السلام السعودي _ الإيراني..

إعادة ضبط مؤقت الحرب باليمن

2019-10-16 00:28:33 أخبار اليوم/ تقرير خاص

 

الكل يعيد ضبط مؤقت الحرب، لأجل غير مسمى، والبعض الأخير يعمل على تحديثها، وإعادة إنتاجها بمسميات أخرى، لفرض واقع جديد يمضي في الصراع بالوكالة على خارطة الحرب باليمن بمسارات كارثية متعددة، وتكتنفها الأجندات السيئة، من خلال استحضاره السلام، وتسخين بالنفخ في كيره الصراع العسكري.

انعكاسات خاتمة حرب تصاغ لمساتها الأخيرة، باليمن، عقب أكثر من أربعة أعوم، من خلال تبني إستراتيجية الدفع بفكرة الهروب نحو السلام للنجاة من دمار اكبر، وحرف مسار الحرب، وتغير قواعد الاشتباك، ودوافع قادته وحساباتهم الإقليمية، وإخلال التوازن المفروض، وتقليص هامش المناورة السياسية والعسكرية للتحالف العربي بقيادة السعودية، والدفع بالحكومية الشرعية إلى خارج المشهد اليمني منفية ومجردة من النفوذ على الأرض.

دراماتيكية التحولات في الحرب اليمنية التي تجاوزت العام الرابع، زدات المشهد تعقيدا، ودخلت فيه منعطف خطير يوحي بتفشي حروب أهلية متعددة، جاء عقب الانسحاب الإماراتي من الحرب باليمن التقارب مع النظام الإيراني والذي مهد الطريق نحو للتقارب بين الرياض وطهران.

انسحاب وتقارب أماراتي إيراني ليس بمعزل عن الترتيبات الدولية، التي تعملان ضمن تكتيك دولي أممي جديد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها بريطانيا وروسيا، تسعى جميعها إلى اختمار إنهاء الحرب باليمن.

منطلقات ذلك التقارب بين السعودي وإيران تبدأ من اليمن باستثناء ساحات الصراع الأخرى في سوريا والعرق ولبنان، من خلال فتح قنوات محادثات غير مباشرة تمهد الأرضية المناسبة، للحد من التوترات التي دفعت الضفة الخليجية إلى حافة الحرب.

لبدايات

في 20 سبتمبر/ أيلول الماضي، شكّل إعلان جماعة الحوثي الانقلابية باليمن، وقف استهداف السعودية، تطوراً مفاجئاً لمسار الحرب، والتي يقودها التحالف لدعم الشرعية.

إعلان الحوثي جاء على لسان مهدي المشاط، رئيس مايسمى بالمجلس السياسي الأعلى بـ”وقف استهداف الأراضي السعودية بالطيران المُسير والصواريخ الباليستية والمُجنحة وكافة أشكال الاستهداف”، واستدرك ذلك باحتفاظه بـ”حق الرد”.

وأرجع القيادي الحوثي هذه الخطوة إلى إطلاق مبادرة سلام هدفها إتمام مصالحة وطنية شاملة.

بحسب خبراء في الشأن اليمني فأن ما أقدم عليه المتمردين الحوثيون فجأة كان أشبه بوقف إطلاق نارٍ أحادي أو مبادرة مشروطة ومن جانب واحد ، معتبرين تلك المبادرة الأحادية تجاه السعودية رسالة إيرانية بالوكالة عبر الجماعة.

ويرى الخبراء أن مبادرة الحوثيون الأحادية، تتناقض مع مأتم الإعلان عنة تمامًا في موقف الجماعة التي كانت تتخذ في موقع التحدي في الأيام الأخيرة بشن هجمات جديدة على السعودية والإمارات، وإنها جاءت بالنيابة عن إيران.

في 2 سبتمبر/ أيلول الماضي، المح ولي عهد السعودية محمد بن سلمان في مقابلة تلفزيوينية مع قناة أمريكية، للحوار وأهميته وضرورة الابتعاد عن الحرب، معربا عن أمله بألا يكون الرد على إيران عسكرياً، وإنما يكون سياسياً؛ لأنه الأفضل، حسب تعبيره.

تلك الرسالة التي بعث بها بن سلمان للجانب الإيراني عبر هذا اللقاء جاءت مترافقة مع وساطات تجريها دول لتمييع الخلافات بين الرياض وطهران، إذ كشفت الحكومة الإيرانية، الاثنين (30 سبتمبر)، عن تلقيها رسائل من السعودية تسعى فيها الأخيرة إلى اللجوء للحوار.

وفي السياق ذاته ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، الجمعة (27 سبتمبر 2019)، أن الرياض وافقت على وقف محدود لإطلاق النار في أربع مناطق، من بينها العاصمة اليمنية صنعاء التي تسيطر عليها قوات الحوثيين.

ومؤخراً نقلت وكالة "رويترز" عن توجُّه السعودية إلى الاتفاق مع الحوثيين على وقف إطلاق النار، وإنهاء الحرب المستمرة بين الطرفين منذ نحو خمسة أعوام.

وقالت الوكالة، الجمعة 4 أكتوبر 2019، إن مصادر دبلوماسية لم تسمها ذكرت أن "السعودية تدرس بجديةٍ اقتراحاً للحوثيين لوقف إطلاق النار في اليمن"، مضيفة: إن "موافقة السعودية على وقف الغارات تعني فعلياً انتهاء الحرب".

من جانبه قال نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، في 4 أكتوبر 2019، على "تويتر"، إن المملكة تنظر إلى هدنة الحوثيين بإيجابية، مكررا تعليقات سابقة هذا الأسبوع لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

ونقلت رويترز عن مصدر عسكري كبير مقرب من الحوثيين إن السعودية "فتحت اتصالا" مع مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى للحوثيين عبر طرف ثالث لكن لم يتم التوصل لاتفاق.

وأضاف المصدر إن هذا العرض تضمن وقفا جزئيا لإطلاق النار في مناطق محددة. وقال مصدران دبلوماسيان والمصدر المطلع أيضا إن وقف إطلاق النار الجزئي مطروح على الطاولة.

* تحولات

التحول الملحوظ، في السياسة السعودية، تجاه إيران جاء بعد أسابيع فقط على الهجمات على منشآت أرامكو النفطية في السعودية، التي حملت في الرياض مسؤولية الهجوم لطهران، نافية أن يكون لدى الحوثيين قدرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم، وقدمت أدلة مصورة لإثبات أن الطائرات التي نفذته قدمت من الشمال، وهو ما نفته طهران.

في خضم الحراك الدبلوماسي، وتسخينات السلام وترجمت الإشارات المتبادلة لتقريب، بين الرياض وطهران، على الأرض، يتجه رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، إلى العاصمة الإيرانية السبت، في زيارة ثانية، ضمن جهود وساطته بين الرياض وطهران.

 وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا"، أن مصادر رسمية باكستانية أكدت أن "عمران خان سيتوجه إلى طهران، للمضي قدما بمبادرة الوساطة في المنطقة".

وأشارت الوكالة إلى أن صحيفة "داون" الباكستانية أفادت بأن عمران خان سيصل ليل السبت إلى طهران، ويجري مباحثات رسمية الأحد مع الرئيس الإيراني حسن روحاني، ثم سيغادر متجها إلى الرياض، لإجراء مباحثات مع مسؤولين سعوديين.

* تسخينات السلام

تستجيب السعودية أكثر من أي وقت مضى، على ما يبدو، لضغط دولي لم يتوقف يدعوها للحوار مع الحوثيين، من خلال رفع مؤشر المخاطر الأمنية الذي يطوق جغرافيتها من الشمال والجنوب.

في المقابل ليس بجديد أن تذهب السعودية للحوار مع إيران في اليمن عبر وكلائها الحوثيين، لتخفيف الضغوط الدولية والهجمات الحوثية والإيرانية التي تتعرض لها، فقد سبق أن حدثت مشاورات بين الطرفين دون رعاية أمريكية فيما عُرف بمشاورات "ظهران الجنوب" (2016) والتي أدت إلى هدنة على الحدود.

الاستجابة السعودية للتقارب مع إيران، لم تترجم على الأرض لولا التسخينات الدولية والأممية التي قادتها دولة الإمارات وتقاربها مع إيران وحلفاها باليمن، وتحفيزها من قبل واشنطن ولندن وموسكو بالنفخ في كير تأجيج المعركة ضد المملكة، وزيادة وتيرة الاستفزاز الإيراني المباشر لها، واستغلال منظومة حربها ضد المملكة باستثمار الورقة اليمنية، لاستهداف منشاتها الحيوية ومنابع الطاقة فيها، ومحاولة استنزافها عسكريا واقتصاديا، وإجبارها في النهاية إلى تنحية معركتها الحالية في اليمن جانبًا، والقبول بالتسوية مع سلطات الأمر الواقع.

ترتيبات، وقفت بشكل مخيف مع تنامي التهديدات الإيرانية على المملكة، في مساعي تهدف إلى المساس بالسيادة السعودية وإسقاط هيبة حكم المملكة أمام الرأي العام السعودي، وتحطيم قدراتها العسكرية وإشعارها بالخسارة في حرب اليمن، ومحاولة دفعها أكبر نحو فكرة الهروب للسلام والنجاة من دمار كبير أصبح يفرضه حلفاء إيران عليها من الجنوب اليمني، ومن الشمال العرقي، وإجبار صناع السياسية في المملكة على القبول بالتسوية مع الجماعة الانقلابية

المعادلة الدولية لم تثبت نجاعتها في تغير دوافع المملكة وحساباتها الإقليمية، إلى عقب نقل المعركة إلى العمق السعودي عبر وكلاء إيران في المنطقة وخاصة باليمن.

يقول الكابت اليمني "فهد سلطان"، أن الضربة القاسية الأخيرة على أرامكو بالسعودية، وبمثابة رسالة للمملكة بالسير على النهج الإماراتي عندما هرعت أبوظبي إلى التفاهم مع طهران، عقب استهداف عدد من السفن على مرافئها.

*توجه الإمارات

كشفت حرب اليمن مدى الاختراق الإماراتي في دوائر السياسية السعودية، ما دفع الأخيرة إلى محاولة تقليم أظافرها خاصة في ما يتعلق بالملف اليمني.

جاء ذلك عقب التقارب الإماراتي الإيراني الذي أفضى إلى إعادة صيغة المشهد جنوبي اليمن، بما يتناسب مع تطلعات طهران بإزاحة الرياض والحكومة الشرعية من المشهد.

تكلال ذلك بالانقلاب على السلطات الشرعية في العاشر من أغسطس، والتقارب مع حلفاء إيران في اليمن، ودعم عملياتهم العسكرية لضرب العمق السعودي، لإسقاط هيبة المملكة ودفعها بشكل اكبر نحو إنهاء الحرب باليمن، بما يضمن بقاء حلفائها في الانتقالي الجنوبي وحلفاء حليفها الغير معلن إيران واذرعاها الحوثيين.

النفوذ الإماراتي في صناعة القرار السياسي والعسكري في السعودية، وصل مرحلة أحبرت الرياض بالتطبيع مع الانقلاب الانتقالي في الجنوب عقب رفضها الكامل له ودحره في بعض الجغرافيا من خلال دعم الجيش الوطني الذي وصل إلى العاصمة المؤقتة عدن.

متغيرات أسفرت عن ضغط أماراتي بالتطبيع مع انقلابها في الجنوب وتمخض في دعوة السعودية للحوار في جدة، الذي هدف إلى إشراك اذرعها في الحكومة اليمنية، السيطرة على وزارة الدفاع، وهيكلة الجيش الوطني.

المتغيرات الإماراتية، وضعت المملكة أمام واقع جديد في اليمن، باستدارتها نحو إيران وتقاربها مع جماعة الحوثي ودعمها وإشرافها على الانقلاب على الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن.

الخطة الإماراتية تتضمن، إعادة تموضعها الاستراتيجي في اليمن، بما يتوافق مع الرغبة الدولية، القائمة على نسف فكرة التحالف العربي، وترسيخ جماعة الحوثي الانقلابية شمال اليمن، وبناء دولة منفصلة في الجنوب اليمني، وكل ذلك يتحقق من خلال لابد من فرض سيناريو إنهاء الحرب باليمن، ودفع المملكة للتقارب مع الحوثيين، وإيران.

وفي ذات الاتجاه، قال الأكاديمي الإماراتي والمستشار السابق لحاكم أبو ظبي، عبد الخالق عبد الله، إن حرب اليمن توضع لها اللمسات الأخيرة.

وقال عبد الله في تغريدة، على حسابه بموقع تويتر: "أبشركم، أنه يتم الآن وضع اللمسات الأخيرة لوقف الحرب في اليمن"، دون أن يتطرق لتفاصيل ما يجري.

وفي وقت لاحق، قام الأكاديمي الإماراتي بحذف تغريدته الصادمة هذه، دون توضيح الأسباب.

الإستراتيجية الإماراتية في اليمن ضمن مشاركتها الفعالة باليمن، والتي تجضي بدعم دولي وأممي وإيراني غير مسبوق تلخص الأجوبة الكافية لتوجه أمراء أبوظبي بدفع الرياض نحو وقف الحرب دون تحقيق أهدافها التي أعلنت مع انطلاق عمليات التحالف.

*انعكاسات

في ظل هذه المتغيرات على الأرض، ماهي انعكاسات الحور السعودي الإيراني في الساحة اليمن، على الحكومة الشرعية، في ضل غياب الرؤية الاستراتيجية للحرب من قبل التحالف العربي؟

وماهي سيناريوهات الهرولة السعودية نحو إيران وحلفائها في اليمن، في ضل التضييق على الحكومة الشرعية التي جاءت السعودية وحلفاؤها من أجل نصرتها؟

كشفت سنوات الحرب باليمن تنصّل التحالف من الوعود التي قطعها بتصحيح العلاقة ومراجعة الممارسات، وانهماكه في مزيد من الممارسات التي تقوّض سلطة الحكومة اليمنية.

وتصل الحرب باليمن إلى طريق مسدود، كنتيجة حتمية لطلاسم طلاسم الإستراتيجية في منظومة التحالف التي خلطت أحجار السيادة اليمنية، وأثبتت مجريات الحرب أن تلك الدول التي تنادي بإعادة الشرعية في اليمن، كانت تسعى إلى لإضعاف وتفتيتها، ونسف مرجعياتها الثلاث، وإيجاد المبررات والذرائع لتدخلها العسكري الذي سيحقق مصالحها الإستراتيجية طويلة الأمد.

يشير المخطط البياني للحرب الدائرة في اليمن أنه بعد أكثر من ( 17520 ) يومأ، من التدخل العربي لإعادة الشرعية باليمن، إلى أن التحالف، يعمل على إعادة تحديث سلطات الأمر الوقع في شمال اليمن "الحوثيون" وإحياء الانقلاب الإماراتي جنوبا عبر اذرعه في الانتقالي الجنوبي، والتطبيع معه.

في خضم ذلك لا تستبعد مصادر سياسية، من انخراط السعودية في مشاورات بحث الحل السياسي في الملف اليمني مع الحوثيين إذا ما حصلت على ضمانات دولية بعدم تهديد أمنها المباشر.

وتشير إلى أن اليمن سيكون المادة الأساسية في أي حوار إيراني سعودي، وستلتزم إيران عن الحوثيين، بينما سيكون مقابل ذلك "تصفية الشرعية والاعتراف بالحوثيين من قبل السلطات السعودية".

مضيفاه إلى إن هناك رغبة حوثية سعودية للتفاوض بشكل مباشر، دون اعتبار للحكومة الشرعية المعترف بها دولياً.

في المقابل يقول الكاتب والمحلل السياسي، ياسين التميمي، إن التوجه نحو تدشين حوار بين السعودية والحوثيين هو بداية الطريق نحو التسليم بنتائج مغايرة للحرب الدائرة في اليمن وللتدخل العسكري للسعودية.

ويضيف": "انحصار الحوار بين السعودية والحوثيين سيمثل انتصاراً كبيراً للحوثيين، لأنه سيجعلهم في مواجهة دولة معتدية على اليمن لطالما وصمها الحوثيون بدولة العُدوان، ولم يقروا لها بتدخلها العسكري".

ويشير إلى أن المسوغ الوحيد للتدخل السعودي في اليمن "هو أنه تم بطلب من الرئيس هادي، وحينما تذهب السعودية للحوار مع الحوثيين، فإن ذلك من شأنه أن يقضي تماماً على ما تبقى من كيان معنوي لهذه السلطة بعد أن واجهت انقلابَين دفعا بها إلى خارج البلاد وحال دون عودتها إلى مناطق سيطرتها".

وتابع: إذا كانت الشرعية ليست محل اهتمام الرياض، فإن أسوأ ما ينتظر هذه الأخيرة إذا ما ذهبت إلى حوار متكافئ ومنفرد مع الحوثيين؛ هو إعادة توصيفها كعدو عدو خارجي يتعين عليه الإذعان لمطالب طرف يمني لصيق بالأجندة الإيرانية، لم يقر لها بالحق في التدخل العسكري، بل اعتبرها عدوا منذ اللحظة الأولى لبدء القصف الجوي للتحالف على أهداف عسكرية يسيطر عليها الانقلابيون.

من جانبه يجزم الباحث والكاتب نبيل البكيري أن المخرج الوحيد للمملكة هو إعادة ترتيب أوراقها والتي ينبغي أن ترتكز على الأساس الذي تدخلت فيه باليمن، وهو استعادة الشرعية.

وبحسب البكيري فأن “وحده هذا الباب والعنوان من سينقذ المملكة من مصير مجهول ينتظرها في حال قبلت بالحوار مع إيران وأذرعها”

* إعادة الصراع

تبدو واقعية إنهاء الحرب في اليمن من خلال التقارب السعودية الإيراني والذي يحظى باهتمام دولي قريب نوع ما في ضل مؤشرات الخطر التي تتنامى في الضفة الخليجية.

واقعية تطبيق هذا التوجه في ضل استمرار الانقلاب الحوثي شمال اليمن والانقلاب الإماراتي في جنوبه محكوم بمدى قابلية التنازل من الحكومة الشرعية التي تبدوا شبة مزاحة من المشهد اليمني.

لكن فرص وقف الحرب من قبل التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن، للخروج منها بما يحفظ بماء الوجه دون إن تحقق أهدافها في إنهاء الانقلاب الحوثي والتطبيع وشرعنه الانقلاب الإماراتي، سيسهم بشكل كبير في إعادة إنتاج الصراع في اليمن، ما سيشكل تهديد مباشر للأمن القومي الخليجي.

فالترحيب السعودي بالحوار مع أذرع إيران يمثل اعترافا بسلطته على الأرض، وهذا له تبعات خطيرة على الرياض في تحمل كافة تبعات الحرب، التي انحرفت عن أهدافها المعلنة والمتمثلة بإسقاط الانقلاب واستعادة الشرعية، ويمثل هزيمة لسياسات السعودية بالمنطقة، والتي ستستثني أبوظبي.

يبدوا إن الترتيبات الدولية، ومن خلفاها الإماراتية، التي تعزف على سيمفونيات السلام، وهو سلام مزيف يؤذي أكثر من الحرب المعلنة، ويعيد إنتاج الصراع، يقول البعض

ويضيف آخرون، تحرص تلك القوى على الإبقاء على الحوثيين، وتحذر من عودة القوى التقليدية المنضوية تحت شرعية الرئيس هادي؛ لأنها تعارض حقيقة سياسات ومصالحها، خلافا للحوثيين الذين يزايدون في ذلك على نهج السياسة الإيرانية.

ويستدرك البعض أن ذلك لا يعني أن تلك القوى لن تدفع الأطراف الداخلية في اليمن للاقتتال مستقبلا، وقد يكون ذلك مبررا للتدخل المباشر، من خلال ملف القاعدة، أو حماية الملاحة البحرية والمصالح الدولية.

* الخلاصة

 لاتزال الظروف الموضوعية التي تشير إلى عملية السلام بين إيران والسعودية في اليمن، بعيدة، فالضغوط الدولية الممارسة من قبل الغرب ستدفع الرياض نحو القبول من حيث المبدأ ببعض الأفكار إلا أن أمرا من هذا القبيل سيكون في الغالب تكتيكي ومؤقت حتى تخف الضغوط، يقول خبراء في الشأن اليمني.

تدرك السعودية أن الدعوات ”الملغومة والمزخرفة” بدعوة السلام، تسعى إلى إخضاعها في هذا التوقيت، وأن قبولها بأي تسوية في اليمن يعني التسليم التام من قبل المملكة، بالهيمنة والنفوذ الإيراني على المنطقة سواء كان الحوار مع جماعة الحوثي أو مع الطرف الإيراني مباشرة.

فالتعقيد القضية اليمنية وتشعبها وتعدد أطرافها تجعل من السلام بعيد المنال، وكذلك الحلول الجزئية كوقف إطلاق نار محدود جغرافيا".

تثبت الوقائع على الأرض من جديد إن حكومة هادي الشرعية مجرد أداة بأيدي من يشنون حربا على شعبهم، لتحقيق مصالح ونفوذ دول خارجية، وتجد نفسها مع مرور ايام الحرب باليمن انها تتلاشى في غياهيب التحالف العربي (السعودية والإمارات)

في الأخير يقرءا الشارع اليمني انعكاسات التقاربات السعودي الإيراني باليمن من زاوية عدم التعويل الحكومي على التحالف العربي في إعادة شرعيته باليمن.

ويرى الشارع أن إن قضية استعادة الدولة ستكون "استحقاقاً لا يمكن التنازل عنه، وقد تتحد القوى الوطنية في مواجهة الواقع الجديد".

ويقول البعض أن "الشرعية اليمنية لا يمكن أن يُقرِّر مصيرَها الأطرافُ الخارجية حتى المملكة، ومن المستبعد الإقرار بسلطات الأمر الواقع التي تنهج سلوك تبعي لبعض الدول الإقليمية.

ويضيف آخرون، أن الحوار المرتقب لن يكون مدخلاً لتحقيق السلام في البلاد، بقدر ما سيُفضي إلى تطورات خطيرة وجولة عنف من الصعوبة توقُّع تداعياتها".

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد