الغاز اليمني جوهرة بيد فحام

2014-09-14 12:54:26 الاقتصادي/ نبيل الشرعبي

حين يكون الحديث حول الغاز اليمني، لا يجد المرء تشخيصاً للوضع الذي يحكم هذه الثروة وتوصيفاً يناسبه، غير أن هذه الثروة "جوهرة بيد فحام"، وليس أي فحام بل فحام غبي ولا يستطيع التفريق، بين بعرة البعير وثمرة الرمان.

قطاع الغاز اليمني، جراء الفساد الموغل في تركيبة الدولة سابقاَ، والحكومات المتوالية، تحول من ثروة كان يؤمل عليها النهوض بالوطن، إلى فيروس خبيث يفتك بالوطن؛ إذ يكتشف المرء أن مجمل الصراعات التي تنهش جسد هذا الوطن، هي نتاج التنازع على ثروة اليمن من الغاز، سواءَ الأطراف الداخلية أو الخارجية التي جاءت اليمن تغلف نواياها بمبادرات ظاهرها الإصلاحات، وباطنها تقاسم الوطن.

بعد سنوات من التعاطي مع هذا الملف الحساس، ومن خلال معطيات علمية ودراسات وبحوث واقعية، كانت تصفها الحكومات المتوالية بعديمة الصحة والهادفة إلى التضليل وإثارة الشارع، رغم واقعية التعاطي وصحته.. بعد تلك السنوات التي كانت حياتنا هي الشيء الوحيد والمباشر الواقع في مرمى خطر التصفية، وفي المقابل إصرارنا على عدم المساومة، وإفلاس حجج الحكومات المتوالية، أماطت الحكومة الحالية منتصف الأسبوع الماضي، اللثام على حقيقة مفزعة من جانب بسيط ومتواضع في قطاع الغاز اليمني.

وحيال هذا الملف، وفي فترة سابقة من العام الجاري، كشف وزير الشئون القانونية الدكتور محمد المخلافي أن لجنة حكومية، شُكلت من ذوي الشأن المختص بملف الغاز، للتفاوض مع شركة توتال والشركة الكورية، لتعديل سعر الغاز المسال المباع إلى السوق الخارجية.

وقال الوزير المخلافي- آنذاك- بأن لجنة حكومية على أعلى المستوى كلفت بهذا الملف وتتعامل مع ضرورة الحفاظ على حقوق اليمن بحيث تكون الأسعار عادلة ووفقاً للأسعار العالمية مع إعادة النظر في الأسعار في ما يتعلق بالمستقبل أيضاً، وشكلت اللجنة من عدد من الوزراء برئاسة وزير النفط، الأسبق أحمد عبدالله دارس، وفقاً لنص أمر مجلس الوزراء رقم (16) لعام 2013م الصادر في الجلسة رقم (28) والذي نص على تشكل لجنة برئاسة وزير النفط والمعادن وعضوية كل من وزير الدولة لشئون مجلسي النواب والشورى ووزير الكهرباء والطاقة ووزير المالية ووزير التخطيط والتعاون الدولي ووزير الصناعة والتجارة ووزير الشئون القانونية والأمين العام لمجلس الوزراء.

وأشار وزير الشؤون القانونية إلى أن الأرضية القانونية التي تضمن حق اليمن بمراجعة عقود اتفاقية بيع وشراء الغاز بين الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال وكل من المؤسسة الكورية للغاز (كوجاز ) وشركة سويس ترا كتبل وشركة توتال موجودة وهي محددة في الاتفاقية بأن يتم التفاوض حول تعديل الأسعار في بداية العام 2014.

وأكد المخلافي أن الوضع القانوني لليمن في طلب تعديل الأسعار للغاز سليم مائة بالمائة من العام 2014، وهناك أمل كبير أن يحصل اليمن على سعر عادل ويكون بأعلى الأسعار الموجودة عالمياً، مؤكداً أن الحكومة اليمنية تطالب بالحصول على أسعار ترتبط بالأسعار العالمية ولذلك فهي من أعلى سلمها الهرمي مصممة على تلافي الغبن الحاصل عليها في الأسعار.

ومنتصف الأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة اليمنية أنها وقعت اتفاقاً مع الجانب الفرنسي لتعديل سعر الغاز يمتد عاماً كاملاً ابتداءً من يناير الماضي، وصرح المتحدث باسم رئاسة الحكومة راجح بادي بأن وزير النفط خالد بحاح بحث الاتفاق المبرم خلال زيارته إلى فرنسا خلال الأيام الماضية.

وسترتفع إيرادات الغاز اليمني المباع لشركة توتال الفرنسية العملاقة بموجب الاتفاق من 178 مليون دولار إلى 337 مليون دولار بزيادة نسبتها 85 في المائة خلال نفس الفترة، وأوضح مصدر اقتصادي أن الاتفاق اليمني الفرنسي ربط سعر الغاز اليمني بـ«مؤشر النفط الياباني» الذي يقضي ببيع مليون وحدة حرارية من الغاز مقابل 14 دولاراً في حال بلغ سعر البرميل من النفط 100 دولار.

وحسب بيانات الإنتاج السنوي، باعت اليمن في 2013، كمية مليونين و859 ألف طن متري من الغاز للشركة الفرنسية بقيمة 178 مليون دولار وخلال عام 2014 ستبيع نفس الشحنة بقيمة 337 مليون دولار بواقع زيادة نسبتها 85 في المائة، وبفارق سعر 159 مليون دولار.

ومن واقع البيانات الإنتاجية يبلغ ما تبيعه اليمن من الغاز المسال، في العام الواحد 6 ملايين ونصف المليون طن متري من الغاز، حصة كوريا الجنوبية مليوني طن متري، وكان سعر المليون الوحدة حرارية إلى ما قبل التعديل يباع للشركة الكورية بــ 3.2دولار، وجرى تعديل سعر الشراء بموجب الاتفاقية الرئيسة للشركة الكورية إلى 14دولاراً من بداية العام الحالي باتفاق يمتد لخمس سنوات.

وتشتري شركة توتال مليوني طن متري، والشركة الفرنسية للطاقة (جي. بي. إف سويز) تشتري مليوني طن متري ونصف بقيمة 7,21 دولار للمليون الوحدة الحرارية وتجري الحكومة مفاوضات معها لتعديل السعر، وفي حال تم التوصل إلى تعديل السعر وفقاً للمؤشر الياباني 14دولار لكل مليون وحدة حرارية.

وحسب الحكومة اليمنية تم إقرار الاستمرار بآلية تحويل 15 شحنة إلى شرق آسيا، وذلك من السوق الأميركية، وتقاسم فوارق الأرباح الإضافية (ما فوق قيمة العقد) على أساس 50 بالمائة للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال و50 بالمائة لشركة توتال بحسب الترتيبات التجارية لعام 2009.

وقد تم التوافق على تحويل 4 شحنات إلى شرق آسيا على أن يتم تقاسم الأرباح الإضافية (ما فوق قيمة العقد) على أساس 50 بالمائة للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال و20 بالمائة للدولة و30 بالمائة لشركة توتال شريطة تسليم حصة الدولة نقدا ومباشرة إلى حساب الحكومة بالإضافة إلى حصة الدولة من مشروع الغاز بحسب اتفاقية تطوير الغاز.

أيضا أقر مجلس الوزراء تحويل 12 شحنة من السوق الأمريكية إلى شرق آسيا شريطة تقاسم الأرباح الإضافية الناتجة من عملية التحويل ما فوق قيمة العقد بنسبة 50 بالمائة للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال و30 بالمائة للحكومة و20 بالمائة لشركة توتال، وعلى أن يتم تسليم حصة الدولة نقدا إلى حساب الحكومة بالنسبة لهذه الشحنات التي سيتم تحويلها إلى السوق الآسيوية، وإخضاع عملية مراجعة جميع الشحنات المحولة لبنود اتفاقية تطوير الغاز، وسريان هذه الترتيبات على كافة الشحنات المصدرة للعام التعاقدي 2014م وبأثر رجعي.. مؤكدا على أن تكون حصة الدولة صافية الأرباح من عملية التحويل ولا تتحمل أي تكاليف ناتجة عن شحنات بديلة للسوق الأمريكية وتكاليف الشحن المتعلقة بها.

وبلغت الاحتياطات المثبتة من الغاز الطبيعي في عام 2013 نحو 16.900 تريليون قدم مكعب، وإنتاج الغاز الطبيعي الجاف في عام 2011 نحو 339.7 مليار قدم مكعب، واستهلاك الغاز الطبيعي الجاف نحو 30.7 مليار قدم مكعب، وصدر اليمن كمية309 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال في عام 2011، وهو ما يمثل أكثر من 90% من إجمالي إنتاج الغاز الطبيعي الجاف في نفس العام، وفقا لشركة (اي.اتش.اس) جلوبال انسايت، وشكل الغاز الطبيعي المسال باليمن حوالي 3% من كميات الغاز الطبيعي المسال العالمية في مطلع عام 2013.

وذكرت إحصائية للشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال ( Yemen LNG ) أن اليمن استهلكت محليا 24.600برميل من الغاز المنزلي يوميا خلال العام 2010، وحسب الشركة قام القطاع 18 بمأرب بتغطية 22.000برميل يوميا فيما بلغت مساهمة مصفاة عدن 2.600برميل يوميا، بينما بلغت الواردات الموسمية 250.000 برميل خلال العام 2010م.

ويقوم مشروع الغاز الطبيعي المسال أيضا بتزويد المؤسسة العامة للكهرباء بـ 100 مليون قدم مكعب من الغاز يوميا لتوليد الطاقة الكهربائية، ووقعت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال عقد اتفاق مع شركة تنمية المحدودة لبناء مشروع وحدة جديدة لتخزين الغاز المنزلي في محافظة مأرب وسيقوم بتشغيلها كلا من الشركة اليمنية للغاز (الحكومية) وشركة صافر. وسيتم إنشاؤها بجوار وحدة الإنتاج المركزي رقم 2 والتي يتم إنشاءها من قبل الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال في القطاع 18بمشاركة شركة صافر و هوك بيركسان.

ووفقا للشركة ستساهم هذه المنشآت الجديدة في زيادة إنتاج الغاز المنزلي بنسبة (21.000) برميل يوميا ابتداء من صيف العام الجاري. ومع إسهام هذا المشروع في الإيفاء بالطلب المتزايد على الغاز المنزلي في السوق اليمنية، سيضيف المشروع الجديد أرباحاً تصل إلى حوالي 170 مليون دولار سنويا للشركة اليمنية للغاز المملوكة للدولة والتي تقوم بتسويق وبيع الغاز المنزلي، بينما تتولى الشركة اليمنية للغاز الطبيعي المسال العملية الاستثمارية والفنية والتقنية لهذا المشروع.

ومطلع العام 2012، قبل أن يتم تغيير الحكومة، اتفقت الشركة اليمنية للغاز الطبيعي والمسال وشركة "توتال" الفرنسية للغاز والطاقة على زيادة عدد الشحنات المحولة بمعدل 20 شحنة إضافية سنويا إلى كوريا الجنوبية خلال الأعوام 2012 إلى 2014، وبحسب الاتفاق الذي تم التوقيع عليه في العاصمة الفرنسية باريس بحضور وزير النفط والمعادن اليمني المهندس هشام شرف فسيتم بيع الغاز الطبيعي المسال إلى شركة كوجاز الكورية بحسب السعر الحالي للسوق .

وقالت آنذاك الشركة اليمنية بأن رفع عدد الشحنات المحولة إلى 35 شحنة سنوياً بدلاً عن 15 سيسهم بشكل كبير في رفع عائدات الشركة اليمنية للغاز الطبيعي والمسال والحكومة اليمنية، وكانت اتفاقية بيع وشراء الغاز الموقعة في العام 2005 بين الشركة اليمنية وشركة توتال الفرنسية قد نصت على أن تتجه صادرات الغاز الطبيعي المسال اليمني بصورة رئيسية إلى أسواق خليج المكسيك وغرب أوروبا.

لكن بسبب استمرار تدني أسعار الغاز في السوق الأمريكية فإنه ومنذ بداية الإنتاج في عام 2009 يتم تحويل 15 شحنة سنوياً إلى أسواق أسيوية ذات مردود اقتصادي عالي بحسب بيان الشركة، وكانت اتفاقية بيع الغاز اليمني المسال إلى كوريا قد أثارت ضجة كبيرة في الأوساط الاقتصادية والسياسية التي اتهمت مسئولين حكوميين بالتورط في قضية فساد على حساب مصلحة اليمن من الصفقة .

وأكدت تقارير رسمية أن الحكومة اليمنية باعت الغاز لكوريا لمدة عشرين سنة وبسعر ثابت غير قابل للزيادة وهو 3.2 دولار لكل مليون وحده حرارية، فيما سعر المليون وحدة حرارية في المؤشر العالمي لأسعار الغاز اليوم هو 11.5 دولار، وقطر تبيع لكوريا المليون وحده حرارية بسعر 12.1 دولار وإندونيسيا تبيع المليون وحدة حرارية بسعر 9.5 دولار .

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد