تعقيد المشكلة الاقتصادية

2014-12-07 15:35:57 الدكتور مرزوق عبدالرؤوف محسن*


إن اتفاق السلم والشراكة الذي وقعت عليه الأطراف نص على ضرورة تشكيل لجنة اقتصادية لدراسة الوضع الاقتصادي في اليمن، وطبعاً جاء تشكيل اللجنة الاقتصادية بناءً على هذا الكلام بالإضافة انه لو كان في مقدور الوزارات المعنية وهي" وزارة الصناعة وزارة المالية و.. إلخ"، لو كان في مقدورها عمل شيء لما وصل الحال لما وصلنا اليه، فهذه الوزارات تفتقد للكفاءات وتفتقد للقدرات اللازمة ولإعداد خطط ورؤى لإيجاد حلول للمشكلة الاقتصادية.

وهو ما يعني هناك قصور واضح في عمل هذه الوزارات خصوصا انه اتضح أن الحكومة والجهات المعنية، مازالت هي نفس الطاقم الذي كان يعمل في 2006 ولم يستطع استيعاب المنح، وهو نفسه الطاقم الذي لم يستطع استيعاب المنح خلال 2006 و2009 و 2010 بالإضافة إلى 2014 هو نفسه الطاقم .

ولذلك كانت التعيينات في هذه الوزارات بالنسبة للوكلاء ومدراء العموم كله كان حسب المحسوبية والمناطقية ولم يُراعى معيار الكفاءة في التعيينات, فمن مدراء العموم إلى نائب وزير غير قادرين على إعداد رؤى اقتصادية للمشكلات .

وكنا نتمنى أن تشكل أي حكومة من كفاءات اقتصادية وإلا فلا فائدة لها اذا كانت سوف تتشكل من الوزرات, فالوزرات نفسها بيدها قرار ولن تستطيع فعل شيء واثبتوا فشلهم وهذه الكوادر التي تملكها الوزرات بالتأكيد ثبت فشلها وبالتالي يجب استبعادهم من أي تشكيلة طالما ثبت فشلهم سباقاً.

وهذا أيضاً يضيف مشكلات على اللجنة طالما هم ثبت فشلهم في إدارة المشكلات الاقتصادية السابقة، ونحن نتمنى أن يؤخذ معيار الكفاءة ومعيار النزاهة ومعيار المهنية قبل أي معيار آخر، كما يجب أن تؤخذ القضايا الاقتصادية على محمل الجد ويجب أن تكون القرارات حولها ليس بالتوافق وإنما قرارات مهينة برؤية اقتصادية خالصة لا يجب أن تراعي الوفاق السياسي كما يتم في القضايا السياسية.

فالقضايا الاقتصادية غير قابلة للتجزئة، القضايا الاقتصادية غير قابلة للمساومة، نحن نعرف أن المشكلة الرئيسية في اليمن هي مشكلة اقتصادية بدرجة رئيسية ولا يمكن التحدث عن القضايا الاقتصادية بمعزل عن القضايا السياسية، لكن يجب أن تدار السياسات الاقتصادية برؤية اقتصادية وتحقق أهدافاً اقتصادية ولا تحقق أهدافاً سياسية كما كان يُستخدم سابقاً.

ونحن في المرحلة الحالية نحتاج عملاً جدياً لمحاربة الفساد، فالمرحلة ليست مرحلة تنمية اقتصادية واجتماعية, إنما هي مرحلة انتقال سياسي، وعلى الحكومة يجب أن تضطلع بدورها للانتقال السياسي عبر الانتهاء من مهام معينة مثل انتخابات رئاسية وبرلمانية كذلك استفتاء على الدستور.

ولذلك فإن الحكومة الحالية ربما لن تنجح في مهامها, لأن هناك قوى سياسية رافضة لها منها المؤتمر الشعبي العام بقيادة علي عبدالله صالح والحوثيين, هؤلاء رافضون للتشكيلة الحكومية وبالتالي سيضعون عراقيل كثيرة أمام هذه الحكومة، أيضاً من العراقيل التي تقف أمام الحكومة الحالية: انتشار المليشيات والجماعات المسلحة, هنا سيُعقد الأمر وستزداد المشاكل تعقيداً، فاليوم الفقر تزداد رقعته وتصل إلى حوالي 50 في المائة والبطالة كذلك 50 في المائة، وانعدم الأمن الغذائي، وصار المجتمع اليمني لا يحصل على غذاء كافٍ.

وهذه مشكلات كبيرة بالإضافة إلى انخفاض إمداد الطاقة ومصادر النفط غير مؤمنة وهذا سيزيد من حدة المشكلة الاقتصادية، ويفاقمها أكثر عدم الاستقرار والانفلات الأمني والسياسي، وهذه عوامل خطيرة جداً على تسريح العمالة من الشركات ومؤسسات القطاع الخاص.

وهذا سيؤدي إلى انخفاض الدخول وازدياد حدة الفقر بمعنى أن اليمن يمكن القول إنها ستدور في حلقة دائرية مفرغة، فهناك مشكلات ضخمة. أيضاً من الأهمية بمكان القول باعتماد بدرجة رئيسية أداء الحكومة تجازوها للصعوبات ومواجهتها للتحديات, على المنح والمساعدات الخارجية المقدمة.

وهذا يزيد من تعقيد المشكلة كون هذه المنح مشروطة بشروط معينة أهمها: رفع الدعم عن المشتقات النفطية وإلغاء الوظائف الوهمية ومكافحة الفساد، واذا لم تتم هذه الإجراءات من الحكومة الحالية فلا يمكن لهذه الحكومة أن تخرج من دوامة الأزمة، خاصة وأن البلد تمر بعجز مالي كبير أيضاً مواجهة هذه التحديات تحتاج إلى رؤية اقتصادية استراتيجية وهذا ما لا تقدر عليه الحكومة في ظل الإمكانيات المالية والبشرية الحالية.

وللعلم أكرر القول إن نجاح الحكومة الحالية مرهون بمواجهتها للتحديات على المنح والمساعدات الخارجية المقدمة والتي تعد منحاً مشروطة بشروط معينة أهمها: رفع الدعم عن المشتقات النفطية وإلغاء الوظائف الوهمية ومكافحة الفساد، واذا لم يتم هذه الإجراءات من الحكومة الحالية، فلا يمكن الحكومة أن تواجه هذه الصعوبات خصوصاً أن الحكومة تمر بعجز مالي كبير أيضاً مواجهة هذه التحديات تحتاج إلى رؤية اقتصادية استراتيجية وهذا مالا تقدر عليه الحكومة في ظل الإمكانيات المالية والبشرية الحالية، نحن نعرف ما الذي حدث وما أسباب إسقاط صنعاء هو اتخذ الجرعة ومكافحة الفساد وغيره، اذا اللاعب الرئيسي سيكون له دور رئيسي في الأيام القادمة هو المنح والمساعدات الخارجية وهذه لا يمكن أن يقدم عليها المجتمع الدولي مالم تتحقق تلك الشروط وبتالي تبقى الحكومة في موقف حرج جداً من مواجهة التحديات.


* مدير عام مركز أبحاث التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد