بين سندان الحوثي ومطرقة التحالف..

الإفلاس يهدّد تجّار اليمن

2018-02-27 23:25:36 أخبار اليوم/ تقرير

بين سندان جماعة الحوثيون ومطرقة تحالف دعم الشرعية، يعيش القطاع التجاري في اليمن أياماً سوداء، حيث أعلن تجار إفلاسهم، فيما تستعد البقية لمواجهة نفس المصير واللحاق بهم.
وفرضت قوات تحالف دعم الشرعية، خلال الفترة الأخيرة، إجراءات تعسفية في الموانئ، في حين لجأت سلطات الحوثيين إلى التضييق عليهم وإجبارهم على دفع رسوم ضريبية مضاعفة لتمويل أنشطة الجماعة وتغطية العجز المالي الذي تعانيه، بعد توقف موارد مالية مهمة، منها عائدات ميناء الحديدة.

وقال تجار يعملون في استيراد الأغذية والأدوية إن السفن التي تحمل بضائعهم لا تزال، منذ 3 أشهر، في محيط ميناء عدن، تنتظر تصاريح الدخول من القوات السعودية والإماراتية التي تتعمد تأخير السفن.
على رغم كونها تحمل مواد أساسية، وغير ذلك تفرض حواجز التفتيش الكثيرة إتاوات غير قانونية على الشاحنات التي تنقل البضائع، وفي صنعاء اتخذ الحوثيون قرارات قاصمة للتجار بزيادة الضرائب بنسبة 200%.
إجراءات التحالف
وبدعوى منع وصول الصواريخ الإيرانية إلى جماعة الحوثيين، يفرض التحالف، الذي تقوده كل من السعودية والإمارات لدعم الشرعية في البلد الفقير، إجراءات أمنية تدفع الخطوط الملاحية إلى مغادرة الموانئ اليمنية، وتحاصر النشاط التجاري في البلد الذي يستورد 90% من احتياجاته، حسب تقارير رسمية.
وتسببت إجراءات التحالف في تأخير دخول 13 سفينة إلى ميناء عدن، منذ منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي. وحذّر رئيس مؤسسة موانئ خليج عدن، محمد أمزربة، في 16 يناير/كانون الثاني، من أزمة اقتصادية بسبب “توقف بعض الخطوط المنتظمة لنقل البضائع المتجهة إلى ميناء عدن، بسبب تأخير إصدار التصاريح”.
في هذا السياق، قال المستورد أحمد خالد لـ”العربي الجديد”، إن بضائعنا محتجزة منذ 3 أشهر ومعرّضة للتلف، بسبب الانتظار لمدة كبيرة في عرض البحر، مضيفاً أننا نتلقى يوميا تأكيدات من شركات الشحن تقول إن البضائع وصلت، لكنها لم تدخل الميناء، في انتظار موافقة قوات دعم الشرعية التي تسيطر على ميناء عدن أن تصدر تصاريح بدخول السفن إلى الميناء”.
ابتزاز وأتاوات
وتتعرض شاحنات التجار للابتزاز وفرض إتاوات غير قانونية في الحواجز الأمنية على طول الطرقات من الموانئ إلى المدن، ولجأت جماعة الحوثيين إلى تعويض النقص في الموارد من خلال ابتزاز التجار.
وتسببت إجراءات التحالف، الذي تقوده السعودية، وقرارات الحوثيين، في زيادة الضرائب على التجار، في إغلاق العشرات من الشركات، وهروب الكثير من كبار التجار إلى سلطنة عمان وتركيا وماليزيا، فيما بات صغار التجار على وشك الإفلاس.
وأكدت مصادر تجارية أن متجر “ظمران”، وهو أكبر متاجر صنعاء، الذي أغلق أبوابه منذ مطلع فبراير/ شباط الجاري يستعد لإشهار إفلاسه في إعلان ينذر بانتهاء القطاع التجاري الذي ظل صامدا خلال سنوات الحرب، رغم صعود قطاع طفيلي نشأ معتمدا على السوق السوداء.
وقال الموظف في متجر ظمران، أحمد حلمي لـ”العربي الجديد”: “لم يكن مجرد محل تجاري، بل شركة كبيرة تمتلك عددا من المحال التجارية وتشغّل نحو ألفي موظف وعامل، وإغلاقها بمثابة كارثة على هؤلاء الموظفين الذين كانوا يعيلون عشرات الأسر ووجدوا أنفسهم في الشارع وعلى رصيف البطالة”.
على حافة الهاوية
وأكد تجار أن عشرات من صغار التجار على حافة الهاوية، وأن متاجر ملابس جاهزة ومواد غذائية تستعد للإغلاق، بسبب سياسات التضييق على القطاع التجاري من قبل التحالف والحوثيين، فضلا عن تدني القدرة الشرائية للمواطنين.
ويشتكي تجار صنعاء من قيام الحوثيين بفرض رسوم جمركية إضافية على شحناتهم القادمة من مناطق الحكومة الشرعية بنسبة 50%، لكن سلطات الحوثيين لم تكتف بذلك، بل رفعت نسبة الضريبة على شحنات التجار بنسبة 100% منذ مطلع العام الجاري.
استنكار وشكوى
واستنكر الاتحاد العام للغرف التجارية الصناعية اليمنية، في تقرير حديث، الإجراءات غير القانونية التي فرضتها ما تسمى بـ”مكاتب الرقابة الجمركية” التابعة للحوثيين، على القاطرات والشاحنات المحملة بالبضائع القادمة من الموانئ والمنافذ البرية والبحرية في مناطق الحكومة، وعلى وجه الخصوص (ميناء عدن– المنطقة الحرة– ميناء نشطون– منفذ الوديعة– منفذ شحن).
واعتبر الاتحاد، في تقريره، أن هذه الإجراءات غير قانونية، ويحمل المسؤولية عنها كافة موظفي وقيادة مصلحة الجمارك.
وطالب الاتحاد، الحكومة، بوقف هذه الإجراءات فورا، لأنها ستكون القشة التي تقصم ظهر البعير على القطاع الخاص والمستهلك اليمني في المقام الأول.
وأكد اتحاد الغرف التجارية، أن إجبار المستوردين على دفع رسوم جديدة بنسبة 100% يعد مخالفة صريحة للقانون والدستور وكارثة ستتسبب في فقدان القدرة الشرائية للمستهلكين وزيادة فقرهم وتشجيع التهريب بكل أشكاله.
ووصف الاتحاد هذه الإجراءات بـ”الجنونية” من قبل مصلحة الجمارك الموالية للحوثيين، واعتبرها استهدافا مباشرا لرأس المال الوطني وبنيته التحتية المثقلة أصلا في الأضرار والخسائر بسبب الحرب.
وأوضح اتحاد التجار، أن الدستور ونصوص قانون الجمارك النافذ تؤكد عدم جواز إعادة أي إجراء جمركي أو فرض أية مبالغ مالية على أي بضائع تجارية دخلت من إحدى الدوائر الجمركية الرسمية للجمهورية اليمنية وتحمل وثيقة جمركية رسمية صادرة عن الدائرة الجمركية.
وبحسب البيان، فإن كل ضرر يطاول القطاع الخاص سينعكس على المواطنين الذين لم تعد لديهم قدرة على تحمل المزيد من الأعباء، نتيجة توقف تسليم مرتبات موظفي الدولة وتدني القدرة الشرائية للمواطنين إلى أدنى مستوياتها وزيادة نسبة الفقر والبطالة إلى مستوى خطير.
دوائر جمركية جديدة
وكانت الدوائر الجمركية الجديدة التي استحدثها الحوثيون تحت مسمى (مكاتب رقابة جمركية) في كل من البيضاء وذمار وعمران وصنعاء، قد أجبرت، منذ مطلع فبراير/شباط الجاري، مئات من شاحنات التجار وجميع وسائل النقل التجارية، على إعادة كافة الإجراءات الجمركية مرةً أخرى، من فحص ومعاينة وتثمين، وإلزامها بدفع رسوم جديدة بنسبة 100%.
وفي مدينة إب الخاضعة للحوثيين (وسط البلاد)، يشتكي التجار من ابتزاز الحوثيين لهم بدفع مبالغ مالية تحت مسمى “ضرائب أجور العاملين”، رغم دفع تلك المحلات لضرائب النشاط التجاري وضرائب العمال وفق السندات التي بحوزتهم.
وأكد عدد من ملاك المحلات التجارية في العاصمة صنعاء، أنهم على وشك الإفلاس وإغلاق محالهم، نتيجة قرارات جنونية لسلطات الحوثيين التي فرضت ضرائب مضاعفة وغير قانونية، واستحدثت سجون أو غرف حجز في أقسام الشرطة للمكلفين الذين ليست لديهم قدرة على دفع الضرائب غير القانونية.
وقال صاحب محل للمواد الغذائية، محمد زريقي لـ”العربي الجديد”: “دفعت 30 ألف ريال كضرائب خلال العام الماضي، لكن فوجئت باستلامي سندا رسميا من مأموري الضرائب باستلامهم، وهذا العام طلبوا 300 ألف ريال، هذا جنون وخراب بيوت”.
إجراءات تعسفية
واضطر كبار تجار صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة مليشيات الحوثي، إلى تحويل مسار الخط البحري لبضائعهم التجارية من ميناء الحديدة غربي البلاد، إلى ميناء عدن جنوباً، وذلك هرباً من ابتزاز نقاط جمركية جديدة استحدثتها الجماعة المسلحة في عدد من الطرق الرئيسية.
وقال هؤلاء التجار إن استحداث الحوثيين لمنافذ جمركية جديدة تحت مسمى رقابة جمارك، أدى إلى فرض جبايات غير قانونية ومخالفة للقوانين والدستور وإلغاء اتفاقيات دولية وتأخير البضائع لمدة أشهر في هذه المنافذ، مما دفعهم للبحث عن بدائل أخرى لإدخال بضائعهم إلى السوق المحلية.
وأضاف عدد من التجار في تصريحات لـ"يمن مونيتور" أن هناك خسائر وأعباء كبيرة على السلع تلقونها بسبب تأخير الناقلات والحاويات وأعباء تخليص جديدة لكل حاوية ولكل شاحنة وكذلك فرض غرامات أن لم تكن عليها أي فوارق".
وأشاروا إلى أنهم يستوردون البضائع عبر سماسرة أو مقاولين وإدخالها من المنافذ الجمركية بأقل التكاليف وباتفاق واضح ومسبق مع المنافذ الجمركية والقائمين على تلك المنافذ وتعتبر هذه الإجراءات شطرية.
إلغاء اتفاقيات دولية
وفي هذا الجانب، كشف تقرير صادر عن غرفة التجارة والصناعة بأمانة العاصمة أن الاتفاقية العربية تنص على 2.5% من الرسوم الجمركية تمت إلغاءها في منفذ ميناء الحديدة من قبل سلطات الحوثيين المتحكمة في الميناء.
وكشف التقرير أن الحوثيون يقومون بفرض على التجار ضرائب تشمل دفع 5 ريال على كل كيس عبوة 50 كيلو جرام على كل السلع الأساسية بدعوى دعم محافظة الحديدة التي لم يصل لسكانها من هذه الضرائب شئياً.
وكشف التقرير أن إلغاء الحوثيين للإعفاءات الجمركية للمستثمرين التي منحت لهم بموجب قانون الاستثمار وقانون الجمارك من قبل مصلحة الجمارك، مما سبب إشكالية كبيرة للمستثمرين وعدم قدرتهم على الإنتاج المحلي والمنافسة مع المنتجات الأجنبية.
وتطرق التقرير إلى أن الإجراء التصعيدي للحوثيين دفع بالكثير من التجار إلى التوجه نحو ميناء عدن (جنوب البلاد)، وبدلاً من جني الحوثيين لنحو 13.5 % جنت 2.5% نتيجة لمغادرة كبار التجار اليمنيين، يما تبقت تلك البضائع التي تدخل الى صنعاء وباقي المحافظات الخاضعة لسيطرتهم فقط.احتجاز آلاف القاطرات.
أحد أهم أسباب لجوء التجار إلى ميناء عدن هي احتجاز مكاتب الرقابة الجمركية الخاضعة لسيطرة الحوثيين آلاف القاطرات والشاحنات وجميع وسائل النقل التجارية المحملة بالبضائع التجارية في نقاط جديدة جمركية مستحدثة في محافظات "البيضاء وذمار وعمران وصنعاء".
وقال عدد من التجار "إن بضائعهم محتجزه من يوم الثلاثاء الماضي 13 فبراير 2018 في المناطق المذكورة أعلاه لأسباب ابتزازية تتعلق بالحصول على أكبر قد من عائدات الجمارك. وأشار التجار إلى أن جماعة الحوثيين، طلبت منهم إعادة كافة الإجراءات الجمركية عليها مرة أخرى من فحص ومعاينة وتثمين ومنافسة وإلزامها بدفع رسوم جديدة بنسبة 100% كي يتم إطلاق سراحها.
إجراءات غير قانونية
وفي ذات السياق، اتهم بيان صادر من الاتحاد العام للغرفة التجارية الصناعية بصنعاء، جماعة الحوثي باللجوء إلى إجراءات غير قانونية، محملاً الحوثي المسئولية عنها كافة موظفي وقيادة مصلحة الجمارك - الواقع تحت سيطرة الجماعة.
وقال البيان:" إن الاتحاد والغرفة يستهجنان هذه الإجراءات الجنونية من مصلحة الجمارك ويعتبرانها استهدافاً مباشر لرأس المال الوطني وبنيته التحتية المثقلة أصلاً بالأضرار والخسائر بسبب الحرب الجائرة على بلادنا".
وذكر البيان أن الدستور ونصوص قانون الجمارك النافذ تؤكد عدم جواز إعادة إجراء جمركي أو فرض أية مبالغ مالية على أي بضائع تجارية دخلت من أحد الدوائر الجمركية الرسمية للجمهورية اليمنية وتحمل وثيقة جمركية رسمية صادرة من الدوائر الجمركية وأن جميع السلطات بما فيها وزارة لمالية ومصلحة الجمارك لن تتخذ أي إجراء ضد أي من الدوائر الجمركية ووثائقها في جميع انحاء الجمهورية وعلى وجه الخصوص الدوائر الجمركية في الموانئ البحرية والبرية الجنوبية والشرقية لكن الحوثيون يقومون عكس ذلك ويفرضون الجمارك مرتين وأكثر على التجار تحت مسميات مختلفة".
وأكد بيان الغرفة التجارية أن آثار هذه الإجراء ستصل إلى كل مواطن، مشيراً إلى أن قيادة الغرفة والاتحاد حاولا الاجتماع بالمسئولين الحوثيين المعنيين بالأمر والاتصال بهم لكن دون جدوى.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد