لماذا يعد استمرار الإمارات في التحالف خطأً مصيرياً..؟

الإمارات تدفع بالوضع الداخلي في اليمن للتشرذم والاحتراب..

2019-09-16 06:21:11 أخبار اليوم/ تحليل خاص

 
طالما كان بقاء الإمارات العربية المتحدة طليقة اليد في اليمن، رغم انكشاف مقاصدها من وراء تدخلها في اليمن، محط تساؤل واستغراب من قبل المراقبين للشأن اليمني، ولاسيما بعد المحرقة الذي ارتكبها الطيران الإماراتي بحق الجيش اليمني على تخوم العاصمة المؤقتة، واستماتتها في دعم انقلاب وكيلها البار في عدن المتمثل في ما يعرف بـ"الانتقالي الجنوبي" والمليشيات التابعة له في عدن وأخواتها.
دَفْعُ الإمارات بالوضع في اليمن إلى التشرذم والاحتراب الداخلي لم يكن عرضًا جانبيًا للتدخل الإماراتي في اليمن، بقدر ما كان هدفًا أصيلاً في رأس أولوياتها التي لم يكن إعادة الشرعية أو القضاء على الحوثي جزءًا منه بالمطلق..
كل ذلك كان يضع علامات الاستفهام حول جدوى بقاء الإمارات داخل التحالف الذي بدا أنه اتخذ مبرر إعادة الشرعية قنطرة سياسية لتمرير أهداف لا تمت إلى ما هو معلن بصلة.
الشرعية وسلطة "الكفيل"
حالة التذمر الكبير داخل الحكومة الشرعية والرئيس هادي نفسه والسخط الشعبي الرافض لاستمرار بقاء الإمارات في التحالف، لم يكن ذا بال بالنسبة للرياض التي ما تزال متمسكة بحليفتها لأسباب، على الأرجح، أنها ذات صلة بحرص السعودية على إرضاء بعض القوى العظمى التي ما تزال السعودية تعتقد ضرورة شراء تأييدها وتداخل مصالحها مع المشروع الذي تنفذه الإمارات في اليمن، رغم ما قيل عن ثمة تضاد في الأجندات بين الرياض وأبوظبي الذي ظهر جليًا في سباق الاستحواذ على محافظة المهرة اليمنية التي ما تزال حلبة مفتوحة لتضاد المصالح بين الدولتين. أما عن امتناع الحكومة الشرعية التي طالها كثير من النقد عن اتخاذ موقف حاسم إزاء استمرار الإمارات في التحالف الذي تقوده السعودية التي بدورها تمارس ضغوطات على الرئيس هادي القابع في الرياض من أجل الرضوخ لرغبتها في بقاء الإمارات جزءًا من التحالف، بالرغم أن عدداً غير قليل من مكونات الشرعية ترى في طرد الإمارات ضرورة لا مناص منها، وهو ما يتعارض مع إرادة الرياض المهيمنة على قرار الرئيس هادي.
وفي هذا الصدد تداولت بعض وسائل الأعلام مساء الأحد، أنباءً تؤكد أن السعودية نجحت في إقناع الرئيس هادي أن عزل الإمارات عن التحالف أمر غير قابل للنقاش، وهو ما امتثل له الرئيس هادي من باب حرصه على إرضاء قيادة المملكة، ولو كان ذلك الرضى يتعارض مع مصلحة اليمن، الذي تأذى كثيرًا من صلف التدخل الإماراتي طيلة أربع سنوات خلت.
الأثر السياسي


لا شك أن استمرار الإمارات في التحالف سيكرس الانقسام السياسي في البلاد، ويفتح المجال لمزيد من صراع الكيانات المتنابذة القائم على حامل الولاء التجاري الذي أثبتت الإمارات علو كعبها في هذا الجانب، باليمن وليبيا ودول أخرى في المنطقة العربية، تمامًا كما الحال مع الكيان الانفصالي في الجنوب، وما ينضوي تحته من مليشيات تعمل تحت إمرة أبوظبي، وكتائب أبي العباس في تعز، ناهيك عن تفعيل الصفقات المستترة مع الجماعات الإرهابية كما حدث العام الماضي في شبوة والمكلا، وفقًا لما كشفته وكالة "أسوشيتد برس" الأميركية، التي أزاحت الستار عن تنسيق الإمارات بشكل سري مع جماعات مصنفة أنها تنظيمات إرهابية خطرة مثل تنظيم الدولة "داعش" و"تنظيم القاعدة في جزيرة العرب"..
حيث قامت الإمارات بدفع أموال لتلك التنظيمات مقابل الانسحاب من مناطق معينة، لإخلاء المجال لدخول القوات الإماراتية والمليشيات المجندة لصالحها، في تناقض بالغ الإسفاف مع ادعاءات أبوظبي المتكررة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب، الذي تتخذه حصان طروادة تشهره في وجه المجتمع الدولي والرأي العام المحلي والعربي.
على المستوى السياسي أيضا، تحاول أبوظبي خلال هذه الفترة إلى إعداد ما تبقى من حزب المؤتمر الشعبي العام، لاستنساخ نموذج مشابه "للانتقالي الجنوبي" لتقطع الطريق أمام المكونات الوطنية داخل الشرعية من أن تكون صاحبة الحضور السياسي الأعلى صوتًا داخل الشرعية، أو بمعنى أدق شرعية الشمال كما يريد التصور الإماراتي، أما الجنوب فما انفك الإماراتيون يعتقدونه سليبة حرب يحق لهم وحدهم تصريف مصائره.
التوجه لإعادة تأهيل المؤتمر _بشقه الموالي للإماراتي_ أصبح تحت التنفيذ، ولعل أهم ما يغري الإمارات في المؤتمر في هذه الفترة _في قول منتقديه_ هو طواعية سَوْقه بالدرهم الإماراتي دون اعتراض، وهو ما يفسر تأييد بعض القيادات الوازنة في "مؤتمر القاهرة" للانقلاب على الشرعية في عدن خلال الأسابيع الماضية، وهروبها من التعليق على استهداف المقاتلات الإماراتية للجيش اليمني على تخوم عدن.
تسوّس الجغرافيا وتعميق الانقسام
استمرار التغول الإماراتي في اليمن ضمن التحالف العربي لن يقف على الجانب السياسي بل إنه بالضرورة سيفضي إلى تسوس الجغرافيا وهوية وطنية منقسمة على ذاتها، بما يتعدى الدولة الشطرية إلى ما هو أعمق انقسامًا في النسيج اليمني سواءً في الشمال أو الجنوب، مع التأكيد أن أبوظبي ليس لديها مشكلة في بقاء الحوثيين كسلطة في الشمال، وربما التحالف معهم مجددًا كما فعلت عشية اجتياحهم لصنعاء قبل 5 سنوات والاستحواذ على زمام أمرها.
أما وضع الشرعية في حال استمرت الإمارات في التحالف العربي، فسوف تكون في وضع لا تحسد عليه، خصوصًا أن الطرفين أصبحا على طرفي نقيض، بعد استحكام العداء بينهما خلال التصعيد الأخير في جنوب اليمن، ووقوف الإمارات كخصم مباشر للشرعية.
وفي المحصلة سوف تستمر الإمارات في تقويض دعائم الشرعية وتعضيد التمرد الممول، الذي من شأنه أن يجر البلاد إلى الجحيم ما لم تستيقظ الشرعية بعد طول سبات.

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد