي شكلوها للجانب الإنساني كممثل لمأرب- باعتباره مديراً لفرع الهيئة الحوثية بالمحافظة.
ومن خلال متابعة محرر "المصدر أونلاين" للأخبار التي تنشرها صفحة الهيئة فرع مأرب على موقع فيسبوك، فإن الكثير من المنظمات الإغاثية تتعامل مع السلطة الوهمية التي عينتها جماعة الحوثيين لمأرب والمقيمة في صنعاء، كممثل للجانب الإنساني والإغاثي في مأرب.
يلتقي المعين من الحوثيين كمحافظ لمأرب "عبد ربه مجيديع"، وعبد الخالق الشريف، مع كثير من مسؤولي المنظمات في صنعاء لمناقشة الوضع الإنساني في المحافظة من بينهم "جيمي ماكغولدريك" المنسق السابق للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن.
ووفق مصدر إغاثي مطلع، فإن الهيئة التابعة للحوثيين تضع مارب في المرتبة الـ12 بين المحافظات في تدفق النازحين، مع أنها قد تكون الأولى بشهادة كثير من المراقبين والعاملين في المجال الإنساني.
ومن خلال مركزه ذاك، يمارس الشريف، ضغوطاً على المنظمات العاملة في مارب لتنفذ كل شيء وفق شروطه، حتى إنه يفرض موظفين، وحصل "المصدر أونلاين" على رسالة وجهها الشريف لمنظمة "أدرا" فرع مارب، يلومهم فيها على عدم قبول موظفَين اثنين أرسلهم للعمل في المنظمة.
ومنظمة "أدرا" هي منظمة دولية تنفذ مشاريع "المفوضية السامية" تعمل في مجالات عدة أبرزها تقديم مساعدات مالية للنازحين، وافتتح فرع مارب كفرع تابع لمكتب ذمار.
ووفق مصدر عَمل في المنظمة، فإن الشريف هو من يتابع كل صغيرة وكبيرة في الفرع، وعَين مؤخراً مديرا لفرع المنظمة شخصاً مقرباً من الحوثيين من بيت الهادي، من محافظة حجة. قبل أن يوقف الفرع تماما بحجة انتهاء المشروع الذي كانوا يعملون على تنفيذه، ولا إشارات عن تنفيذ مشاريع جديدة.
وكان الشريف، حسب المصدر، قرر إيقاف الفرع بعد تأسيسه بفترة بسيطة، لكنه أبقى عليه للاستفادة من المعلومات التي يجمعها عن النازحين، حيث يقوم موظفو الفرع بالمسح الميداني للنازحين في مدينة مارب ورفع الكشوفات للشريف، بينما لم تعتمد مبالغ مالية سوى لعدد قليل ممن تم حصرهم، ولا تصل شهريا بل بشكل متقطع كل عدة أشهر، وبعضهم لم يستلم سوى لمرة واحدة فقط خلال أكثر من عامين.
وطبقاً للمصدر، فرض الشريف على المنظمات توزيع ما نسبته 50% من المساعدات الإغاثية على المديريات الثلاث التي لا تزال تحت سيطرة جماعته (بدبده، حريب القراميش، صرواح) والـ50% الأخرى على بقية المديريات من بينها مديرية المدينة والتي يسكنها مئات الآلاف من النازحين.
وبتتبع أعمال معظم المنظمات التي عملت في مارب خلال الأعوام الماضية، يلاحظ استبعادها مديرية المدينة بشكل كلي من أي تدخل، بينما تنشط أكثر في المديريات الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، بالإضافة إلى مديريات أخرى لا وجود للنازحين فيها.
وحصل "المصدر أونلاين" على نسخة من خطة التدخل لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة لشهر نوفمبر 2018، معتمداً من وزارة التخطيط، وفيه تقبع مأرب في المرتبة الـ15 بين المحافظات اليمنية، وغابت عن الخطة مديرية المدينة المكتظة بالنازحين، وذكرت مديريات، مجزر، رغوان، مدغل، حريب القراميش، بدبده، صرواح، الجوبة، رحبه، حريب، ماهلية، العبدية، جبل مراد، وكلها مديريات لا وجود للنازحين فيها الا بنسب ضئيلة جداً.
نازحون في مدينة مأرب أكدوا لـ"المصدر أونلاين" أن الحال تغيّر مع بداية العام الحالي بالنسبة لمنظمة الغذاء العالمي، حيث باتت تساهم بتوزيع مساعدات على عدد من النازحين شهرياً.
دور الحكومة
وحدها الحكومة من يمكنها الضغط على الأمم المتحدة لتغيير سياستها، وهو الأمر الذي أهملته طوال السنين الماضية، ولم تتنبه له إلا منتصف العام 2018 عندما أسست الوحدة التنفيذية وفتحت فرعاً لها في مأرب وتواصلت عبر وزارة التخطيط، مع المنظمات الدولية، وفرضت شروطاً جديدة، لم تؤت ثمرتها إلا مع مطلع العام الحالي بشكل جزئي، حيث تدخلت منظمة الغذاء العالمي وبعض المنظمات الأخرى، وبدأت الظروف تتحسن إلى حد ما أفضل من السابق وفق المصدر الإغاثي.
الرقم الحقيقي لأعداد النازحين
يقول عبد الواحد ردمان، نائب رئيس الوحدة التنفيذية والمقيم في مأرب، إن الرقم الحقيقي لأعداد النازحين يظل واحدة من المشاكل التي تعرقل العمل الإغاثي، حيث لا يوجد جهة أو منظمة لديها إحصاء دقيق.
ويضيف في حديث لـ"المصدر أونلاين": لا يوجد إحصاء مُلزم للمنظمات، والأرقام تتضارب إلا أن الجميع متفقون على أن مأرب استقبلت مئات آلاف النازحين من شتى المحافظات، ولا يزال العدد في تزايد مستمر.
وعن سؤالنا لماذا لم تُحصر أعداد النازحين، يجيب ردمان: الحكومة الشرعية وسلطات مأرب هي من يتحمل مسؤولية ذلك، وهذا تقصير كبير، كما أن غياب الوحدة التنفيذية والتأخر في تأسيسها سبب من الأسباب.
وبحسب ردمان، رفعت وزارة التخطيط والتعاون الدولي طلباً العام الماضي، لمنظمة الهجرة الدولية لإجراء مسح شامل للنازحين، لكن رد المنظمة كان سلبياً واعتذروا عن المسح الشامل لتكاليفه الباهظة، ولكنهم أقروا إجراء مسح بؤري.
ومن المتوقع أن تكون الزيارة التي نفذتها المنظمة هذا الأسبوع إلى مدينة مأرب، من أجل الترتيب للمسح البؤري، وتنفيذه في المحافظة حيث قال رئيس وفد منظمة الهجرة الدولية ونائب رئيس بعثتها في مكتب اليمن جون ماكيو، خلال لقائهم محافظ مأرب، أن زيارة فريق المنظمة إلى محافظة مأرب تهدف إلى تعقب النازحين في المحافظة وزيارتهم إلى مخيمات الإيواء والنزوح والاطلاع عن كثب على احتياجاتهم وتقييم الحالة الإنسانية في محافظة مأرب عموماً والاستجابة لها في مشاريع المنظمة القادمة.
ودعا المحافظ العرادة خلال اللقاء، إلى التزام المنظمات الدولية بمعايير العمل الإنساني الدولي أثناء دراسة وتقييم احتياجات النازحين في المحافظة والاعتماد على الإحصائيات الرسمية الصادرة بناء على عمليات حصر دقيقة وأبحاث استقصائية ميدانية بدلاً من الاعتماد على تقارير مكتبية مغلوطة عن المحافظة.
وأبدى استعداد السلطة المحلية والمكاتب التنفيذية المعنية للتعاون مع المنظمة وتقديم كافة التسهيلات اللازمة لها بما يمكنها من تنفيذ برامجها وأنشطتها ومشاريعها الإنسانية القادمة في المحافظة.
ويمكن الوصول إلى خلاصة مفادها أن تحسن عمل المنظمات واهتمامها بالنازحين والمتضررين من الحرب في مارب يعتمد على مدى قدرة الحكومة الشرعية أن تعمل بشكل أفضل من السابق من خلال تفعيل الوحدة التنفيذية وتطويرها، والضغط على الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية، وتوضيح الوضع المأساوي للنازحين، وتعرية جماعة الحوثيين التي تنهب المساعدات الاغاثية لتمويل حربها ضد أبناء الشعب، ما لم فإن معاناة النازحين ستستمر، ومعها سيستمر الدعم والتمويل لجبهات الحوثيين، وسيطول أمد الحرب ومأساة اليمنيين.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد