كيف سلمت الحكومة مؤسسات الدولة للمليشيا في المحافظات الجنوبية وتباكت عليها؟

2018-10-11 03:56:29 أخبار اليوم/ تقرير خاص


تحاول الحكومة الشرعية جاهدة أن تظهر للرأي العام أنها تعمل جاهدة على استعادة الدولة والسيطرة على مؤسساتها، وبسط نفوذها على مؤسسات الدولة وعلى المناطق الخاضعة لسيطرتها.. هكذا تعمل جاهدة في الإعلام لكن إذا نظر للواقع فهو غير ذلك تماماً فالحكومة التي تتباكى اليوم على مؤسسات الدولة هي ذاتها التي سلمتها لتشكيلات عسكرية وأمنية غير تابعة للدولة أو ساهمت في ذلك بشكل مباشر..
تم تشكيل تلك التشكيلات الأمنية والعسكرية "الأحزمة الأمنية والنخب" بعيداً عن مؤسسات الدولة وظلت الشرعية "الرئاسة والحكومة" صامته" ولم يتم حتى سؤال الجهات الداعمة لهذه التشكيلات ما طبيعة مهام هذه القوة وكيف سيتم توزيعها وأي أجهزة ستتبع، تم بعد ذلك تعيين قيادات لتلك التشكيلات من خارج المؤسسة العسكرية والأمنية، وحافظت الحكومة الشرعية على موقفها المريب بالصمت ولم تكلف نفسها حتى تكليف وزير الداخلية أو رئيس الأركان التلويح برفض هذه التشكيلات كيما توصل رسالة لدول التحالف ولتلك التشكيلات بأنها غير راضية عن هذا العمل الميليشاوي.
ومع استمرار الحكومة الشرعية في صمتها وعجزها عن ملئ الفراغ الموجود في الساحة بعد تحرير المدن الجنوبية، وبسبب الفساد الذي ينخر مفاصل أجهزته الأمنية والعسكرية في المناطق الجنوبية التي مثلت البيئة الخصبة لظهور هذه التشكيلات الأمنية والعسكرية، والتي شكلت نتوءات وجراح غائرة في جسد الشرعية وبدأت تأكل من جسد ما تبقى من مؤسسات الدولة لصالح قوى وتشكيلات عسكرية تتلقى أوامرها من خارج الشرعية ومن خارج الدولة اليمنية ككل.
ومن أن تم تشكيل تلك القوات وضمنت الجهة التي شكلتها أنها لن تخضع لسيطرة الحكومة الشرعية وستقبل للعمل كـ "مرتزقة" وإن على حساب سيادة البلد الذي مزقته الحرب، قامت الحكومة بلعب دور الوسيط بين قوى المقاومة الوطنية التي قاتلت وحررت إلى جانب قوات التحالف المناطق الجنوبية، وبدلاّ أن يتم تأطير قوى المقاومة في إطار الشرعية وتقويتها للحفاظ على مؤسسات الدولة، قامت الدولة بإخراج قوات المقاومة من المؤسسات الحيوية وشتتها في الجبهات وهمشت قادتها والعديد منهم تعرض للتصفية والاعتقال، وأخضعت تلك المؤسسات لسيطرة تلك التشكيلات الأمنية والعسكرية التي اعتبرتها فيما بعد الحكومة أنها مليشيا رغم أنها من سلمتها "ميناء ومطار عدن، منافذ عدن البرية، المنافذ البحرية، والبرية والجوية في المكلا" وغيرها من المنشآت الحيوية والمؤسسات الإيرادية المهمة التي كانت تحت سيطرة قوى المقاومة وتم إجبار المقاومة على تسليمها لتلك التشكيلات تحت رعاية حكومية التي فضلت حينها لعب دور الوسيط لصالح قوى تنتزع من الحكومة أهم أدواتها لإدارة الدولة.
صمت وصل حد التواطؤ..
أمام هذا الوضع والصمت الحكومي لم تتمكن قوى المجتمع الدولي من إبداء أي موقف رغم إدراكها بفداحة ما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك نتيجة تشيل تلك القوات والتشكيلات العسكرية خارج إطار مؤسسات الدولة، بل ذهب بعض السفراء الغربيين إلى الاستغراب من صمت الحكومة تجاه تعيين قيادات أمنية وعسكرية في إطار "الحزام الأمني والدعم والإسناد والنخبتين الشبوانية والحضرمية" من قبل إحدى دول التحالف دون حتى إشعار هيئة الأركان ووزارة الداخلية التابعة للحكومة الشرعية، وجاء استغراب السفير في لقاء جعه بأحد قيادة الحكومة الشرعية الذي عجز عن الرد.
ونتيجة هذا الصمت غير المبرر من الحكومة وتساهلها الذي بات الكثير يراه وصل حد التواطؤ على حساب الدولة ومؤسساتها المنهكة أصلاً، تقوت تلك التشكيلات العسكرية والأمنية خارج إطار الشرعية وباتت تضع نفسه كبديل للشرعية وللرئيس هادي نفسه نتيجة تساهل أو تواطؤ الحكومة كما يراه الكثير، لذا نرى اليوم أن ثلاث محافظات جنوبي اليمن، تندفع نحو معركة جديدة بين الحكومة المعترف بها دولياً وميليشيات شبه عسكرية دربتها وتمولها دولة الإمارات.
سيطرة المليشيا وغياب الشرعية..
عدن مركز الحكم السابق لدولة اليمن الجنوبية، وحضرموت وشبوة مناطق النفط والغاز في الجنوب، حيث تحاول الحكومة الحفاظ على تصدير النفط إلى الخارج، فيما يكافح ما يسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي وتشكيلاته الأمنية والعسكرية للحصول على وجود سياسي في المرحلة المقبلة للبلاد من خلال إظهار سيطرته وإضعاف الحكومة المعترف بها في المحافظات الجنوبية والشرقية.
دربت الإمارات قرابة 60 ألف مقاتل- حسب تصريح رسمي في أغسطس/آب2018- في المحافظات الجنوبية، وأطلقت عليهم مسميات "النخبة"/الشبوانية/ الحضرمية والحزام الأمني والدعم والإسناد/ عدن/ لحج/ الضالع/ أبين. دون أن يصدر قرار بتشكيلها وع ذلك استمرت في الانتشار والسيطرة على مؤسسات ومعسكرات وأجهزة الدولة الأمنية بعيداً عن سلطة الدولة.
وكان مصدران محليان في شبوة أكدا أن "النخبة الشبوانية" سيطرت على ميناء "النشمة" النفطي، في مديرية "رضوم" يوم السبت الماضي. وهو الميناء الذي تم تصدير نصف مليون برميل من نفط شبوة إليه خلال الأسابيع السابقة. وكان متوقفاً منذ 2014.
ولفت المصدران إلى أن النخبة الشبوانية سيطرت على معسكرات في تخوم عاصمة المحافظة "عتق"، من بينها موقع "مره"، كما كثفت وجود قواتها في منطقة "بلحاف" النفطية حيث يتواجد مشروع الغاز المسال وقاعدة عسكرية متقدمة للإمارات- حسب المصادر.
وحسب وسائل إعلام مقربة من النخبة الشبوانية، فقد بررت التحركات العسكرية بمخاوف من تحرك قوات عسكرية من مأرب لمواجهة تحركات المجلس الانتقالي الجنوبي ونيته السيطرة على المؤسسات الحكومية اليمنية بعد بيان أطلقه المجلس الأسبوع الماضي.
في حضرموت لا يختلف المشهد تماماً، ففي المكلا عاصمة المحافظة خرج عشرات الأشخاص في تظاهرة تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي تدعو إلى إسقاط الحكومة المعترف بها دولياً، كما تصاعدت حِدة الخطاب التي تدعو قوات "النخبة الحضرمية" للسيطرة على مديريات وادي حضرموت، حيث يتم إنتاج النفط في بترومسيلة.
وقال سالم العولقي المتحدث باسم المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات: إن تحرير وادي حضرموت من القوات الشمالية (الجيش اليمني) أصبح قراراً وليس خياراً.
ويتواجد رئيس هيئة الأركان اليمني اللواء ركن/ طاهر العقيلي، في المنطقة العسكرية الأولى التي تتخذ من مدينة "سيئون" -إحدى مدن وادي حضرموت- مقراً لها، وهذه القوة العسكرية لم تشارك بعد في الحرب الدائرة داخل البلاد وما تزال محتفظة بقوتها، حسب قادة عسكريين.
في عاصمة البلاد المؤقتة عدن، تبدو الأوضاع تتجه أكثر نحو الانفجار فالقوة العسكرية التي خرجت اليومين الماضيين إلى شوارع المدينة تُنذر بتجدد اشتباكات يناير/كانون الثاني 2018، وتُتهم الإمارات بدعم محاولة الحزام الأمني والمجلس الانتقالي الجنوبي السيطرة على المدينة.
وفي يناير/كانون الثاني استطاعت وساطة سعودية في إيقاف الاشتباكات بين القوات الحكومية والحزام الأمني، وإعادة الأوضاع إلى ما قبل حدوث الاشتباكات. لكن الاشتباكات قد تتجه إلى المحافظات المجاورة قبل الوصول إلى اشتباكات وسط المدينة.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد