من اليمن إلى العراق.. إيران تدق أجراس الحرب مع السعودية

2019-06-30 08:18:24 أخبار اليوم/ تقرير خاص


أجراس الحرب تدق من العراق.. كيف استطاعت إيران تطويق السعودية من الشمال والجنوب..
أخطأ "خالد الفالح" وزير الطاقة في المملكة العربية السعودية، ومن خلفه صناع السياسة السعودية، بإعلانهم في 14 مايو/أيار 2019م، استهداف محطتي ضخ على طول خط أنابيب شرق المملكة العربية السعودية الذي يحمل النفط من حقول في المنطقة الشرقية إلى البحر الأحمر، التي تصل قدرته الانتاجية إلى خمسة ملايين برميل يومياً، من قبل المتمردين الحوثيين في اليمن المولين للنظام الإيراني.
الحوثيون سارعوا في نسب هذا انتصار الوهمي، الذي يحفز مقاتليهم في الجبهات، وفق لوكالة "سبأ" التابعة لهم، التي أعلنت بأن "عملية أرامكو تأتي تدشيناً لعمليات عسكرية قادمة ضد 300 هدف حيوي وعسكري".
وبحسب قيادة المتمردين فإن "الأهداف تشمل مقرات ومنشآت عسكرية في الإمارات والسعودية واليمن".
جدول زمني
19 يونيو 2019م، كشف النائب العراقي السابق، "مشعان الجبوري"، عن معلومات خطيرة تفيد بانطلاق بعض الطائرات المسيرة التي قصفت المنشآت النفطية في السعودية من العراق.
جاء ذلك خلال مقابلة تلفزيونية على قناة الفرات العراقية، في 19 يونيو الجاري، قال فيها إن "الولايات المتحدة الأميركية أخبرت سراً رئيس وزراء البلاد، عادل عبد المهدي، بأنها حددت نقطة انطلاق بعض الطائرات المسيرة من العراق، والتي قصفت منشآت نفطية في السعودية".
25 يونيو الجاري، "عادل عبد المهدي"، رد على تصريحات الجبوري المثيرة للجدل قائلاً: إن "أميركا أبلغت العراق سراً بأن بعض الطائرات المسيرة التي استهدفت بعض المنشآت النفطية في السعودية انطلقت من العراق، مع تحديد المكان الذي انطلقت منه تلك الطائرات".
المعلومات التي كشف عنها النائب العراقي "مشعان الجبوري"، أكدتها صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية الجمعة 28-06-2019، نقلاً عن مسؤولين أميركيين قولهم أن الطائرات المسيرة التي استهدفت أنابيب النفط بالسعودية في مايو/أيار الماضي انطلقت من العراق وليس اليمن كما كان يعتقد سابقا.
وكان يُعتقد أن هجمات الطائرات المسيرة في 14 مايو/أيار الماضي انطلقت من اليمن، إذ أعلن الحوثيون مسؤوليتهم عنها وقالوا إنها أحدثت أضرارا في خط أنابيب نفطي رئيسي بالسعودية يمتد لمئات الكيلومترات.
"وول ستريت جورنال" أكدت، أن مسؤولين أميركيين تأكدوا أن الطائرات انطلقت من جنوبي العراق، ونفذتها على الأرجح المليشيات المدعومة من إيران التي تتمتع بنفوذ قوي هناك.
وقالت أن هذه المعلومات تؤجج الخوف من سعي حلفاء إيران في المنطقة لفتح جبهة جديدة في الصراع بين طهران وواشنطن.
لكن مسؤولين أميركيين مطلعين على معلومات المخابرات قالوا لوول ستريت جورنال إن الهجمات انطلقت من جنوب العراق، في إشارة على الأرجح إلى المليشيات العراقية المدعومة من إيران.
وفقا للصحيفة فإن "الولايات المتحدة نقلت تقييمها إلى المسؤولين العراقيين في مذكرة رسمية، حيث أثار وزير الخارجية مايك بومبيو القضية هاتفياً في وقت سابق من هذا الشهر مع رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، وفقاً لأشخاص مطلعين على المناقشات".
وبينت الصحيفة أن بومبيو حث عبد المهدي على اتخاذ خطوات لضمان عدم استخدام العراق كقاعدة انطلاق جديدة للهجمات.
وذكرت أن القادة العراقيين يشككون في ذلك الاستنتاج الذي توصلت إليه الولايات المتحدة، وأنهم طالبوا إدارة دونالد ترامب بمزيد من الأدلة لإثبات هذا الادعاء.
تفعيل أدوات
مع هبوب رياح الحرب التي تهب فوق مياه الخليج منذرة بوقوعها لم يكن أحد يستغرب من تفعيل النظام الإيراني لأدواتها في المنطقة، وعلى ضوء معلومات استخباراتية، تفيد بأن طهران تخطط لاستهداف مصالح أميركية في عدة دول بالمنطقة من ضمنها المملكة العربية السعودية.
توقعات كانت تراهن على الحليف اليمني لإيران جماعة الحوثي الانقلابية، باستهداف العمق السعودي، صنفت في خانة الخائبة، عقب ما كشفت عنة صحيفة وول ستريت جورنال".
يقول مراقبون، إن العويل الإعلامية من قبل جماعة الحوثي الانقلابية بتبني الهجمات على مضخات النفط السعودية، كانت مجر إيعاز إيراني لتغطية الحداثة التي شنتها ما يعرف بقوات الحشد الشعبي بالعراق، بصفة الأول (الحوثيون) العدو اللدود للرياض ويقود معركة انقلابية قامت من اجلها المنظومة في التحالف العربي بقيادة السعودية لإعادة الشرعية في اليمن.
بحسب خبراء في الشأن الإقليمية فإن العويل الإعلامي التابع لجماعة الحوثي الانقلابية بتبنيها، بالهجمات على الرياض، يدحض المزاعم الانقلابية باليمن التي تزعم امتلاكه منظمة سلاح جو مسير حديث، بإمكانه استهداف العمق السعودي.
ويضيف آخرون بأن الرؤية الإيرانية تهدف إرباك خصومها وإدهاشهم بطرق لم يتحسبوا لها، من جهة من خلال الآتي :
1-رفع مستوى الخطر في المنطقة يستهدف منابع الطاقة، بحيث يبعد إيران عن الاتهام المباشر ويجنبها عدم التجريم أمام القانون والمجتمع الدولي من جهة أخرى.
2-تضخيم الحداثة عبر الآلة الإعلامية التي تمتلكها هي وأذرعها، وإصباغها بنكهة يمنية تحفز وكلاءها الحوثيين في جبهات القتال وتحريك الجمود في اتفاق السويد لصالح حلفائها، أمام مجلس الأمن.
3-محاولة إبعاد وكلاء إيران في العراق (الحشد الشعبي) عن المشهد حتى تختمر أركان الحرب في المنطقة، عبر تبني جماعة الحوثي للحداثة.
4-قياس نبض الموقف السياسي العربي جهة، والاستعداد السعودي في الجانب العسكري.
5-إرباك الحسابات الأميركية لدفعها نحو تسوية سياسية تجنبهم ويلات الحرب
6-كبح النفوذ السعودي الذي بداء يتوغل في بلاد الرافدين من بوابة الاقتصاد، عبر إشعال الموجة من الحدود الشمالية للمملكة.
الحشد الشعبي
ومع تذبذب احتمالات المواجهة العسكرية مع طهران صعوداً ونزولاً لا تتوانى الأخيرة عن الاستعداد لأي مواجهة بما تملك من أدوات وأوراق لعب مؤثرة، ومن أهمها المليشيات المسلحة الموالية لها، التي يرى محللون أنها ستكون محورية في إشعال المنطقة.
لاعب جديد في المعادلة الإيرانية التي تهدف إلى قلب المعادلة العسكرية، على أميركا وحلفائها في المنطقة الخليجية، فقد كشفت مجلة «إيكونوميست» في مارس (أذار) 2018 ، عن سماح السلطات العراقية للميليشيات الشيعية الموالية لإيران بإقامة معسكرات على الحدود العراقية مع السعودية.
ونشرت هذه المليشيا مقاتليها في منطقة النخيب على الحدود السعودية، تلك المنطقة التي تشكل ثلث مساحة محافظة الأنبار غرب العراق، يقدَّر عدد تلك المليشيات بنحو 30 مليشيا، يقدر عدد مقاتليها بنحو 125 ألف مقاتل انضوت عام 2014 تحت راية هيئة الحشد الشعبي.
وتمتلك مليشيا الحشد الشعبي أسلحة ضخمة، ليس آخرها ما استولت عليه من أسلحة نوعية أميركية اشتراها العراق من الولايات المتحدة بمليارات الدولارات، مثل «دبابات أبرامز» المتطورة التي اشترى منها العراق 140 دبابة عام 2008.
تقارير استخباريتية كشفت عن تقديم طهران صواريخ باليستية لتلك الميليشيات تمكنها من ضرب خصوم إيران في المنطقة، من ضمنها، صواريخ «زلزال» و«فاتح 110» و«ذو الفقار»، ويتراوح مداها بين نحو 200 و700 كيلومتر؛ مما يضع الرياض وتل أبيب على مسافة تتيح ضربهما أن تم نشر هذه الصواريخ في جنوب العراق، أو غربه".
التقارير أوضحت أن« الأمر كان واضحًا لأجهزة الاستخبارات العراقية، بأن الترسانة من الصواريخ، والتي مصدرها إيران لم تكن لغرض محاربة (داعش)، لكنها ورقة ضغط تستخدمها إيران عندما تدخل في صراع إقليمي.
وتضيف أن الجهد العسكري جهد استخباراتي؛ إذ كُشف عن وجود أجهزة تنصّت إيرانية مزروعة قرب الحدود مع السعودية، وقد قام الحرس الثوري الإيراني بتركيب أجهزة إلكترونية متطورة جدًا تغطي كل الطرق التي تمتد من إيران إلى المدن العراقية، وتستطيع تغطية الأراضي السعودية ودول الخليج كذلك.
الخلاصة
تتفق الآراء السياسية والعسكرية إلى نوايا النظام الإيراني لتطويق المملكة العربية السعودية، من جميع الاتجاهات من خلال النشاط العسكري لوكلائها في اليمن جنوب حدودها، ومن ناحية الحدود الشمالية للمملكة عبر التحركات العسكرية لقوات الحشد الشعبي العراقي، وحتى إزاحتها عن الجغرافيا المائية المهمة في الخليج العربي بسيطرتها على مضيق "هرمز".
خبراء عسكريون يرون، أن طهرن تحاول إشعال الصراع في حال الموجهة العسكرية، في مناطق يكون للنفوذ الأميركي موضع قدم خاصة في تلك المناطق التي تملك فيها الولايات المتحدة قواعد عسكرية قريبة من الحدود العراقية مع المملكة العربية السعودية، الأمر الذي من شأنه أن يسبب أحرجا كبير لواشنطن إمام الرياض، المتعهدة بحماية مصالح حلفائها في المنطقة الخليجية.
يقف العراق كرأس حربة في هذه المعادلة الإيرانية، التي تهدف إلى جعل المملكة العربية السعودية الهدف الأول في حربها ضد أميركا بالوكالة من خلال مليشيا الحوثي في اليمن وما يعرف بمليشيا الحشد الشعبي في العرق.
حيث تعد مليشيا الحشد الشعبي في المرابطة على تخوم الحدود العرقية السعودية، ورقة ضغط جديدة ومحورًا فعالًا في تحقيق غايات وأهداف التوجه الإيراني في المنطقة، فهي لا تعترف بالدولة العراقية، وتصرح علنًا بقربها وولائها لإيران، واستعدادها القيام بما يخدم الولي الفقيه"، في طهران.
وترى إيران في العراق سفينة نجاة في حربها ضد حلفاء أميركا، خاصة في تلك الدول الخليجية التي ترها تنزعها في زعامة العالم الإسلامي.
في السياق تتفق التحليلات التحركات الأميركية العسكرية في الخليج، والتي سبقها إجراءات سياسية وحزمة عقوبات اقتصادية تهدف إلى شن ضربات جراحية تسبب ألما حقيقيا للحكومة الإيرانية واذرعها في المنطقة، في الوقت نفسه تجنب البيت الأبيض منحدر المواجهة العسكرية المباشرة.
من خلال ذلك تتضح نوايا دونالد ترامب الهادف إلى ابتزاز المال الخليجي بحجة الحماية التي توفرها أدرة واشنطن لحلفائها في الخليج العربي.
في الأخير هزل سعودي في التعاطي، مع وكلاء إيران في المنطقة، يظهر من خلال الفشل الاستخباراتية لأجهزتها في تحديد الجهة المسئولة عن استهداف مصادر الطاقة في عمقها السيادي، في مقابل نجاح استراتجي أخر للنظام الإيراني في المنطقة.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد