أزمة إدارة الدولة اليمنية..

استحضار التاريخ بصراعاته ... عنوان فشل إدارة الدولة

2019-04-21 03:57:13 أخبار اليوم/ خاص


على إثر انتخاب هادي رئيساً للجمهورية اليمنية، بأصوات بلغت نسبتها في المحافظات الشمالية ما يقارب 90% وفي المحافظات الجنوبية بنسبة أقل بكثير من هذا في حين كان يفترض العكس من ذلك، إلا أن هذا يكشف عن صراع غير معلن يرجع بعضه إلى ما قبل ثورة14 أكتوبر والبعض الآخر إلى أحداث 13 يناير..
وفي كل الأحوال فإن هذا قد جر نفسه على مستوى الصراع الجنوبي الجنوبي والصراع الجنوبي الشمالي لتبرز الدعوات المناطقية والأقل من المناطقية إلى مستوى العصابات والغوغائية وتغذية الصراعات الجنوبية بنوازع شتى تدعو إلى الانفصال ليس على مستوى الوطن اليمني وإنما على مستوى المحافظات الجنوبية لتطل المشيخية والسلطنات بقرونها المتلبسة بأكثر من رداء وبأكثر من عامل هدم.. في حين أن القوى المنتمية- المعول عليها- قيادة الجنوب برؤية وطنية صارت خائرة القوى ونهبا لمحركات وأطماع وتدخلات خارجية أفقدتها توازنها وغذت ثارات مضى عليها زمن طويل، وهي اليوم ماثلة للعيان استطاع- من خلالها- الأجنبي أن يحقق حضوره ليسيطر على الجنوب تماماً وتصير كل منافذه البرية والبحرية والجوية تحت السيطرة باسم المجلس الانتقالي الميليشاوي، الخارج عن مؤسسات الدولة وسلطاتها الرسمية، ما يعد انتهاكاً سافرا للدستور والقانون وللسيادة الوطنية وتعزيزاً للولاءات الضيقة التي تراهن عليها القوى اللا منتمية وتغذيها، بما يحقق مكاسب صيقة ويفقد الجنوب القدرة على النهوض الحضاري الشامل ويجعله- أيضا- مرتعا للانقسامات وللتخلف ولقوى انتهازية بعد إفقاده عنصر الأمن والاستقرار وتسييد الميليشيا على ما عداها من المؤسسات الأمنية والعسكرية التابعة للدولة وبالتالي الوصول إلى ارتهان الجنوب وإبقائه في دائرة الصراع وبروز الدعوات المناطقية والمذهبية ليس على مستوى الشمال والجنوب وإنما على مستوى الجنوب ذاته الذي نجد اليوم من يحي نزعات مقيته يحاسب فيها المواطن على لهجته وعلى مولده وعلى تنشئته.
في حين الجنوب -أساسا- لا يمكنه النهوض إلا في إطار الوحدة والتنوع وعلى وجه الخصوص عدن كمدينة مفتوحة فلم نجد على مر التاريخ أن دولة نهضت بعرقيتها أو مناطقيتها او إقصاء الآخر والنظر إليه بدونية ونزوع عنف.
ان هذه الثقافة الإلغائية للآخر والإقصائية والحدية لا تولد غير الانفجار والتطاحن والتخلف هو الذي يسود.. إنما يميز الدول المتحضرة هو تعدديتها واحترام العرقية الإثنية والتنوع الذي هو مصدر الهام لحياة نبيلة ومصدر إبداع .لقد نهضت اميركا على سبيل المثال باحترامها للآخر وحقه في المواطنة المتساوية ونهضت أوروبا- أيضا- بذات التنوع واحترام الآخر والأقليات ورفض العنصرية وما يسيء إلى المواطنة المتساوية..
ووقعت ألمانيا في أتون حرب عالمية قضت على الأخضر واليابس وانهزمت شر هزيمة حين راهنت على الجنس المتفوق، والعرقية هذه أمثلة ماثلة للعيان لا تحتاج الى برهان وهو ما ندعو إليه اليوم الجنوب ليتحاوز إرهاصات الماضي بكل ثاراته وسلبياته وإلى أن يكون جنوبا متفتحا مع المواطنة المتساوية مع احترام دولة الدستور والقانون ورفض الملشنة باعتبارها أداة صراع وبسط نفوذ خارج مؤسسات الدولة ومدعاة لحروب أهلية وانقسام وفتن لا تحصى وهو أمر ينبغي استحضاره أيضاً من أعلى هرم الدولة إلى المواطن البسيط فلولا الرهان على الانقسام والتخلي عن القيم وعن احترام الآخر والتنوع في إطار الوحدة لما سقطت الدولة في يد الانقلابيين ولولا التنازل عن دماج وما بعد دماج والتحالفات خارج مؤسسات الدولة ومع الميليشيا لما وصل الحال بالوطن إلى هذا التشظي الذي لا يعد ولا يحصى من مناطقية وإقصاء وميليشيا في الجنوب إلى ذات التشابه تماما، ميليشيا ومذهبية ومناطقية في الشمال هذا العبثي هو بفعل حضور الماضي ليس كصفحات ناصعة وإنما كثارات واستقواء وإلغاء للآخر محصلته إفقاد الوطن سيادته واستقلاله وإفقاده أيضاً عاملي الأمن والاستقرار كركيزة أساسية في النهوض الحضاري الشامل..
ولولا تخلي- أيضاً- الأحزاب التقدمية وحتى الإسلامية عن الرؤية الوطنية واستشراف المستقبل والتوحد من أجل البناء لما وجدنا، التداعيات هي العنوان الأبرز في انقسام الجنوب على نفسه كما الشمال ليصير الطرف الخارجي هو المتحكم، هو المتسيد، هو المستعلي والمسيطر وفق هذا المستوى.. يغدو الإقصاء والإلغاء والتهميش للآخر تحت أي ذريعة مذهبية أو مناطقية إنما هو انهزام حقيقي للقيم والمبادئ وتخلي عن الإشراقات الوحدوية بدوافع ورغبات انتقامية وانتقائية –أيضاً..
نحن إذا علينا أن نكترث لما هو إيجابي يحقق العدالة والمساواة ويرفض التدجين واحتقانات الماضي وانقسامات الحاضر ليغدو الوطن أكثر إشراقا وحضوراً في بعده الوحدوي تحت أي صيغة تكفل التنوع في اطار الوحدة وتحقق الازدهار والإبداع وتجعل دولاب التنمية يتحرك إلى الأمام، هذا ما ينبغي العمل به وما يفقد العدو توازنه ويهزمه تماما ويكفل تحقيق القدر المعقول من الوصول إلى معدلات تنمية مرتفعة وحياة مستقرة .إن الكثير من الأخطاء في توجهات الشرعية الدستورية والأحزاب، فقد ساهمت كثيرا في تعثر اليمن الكبير وخلقت مناخات خصومة مع القوى الوطنية وأدت إلى هيمنة القوى الخارجية والانحراف بمسار التحالف الى وجهات أخرى ليست هي التي انطلق من أجلها وهو ما فتح أبوابا لصراعات عديدة ومآسي كثيرة وأوجد دعوات تربك الحياة بصورة انتهازية ونزعات مناطقية في محاولة جعل الجنوب فاقد الهوية والتاريخ والانتماء فيما الشمال في دائرة حروب واسعة .واذا ثمة رهان على احترام الآخر ورفض الملشمة واحترام التنوع ورفض البعد المناطقي واحترام الآخر وسيادة الدستور والقانون على ما عداه فهل ندرك الأهمية من ذلك لنتجاوز عتبات الألم؟
هذا ما نرجوه

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد