كيف يتُرجم غياب الدولة اقتصادياً ؟

2014-11-16 14:15:49 الاقتصادي/ خاص


كشف تقرير صدر حديثاً عن قطاع الدراسات والتوقّعات الاقتصادية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي بأن نسبة البطالة في اليمن بين الشباب وصلت إلى 52 %، وحسب تقرير صادر عن الأمم المتحدة معدل البطالة وسط الشباب اليمني وصل إلى 60 % في 2011.

 ووفقاً لتقرير وزارة التخطيط بلغ عدد الداخلين الجدد إلى سوق العمل عام 2010 حوالي 228 ألف نسمة، ثلاثة 75 في المائة منهم، من الخرّيجين والمتسرّبين من مؤسّسات التعليم، ما يعني أن البلد تحتاج سنوياً 200 ألف فرصة عمل.

ويؤكد تقرير الأمم المتحدة بأن اليمن تحتاج سنوياً إلى توفير أكثر من 200 ألف فرصة عمل، لاستيعاب الأعداد المتزايدة للحفاظ على معدّل البطالة عند مستواه الحالي، خاصة في ظل ارتفاع نسبة الفقر في اليمن إلى 54.5 % من مجموع السكان الذين يزيد عددهم عن 22 مليون نسمة بسبب الأزمة السياسية في عام 2011.

يؤكد خبراء اقتصاد أن التدهور الاقتصادي المتنامي عام بعد آخر، ينجم عن النظرة المستقبلية السلبية للوضع، وعدم قدرة الحكومات المتوالية على فعل شيء حيال تأزم الوضع، وهذا بناءً على خلفية نظرية اقتصادية تؤكد بأن السلوك الاقتصادي للناس يتأثر بدرجة كبيرة بتوقعاتهم المستقبلية وبحالتهم النفسية من حيث التفاؤل أو التشاؤم.

وتضيف النظرية الاقتصادية بأن الإنسان سواءً كان مستهلكاً أو منتجاً ومستثمراً, تختلف قراراته وتصرفاته الاقتصادية بتغير الظروف السياسية, وكمثال تبرز الطوابير الطويلة أمام محطات الوقود، فجأة بسبب توقعات أو مخاوف قد تكون نتيجة إشاعات، وتزدهر السوق السوداء لهذه المواد, ويتهافت الناس على تكديس وتخزين المواد الاستهلاكية في حالات الاضطرابات السياسية والاجتماعية.

وحيال تصرف المستثمرين في الوضع المماثل وفقاً للنظرية الاقتصادية، فإن المستثمرين وأصحاب الأعمال، في مثل هكذا وضع يتصرفون بحذر أكبر ويعمدون إلى تخزين واحتكار البضائع تحسباً لارتفاع الأسعار، وهذا يؤثر سلبا ويضيف أعباءً جديدة على الاقتصاد.

ومن هذا المنطلق ووفقاً لخبراء الاقتصاد فأن حالة عدم الاستقرار التي يعيشها اليمن قد أثرت على مختلف مجالات الحياة, ولكن التأثيرات الاقتصادية تبقى هي الأكثر أهمية وخطورة, وأول تداعيات هذه المشاكل الاقتصادية تتجلى في تزايد معدلات البطالة وانخفاض مستويات الدخول واتساع نطاق الفقر وزيادة حدته.

وهذا اوجد علاقة سببية مزدوجة وخطرة بين الفقر والبطالة وبين الأزمات والاضطرابات السياسية, فمن ناحية تتزايد البطالة بسبب ضعف النشاط الاقتصادي بتأثير المشاكل السياسية, ومن جهة أخرى فإن البطالة, وخصوصاً بين الشباب, توفر بيئة تستغلها الأطراف السياسية المتصارعة والجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة, وبالتالي تولد المزيد من الاضطرابات والمشاكل السياسية.

ويزداد الأمر خطورة مماثلة في مواجهة الأزمات السياسية, إذ تتغير أولويات الإنفاق العام نحو الأهداف السياسية, وتهمل الأهداف والأغراض الاستثمارية والتنموية, وفي حالات كثيرة قد نجد أن الحكومات تحت ضغوط سياسية تلجأ إلى التضحية بالمصالح الوطنية لحل مشاكلها ولا تجد من يردعها بسبب الأزمات وانشغال المجتمع بالصراعات.

ولذلك غياب وضعف الدولة يمكن أن يترجم اقتصاديا في اتجاهين: الأول ظهور بدائل قبلية أو جهوية أو تشكيلات من الجماعات المسلحة تكون بمثابة منتج للخدمات التي يفترض أن تقدمها الدولة وبالتالي هناك استثمارات كبيرة توظف في تقويها وكأنها مشروع استثماري ربحي, والثاني تحول هذه المشروعات السياسية الصغيرة إلى كيانات سياسية تترسخ جغرافيا واجتماعيا ومذهبيا مما يؤدي إلى تمزيق الوطن وتفككه.

وأمام هكذا وضع لا بد من وجود دولة بمفهومها ووظائفها الفعلية، للحيلولة دون حدوث المزيد من التدهور الاقتصادي، وشروعها في مكافحة الفساد وتوفير الظروف المناسبة لاستكمال ما تبقى من استحقاقات كالاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.

وللعلم هذا المدخل الصحيح للحديث عن الاستثمار والبطالة والفقر وإلى ما هنالك, هو وجود بيئة سياسية ودولة حقيقية قادرة على إدارة شؤون البلاد بكفاءة وضمان بيئة تنافسية شفافة وعادلة في كل المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية, كون الدولة بسلطاتها الثلاث هي الضامن لحقوق كل الأطراف سواءً كانوا أفراداً أو جماعات وفئات متواجدة ضمن النسيج الوطني, عندها سيتجه الناس نحو تحقيق مصالحهم وتحصيل أرزاقهم.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد