مثل انخفاض النشاط الملاحي لميناء عدن ضربه قوية للاقتصاد الوطني، فبعد تحول نشاط الترانزيت وهروب الخطوط الملاحية العالمية ونفور السفن والبواخر وعدم توفر خدمات الشحن البحري التنافسية، التي تربط اليمن بالعالم أصبحت اليمن في شبه عزلة اقتصادية عن العالم الخارجي رغم وقوعها على خط الملاحة الدولي .

وأصبح من الصعب الحصول على خدمة الشحن البحري المناسبة من أي من موانئ العالم المختلفة إلى ميناء عدن، وان وجدت فالخيارات محدودة والمنافسة معدومة ويتعذر الحصول على الخدمة المناسبة فارتفعت أسعار الشحن البحري بصورة جنونية لتصبح ثلاثة أو أربعة أضعاف أجور الشحن إلى الموانئ المجاورة.

وتراجعت الخدمات لتطول فترة الترانزيت والانتظار لوصول البضائع إلى الموانئ اليمنية بصورة غير معقولة وصلت في بعض الأحيان إلى 120 يوماً. ولم يعد من السهل الحصول على خدمة شحن للبضائع من موانئ العالم المختلفة إلى الموانئ اليمنية في الوقت المناسب أو بالكمية المطلوبة أو بأسعار معقولة.

وقد حذر الاقتصاديون من انعكاسات المؤشرات الاقتصادية السالبة التي ظهرت نتيجة التراجع الخطير لنشاط الميناء الذي انعكس بتأثيره السلبي علي القطاعات الاقتصادية وامتد بتأثيره علي الاقتصاد القومي بصورة خطيرة.

ويؤكد الخبراء الاقتصاديون ان تأثير زيادة تكاليف النقل مع ثبات العوامل الأخرى من اهم الأسباب التي أدت الي تراجع حجم الاستثمار الخارجي، وانخفاض معدلات الادخار، وتراجع فرص الحصول على التكنولوجيا، وانخفاض معدلات التوظيف، و انخفاض معدل النمو الاقتصادي وارتفاع معدل التضخم وتدني مستويات دخل الفرد.

ومع انخفاض النشاط الملاحي لميناء عدن فقد انخفضت القيمة الإجمالية للواردات وانخفض معدل نمو الصادرات وحقق الميزان التجاري مزيداً من العجز مقارنة بالسنوات السابقة، كما ساهم انخفاض النشاط الملاحي في انخفاض الإيرادات العامة للدولة.

وانخفضت معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية ومساهمة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، وكان مستوى الأداء للاقتصاد الكلي والبيانات والمؤشرات الاقتصادية توكد انخفاض في معدل النمو في القطاعات الاقتصادية بتأثير مباشر من قطاع النقل الذي تراجع معدل نموه في السنوات الاخيرة بصورة خطيرة .

فقد سجل معدل النمو لقطاع النقل في العام 2009م معدل نمو منخفض بمقدار (28.01). ثم في العام التالي 2010م سجل معدل نمو منخفض بلغ (17.77) أي بمقدار تغير (-10.24) نقطة.  وازداد الامر سوءاً لهذا القطاع في العام 2012م، حيث سجل معدل نمو منخفض بلغ( 8.8 ).

ومزيداً من التراجع والانكماش حيث سجل معدل نمو منخفض في العام 2013 بلغ ( 5.2)، ويعتبر هذا المعدل ادني مستويات التراجع والانخفاض على الإطلاق في هذه الفترة بين قطاعات النقل في المنطقة والإقليم والعالم كلة .

أما مساهمة هذا القطاع الهام في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فقد تراجعت مرتبة هذا القطاع من المرتبة الثالثة الي المرتبة الرابعة في العام 2013م، حيث انخفضت مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من (13.1) في العام 2009م ثم إلى (12.9) في العام 2010م بتراجع (0.2) نقطة، اما في العام 2012 فقد سجل مزيداً من التراجع والانخفاض الي (11.02) ثم انخفضت بصورة خطيرة في العام 2013م إلى(10.68).

وانعكس التراجع الخطير والانكماش الذي تأثر به قطاع النقل على القطاعات الاقتصادية الأخرى بصورة مباشرة وقوية، حيث تأثرت كل الانشطة والقطاعات الاقتصادية وتراجع نموها بمعدلات منخفضة وخطيره وكان القطاع التجاري هو اكثر القطاعات تضرر بينها.

القطاع التجاري

يعتبر القطاع التجاري من اكبر واهم القطاعات الاقتصادية في هيكل الاقتصاد اليمني و يعتمد هذا القطاع علي حركة تبادل السلع والبضائع والمنتجات مع دول العالم المختلفة، وقد شهد هذا القطاع تراجعاً وانكماشاً خطيراً بسبب الصعوبات والتعقيدات والعقبات والعراقيل، التي وضعت أمام نشاطه التجاري.

وكان الانخفاض الخطير والمفاجئ لنشاط ميناء عدن كارثه اقتصادية انعكست علي مستوى الأداء الاقتصادي الكلي وتشير البيانات والمؤشرات الاقتصادية إلا أن القطاع التجاري شهد تراجعاً وانكماشاً كبيراً بسبب التأثير المباشر لتدهور النشاط الملاحي لميناء عدن، والذي وضع جملة من الصعوبات والتعقيدات والعقبات والعراقيل أمام حريه وسهوله التبادل التجاري، والتي شكلت نسبة 80% من مجمل الإشكاليات الواقفة مما يعرقل دورة الاقتصادي.

ورغم ان معدل نمو هذا القطاع الهام احتل المرتبة الاولي بين معدلات نمو القطاعات الاقتصادية لسنوات، إلا انه تراجع في السنوات الأخيرة ألي المرتبة السادسة، وقد بدأت المؤشرات الاقتصادية في تسجيل العد التنازلي لانخفاض النمو في هذا القطاع الهام منذ العام 2009م، حيث سجل معدل نمو لهذا القطاع معدل نمو منخفض بمقدار (45.88) وتراجع  في العام2010 ليسجل معدل نمو منخفض بمقدار (42.58) اي بنسبة تغير(0.3-) نقطة .

ثم جاء العام 2012 ليكون أسوأ الأعوام التي مر بها النشاط التجاري بسبب ارتفاع اجور النقل البحري وعدم توفر الخدمات بصورة تنافسية والمشاكل المينائية والإضرابات وارتفاع أسعار أجور النقل البري، حيث سجل معدل النمو معدل نمو منخفض بلغ (7.6)  ثم سجل معدل النمو معدل نمو منخفض في العام 2013م بلغ بمقدار (3.9).

أما مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فقد تراجعت في العام 2013 الي المرتبة الثانية، وتراجعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2012م الي (15.93) ثم تراجعت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013م الى(15.27).

ويعتبر هذا الانكماش والتراجع الكبير مؤشر خطير ينذر بكارثة اقتصادية حقيقيه، إذ تعتمد الخزينة العامة علي إيراداته التي تعتبر ثاني مورد بعد النفط من خلال ايراداته الجمركية والضريبية.

قطاع الصناعة

 قطاع الصناعة يأتي في المرتبة الثانية حيث سجل في العام2009 معدل نمو منخفض بمقدار (20.78) الا ان معدل نمو هذا القطاع تراجع في عام 2012م الي (13.3)  ثم انهار معدل نمو هذا القطاع عام 2013م ليسجل معدل نمو منخفض (3.1).

أما مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية فيأتي في المرتبة السادسة حيث انخفضت نسبة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية من (8.3) عام 2009 فقد انخفضت إلى(8.1)عام 2010م، بفارق يتراوح (0.2) نقطة وتراجعت مساهمته في عام2013م إلى (8.07).

ومع التأكيد على أن التدهور والانكماش الاقتصادي الذي نعاني منه اليوم ليس إلا حصاد السنوات السابقة من الضعف الاقتصادي، الذي خلفه وجود جسور مهدمة وقنوات مسدودة مع العالم الخارجي وارتفاع اسعار النقل البحري والنقل البري حيث انعكست على الحركة والنشاط التجاري وشجع التهريب وأحدث ضعف وهشاشة في القاعدة الاقتصادية بحيث لم يستطع الاقتصاد الصمود أمام الازمة الاقتصادية الحالية.

ورغم خطورة المؤشرات الاقتصادية السالبة التي ظهرت من وقت مبكر إلا انها قوبلت بالتجاهل وعدم الاهتمام رغم إشارتها الواضحة إلى تخلخل في القاعدة الاساسية وتأثير سلبي على البناء الاقتصادي.