التحالف السعودي الإماراتي.. تعارض أجندات أم تبادل أدوار؟

2019-09-15 07:58:12 أخبار اليوم/ تقرير خاص

في وقت كانت التكهنات شاخصة إلى موقف السعودية والصيرورة التي آلت إليها العلاقة بين شريكي التحالف (الرياض وأبوظبي)، على خلفية التمرد الانقلابي الذي ترعاه الإمارات بصورة علنية في جنوب اليمن، طرح تساؤلات عدة حول ردة فعل الرياض من جنوح حليفتها التي لم تجد حرجًا في الدفع بنفسها إلى الحلبة بشكل مباشر ووقح، كخصمٍ سياسي وعسكري للشرعية وللجيش اليمني الذي ساهمت السعودية في إعداده وتسليحه.
بيد أن البيان المشترك الذي صدر مؤخرًا عن شركي التحالف (الإمارات والسعودية) كان مخيبًا لليمنيين الذين يقفون في معسكر الشرعية، رغم أن البيان حمل رؤية فضفاضة من قبيل الدعوة للحوار من أجل حل "الأزمة" وضرورة وقف العمليات العسكرية بين جميع "الأطراف"، لكنه في كل الأحوال أعطى انطباعًا عن توافق وانسجام في المواقف بين الشركين تجاه انقلاب مليشيات الإمارات في الجنوب التي تعيث فسادًا في المحافظات الجنوبية، وما تلاه لاحقًا من تدخل الإمارات مباشرة في خط المواجهة مع الشرعية.
موقف الرياض في الميزان
ومهما تكن الحيثيات التي جعلت الرياض تحرص على إرضاء شريكتها في الحلف بهذا القدر من السخاء، لا يبرر لها على أي وجه التخلي عن الشرعية ابتغاء مرضاة أبوظبي، وعلى حساب الشعب اليمني الذي ملأت الدنيا ضجيجًا خلال أكثر من 4 سنوات بتضحيتها الجسورة في سبيل "تحريره" من مليشيات الحوثي الانقلابية، فما لبثت أن جاءت بانقلاب ثانٍ لا يختلف عن انقلاب الحوثيين، على يد أهم حلفاء السعودية (الإمارات)، وهذا _منطقيًا_ ينسف كل الادعاءات حول أهداف التحالف التي تدخل على ضوئها عسكريًا في اليمن، بل يلغي شرعية هذا التدخل من الأساس.
اللافت أن البيان تحاشى حتى التعريض بمسببات ما وصفها بـ"الأزمة" فالانقلاب والفوضى التي أحدثتها الإمارات ومليشياتها في عدن وما حولها، لم تكن في نظر البيان السعودي الإماراتي سوى "أزمة" وليست انقلاباً وإرهابًا وتمردًا على مشروع الدولة الاتحادية الجامعة.
كما أن "الأزمة" _حسب توصيف البيان_ التي أهاب إلى حلها عن طريق الحوار، فهي في لغة البيان بين "أطراف" وليست بين متمردين حاولوا فرض واقع جديد بالقوة، وحكومة يستمد التحالف نفسه شرعيته من بقائها، وهذا تطفيف مخاتل في للغة التي تحدث بها البيان السعودي الإماراتي، وخذلان للشرعية والرئيس هادي القابع في الرياض منذ مارس 2015م، كما هو الانطباع المتداول لدى قطاع كبير من اليمنيين الذين علقوا رهانهم على موقف سياسي شجاع تتخذه السعودية إزاء التمرد الذي ترعاه الإمارات في جنوب اليمن، بعد أن وصلت الأمور إلى الحد الذي لا يقبل المواربة واللغة الدبلوماسية المرنة.
ردة فعل غير حاسمة
على الرغم أن الحكومة الشرعية قدمت شكوى إلى الأمم المتحدة تدين فيها العبث الإماراتي في اليمن بعد استهداف المقاتلات الإماراتية للجيش الوطني أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من 300 شخص، وهذه خطوة جيدة نظريًا، لكن ردة الفعل هذه لا تتناسب مع الجنوح الذي قارفته الإمارات في حق الجيش اليمني وفي حق الشرعية والشعب الذي تمثله، فالخطوة تبقى عديمة النفع ما لم تقف القيادة الشرعية عند مسؤوليتها وتطالب بطرد الإمارات كليًا من التحالف حتى تقطع المسوغات التي تسوقها الإمارات من أساسها.
أما على المستوى الشعبي في الداخل اليمني كان البيان المشترك عن الإمارات والسعودية حول انقلاب "الانتقالي الجنوبي" الذي ترعاه الإمارات، مثل لليمنيين صدمة غير متوقعة، ذلك أنه _حسب رأيهم_ معيبًا في حق السعودية، على نحو جعل الرياض تبدو وكأنها الوجه الآخر للإمارات بصرف النظر عمّا قيل طيلة السنوات الخالية إنه اختلاف أجندات بين الرياض وأبوظبي.
إعلاميون وسياسيون وناشطون وقادة رأي يمنيون لم يدَّخروا صوتًا في الإفصاح عن خيبتهم من الموقف الرخو الذي وضعت الرياض نفسها فيه بخلاف كل التوقعات التي زعمت أن السعودية لن تقف مكتوفة اليد تجاه إصرار الإمارات على دعم التمرد عسكريًا وسياسيًا وإعلاميًا وماليًا، وصولا إلى الحال الذي صارت إليه الأحداث في الأسابيع الفارطة في جنوب اليمن، الأمر الذي جعل الأصوات المطالبة بطرد الإمارات من التحالف أعلى نبرة وأعتى حماسًا في انتقاد تغاضي الرياض عما وصفوه بـ"رذائل" حليفتها في اليمن.
اللاعبون في الخلفية
لعل كل تلك المواقف الملتبسة، كانت أهم الأسباب التي جعلت التحالف مكشوفًا أكثر من أي وقت سابق، بالصورة التي تعزز الاعتقاد السائد في وجود تبادل أدوار بين الرياض وأبوظبي، فيما يتعلق بالحرب في اليمن، بالنظر إلى مخرجات الحرب التي قاربت على إكمال عامها الخامس دون أن تحقق سوى مزيد من الانقسام الفوضى والتردي الشامل في جميع القطاعات الخدمية والمعيشية، حسب ما يقوله المراقبون وتؤكده تقارير دولية ويبرهن عليه واقع الحال والمآل.
لكن ما لا يبدو عائمًا على السطح _إلى جانب ما سبق_ هو أن كلًا من أبوظبي أو الرياض لا تصوغ أي منهما مواقفا يتعلق بالحرب في اليمن، بمنأى عن الولايات المتحدة وبريطانيا، شأنها شأن أبوظبي، فالمعادل الوازن في الأزمة اليمنية ليست الرياض أو أبوظبي، وإن كانت هذه الأخيرة أكثر فعالية في تنفيذ أجندتها من شريكتها، تبقى الصيغة النهائية التي يفترض أن تؤول إليها نتائج الحرب في اليمن لا بد أن تأتي بمقاس واشنطن ومن خلفها المملكة المتحدة التي لم تألوا جهدًا خلال الفترة السابقة في عن طريق دبلوماسيها في رسم الأولويات وإدارة الحرب في اليمن، وتضاعف تأثيرها بعد البريطاني "مارتن غريفيث" مبعوثًا للأمم المتحدة لدى اليمن، عراب "تفاق استوكهولم" بشأن الحديدة.

  

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد