الشرعية أمام انقلابين.. هل فشل التحالف في حرب اليمن؟

2019-08-01 00:17:18 أخبار اليوم/ متابعات

 

مع مرور الوقت تزداد سلطة الحكومة الشرعية تقلصًا وذبولا، فيما يتعلق بالقدرة على صياغة الاحداث على الخارطة السياسية في اليمن، مع بقاء النسبة الأكبر من مسؤوليها في العاصمة السعودية الرياض بمن فيهم رأس هرم السلطة الشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي القابع في الرياض مند خمس سنوات، في الوقت الذي تشير حيثياته إلى دور أبوظبي في تشكيل هذا الواقع الضار من خلال سعيها خلال السنوات الخمسة الماضية إلى تقويض السلطة الشرعية وهدر صلاحيتها بغية تمرير أهدافها الجيوسياسية التي بلورتها في سنواتها الخالية من تدخلها إلى جانب السعودية في الحرب في اليمن.

في غمرة هذا الواقع، تتضاءل الخيارات المتاحة أمام الشرعية في الفترة الحالية التي تموج بارهاصات خطيرة من شأنها أن تعطب كفاءتها، ورغم محدودية الخيارات التي بحوزة الشرعية الآن، تظل جميع تلك الخيارات مرهونة بمدى شجاعة القيادة الشرعية في تدارك ما يمكن تداركه من هيبتها التي أهرقتها الإمارات في رهاناتها الطموحة لتفتيت اليمن والاستحواذ على موانئه الحيوية، ومن المؤكد أن تلك الخيارات تظل عديمة الفائدة، لأن الشرعية ببساطة لن تتخذ أي بادرة وطنية تتعارض مع رغبة الكفيل في الرياض، والنظام الإماراتي ذي الدور السلبي في إدارة الأزمة اليمنية.

وبصرف النظر عن الحال الذي آلت إليه الأوضاع في اليمن والظروف التي أفزتها المرحلة الحرجة بالنسبة للحكومة الشرعية والبلاد بشكل عام، تبقى المشكلة في القيادة الشرعية ذاتها، التي تتحمل الجزء الأكبر مما حدث بسبب موقفها الرخو تجاه الاختلالات التي قامت بها دولة الامارات على وجه التحديد في جنوب اليمن، ورعاية الفوضى، والاهم من ذلك موقفها الشائن حيال مطالبات الشعب بعودة من يمثله (الشرعية) إلى العاصمة المؤقتة عدن واصرارها على البقاء في الرياض، خاوية من الصلاحيات وصناعة القرار.

خذلان مرّ..!
بعد سنوات من الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، لم يعد ما يوصف بـ"خذلان" التحالف لليمن وحكومته الشرعية محض تكهنات، فمجريات الأحداث _خصوصًا بعد الأزمة الخليجية وإزاحة بن نايف عن ولاية العرش في المملكة_ بدا جليًا انحراف مسار التحالف عن أهدافه التي أشهرها في وجه العالم وخولته التدخل في العسكري في اليمن بادئ الامر، وتشعبت بعيدًا عن القضاء عن الحوثيين الذين تعاظمت قوتهم العسكرية مع مرور الوقت وأصبحوا شوكة مزعجة في خاصرة السعودية، التي تلكأت في القضاء عليهم كل هذه المدة، مُعلقة رهانها على املاءات معلبة من تلقاء من تعتبرهم المملكة وولي عهدها "حلفاء اللعبة" رغم أنه كان بمقدورها أن تتفادى كل ذلك لو أنها كانت جادة منذ البداية في اقتلاع الكيان الانقلابي الذي كان هشا إلى أبعد الحدود مقارنة بما في حوزة التحالف من قوة وتأييد محلي ودولي.

المسار غير المستقيم الذي انتحى إليه التحالف كان سببًا في انحدار البلاد إلى أحد أسوأ كارثة إنسانية في العالم، حسب توصيف منظمات دولية، نتيجة لتطاول أمد الحرب بشكل متعمد من جانب التحالف غداة انشغاله بترتيبات لا علاقة لها بتحرير اليمن من الحوثيين، لاعتبارات سياسية سابقة لأوانها وليس من الحكمة جعلها أولوية تجعل القضاء على الحوثيين هدفًا هامشيًا وشماعة لتمرير مآرب أخرى أبعد ما يكون عن طموحات اليمنيين الذين هللوا بالبشرى بادئ الامر للتدخل العسكري الخليجي في اليمن، قبل أن يستبين لهم خيطه الأبيض من الأسود، وتتضح الصورة المخاتلة التي أصبح الواقع الذي انزلقت فيه البلاد أفصح البراهين على قوامها المعوَج.
شذوذ إماراتي
شذوذ الإمارات عن أهداف الحرب في اليمن كان الاسفين الأول في نعش الشرعية الآمال التي علقها اليمنيون على التحالف في إعادة تطبيع الأوضاع الناجمة عن تداعيات الانقلاب الحوثي على الجمهورية، بعد أن كرست أبوظبي كل ثقلها في خلق انقلاب ثانٍ يسعى لاستعادة الدولة الشطرية على حدود ما قبل الوحدة اليمنية عام 90 من القرن الماضي، ما جعل الشرعية ومستقبل اليمن الاتحادي أمام نسختين انقلابيتين ظهيرتين لبعضهما في تقويض السلطة الشرعية المعترف بها دوليًا، الحوثيون في الشمال ووكلاء الإمارات في الجنوب الذين يشهرون تمردهم على الحكومة الشرعية ويمنعون عودة الرئيس هادة والحكومة الشرعية إلى العاصمة المؤقتة أو حتى انعقاد البرلمان اليمني فيها، دون أن يكون للسعودية التي يفترض أن لها القول الفصل في التحالف بحكم موضعها فيه.

موضع الشاهد هنا، هو أن تدخل التحالف خدم الانقلابيين الحوثيين أكثر مما أضر بهم، ومن المحتمل أن الإماراتيين وكلاءهم لهم قنوات سرية وتنسيق مع الانقلابيين الحوثيين على أكثر من صعيد أهما تواطؤ الطرفين على تقاسم خارطة النفوذ، كون كل منهما يدرك أنه ليس بمقدوره ابتلاع أكثر مما هو لديه الان، فالحوثي يعلم أنه لن يكون "سيدًا" على كامل التراب اليمني، وبالمثل يفكر وكلاء الإمارات أن أقصى ما يمكن أن يحصلوا عليه هو الاستحواذ على الجنوب، وبهذا المنطق يكون الانفصال خيارًا مثاليًا بمعايير هذا الثالوث (الحوثيون والإمارات ووكلاؤها في الجنوب).

جدير بالذكر أن الامارات، سبق ان أعلنت على لسان أحد مسؤوليها بداية يوليو الجاري، بأن الامارات شرعت في تخفيض عدد قواتها في اليمن، وستنتقل من الاستراتيجية العسكرية إلى استراتيجية "السلام أولاً"، وفق ما نقلت عنه وسائل اعلام غربية، لكن سرعان ما تراجعت أبوظبي عن ذلك، وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، في مقال رأي بصحيفة "واشنطن بوست"، (23 يوليو)، قائلاً: "فقط لتوضيح الأمر؛ الإمارات وبقية التحالف لا تغادر اليمن".
وأكد قرقاش، في مقاله بالصحيفة الأمريكية: "سنعمل بشكل مختلف، وحضورنا العسكري باقٍ، وبما يتوافق مع القانون الدولي، سنواصل تقديم المشورة ومساعدة القوات اليمنية المحلية".

نهاية مشوهة
مما لا شك فيه أن المعركة تتجه إلى نهايتها بالنسبة للسعودية بعد تفسخ التحالف وتضاعف الأعباء على المملكة وانحسار التأييد الدول لحربها المكلفة في اليمن، ولكن ما يثير القلق هو الكيفية التي سوف تنتهي بها المعركة، في ظل وجود سياسي وعسكري للانقلابيين الحوثيين الذين ما يزالون يسيطرون على معظم المحافظات الشمالية بالقوة القمعية الشعواء، بعد أصبحوا بلا منافسين، ما يعني أن تسوية تغض الطرف عن ضرورة كبح السلطة الانقلابية وكسر شوكتها، فهو انتصار تام الأركان لصالح الحوثيين وفشل تاريخي في حق السعودية التي يبدو انها قربت نفسها أكثر من وكر الضبع.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد