من مكة إلى نجران.. طائرات إيران الحوثيين المسيّرة تسقط الهيبة العسكرية للسعودية

من مكة إلى نجران.. المنشئات السعودية تحت رحمة الطيران الحوثي المسيّرة

2019-05-22 10:58:29 أخبار اليوم/تقرير خاص


شنت جماعة الحوثي الانقلابية بإيعاز إيراني، الثلاثاء، هجوماً على مرفق حيوي في "نجران"، جنوب غربي السعودية، بطائرة مسيّرة إيرانية الصنع، تحمل متفجرات، فيما ذكرت الجماعة المتمردة أنه مخزن للأسلحة بمطار المدينة.
وبحسب المتحدث باسم قوات التحالف/ تركي المالكي- في بيان أوردته وكالة الأنباء السعودية- فإن جماعة الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران "قامت بمحاولة استهداف أحد المرافق الحيوية في مدينة نجران الذي يستخدمه المدنيون من مواطنين ومقيمين بطائرة بدون طيار تحمل متفجرات". ولم يشر التقرير إلى أي إصابات أو أضرار ناجمة عن ذلك.
ولم يشر المتحدث لوجود خسائر في الأرواح أو المقرات، أو تفاصيل أكثر عن الاستهداف الذي يأتي بعد ساعات من إعلان السعودية اعتراض صاروخين أطلقتهما الجماعة باتجاه منطقة مكة رغم نفي الأخيرة.
إلى ذلك أعلنت جماعة الحوثيين الانقلابية المدعومة من إيران- في وقت مبكرٍ صباح الثلاثاء- استهداف مطار مدينة نجران السعودية بطائرة بدون طيار، الأمر الذي اعتبره التحالف العربي "تهديداً إقليمياً ودولياً".
وتقلت قناة "المسيرة" التابعة للجماعة أن "سلاح الجو المسير" الخاص بالجماعة نفذ هجوماً بطائرة بدون طيار من طراز قاصف 2k، على مطار مدينة نجران الحدودية مع اليمن.
وبحسب وسائل إعلام الجماعة، فقد استهدفت الطائرة مخزناً للأسلحة في مطار نجران، ونتج عن ذلك نشوب حريق في المكان.
وفي 3 مايو/ أيار الجاري، أعلنت السعودية استئناف العمل بمطار منطقة نجران (جنوب) المتاخمة للحدود مع اليمن، مطلع شهر رمضان المقبل، بعد توقف نحو 4 سنوات، على خلفية حرب اليمن.
وجاء إعلان عودة العمل بالمطار بعد يوم من إعلان السعودية دعم منطقة نجران بأفواج أمنية جديدة، وهي منطقة تعد أحد أهداف الصواريخ التي تتهم الرياض الحوثيين بإطلاقها.
وفي وقت سابق كشفت مصادر سعودية، أمس الإثنين، اعتراض صاروخين باليستيين متجهين نحو مدينتي مكة وجدة، إلا أن الحوثيين نفوا أن يكونوا قد أطلقوا أي صواريخ.
وفيما تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يزعم أنها توثق لحظة اعتراض الصاروخين، نفى المتحدث العسكري الحوثيين/ يحيى سريع، أن تكون جماعته مسؤولة عن إطلاق أي صاروخ.
وكانت إيران وعبر جماعة الحوثيين قصفت بطائرات مسيَّرةٍ محطة ضخ النفط رقم 8 التابعة لشركة "أرامكو" السعودية، في 14 مايو الجاري؛ وهو ما تسبب في وقف ضخ النفط بالمحطة.
وجاء الهجوم على محطة "أرامكو" بعد يومين من تفجير استهدف 4 ناقلات في الفجيرة الإماراتية، كان من بينها ناقلتان سعوديتان.
وعلى إثر هذه الأزمة وتصاعُد التحركات العسكرية في مياه الخليج، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية إرسال حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" وطائرات قاذفة إلى الشرق الأوسط، بزعم وجود معلومات استخباراتية تفيد باستعداد طهران عبر وكلائها بالمنطقة لتنفيذ هجمات قد تستهدف القوات الأميركية أو مصالح واشنطن بالمنطقة.
وقال الأسطول الأميركي الخامس التابع للقيادة المركزية للقوات البحرية، إن مجموعة حاملة الطائرات "أبراهام لينكولن" الهجومية، ومجموعة الحاملة "كيرسارج" المعدَّة للإنزال البرمائي، إلى جانب وحدة المشاة البحرية الثانية والعشرين، أجرت عمليات مشتركة، منتصف شهر مايو الجاري.

كما قالت تقارير صحفية إن بريطانيا أرسلت عناصر من القوات الخاصة إلى الشرق الأوسط؛ ضمن مهمة سرية للغاية لمواجهة أي هجمات إيرانية على السفن التجارية.
* تساؤلات
أثارت هذه التحركات العسكرية للمتمردين الحوثيين والتي تتزامن مع التوترات الأميركية الإيرانية في المياه الخليجية، الكثير من التساؤلات حول أسباب فشل لترسانة العسكرية السعودية من التصدي لمثل هذه الهجمات من قبل الجماعة الانقلابية في اليمن.
ويرى مراقبون أن هذه التطورات السريعة على المشهد العسكري كان ضمن الحملات الإيرانية عبر الحركة الحوثية التي تهدف إلى إسقاط الهيبة العسكرية للملكة العربية السعودية التي تمتلك أكبر ترسانة أسلحة بالمنطقة، على المستوى الدولي وعلى مستوى الداخل السعودي.
وتمتلك السعودية منظومة دفاع جوي صاروخي متطورة، تتجسد في منظومة "باتريوت" الأميركية، التي تنتشر بطارياتها على امتداد البلاد، وفقاً لأولوية التهديدات الخارجية المحتملة، التي بات اليمن أحد مصادرها بعد أن كانت إسرائيل وإيران في صدارة ذلك.
ويعد استهداف مطار نجران من قبل إيران عبر سلاح الجو المسير الحوثي، الثالث من نوعه خلال أقل من أسبوع.
* دلالة التوقيت


ظلت الصواريخ التي تطلقها جماعة الحوثي بمباركة وطلب إيراني، محط جدل منذ أول صاروخ أُطلق نحو الرياض ومدن سعودية أخرى خلال السنوات الماضية، وبقدر ما يعتبرها الحوثيون انتصاراً في معركتهم مع السعودية، سعت الرياض إلى استغلالها كورقة سياسية وعسكرية تؤكد مشروعية تدخُّلها في اليمن، وأحقية الدفاع عن نفسها.
واستخدمت السعودية- أيضاً- تلك الصواريخ باعتبارها دليلاً يؤكد تورط إيران في دعم الحوثيين بالسلاح والعتاد، وهي تهمة لم تعد مقتصرة على اللغة الإعلامية والحديث السياسي، بل امتدت إلى داخل أروقة الأمم المتحدة، حينما قدَّمت الرياض بقايا صواريخ باعتبارها صناعة إيرانية.
وبحسب الكاتب السياسي "ياسين التميمي" فإن إيران بعد استهدافها مطار نجران، تكون قد بدأت بتنفيذ تهديداتها للسعودية انتقاما لأكثر من أربع سنوات من الحرب تقودها ضد أحد أدواتها ضمن ما يسمى التحالف الذي تتشارك به مع إيران.
ويرى ياسين، أن تمكن الحوثيين من ضرب خطوط نفط في عمق المملكة السعودية بواسطة طائرات مسيرة، ثم استهداف مطار نجران، دليل على تواصل تفوقهم وقدرتهم على إيذاء السعودية في عمقها.
كما اعتبر أن الحوثيين وجهوا إهانة كبرى للسعودية، فها هي بعد أربع سنوات من الحرب الشرسة التي تخوضها مع الإمارات في اليمن، ورغم امتلاكها لأكبر ترسانة أسلحة في المنطقة، فإنها ظهرت عاجزة عن التصدي لما تسميها مجموعات إرهابية، وعاجزة عن صد ضربات هذه المجموعة، واضطرت لاستخدام كل إمكانياتها العسكرية والإعلامية لمواجهتها.
من جانبه يقول الباحث اليمني في الشؤون الاستراتيجية "علي الذهب"، إنَّ تنامي قوة الحوثيين الصاروخية، وتوسُّع تهديداتهم إلى الرياض، كشفا أن الحرب الدائرة باليمن يتجاذبها طرفان رئيسان: السعودية وإيران، بغضِّ النظر عن دور الإمارات وأجندتها في هذه الحرب.
وأضاف في حديث نقله عنه "مركز الجزيرة للدراسات"، أنه "لا يمكن تجاهل الدور الإيراني، الذي يُعَدُّ أحد أبرز المتغيرات الإقليمية في عدد من المناطق الملتهبة، ومنها اليمن. ففي اليوم، الذي أعلنت فيه الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران، في مايو 2018، كان دوي أربعة انفجارات يهز مدينة الرياض، أعلن الحوثيون أنها ناجمة عن إطلاق مجموعة صواريخ على أهداف إستراتيجية سعودية".
* الطيران المسير
تسلط الكثير من تقارير إعلامية الضوء حول قدرات المتمردين الحوثيين المتنامي في سلاح الجو المسير وكيفية تمكن الجماعة الانقلابية من الحصول عليه وما إذا كان يتم تهريب الطائرات أو ما إذا صح أن الطائرات الحوثية صناعة محلية، وهو ما يحيل إلى تساؤل آخر حول كيفية تمكن الحوثيين من الحصول على التكنولوجيا والمتطلبات الضرورية صناعة الطائرات..؟
مصادر عسكرية قالت، إن الطائرات الحوثية "لم تعد فقط للاستطلاع، فقد تحولت إلى طائرات هجومية تستخدم لأغراض عسكرية. وحسب ما تم إسقاطه من طائرات فقد تم اكتشاف أن هناك أنواعاً عدة وبأحجام مختلفة.. فبعد أن كانت الطائرات صغيرة يلاحظ اليوم أن هناك طائرات ذات حجم أكبر، إلى جانب تطور طرأ على المسافة التي تستطيع الطائرة قطعها والتي زادت إلى كيلومترات بعد أن كانت فقط بحدود خمسمائة متر إلى واحد كيلومتر".
وتشير بعض المعلومات إلى أن الحوثيين وبمساعدة إيران تمكنوا من تطوير قدراتهم فيما يخص استخدام وتصنيع الطائرات المسيرة. كما تمكنوا من إدخال طائرات مسيرة مصدرها طهران عبر البحر، لاستخدامها في الجبهات العسكرية حتى باتت تشكل واحدة من أهم وسائل حربهم، وظهر ذلك جلياً باستخدامهم لها كوسيلة استطلاع ومراقبة القوات التابعة للشرعية في الجبهات على المستوى الداخلي، ومهاجمة العمق السعودي باستهداف منشئات حيوية ونفطية.
وفي مقابل ذلك، حاولت طائرات التحالف العربي استهداف مواقع عدة في مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين خلال الأيام الماضية، قال التحالف إنها مواقع لصناعة الطائرات المسيرة، وتمكن من تدمير عدد منها، لكن ذلك لم يحد من قدرة الحوثيين في استخدام هذا الطائرات، بل على العكس من ذلك يتنامى استخدام الجماعة لها يوماً تلو الآخر، ما دفع إلى تشكيل سرايا في صفوف القوات الموالية للشرعية والتحالف لاستهداف طائرات الحوثيين المسيرة، وسط اتهامات لدول أجنبية تتصدرها إيران بمساعدة الحوثيين على تطوير الطائرات المسيرة من خلال تدريبهم عبر الخبراء ومنحهم التكنولوجيا والتقنية اللازمة لصنع هذه الطائرات.
* الخلاصة
يرى المراقبون أن رد الفعل السعودي تجاه هجمات إيران عبر الانقلاب الحوثي غير متزن وغير استراتيجي وليس له أهداف سوى الضجيج، طالما أن الود لا يمس ولا يهدد وجودية هذه الجماعة، إلا من خلال التوجه والزحف العسكري نحو مركزية سلطاتهم بتحريك الجمود العسكري في الجبهات المحاذية لصنعاء لإنهاء وجودهم.
ويقول المراقبون كان الأحرى بالسعودية وحجمها الكبير- كرد فعل على هجمات الانقلاب الحوثي- هو اتخاذ قرار تحرير صنعاء وعقد اجتماع القمة الخليجية والعربية فيها وهكذا التحرك هو الطريق الوحيد لرد اعتبار المملكة المجروح وقطع يد إيران التي تريد الوصول إلى المملكة.
ويصف المراقبون أن تحرير صنعاء لن يتم باستدرار عواطف المسلمين وتأجيج مشاعرهم ضد المتمردين الحوثيين، باستغلال الأماكن المقدسة.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد