تقع مديرية أسلم وسط محافظة حجة إلى الشمال، وتضم ما يزيد عن ٧٠ ألف نسمة، يطحنهم الفقر منذ عشرات السنين، وسط إهمال السلطات المتعاقبة لشؤون سكانها الذين يعتمدون في دخلهم على الزراعة التي لم يتلقوا اي دعم للنهوض بهذا القطاع بما يعود على رفع مستوى المواطنين المعيشي .
ومع انقلاب الميليشيات الحوثية على السلطة تضاعفت هموم وآلام أبناء المديرية الذين يعانون من الفقر أصلا لتوصلهم إلى ما دون خط الفقر وتغرقهم في براثن الأوبئة والأمراض الفتاكة دون ان تلتفت لمعاناتهم او تخفف منها على الأقل عبر المساعدات الإنسانية التي لم تسلم هي الأخرى من النهب وحرمت منها المواطنين .
"أخبار اليوم" تلمست جانبا من معاناة سكان أسلم، حيث يموت الإنسان جوعا كوصمة عار في جبين الإنسانية، لنلفت نظر السلطات الشرعية والمجتمع الدولي حول مأساة الإنسان الذي يموت فيها جوعا، وسط تدفق المعونات الإنسانية إلى مناطق سيطرة الميليشيات الانقلابية التي حولتها لصالح حروبها العبثية وألجأت الإنسان فيها لأكل أوراق الشجر ... إلى التفاصيل :
•       أوبئة متراكمة..
مع بداية الانقلاب الحوثي المشئوم تضاعفت هموم المواطنين المعيشية، التي أثرت بشكل مباشر على صحتهم، ما أدى لظهور العديد من الأمراض والأوبئة الفتاكة، والتي تتعاقب على أبناء المديرية مع تقلبات مواسم العام .
فمن وباء الكوليرا إلى سوء التغذية بأنواعه الى الملاريا وصولا إلى ظهور مرض فتاك وغريب مؤخرا يسمى " أطفال القمر" وغيرها من الأمراض المنتشرة ذهب ضحيتها المئات من المواطنين معظمهم من الأطفال والنساء .
•       أطفال القمر..
ومن بين الأوبئة التي ابتلي بها سكان اسلم ظهر مؤخرا مرض نادر يسمى ب"أطفال القمر" وهو عبارة عن بثور تظهر في أماكن حساسة من جسم المصاب ثم تكبر وتؤدي لتساقط اللحم وتنتهي بالوفاة، وبحسب مصادر محلية فقد توفيت امرأة بسببه فيما أصيبت أسرتان به لتصبح حياتهم مهددة بالموت .
•       مرافق معطلة..
ومع بداية انقلاب الحوثيين أيضا أعلنوا عن توقف الخدمات الصحية في عدد من المحافظات ومنها محافظة حجة، ليصبح المركز الصحي الوحيد في أسلم مرفقا للتعبئة الطائفية عبر تنظيم عدد من الدورات الخاصة بالميليشيات لشباب المديرية .
وقد شكل تعطيل القطاع الصحي بالمحافظة عبئا على المواطنين رغم محدودية ما تقدمه المرافق الصحية بمختلف المديريات إلا أنها كانت تساهم في التخفيف من انتشار الاوبئة والامراض طيلة سنوات ما قبل الانقلاب .

•       أرقام تحكي مأساة..
وتؤكد مصادر طبية بالمديرية في حديثها مع "أخبار اليوم" بأن الأمراض والأوبئة المنتشرة في أسلم قد أودت بحياة المئات من أبنائها معظمهم من الأطفال والنساء خاصة المصابين بالكوليرا وسوء التغذية، فيما بلغت الاصابات ما يقرب من ٣٠ ألف حالة .
وتضيف المصادر بأن المركز الصحي سجل منذ مطلع العام الجاري وفاة ٢٠ طفل بسبب سوء التغذية الحاد الوخيم، ويستقبل ما يقرب من ٢٠ حالة مصابة من الأطفال في الأسبوع على اقل تقدير، بمعدل شهري يزيد عن مائة حالة إصابة ليتجاوز بذلك آلاف الحالات .
ولفتت المصادر بأن هناك عشرات إن لم يكن المئات من الأطفال المصابين والموقوفين لم يتمكنوا من تسجيل حالاتهم نظرا لعدم قدرة أسرهم على إيصالهم للمركز الصحي لبعدهم عن مكان المركز الوحيد بالمديرية .
•       نهب ممنهج للمساعدات..
وبشكل مستمر تتعرض المساعدات الإنسانية المقدمة لأهالي أسلم من المنظمات الدولية للنهب والسطو والتلاعب في عملية التوزيع من قبل مجموعات مسلحة تحميها سلطات الميليشيات أو من قبل نافذين ومشرفين حوثيين، لتحرم مستحقيها منها .
والتي كان آخرها ما تعرضت له كمية من المساعدات الإنسانية من نهب مطلع الأسبوع الجاري من قبل مجموعة مسلحة مدفوعة من ميليشيات الحوثي الانقلابية، بعد وصول الكمية إلى مركز المديرية قدمتها منظمات دولية، إثر تداول وسائل إعلام عديدة لانتشار الجوع بين سكانها .
الناهبون للمساعدات وبحسب مصدر محلي مطلع يتبعون قيادي في الميليشيات الحوثية، قاموا بمهاجمة القائمين على توزيع المساعدات وقامت بنقل كميات كبيرة منها إلى جهات مجهولة .
•       مسؤولية الميليشيات..
وإزاء ذلك، حمل وكيل محافظة حجة للشرعية الشيخ/ أحمد الجبلي، ميليشيات الحوثي مسؤولية ما تعرضت له المساعدات الإنسانية من نهب من قبل مجموعات مسلحة تحميهم سلطات الميليشيات .
وقال الوكيل الجبلي في حديثه مع أخبار اليوم" نأسف لما آلت إليه أوضاع المواطنين في اسلم والمحافظة بشكل عام من فقر وجوع وانتشار للأوبئة الفتاكة، نتيجة سياسات الميليشيات الهمجية وتسخيرها لمقدرات الدولة لصالح حروبها العبثية" .
•       دور المنظمات الدولية..
وعن دور المنظمات الدولية الداعمة للوضع الإنساني في اليمن، دعا وكيل المحافظة الجبلي، كافة المنظمات الدولية للاطلاع بدورها في وضع حد لأعمال ميليشيات الحوثي الإجرامية والتي شرعت منذ وقت مبكر لاستغلال ما تقدمه تلك المنظمات من مساعدات إنسانية لصالح عناصرها وتمويل حروبها لتحرم منها الفقراء والمحتاجين الذين أغرقتهم في وحل الفقر والجوع والأمراض، مثمنا دور الأشقاء في المملكة العربية السعودية ومركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية في تقديم الدعم الإنساني للمحافظة بشكل عام  .
•       المساعدات لا تصل..
وشكا عدد من أهالي اسلم من عدم وصول المساعدات الإنسانية التي تقدمها عدد من المنظمات العاملة في المديرية، لافتين الى ان ما تقدمه المنظمات لمساعدتهم يستحوذ عليه نافذون بتواطؤ من ميليشيات الحوثي الواقعة تحت سيطرتهم .
وناشد أبناء اسلم الحكومة الشرعية والتحالف العربي والمجتمع الدولي بسرعة إنقاذهم من الموت المحقق، مطالبين بمحاسبة المنظمات عن المساعدات التي تقدمها باسمهم بينما يستفيد منها قيادات الحوثيين ومشرفيهم، مؤكدين بأن معاناتهم ستستمر ما لم يتم حسم معركة تحريرهم من سلطات التمرد الانقلابية .