المساجد في مناطق الشرعية غائبة عن معركة التحرير وحشد المواطنين مع الشرعية

2018-10-31 05:52:18 أخبار اليوم/معاذ العبدالله


وزارة الأوقاف عاجزة عن توحيد الخطاب الديني رغم عقد لقاءات واجتماعات متكررة
المساجد في مأرب بعيدة عن معارك صرواح والساحل وصراع مذهبي يدار في الخفاء
الحفاظ على حياة الخطباء والمرشدين في عدن مشكلة كبرى وضحاياها كثيرون
مكتب الأوقاف بعدن يحارب الخطباء ويفرضهم بالقوة العسكرية كالحوثيين في صنعاء
تنبهت المليشيات الحوثية منذ انقلابهم للأهمية والدور الذي تلعبه المساجد والخطاب الديني في حشد الموالين وتمرير أفكارهم الطائفية إلى المجتمع وخلق بيئة حاضنة لتشيعهم الدخيل، والتغرير بالمزيد من الشباب ورجال القبائل للالتحاق بمحارق الموت في الجبهات ضد قوات الشرعية، في المقابل تعيش المناطق الخاضعة للشرعية حالات متنوعة من الخطاب الديني البعيد عن المرحلة السياسية والاجتماعي الحالية، كما تعيش صراعات تمولها أيادٍ خفية، تحاول السيطرة على كل مفاصل الحياة بما فيها التوجيه الديني والروحي في المساجد.
مأرب خارج تغطية الأحداث المعاصرة
في محافظة مأرب، يجتمع الكثير من أبناء المحافظات اليمنية بمختلف مذاهبهم ومناطقهم، نزحوا إلى المحافظة بحثاً عن الأمان، وفرارا من اعتداءات المليشيات الحوثية وجرائمها المتواصلة ضد أبناء الشعب ومثقفيه ومكوناته السياسية، وبحسب السلطة المحلية فإن ما يزيد عن مليون نازح وصلوا للمحافظة حتى منتصف العام الجاري، ويصل العدد إلى المليون والنصف بحلول نهاية العام بحسب تقديرات المنظمات الإنسانية.
لكن المحافظة التي تعيش مشاكل وأزمات في الخدمات الأساسية والبناء التحتية وغلاء الأسعار، وانعدام السكنات وارتفاع الإيجارات، تعيش ايضاَ أزمة في التوجيه الديني والروحي، إذ يغلب الخطاب الديني البعيد عن الواقع، معظم مساجد المدينة والمديريات المجاورة، وهو ما يقابل باستياء واسع من أهالي المحافظة والنازحين إليها من المحافظات الأخرى.
يقول الزميل/عبدالحميد الشامي، إن المساجد في مدينة مأرب، بعيدة عن المعركة المصيرية التي يخوضها أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في مواجهة المليشيات الحوثية في جبهات التحرير والكرامة المختلفة.
ويضيف الشامي لـ"أخبار اليوم" من الملاحظ عند العديد من الخطباء في مساجد مأرب والمناطق المحررة عدم التطرق إلى الخطاب الذي يدعم الشرعية والجيش الوطني والدعاء للأبطال المرابطين في الثغور والجبال الذين يدافعون عن الدين والوطن والتوعية من مخاطر المد الصفوي الذي يستهدف اليمن والمنطقة .
وأوضح الشامي أن المساجد-وبالذات في صنعاء- أصبحت منصة أنسب في نظر المليشيات لنشر الفكر الطائفي وتهييج المجتمع للتناحر فيما بينه؛ فالتكفير وتلفيق تهم الإرهاب ونشر مصطلحات تدعو للكراهية والبغض، أصبحت بديهيات يسمعها الناس في صنعاء من المنابر التي ظلت طوال عقود منابر تدعو للسلام والوعي، وعبر خطباء جدد فرضتهم المليشيات بما يناسب مقاس مشروعها الفكري.
الشرعية العوجاء
منذ أشهر والحكومة اليمنية، ممثلة بوزارة الأوقاف والإرشاد، ووزيرها القاضي/ محمد العطية، تدعو لتوحيد الخطاب الديني لدعم الشرعية. وفي هذا الاتجاه عقدت عدة اجتماعات وملتقيات للخطباء والدعاة في مأرب والجمهورية برعاية الوزارة، كما عقدت ورش عمل ولقاءات مكثفة في محاولة لتوحيد الخطاب الديني.
إلا أن جهود وزارة الأوقاف لم تتعد النشطاء الإعلامي والظهور المجتمعي كمن ينجز شيئاً في حين لا يوجد على أرض الواقع أي تغير ملموس يشعر به مرتادا المساجد والمواطنون، ويلبي تطلعاتهم الروحية والوجدانية وأمانيهم في نهاية الانقلاب واستعادة الشرعية والحرية وعودة النازحين إلى مناطقهم.
وزير الأوقاف مشغول
في الـ27 من يونيو الماضي، ترأس الدكتور/ أحمد عطية، اللقاء الموسع الثاني للعلماء والخطباء والمرشدين، بمحافظة مأرب، وفي كلمته أكد وزير الأوقاف أن المخاض التي تمر به اليمن يتطلب من العلماء والخطباء والمرشدين أن يكونوا في الصدارة في مواجهة المليشيات والعمل من أجل توحيد الخطاب ونبذ الخلاف في المسائل الفرعية وتوجيه الخطاب نحو العدو المشترك للشعب والوطن ومساندة الجيش الوطني ونصرة القضية الوطنية وإنهاء انقلاب المليشيات الإيرانية.
وأشار عطية إلى أن الوزارة التي يديرها «لديها توجهات لتوحيد الخطاب الديني لمواجهة الفكر الحوثي الدموي داعياً العلماء والخطباء إلى توحيد الكلمة ولم الصف ونبذ الفرقة والعصبية المذهبية والمناطقية والعمل مع التوجيه المعنوي لدعم الجيش الوطني مشيداً بالانتصارات الكبيرة التي يحققها في مختلف الجبهات.
واعترف الوزير- في اللقاء ذاته- بأن وزارته ومنذ «بداية الانقلاب تعمل من أجل توحيد الخطاب لدعم الشرعية ممثلة بفخامة المشير/ عبدربه منصور هادي، الذي انتخبه ملايين اليمنيين لقيادة اليمن وحصل على الشرعية المحلية والإقليمية والدولية».
لكن الوزير لم يكشف إلى أين وصلت الوزارة في توحيد الخطاب الديني، وتوجيهه لدعم ومساندة الشرعية والجيش الوطني والقوات الحكومية في معركة التحرير واستعادة الدولة، وهذه إحدى المآخذ على وزارة الأوقاف كونها لم تنجز أي مستوى من توحيد الخطاب، ولم تتمكن من فرض سلطتها على مساجد مأرب وحدها، فكيف بمساجد باقي المناطق المحررة في جنوب اليمن.
ويقول متابعون إن الوزير عطية، منشغل في ترتيبات الحجة والعمرة، على مدار العام، ولم يبذل أي جهود عملية في إطار توحيد الخطاب الديني وربطه بالمرحلة العسكرية والحربية التي يخوض فيها الشعب اليمني، معركة مصيرية ضد المليشيات الطائفية والتي نجحت حتى الآن في توحيد الخطاب الديني وتوجيهه نحو الشرعية والجيش والقوى الوطنية المساند لها والتحالف العربي الداعم للشرعية.
السلطة المحلية في مأرب
في يناير الماضي، نظم مكتب الأوقاف والإرشاد بمحافظة مأرب، لقاء موسعا للخطباء والمرشدين، بهدف توحيد الخطاب لدعم الشرعية والجيش الوطني والمقاومة لاستعادة الدولة والقضاء على المشروع الإيراني الذي يحمله الانقلابيون، حمل اللقاء عنوان (نحو خطاب جامع موحد لدعم الشرعية ومساندة الجيش الوطني).
وأكد المشاركون فيه، على المسئولية الملقاة على عاتقهم في تحصين الأمة وتبصيرهم بالمفاهيم الدينية الصحيحة ومواجهة ودحض الشبهات والشائعات والأراجيف التي يروج لها الانقلابيون و المتحالفون معهم للتضليل المجتمع المحلي والخارجي.
وفيما شدد وكيل محافظة مأرب الدكتور/ عبد ربه مفتاح، على أهمية توحيد الخطاب الديني، أشار نائب رئيس التوجيه المعنوي العميد/نبيل اسكندر، بالتضحيات التي يقدمها الشرفاء وفي مقدمتهم أبطال الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، مطالباً الخطباء والمرشدين بالقيام بواجبهم اتجاه أبطال الجيش ومساندتهم بالدعاء والحشد والإشادة بما يقدموه من بطولات.
بعد اللقاء بأسبوع، كانت مساجد مأرب وخطباها (أغلبهم حضروا اللقاء) كما هي قبل ذلك خطاب بعيد عن الشرعية معركة التحرير وتضاد كبير بين مسجد وأخر بحسب تأكيدات جنود جرحى في الجيش تحدثوا لأخبار اليوم.
وأضاف الجنود إن خطباء المساجد (تتحفظ أخبار اليوم عن ذكر أسماهم وأسماء المساجد) لا يذكرون المقاومة والجيش والمعركة ضد الانقلابيين في كل خطبهم والجمعة، حتى دعاء نهاية الخطبة يخلو من الدعاء للشهداء والجرحى بالشفاء. وحسب وصفهم أن الحال محزن جداً في حين ينتظرون تذكر المجتمع لتضحياتهم وحديثه عن ما يلاقيه رفاقهم في ارض المعركة، يقابلون بتجاهل وعدم اهتمام ولو بالدعوة في ظهر الغيب.
صراع إصلاحي سلفي والأوقاف غائبة
في 27 من يوليو الماضي، كان مسجد الروضة بمدينة مأرب، ساحة للصراع، بين السلفيين والإصلاحيين، بحسب وسائل الإعلام التي نقلت الحادثة أن ذلك، وتحدثت فيها عن اعتقال أطقم لقيادات سلفية. وتناقل نشطاء التواصل أن ذلك صور لاتفاق بين الإصلاح والسلفيين ينظم الخطابة في مسجد الروضة.
وتحدثت وسائل الإعلام عن اشتباكات مسلحة بين الطرفين حدثت قبل شهر من حادثة مسجد الروضة، في مسجد أبو بكر، أصيب فيها عدد من الطرفين، وانتهت المواجهة باتفاق بوساطة قبلية، نص على بقاء الخطيب السلفي في المسجد.
وبحسب رواد المسجدين، فإن وزارة الأوقاف والإرشاد ومكتبها في مأرب يتحمل المسؤولية كاملة، عن ما يحدث من خلافات، وذلك لعدم وجود آلية منظمة وموجهات عامة تلزم الخطباء بمحاور معينة في كل أسبوع. مشيرين في حديثهم مع محرر أخبار اليوم عقب صلاة الجمعة الماضية، أن الوزارة ومكتبها عاجز عن توحيد الخطاب الديني كما يحدث مناطق سيطرة الحوثيين، حيث فرضت المليشيات بمختلف الوسائل موجهات عامة وخطب مكتوبة يرددها الخطباء في المنابر نصياً.
في عدن حرب على الخطباء
العاصمة المؤقتة عدن، ليست هي الأخرى في حال جيد، فمساجدها تحولت إلى ساحات صراع ممنهجة، ذات حدين: الأولى طرفها مكتب الأوقاف والإرشاد والخطباء، والثانية جهات إرهابية مجهولة ومدعومة خارجياً وضحيتها خطباء المساجد.
بعد تحرير واستتباب الأوضاع في عدن، ولو بشكل جزئي، وتحديداً مطلع العام 2016، بدأ مدير مكتب الأوقاف بعدن، مسلسل إقالة وتغيير وإقصاء الخطباء واستبدالهم بخطباء آخرين، وتثبيتهم بالقوة في مشهد لم تعهده مدينة عدن المعروفة بتعايش الثقافات والأديان على مر التاريخ.
ولم تستثن سياسة الإقصاء حد التيار الصوفي، والتيار المنتمي لما يعرف بالإسلام السياسي، بل وصل بمكتب الأوقاف إلى إقصاء تيارات وفصائل سلفية مخالفة لمدرسته الفكرية، والعاملةِ بمجال الجمعيات، وفي مقدمتها جمعيتي الحكمة والإحسان.
 وفي مارس عام 2017م، فرض مكتب الأوقاف خطيبين، لمسجدي الرحمة والجبرتي، وتمت العملية بشكل بنجاح دون أي عراقيل ، فقد تم فرض الخطيبين الجدد بقوة الأطقم العسكرية والمدرعات اللاتي ظلت مطوقة للمسجدين حتى انتهاء صلاة الجمعة، وذلك لضمان تثبيت المعينين الجدد، وإرهاب أي معارضين لهم.
إبادة الخطباء والعلماء في عدن
بات شبح الاغتيالات في شوارع العاصمة المؤقتة، يؤرق الكثير من القوى السياسية والحزبية وحتى السلطة المحلية وأجهزة الأمن والجيش التي وصلت إليها أيدي الإرهاب وطالت رموزها رصاصات الغدر، لكن خطباء المساجد نالهم النصيب الأكبر من رصاصات الغدر، ووصلت الجرائم التي ترتكب بحقهم وفاعلها مجهول، حد تصوير الاغتيال ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي.
وبعد سلسلة من الاغتيالات لعلماء وخطباء مساجد في المدينة، نشر احد الخطباء على صفحته في الفيسبوك أنه قرر الاعتكاف والصلاة في منزله، فيما تحدث سياسيين وصحفيين في منشوراتهم على جواز غياب الخطباء وامتناعهم عن الذهاب إلى المساجد، بعد أن وصلت إحصائيات الاغتيالات إلى أرقام مرعبة.
ومؤخرا كشفت تقارير إخبارية عن تورط مرتزقة أجانب وأميركيين في عمليات الاغتيالات في عدن، وتحدثت وسائل الإعلام عن تورط الإمارات ووقوفها خلف تلك العصابات التي تنفذ الاغتيالات.
وفيما يقول حزب الإصلاح إن أغلب قياداته والخطباء والمرشدين المحسوبين عليه، باتوا ضحايا للاغتيالات مجهولة الفاعل، حمل إدارة الأمن وأجهزة الدولة المسؤولية. وذهب وزير الأوقاف إلى أكثر من ذلك بدعوته لوزارة الداخلية لقيام بواجبها في حماية الخطباء والمرشدين والدعاة من الاغتيالات التي تطالهم.
لكن مسؤولاً أمنياً بإدارة أمن عدن، ومسؤولاً آخر بوزارة الداخلية، فضلاً عدم كشف هويتهما، أكدا لـ"أخبار اليوم" عدم تلقي الوزارة أو إدارة الأمن خطاب رسمي من وزارة الأوقاف يطلب وضع حراسة أمنية ومرافقة لخطباء المساجد بالمدينة، مشيرين إلى أن تصريحات الوزير أحمد عطية، مجرد تصريحات إعلامية تخلو من أي توجه جاد في سبيل حماية الخطباء هناك.
الجنوب المحرر
لم تعد المشكلة في عدن، حول توحيد الخطاب الديني، بل وصلت إلى بعد أكثر خطورة، يتمحور حول حماية الخطباء والمرشدين، ووضع حد لمسلسل الاغتيالات التي طالت الكثير من العلماء والدعاة هناك.
ومع عدم وجود أي توحيد أو تنسيق أو إشراف من وزارة الأوقاف والإرشاد على الخطاب الديني في المناطق المحررة، إلا أن مساجد في حضرموت والمهرة، خطباؤها هناك كانوا أكثر جدية في تناولهم للمعركة التي يخوضها الشعب اليمني ضد المليشيات الحوثية، وأكثر إلماما بأبعاد الحركة الحوثية والمد الطائفي الإيراني، والدعوة للتوحد خلف قيادة الشرعية ومساندة الجيش في معركته ضد المليشيات الانقلابية ورفده بالمقاتلين والشباب والدعاء لشهداء الجيش والمقاومة والإشادة بالانتصارات التي يحققها.
خلاصة
تمكن الانقلابيون من توحيد خطاب المساجد وعجزت الشرعية عن توحيد الخطاب الديني في مدينة مأرب وحدها، وفيما نجح الحوثيون في فرض موجهات وخطب موحدة على المساجد في مناطق سيطرتهم، فشلت وزارة الأوقاف في إصدار موجهات عامة للخطباء في مناطق سيطرتها.
وتبقى الكرة في ملعب وزير الأوقاف والإرشاد الدكتور/ أحمد عطية، في تلافي الخلل ووضع خطط عملية ميدانية لتوحيد الخطاب الديني وتوجيهه نحو عملية التحرير ومساندة الشرعية والجيش، ومكاشفة المواطنين بالصعوبات والتحديات التي تواجهه في إدارة الوزارة، والاستعانة بالقوى السياسية والاجتماعية في إنجاح أي مشروع مستقبلي.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد