الحكومة الشرعية والتحالف العربي.. بيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ

8 أهداف سرية وخفية للتحالف العربي لتحقيق مصالح استراتيجية طويلة الأمد في اليمن..

2019-07-15 08:43:11 أخبار اليوم/ تقرير خاص



"نحن الجيش الوطني نقاتل ماذا عمل لنا التحالف، الإيرانيون أرسلوا صواريخ للحوثيين ما الذي قدمه لنا التحالف، التحالف لم يأتمنا على مدفع ثقيل، ولا على دبابة، ولا على قاعدة صاروخية، ولا على طائرة، والجيش الوطني يقاتل بأسلحته الخفيفة والمتوسطة..
إيران تقدم صواريخ لـ (الحوثيون)، هل قدم لنا التحالف صواريخ؟ التحالف يقاتل بصواريخه معنا ولا يعطيها لنا، التحالف يقاتل بمدفعية ولا يعطيها للجيش الوطني، التحالف يدعم بالطيران ولا يعطيها للجيش الوطني، ولدينا موانئ ولدينا مطارات".
الإيرانيون يقاتلون مع الحوثيين في الأرض جنباً إلى جنب.
نحن مرتهنون وليس لدينا إمكانيات نقاتل بها بما يساوي معنوياتنا وقدرتنا ووطنيتنا..
إنا أريد أن يعطيني التحالف إمكانية أن أنتصر، يعطيني فرصة أن أكمل الانتصار، حتى النهاية.
من الذي منعنا من أن نكمل الانتصار في نهم؟ ومن الذي منعنا من أن نكمل الانتصار في الحديدة؟
مُنعنا بالأمر من التحالف ومن الولايات المتحدة ومن دول أوروبا، التحالف عليه خطوط عريضة.. التحالف منع مساعدتنا في إكمال الانتصار حتى النهاية..
إنا أتكلم عن نفسي "محسن خصروف" كمواطن يمني وأترك المنطق وأعتبر هذه استقالة من دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني.
بهذه المقابلة التلفزيونية على قناة اليمن الفضائية بنسختها الشرعية، قطع اللواء" محسن خصروف" رئيس دائرة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني، قطع شك الشارع اليمني باليقين، وكشف عن كواليس السياسة الخفية في منظومة التحالف العربي وعرقلتها لاستكمال مشروع الانتصار على الانقلاب الحوثي المدعوم من إيران.
تسببت هذه المصارحة المباشرة بموجة غضب شعبي واسعة، والتي تزامنت مع قرار جمهوري بإقالة للواء "خصروف" من منصبه وإحالته إلى التحقيق بتهمة الإخلال بشرف المهنة، حسب وصف القرار.
مع دخول الحرب في اليمن عامها الخامس تزايدت اللهجة الرسمية للحكومة الشرعية، المنددة بسياسة التحالف العربي، وبالأخص دولة الإمارات- الشريك الثاني في التحالف العربي- إزاء أهدافها التوسعية في جنوب وشرقي اليمن، ولكن ما يتفق عليه المراقبون أن هذه اللهجة الحكومية القوية الرافضة للسياسة في منظومة التحالف تنامت بشكل ملحوظ ضد المملكة العربية السعودية التي تقود هذا التحالف في الفترة الأخيرة.
الأمر الذي طرح علامات استقاهم كثيرة حول نوايا المملكة العربية السعودية التي تقود هذا التحالف، في حسم المعركة العسكرية وإنهاء الانقلاب الحوثي في اليمن؟، ولماذا يعمل التحالف على تأجيل الحسم العسكري وتعطيل بعض الجبهات في شمال اليمن؟، وإلى أين يتجه هدف إنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، والذي يمثل التهديد الأمني الأول في أولويات أمراء المملكة، خاصة مع قرب مؤشرات الحرب القادمة في المنطقة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، وتنامي التهديدات التي تطوّق السعودية عبر أذرع طهران في المنطقة والتي ازدادت من حدة هجماتها نحو العمق السعودي من الشمال عبر قوات الحشد الشعبي العراقي ومن الجنوب عبر المتمردين الحوثيين؟
* تباين الأهداف


خلال سنوات الحرب الخمس في اليمن، طفا على السطح بشكل تدريجي برزخ التباين في المواقف السياسية والعسكرية بين الحكومة الشرعة ومنظومة التحالف العربي لإعادة شرعيتها باليمن.
ظهر ذلك جليا من خلال انحراف مسار أهداف التحالف العربي التي تقوده الرياض، نحو تضادها التي أعلن عنها عقب انطلاق عاصفة الحزم والأمل بين الفترة بين 25) مارس و21 أبريل عام2015( والتي كان من ضمنها المحاولة الجدية لتصحيح التوازنات التي اختلت في المنطقة، واستعادة التوازن، التي كان لإيران الأسبقية فيها على الساحة العراقية والسورية واللبنانية، واليمنية عقب الانقلاب على السلطة في سبتمبر أيلول من عام 2014، وإعادة الشرعية فيها وإنهاء الانقلاب الحوثي، وتأمين أمنها القومي من التهديدات الإيرانية، وتأمين الممرات المائية وطرق التجارة العالمية.
ما يتفق على المراقبون أن المعطيات على الأرض من قبل التحالف العربي، تثبت تضاد ما تم الإعلان عنه، مستغلة مسوغات القانونية للتحالف بإعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب.
تمكنت المملكة العربية السعودية- التي تقود التحالف العربي باليمن- من فرض معادلة جديدة، وتغيير خارطة النفوذ العسكرية، وإعادة التموضع، ما دفعها وجاراتها الخليجية في التحالف الإمارات العربية المتحدة نخو تبني تكتيك واستراتيجية جديدة قائمة على تقسيم جغرافيا النفوذ في المناطق الجنوبية، والشرقية الغنية بالنفطية.
التناغم السعودي والإماراتي يعتمد على إزاحة النفوذ الحكومي من المعادلة من خلال إضعافها في المناطق المحررة، ومحاولة استنزافها عسكريا في معركتها الوجودية مع المتمردين الحوثيين, في أكثر من جبهة، وإطالة أمد الحرب وعدم البحث عن سيناريوهات الانتصار السريع، وتخفيف احتمالات الحسم العسكري مع الانقلابيين الحوثيين.
ترى المنظومة في التحالف العربي أهمية بقاء الحرب في حالة استنزاف بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين، من أجل تسهيل تفكيك الكتل الصلبة الداعمة للشرعية ويسهل بعد ذلك التحكم بها بعد هزيمة أو إخضاع أو الحوار مع الجماعة الانقلابية.
تتفق جهات سياسية على أن تلك الأهداف الخفية التي يسعى لها التحالف العربي تهدف بشكل رئيسي إلى تحقيق مصالح إستراتيجية طويلة الأمد في اليمن، ولا تتم إلا من خلال الآتي:
1- بناء ميلشيات خارج الدولة.
2- استنزاف الحكومة الشرعية.
3- تفكيك تحالفات الشرعية.
4- تعطيل بعض جبهات القاتل نهم وصروح تعز.
5- تفريخ القبائل المؤيدة للشرعية مثل قبائل "حجور" حجة "ذي ناعم" البيضاء.
6- تفكيك البنى التقليدية والمجتمعية والقبلية والقوى العسكرية والمنظومات الأيدلوجية والأحزاب السياسية، لصالح بدائل مذهبية ومناطقية وتكوينات ميليشاوية.
7- خلق حروب أهلية صغيرة ذات نفس مناطقي ومذهبي.
8- دعم تجزئة اليمن وتشكيل خارطة حلفاء جدد على الأرض من منظور تبعي وليس شريكا.
* معركة الشرعية الوجودية
مع بروز مؤشرات الانحراف في التحالف العربي، خاضت الحكومة الشرعية في اليمن عدة معارك وجودية منها الرئيسية ممثلة في مواجهة الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً، على المستوى السياسي والعسكري، ومعارك فرعية في بعض المناطق المحررة لترسيخ وجودها، مع تزايد التهديدات المحلية والخارجية الساعية إلى إزاحة الحكومة الشرعية من المشهد.
ملاحم الحكومة اليمنية لإثبات شرعيتها، شملت أيضاً صراعها مع الأمم المتحدة ومبعوثيها، وبعض الأقطاب الدولية في اليمن، والتي تسعى إلى شرعنه الانقلاب الحوثي، وترسيخ وجود في الشمال، والمتبنية سياسة معادية للسلطات الشرعية، ومحاولة- في الوقت نفسه- إجهاض أهداف التحالف وابتزازه من خلال الملف اليمني بملفات أخرى في المنطقة.
كل هذه المعارك التي تخوضها الحكومة الشرعية باليمن، على المستويين الداخلي والخارجي من أجل قطع الطريق على الجهود الساعية إلى إفراز سلام هش يعيد إنتاج تركيب خارطة الصراع، والنفوذ في البلاد.
تدرك الحكومة جيداً الترتيبات الساعية إلى اغتيالها بصمت، من خلال إضعاف السلطات الشرعية وتدمير مشروع التحالف العربي بقيادة المملكة، والسعي نحو إعادة تركيب صيغة المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية، ومؤتمر الحوار الوطني والقرار الدولي 2216).. ومحاولة إيجاد حلول ومسوغات سياسية ترسخ الانقلاب الحوثي في اليمن، وفرضهم طرفاً سياسيا موازيا للمؤسسة الشرعية اليمني، يقول المراقبين.
كل تلك العراقيل والصراعات الفرعية التي تواجه الحكومة الشرعية أثرت سلبا على حسم معركتها الرئيسية ضد التمرد الحوثي في الشمال، وساهم في خلق كينونات مسلحة تنادي بالانفصال جنوب اليمن، وعزز من الانقسام الداخلي ووسع دائرة الحرب، وفاقم من المعانة الإنسانية للشعب اليمن.
في خضم هذه التطورات تصطدم الجهود الحكومية بحسابات التحالف العربي باليمن، الذي يتهمها كثير من المؤيدين للشرعية بإطالة أمد الحرب، وتقويضها في المناطق المحررة، ومنعها من العودة ومزاولة أعمالها من العاصمة المؤقتة عدن، إضافة إلى منع قواتها من التقدم في عدة جبهات ضد الحوثيين.
* خيارات الحكومة
بحسب خبراء في الشأن اليمني تمتلك الحكومة الشرعية العديد من الخيارات في السير نحو هدفها وحسم معركتها الرئيسة ضد المتمردين الحوثيين، في ظل هذا الانحراف في سياسة التحالف التي كانت تراهن عليه الحكومة الشرعية في معركتها الرئيسية، وتغاضيها عن التمادي والعبث الإماراتي، وساهم في دخول لاعبين جدد في معادلة الحرب.
1- العودة إلى الوطن وإعادة ترتيب الصفوف وإعلان الإمارات دولة معيقة لعمل الحكومة وتمكينها من السيطرة على المناطق المحررة، أو بالأخص التهديد به عمليا
2- التمسك بسيادة القرار والمرجعيات الثلاث.
3- التمسك بتنفيذ أهداف التحالف أو الإعلان عن خروجها منه.
4- التعامل بندية مع دول التحالف باعتبار المعركة التي نخوضها تهدد الجميع ومشاركتهم فيها هدفه الدفاع عن عمقهم الأمني.
5- إقحام لاعبين جدد في المعادلة كـ "الصين" التي تملك حسابات اقتصادية تعرقل المساعي التوسعية لدولة الإمارات
6- تعرية الأطراف المعرقلة للمرجعيات الثلاث.
* الخلاصة
مع التناقض الذي كشفت عنه أهداف عاصفة الحزم والأمل، والتباين في المصالح الاستراتيجية للإمارات والسعودية، يسعى كل طرف في منظومة التحالف من الظفر بنصيب الأسد في الكعكة المنقسمة، الأمر الذي انعكس سلباً على ترسيخ الحضور الحكومي في المناطق المحررة، وساهم في حالة استقطاب حادة مجتمعية وقبلية وعسكرية، بين حلفاء التحالف، دون قراءة واقعية للأخطار والتبعات والأحداث المفاجئة التي ترافق الخطة التي ربما لم تعتمد مع بداية انطلاق عمليات التحالف، وهو ما يجعل إيران أكثر استفادة من المتغيرات.
في التقرير التالي من سلسلة " الحكومة الشرعية والتحالف العربي.. بيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ
"، نناقش تبعات عدم الحسم العسكري على المستوى المحلي والإقليمي، من قبل التحالف العربي الذي تراهن عليه الحكومة الشرعية باليمن.
سيناقش التقرير- أيضا- تبعات عدم حسم المعركة في اليمن من قبل التحالف، على العمق السعودي وتزايد حدته والتي تكاد تكون يومية في ظل شبح الحرب الذي يلوح في ضفة الخليج بين الولايات المتحدة وإيران، واستنجاد الأخير بذارعة في المنطقة.
والأسباب الخفية خلف حسم المعركة ضد الانقلاب الحوثي وتعطيل جبهات طوق صنعاء، في ظل التنافس الدولي وتعدد الفاعلين المحليين والإقليميين.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد