وطن مضطرب ومرحلة مؤلمة

2010-05-17 03:20:49

لا نعتقد
بأن هناك مرحلة سلبية سواءً أكانت سابقة أو لاحقه لا تبدو معطياتها مضطربة فقط
وإنما هي في غاية التعقيد الشديد كهذه المرحلة المؤلمة التي يمر بها الوطن لأنها لا
تزداد قسوة وجفافاً فحسب أكثر من أي وقت مضى على اليمن واليمنيين وإنما يزداد في
هذه المرحلة المؤلمة الإحساس المتنامي باليأس بين الناس وإن كان لا يأس مع الحياة
ولا حياة مع اليأس، لكن ما نلاحظه هو أنه
لا فرق بين أولئك اليمنيين الذي كانوا بالأمس القريب يموتون غرباء خارج
وطنهم وهم يبحثون في المهجر عن لقمة العيش و بين الذين يموتون في وطنهم كالباعة
المتجولين الذي قضوا اختناقا بدخان بخار الطبخ داخل الدكاكين المغلقة فيما شعارات
الحكومة تزعم أنها بعدد حل مساكن الإسكان ولديها خطط تحول نوعية.
وإن كان أولئك
الشباب الثلاثة قد ماتوا وهم يبحثون داخل وطنهم عن لقمة العيش بعد أن حاصرتهم
البطالة فإن الآلاف من المواطنين سبق وأن ماتوا ماضياً اختناقا بالحروب الداخلية
ومنهم أيضاً الكثير ممن يموتون حاضراً اختناقا بنار السياسة ودوامة الشعارات
المختلفة التي لا تكاد تخلو منها محافظة يمنية.
ناهيك عن المئات ممن يموتون خارج
حدود اليمن براً وبحراً وذلك إما بنار مشتعلة تأتيهم فجأة دون أن يعلموا أسبابها أو
أنهم يموتون فوق قواربهم أو يختطفون قسراً ويعودون حفاة عراة بعد أن تقطعت بهم سبل
الرزق، ومما لاشك فيه أن الموت قضاء وقدر وحقيقة مطلقة لا مفر منها لكن ما يدور
اليوم في اليمن بالنسبة لليمنيين داخلياً وخارجياً يكاد يكون منظماً وقتلاً متعمداً
ضد وطن بحجم اليمن سواءً كان ذلك في المياه أو اليابسة أو السهل أو الجبل إضافة إلى
مسلسل الموت الجماعي نتيجة غول الغلاء والمجاعة والبطالة والفقر.
وما كان ذلك
ليكون إلا نتيجة طبيعية لوطن مضطرب في مرحلة مؤلمة فرضت على كثيرين أن يرحلوا من
موطنهم الأصلي على اعتبار أن الحياة في اليمن تسوء وتقسو يومياً وكأن هذا البلد بلا
حكومة عند مستوى المسؤولية.
ومع قرب احتفال الوطن باستعادة الوحدة المباركة
يزداد الوطن تدهوراً سياسياً واقتصاديا وأمنياً ولسنا بذلك متشائمين لأن الحكومة لم
تدع مجالاً للتفاؤل لدى اليمنيين وقضت على الآمال والطموحات المشروعة وأسقطت الحدود
الفاصلة بين الوطن كمظلة للجميع والمسلخ الذي يقاد الشعب إليه، بل إن السياسة
الرسمية هي التي أوجدت بسياستها الخاطئة براعتها القاتلة مناخاً ملائماً لاستيطان
التشاؤم الذي تجسده تلك السياسات الخاطئة إلى درجة بلغت معها حالة الانفلات ذروتها
الغير معهودة بتنفير اليمنيين من وطنهم وليس أدل على ذلك من هروب معظم الأكاديميين
للعمل في دول عربية لا سيما والمرحلة لا يتكيف معها إلا نافث فكر عفن ينسجم مع
الوضع المهترئ والمرحلة المنفلتة أو شخص آخر لا يؤمن بأن الله هو الرزاق وإنما
يعتقد بأن أولئك الفاسدين الذي ينهبون المال العام ويعطونه من لا يستحقه ويمنعونه
عمن يستحقه هم من يرزقونه، ولقد أدت تلك السياسة الخاطئة إلى تزييف وتزوير الواقع
وتفشي ظاهرة النفاق الفردي والجماعي وهيمنة الفكر النفعي وأصبح ينظر إلى اللصوص
والفاسدين بأنهم حمران عيون وشطار ويجيدون معرفة المداخل والمخارج بينما النزيهين
ليسو إلا مجرد قطيع من البلداء وعاجزين عن فهم المرحلة وهو ما وسع من تراجع حضور
اليمن داخلياً وخارجياً وأصبح العالم يتعامل مع اليمن من خلال أولئك المسلحين
بالفكر العفن والذي لا يفهمون اليمن إلا بمقدار المصالح الاقتصادية التي سيحصلون
عليها جراء تقديمهم مصالحهم الشخصية على مصالح وطنهم لذلك يرون أن هذه المرحلة
عبارة عن فلتة تاريخية لا يمكن أن تتكرر في تاريخ اليمن المعاصر وليست مرحلة
مؤلمة.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد