التعاونيات.. تحترق

2014-11-02 10:12:36 الاقتصادي/ منصور الأصبحي


ربما وحدها التعاونيات في اليمن هي من حددت ملامح النهوض وعززت ثقة الشركاء المتفاعلين عبر أكثر من مشروع بنيوي كان له جل الحضور المتناسق نسبيا ومتطلبات الواقع آنذاك لكن أغلبها اليوم اندثر وتآكل أو دمر إما بسبب الإهمال والتسيب أو التشليح والقرصنة والسطو الذي أكل الأخضر واليابس ولم يبقي على شيء سوى معدات لم تعد تصلح حتى خردة.

 في الأثناء حلت الصناديق التعاونية كمشروع تنموي متقدم عن سلفه إلى حد ما محل ذلك كله فقد ألقى بضلاله على الواقع بما يوحي أن هذه الصناديق التعاونية نجحت في استقطاب حالة رضى اجتماعي وثقة شعبية من خلال بعض الإنجازات باليمن عموما، لكن الذي لفت نظري بعزلة للأصابح أنها حصلت على نسبة قياسية من القبول العام وسجلت بحضورها اللافت أنموذجا أرقى لخصوصيات الواقع في الأصابح الذي أهمل تماما مع سبق للإصرار والترصد إلاَّ من ثمة إسهامات لجهات وشخصيات عبر طرق شخصية ربما لا تسلم عدداً منها للتقطع من قبل البعض مع العلم أن جمعية الأصابح التنموية لم تقدم نفسها بديلا للنهاية ما جعلها هي الأخيرة تبحث عن رعاية ودعم ما بدا واضحاً من جهد مقل ومساندة مشكورة لصالح الصندوق التعاوني الحالي.

اللافت أيضا أن فرق العمل التابعة للصندوق بدأت باستنفار الجهد الشخصي والجمعي إضافة للتنسيق مع المجتمع وبشكل متسارع ومثمر وهو ما بدا واضحا من خلال الدعم الشخصي لرجال أعمال من منطقة الأصابح وآخرين كل بموقعه لغرض إعادة الروح لمصالح معطلة فتراكمت فيها الأتربة والأوساخ والصدأ كأحواض مائية وبرك وعبارات سيول وتأهيل ملاعب رياضية أو طرق فرعية كذلك افتتاح معهد تأهيل اللغة إنجليزية وحاسوب وتعليم مبادئ القراء والكتابة للأطفال وتبني حملة نظافة ببعض قرى المنطقة أو تسوير مقابر مندثرة وغيرها وهذا كله وغيره أنتج التفافا شعبيا ورسميا لافتاً سواء من الصندوق الاجتماعي للتنمية - كونه الراعي الرسمي الداعم ضمن برنامجه الحالي في دعم المجتمع - أو المجالس والسلطة المحلية وأخرى ربما لم تتعود عليها الأصابح كثيراً كونها عاشت لفترات أطول حالة عزلة تنموية وقطيعة سياسية لنظام ما قبل ثورة 11 فبراير ما يؤكد أنها حُرمت من أغلب مشاريع الدولة لذات الأسباب التي لن ترحل.

التفهم الاجتماعي لفكرة الصناديق التعاونية بالأصابح حصدت أعم وأهم أراء وتوقعات اجتماعية خصيبة وبسخاء لافت للانتقال إلى مرحلة النفير التنموي العام، ما سيثبت نجاح فكرة الصناديق كما يبدو إلاَّ أنها صدمت بإشكالات لثمة متنفذين كردة فعل تعيسة لحالة استبدال طبيعية من كوكبة شبابية لاتزال كيمياء دمائهم جاذبة للعمل بهمة عالية وتكامل منطقي وقدرة مأمونة وتآلف جدا رائع للعطاء والإنتاج والنجاح لاسيما في إيجادهم أيسر الطرق للتعامل مع من لا يزالون يمارسون عملية هبر واستيلاء واستحواذ وبسط ممنهج على مصالح عامة كطرق فرعية ومقابر وملاعب وغيرها غير مدركين أنهم بهذا يخترقون قواعد اللعبة الأخلاقية وأن المجتمعات المتقدمة تقاس بالتنازل التام للصالح العام كورقة ضمان للتقدم الذي لا ينتهي بأكثر من تطور أخلاقي غير معتل الآخر..

يبدو أن الصناديق التعاونية في عموم اليمن ستخوض أشرس المعارك مع ألآت الفساد كقضية استعادة ممتلكات المجتمع المنهوبة ووضع حد رادع لمثل هكذا متنفذ ليكون عبرة لمن يعتبر وهذا بالواقع لن يتم مالم تقف الجهات المسئولة عن الضبط والربط والتنفيذ بمسئولية لغرض حماية المجتمع من مثل هكذا متنفذ مستهتر بمصالح الناس التي يصل عمرها لأكثر من ثلاثة قرون وبالذات طرق فرعية تربط بين القرى أو القرية ذاتها وهذا ما لاحظته في المنطقة الباحثة عن الخلاص الحقيقي من كل أشكال الفساد والحرمان وهذا بالحقيقة يتطلب مزيد من اليقظة والتحرك من كافة الجهات ذات العلاقة لحماية المجتمع ومصالحه وأبنائه وأفكاره ومشاريعه التنموية الجادة.

لكن ما فهمته أن المجتمع المجني عليه لا يبدي الكثير من المخاوف لمثل هكذا جناية علنية ضد مصالحه في ظل وجود آلية مؤسسية تدير الصناديق التعاونية التي تعد أحدث مشروع لخلاص تنموي ليس الأخير كما يبدو من ثقة واطمئنان شعبي رغبة في تفهمه للقضية المجتمعية الأكثر من مهملة.

بالواقع ليس سهلا بناء جسور الثقة بين مختلف فئات المجتمع وليس صعباً أيضاً مالم يتحمل الجميع مسئولية النهوض الإنساني والتنموي بعيداً عن أي ابتزاز أرخص بشتى وسائله الانتهازية العفنة والتي أثبتت فشلها واحتقارها وركلها كأتعس صور الفساد الأخلاقي كونها أتت من " أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا " ..

فالأعزاء الزملاء القائمين على هذه الصناديق أكثر تفاؤلاً وتجدداً وحيوية واستعداداً للتضحية - كما ظهر لي - لكن تخوفهم من بعض عراقيل أو معوقات كما عبر عنه البعض كحالة طبيعية بالمقابل لن يعيق عمل الصناديق مهما كلف الثمن والجهد والوقت لأنها أتت بوقتها لتترجم رغبة المجتمع اليمني في التغيير والتطور للخروج من المأزق الحرج الذي عصف بما لم يعصف خلال فترات أكثر تقلبا للمزاج وهذا برأيي لن يكون بغير تفهم وتماسك وتكامل اجتماعي ناطق بالحركة التنموية المؤثرة والوقوف صفا موحدا ضد كل من تسول له نفسه العرقلة بأي صورة من الصور وهي بالحقيقة فرصة مناسبة جدا لمناشدة كافة الجهات الرسمية والأمنية تحديداً وكل قطاعات وشرائح وفئات المجتمع والمؤسسات الأهلية أن تساند هذه الصناديق وتقف معها لوضع حد لكل العابثين حتى يجد الناس أنفسهم بمأمن وليجعلوا من أنفسهم شركاء فعليين للنهوض الوطني المقدس ..

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد