الحوثيون واستمرار سلاح الخيانة في التقدم بجبهات الضالع.

2019-05-04 03:41:56 أخبار اليوم/ خاص


مثّل الاختراق الذي حققه الحوثيون في منطقة العود- شمال محافظة الضالع- عبر جبل حدة والوصول إلى جبل "الشامي" والذي انتهى بسقوط جبل "ناصة" الاستراتيجي في أيديهم، وهو جبل حاكم من يسيطر عليه يسيطر على دمت وأجزاء من مريس والعود بقعطبة.
كان الجيش الوطني قد وصل إلى الحقب- على مدخل مدينة دمت- ولم يتبق بينه ودخول المدينة سوى القليل ولكنه- لأسباب مختلفة، من بينها الحفاظ على المدينة من الدمار وانتظار مزيد من الدعم العسكري على اعتبار أن دمت منطقة مفتوحة، بما يفوق طاقة الألوية التي أدارت عملية التحرير بنجاح ( 83 مدفعية - اللواء الرابع احتياط) واللذان جرى توزيعهما في المناطق الجديدة، إضافة إلى جبهة الحشأ غرب المحافظة وجبهة العود.
كان اختراق العود، هو قاصمة الظهر بالنسبة لقوات الجيش الوطني والمقاومة في مريس والتي تراجعت من أطراف الحقب وبيت اليزيدي وكولة الزقري وحيد كنة والمعرش، بعد أن تلقت طعنة قوية من الظهر، وبغض النظر عن الأساليب التي اتبعها الحوثيون في ذلك وتواطؤ مشايخ المنطقة وتسهيلهم مرور المليشيات عبر مناطقهم وتشكيل التفاف كبير، والحديث عن الخيانات والبيع والشراء؛ يبقى القصور العسكري والإخلال بالواجب الوطني هو جذر المشكلة ولبها في كل ما جرى.
دخول الصواريخ الحرارية في معركة الحوثي بجبهة مريس - دمت شمال الضالع.
يقاتل الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في محور دمت - مريس - جبن شمال محافظة الضالع، الحوثيين منذ عام 2015م، وخبروهم جيداً بميدان المعركة واستطاعوا الصمود طوال تلك الفترة برغم فارق التسليح وكثافة النيران التي يمتلكها الحوثيون من ترسانة القوات المسلحة وعتادها الكبير والمتنوع الذي ورثوه بعد سيطرتهم على العاصمة صنعاء واستيلائهم على المعسكرات.
فشل الإنقلابيون- وهم بأوج قوتهم- تحقيق أي تقدم يذكر في الجبهة؛ وانكسروا بأكثر من مائتي هجوم على أطرافها؛ خسروا- خلالها- المئات من نخبة مقاتليهم بينهم قيادات بارزة كإبي الليث والمداني وابو شعيب والشاهري والسقاف والغرباني وغيرهم.
وبالنظر إلى امتلاك الجبهة لعدد من التشكيلات العسكرية التي أنشأت بقرارات جمهورية، بالاستفادة من قرار رئيس الجمهورية بضم المقاومة إلى صف الجش الوطني وما تمخض عن ذلك من تدريب المئات من شباب المناطق الوسطى نوعا ما، حقق الجيش الوطني انتصارات عظيمة واستطاع دحر المليشيات الإنقلابية ووصل إلى أطراف دمت، بل لم يتبق بينه ودخول المدينة سوى بضعة كيلومترات.
وفي وقت كان الجيش الوطني يعد العدة لاستعادة المدينة لحضن الشرعية عبر عملية عسكرية تسهل دخوله دونما الإضرار بالمدنيين وممتلكاتهم؛ وهي مسألة لا تعني الحوثي في شيء ولا يفكر فيها مطلقاً، باعتباره لا يعير الجانب الإنساني أدنى أهمية.
وإذا كان هذا هو حال جبهة طالما أوجعت الحوثيين كثيراً وأثخنت فيهم قتلاً وجرحاً، بمرحلة لم يكن قد قوي عودها بعد؛ فما الذي استجد مؤخراً حتى يعود الحوثي لمهاجمة هذه الجبهة وهو بأضعف حالاته وتمكن من تحقيق اختراقات عسكرية لم تكن في الحسبان..؟!!
بحث الحوثي عن أماكن الضعف والثغرات التي ظلت كما هي دون أن تسد، ولأنه لم يجد أياً منها في جبهة مريس التي ظلت تجرعه الويل طيلة أربع سنوات؛ بحث عنها في جبهة العود واستغلها أيما استغلال وساعده في ذلك عدد من العوامل:
أن الشرعية والتحالف دائماً لا يتحركون إلا ببطء، استبق الحوثي، ذلكم التحرك، وكان هو الأسرع في مهاجمة الجيش الوطني بأهم مكاسبه التي تحققت خلال الأشهر الماضية وهي جبل ناصة الاستراتيجي التي استعادها في 5 نوفمبر 2018م، وساعد الحوثي في ذلك عدد من العوامل أهمها:
لا شك أن خروج الحوثي منتصراً في حجور بمحافظة حجة والتوقف الكامل للعملية العسكرية في كل جبهات القتال وفي مقدمتها جبهة الساحل الغربي ونهم وتعز، فتح شهية الحوثي لتحقيق مزيد من المكاسب على الأرض، فدفعه غروره التوجه نحو الضالع.
كما أن تباطؤ الحكومة الشرعية في دعم جبهة دمت لاستمرار التقدم ومواصلة عملية التحرير، إضافة إلى بعض الاختلالات الناتجة عن تغيير بعض القادة العسكريين، أسهم- وبشكل كبير- في سيلان لعاب الحوثي للانقضاض على الجبهة.. كرس الحوثي كل جهوده وإمكانياته وحشد الآلاف من مقاتليه من مختلف الجبهات بالجمهورية وأرسل عتادا عسكريا حديثا، للزحف على دمت والهجوم عليها من كل المحاور وعينه في ذلك السيطرة على جبل "ناصة" الاستراتيجي، وهو جبل من يسيطر عليه يضمن سقوط دمت في قبضته من جهة الجنوب.
ولأن الحوثي دائماً لا يقدم على عملية عسكرية ما لم يكن قد لعب لعبته المعروفة لدى الجميع وضمن اختراق الجبهة من الداخل، فكانت الخيانة هي السلاح الأمضى الذي- من خلاله- استطاع أن يضرب الجيش الوطني من الخاصرة والوصول إلى جبل ناصة، عبر جبل الشامي وطريق حده، وهي منطقة ظلت مفتوحة وخالية من أي تواجد عسكري كونها عسكرياً تتبع اللواء 30 مدرع، وتزامن ذلك مع قرار إقالة العميد عبدالكريم الصيادي بقرار جمهوري، وما أثاره القرار من لغط.
كما أن دخول أسلحة حديثة ومتطورة في عتاد الحوثيين، كالصواريخ الحرارية التي استخدمت بكثافة في المعركة واستمرار امتلاك المليشيات للدروع كعربات البي إم بي والبي تي آر والدبابات وصواريخ الكاتيوشا وغيرها وعدم تأثير الطيران عليها، وهو ما يعطي دلالات واضحة بالتزامن مع الذكرى الرابعة لانطلاق عاصفة الحزم.
اكتفى طيران التحالف بمجرد طلعات استعراضية فقط في سماء الجبهة، باستثناء غارتين يتيمتين خلال 12 يوماً هي عمر المعركة، بصاروخين صغيرين بعد سقوط الجبل تعذر على الأهالي سماع صوت انفجاريهما ولمسافات قصيرة، بعكس الغارات السابقة للطيران على الجبل ذاته قبل حوالي عام ونصف.
الكثافة العددية للمقاتلين الذين جرى حشدهم للقتال في الجبهة، ومعها كثافة النيران، مضافاً إليها الأسلحة الحديثة والمتطورة التي دخلت الجبهة لأول مرة من حيث الكمية، كان لها دور كبير وأثر بالغ في إسقاط جبل ناصة ومحيطها، وهي عوامل لا ينبغي تجاهلها لكنها لم تكن الوحيدة بالنظر لحجم الطعنة الكبيرة التي تلقتها الجبهة من الظهر.
وإذا كان الغدر والخيانة هو سلاح الحوثي في كل معاركة مع المشروع الوطني، فإن السؤال الأهم هو كيف وصلت الصواريخ الحرارية إلى أيدي المليشيات الحوثية؛ في ظل الحظر والحصار على استيراد الأسلحة الذي تفرضه دول التحالف العربي على المياه الإقليمية اليمنية؟.
الاختراق الذي حققه الحوثي في جبهة "حمك" عن طريق "حدة" والوصول لبيت الشوكي وجبل الشامي لم يكن ناجما عن انتصار عسكري وإنما نتيجة لاستغلال منطقة فراغ عسكري تركت مفتوحة طوال الفترة الماضية من قبل قائد اللواء 30 مدرع باعتبارها تقع في إطار المسرح العملياتي للواء.
دخل الحوثي مناطق واسعة دون أي مواجهة حتى جرى التصدي له في منطقة بيت الشوكي، بعد أن تحرك قائد اللواء 30 مدرع الجديد العميد/ هادي العولقي وبعض الوحدات العسكرية والتصدي لهم بقوة.
إقالة العميد عبدالكريم الصيادي
الصحفي /علي الأسمر، قال إن سلاح الخيانات كان هو أبرز الأسلحة التي استخدمها الحوثيون في الحرب، وكانت أبرز عوامل السقوط لجبهات دمت والعود وحمك، مؤكداً أن مسلسل الخيانات بدأ مع إقالة قائد اللواء 30 مدرع العميد - عبدالكريم الصيادي- المتهم بالموالاه للحوثيين، وتجنيدهم في صفوف اللواء - وهو ما أظهرته الأحداث الأخيرة والانقلاب الذي جرى في معسكر حلم - مقر اللواء 30 مدرع على القائد الجديد العميد/ هادي العولقي، ومحاولة اغتياله من قبل قيادات وجنود في اللواء اتضح لاحقاً أنهم ينتمون لجماعة الحوثي..
كان قائد اللواء 30 مدرع العميد/ عبدالكريم الصيادي، قد ترك مناطق واسعة واستراتيجية دونما أي تواجد عسكري وكان يعتمد في ذلك على تفاهمات واتفاقات مع الحوثيين بعدم تحرك الجبهة من جهته وقام بتجنيد حوالي 300 شخص في مناطق سيطرة الحوثي كانوا يتسلمون رواتبهم من اللواء مقابل هذه التفاهمات، ناهيك عن تجنيد الآلاف من قبيلته والقبائل الأخرى في المنطقة وبقيت الأمور على ما هي حتى جاء قرار تغييره بقائد جديد وهو القرار الذي قلب الطاولة رأسا على عقب.
ظل الصيادي يحجم عن أي تقدم عسكري، بل ويقف أمام أي تحرك عسكري من هذا القبيل كما جرى مع مقاومة الحشأ التي اتهمته بمنع تعزيزات للقوات الخاصة والشرطة العسكرية التابعة لمحور محافظة إب، بحجة أن الحشأ تقع في مسرح عمليات لوائه، وفقا لبلاغ صحفي أصدرته في حينه.
مقاومة الحشأ أكدت أن الصيادي، سبق له وأن منع تعزيزات للحزام الأمني واللواء 33 مدرع، و83 مدفعية قبل أن يسمح لتعزيزات 83 مدفعية بتوجيهات من قيادة المنطقة العسكرية الرابعة، واصفة تلك التصرفات بالأعمال الغير مسؤولة ولا تخدم تحرير الضالع من مليشيات الحوثي الإيرانية وتؤخر النصر، سيما وأنها أعطت فرصة للحوثيين بالتقدم في منطقة الطاحون وتبة نعمة وهو ما لم يكن لو وصلت تلك التعزيزات في وقتها.
ورث العميد/ هادي أحمد العولقي، من سلفه عبدالكريم الصيادي، لواء عسكري لا وجود له في الواقع سوى في كشوفات الراتب بحسب الناطق الرسمي باسم اللواء الرائد/ جياب الصيادي في تصريحات صحفية.
ناهيك عن تحول غالبية قوام هذا اللواء إلى قوة ذات فاعلية سلبية بحتة من خلال تخاذلها الكبير عن أداء الواجب الوطني والانحياز للطرف المعادي، ولزوم آخرين الصمت والحياد تحت حجج وذرائع واهية.
* دخول حراس الجمهورية في المشهد.
التقدم- الذي حققه الحوثيون في جبهات شمال الضالع وتراجع الجيش الوطني والمقاومة عقب سقوط ناصة- مثل فرصة كافية لدخول ما يعرف بـ"حراس الجمهورية" التي يقودها طارق عفاش وبدعم من دولة الإمارات، إلى الجبهة وربط الدعم الذي يقدمه التحالف بهذه التشكيلة الجديدة وغير الموجودة على الأرض باستثناء بعض الضباط والصف.
ظل الحديث عن مشاركة هذه القوات، محصوراً في التناولات الإعلامية للوسائل والقنوات التابعة لها ولم تخض أي معركة مع المليشيات الإنقلابية، برغم ما يقدم لها من دعم سخي، لكنها فشلت- وفي أول اختبار عملي لها على الأرض- بمجرد وصول المعارك الدائرة في جبهة العود إلى محيط معسكر "العللة" الذي جرى تسليمها إياه قبل حوالي شهرين.
علماً انه سبق وأن جرى محاولة تسليمها جبهات شمال الضالع وحصر الدعم المقدم من الإمارات عن طريقها وتزويدها بأسلحة وذخائر وعتاد نوعي، ولكنها ظلت بعيدة عن ساحة المواجهات في الجبهة طوال هذه المدة.
تحركات قبلية وقطع الإمداد يسقط جبال العود
تكرر سيناريو جبل ناصة برغم تمكن الحوثيين من قطع خط الإمداد عن قوات الجيش الوطني والمقاومة في جبال العود - وهي سلسلة جبلية استراتيجية حاكمة على مناطق العود في مديريتي قعطبة والنادرة تصل مسافتها لأكثر من 8 كيلو - فقد واصل جنود الجيش الصمود لما يقارب من ثلاثة أيام، ولكن انسحاب مفاجئ لقوات حراس الجمهورية وتضييق الخناق على المقاتلين في جبل العود اضطرهم للانسحاب.
استمرار المخطط
ومع وصول الحوثيين إلى أولى مناطق العود من اتجاه "منخلة" وبتمكنهم من إسقاط نجد سنف بدأ مسلسل الخيانات أكثر وضوحاً.
ويقول الناشط الإعلامي/ نايف المريسي، إنه وبعد أن تمكنت قوات الجيش من استعادة أنفاسها ووصلت إليها تعزيزات من قوات الحزام الأمني والمقاومة الجنوبية وقوات الجيش الوطني في مريس وأعداد من ألوية العمالقة تمكنت من تنفيذ هجمات وصلت من خلالها إلى جبل السور، واستعادت مناطق ومواقع متعددة.
وقال المريسي إن انسحاب اتباع طارق والصيادي مكن الحوثيين من السيطرة على عدة مواقع حاكمة ومسيطرة في العود، أهمها نجد سنف والدقائق والمصنعة وعسقة ومواقع أخرى، وبسيطرتهم عليها تمكنوا من التقدم بسرعة وصولا إلى قطع الخط العام الذي يمد المواقع المتقدمة لجبهة حمك، ما أدى لسقوط جبهة حمك بالكامل.
انقلاب واضح
اتضحت الصورة بكل تفاصيلها بالانقلاب الواضح الذي قام به اتباع القائد المقال عبدالكريم الصيادي على القائد الجديد العميد هادي العولقي، ومحاولة اغتياله داخل المعسكر من قبل ضباط موالين للقائد السابق.
وبحسب مراقبين فإن خلايا الحوثيين النائمة خرجت للعلن، وهي من مكنت الحوثيين من هذا التقدم، وساعدها على ذلك الأعداد المهولة للحوثيين، وتكتيكات عسكرية جديدة هي الأخرى لم تكن لها أن تنجح لولا مساعدة الخيانات التي كانت قاصمة لظهر الجبهات.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد