المساجد في عهد الحوثيين معارض للصور ومجالس للقات ومنابر للشتم وحشد المقاتلين

2018-10-31 05:54:58 أخبار اليوم/ معاذ العبدالله


منذ انقلاب المليشيات الحوثية على الدولة في سبتمبر 2014م، والجماعة الموالية لطهران توظف الخطاب الديني في المساجد لغرس أفكارها الدخيلة والمنحرفة، وبلغ ذلك التوظيف ذروته بعد إحكام سيطرتها على مقاليد الحكم في المحافظات الشمالية مطلع عام 2016، لتتحول المنابر والمساجد في تلك المناطق إلى مسارح لتحشيد المقاتلين وتحريض الناس ضد الشرعية ودول التحالف العربي، والتغرير من الفقراء والمحتاجين من أبناء الشعب عبر شعارات التوظيف والتجنيد والجهاد بمردود مادي وجنان الخلد كثواب في الآخرة.
وتمكنت المليشيات في عام واحد فقط، من توحيد الخطاء الطائفي في منابر المساجد في عموم المناطق والمحافظات الخاضعة لسيطرتهم العسكرية، وتعاملت بأساليب مختلفة مع خطباء المساجد الرافضين لتوجيهاتهم، كما تعاملت بأساليب الترهيب والترهيب مع الجوامع الكبيرة والتي تتبع المدارس الدينية والمذاهب المختلفة كجامع السنة في منطقة معبر الذي يديره الشيخ السلفي/محمد الإمام، ومدارس الصوفية والسلفية وجماعات التبليغ في محافظة الحديدة، ومنها كلية الشيخ مقبل الوادعي الشرعية.
موجهات إدارية صارمة
في نهاية عام 2016م، وبعد تشكيل الحوثيين مع حزب المؤتمر تحالفاً سياسي وحكومة إنقاذ في صنعاء، بدأت المليشيات في تمرير مشاريعها الطائفية والمذهبية والانقلابية عبر قنوات الدولة الرسمية متمثلة بوزارة الأوقاف والإرشاد، وذلك بإصدار خطب وموجهات موحدة كل أسبوع، وإلزام مدراء مكاتب الأوقاف في المحافظات والمديريات بالإشراف على توزيع الخطب المكتوبة على الخطباء وأئمة المساجد، والإشراف على تنفيذهم للتوجيهات وإيصال الرسالة الطائفية وتلقينها على مسامع المصلين في المساجد.
وعممت المليشيات توجيهات لمكاتب الأوقاف والإرشاد في المحافظات والمديريات، لتكثيف لقاءاتهم وعقد اجتماعات دورية (شهرية) بخطباء المساجد ومسؤولي الأوقاف في العزل والقرى، وإلزامهم بحضور الاجتماعات، معاقبة المتغيبين او غير المنتظمين باحتجازهم لساعات في مكاتب الأوقاف.
وفي تلك الاجتماعات فرضت المليشيات الحوثية على خطباء المساجد وأئمتها خطباً جاهزة، تصل إليهم عبر مكاتب الأوقاف والإرشاد أسبوعيا وألزمتهم بترديدها على الناس في المساجد، والتحدث عن الموجهات والدعوات والتحذيرات الواردة فيها والتي تحمل في مضمونها مغالطات طائفية وتحريض عنصري ضد الشرعية والاحزاب السياسية المساندة لها والجيش الوطني والمقاومة الشعبية التي يوصف رجالاتها بالمرتزقة والعملاء والخونة الموالين للتحالف الصهيو امريكي الذي تقوده السعودية والإمارات.
وتمكنت المليشيات عبر التهديدات والإغراء، في إجبار الكثير من خطباء المساجد وأئمتها في تلقين الناس لأفكارهم ونقل خطبهم المكتوبة بكامل مضمونها أو بعضه، إلى عموم الشعب عبر منابر المساجد ومجالس العلم ومحاضراته النصف أسبوعية بين صلاتي العشاء والمغرب.
عزل وتغيير
تشير المعلومات والتقارير أن عددا كبيرا من خطباء المساجد الذين رفضوا تناول خطب المليشيات الانقلابية التي تفرضها، كان مصيرهم العزل ومنعهم من الخطابة وإمامة الناس في الصلاة واستبدلتهم، بأخرين موالين لها من أبناء المنطقة ذاتها الذي يقع المسجد فيها، أو بخطيب حوثي من خارج المديرية والمحافظة، خصوصاً في العاصمة صنعاء التي صارت منابرها أو معظمها حكراً على الموالين للمليشيات القادمين من صعدة.
وتشير الإحصائيات إلى قيام المليشيات بعزل وتغيير ومنع 535 خطيبا حتى نهاية 2016م، أغلبهم في محافظات الحديدة وصنعاء وحجة.
اختطاف وفرار
لجأت المليشيات الحوثية إلى عملية الاختطاف والتغييب قسرياً لعدد من الخطباء وأئمة المساجد، بعد فشلها في تغيير بعضهم، أو منعهم من الخطابة بعد وقوف القبائل معهم، ورفض المصلين للحضور والاستماع لخطباء المليشيات في الجمع، فضلاً عن قيام المصلين بإنزال خطباء الحوثيين من المنابر وطردهم من المساجد.
وحسب إحصائيات وزارة الأوقاف في الحكومة الشرعية، فإن 120 خطيب اختطفتهم مليشيات الحوثيين وما زالت تعتقل معظمهم حتى اليوم.
ونجح الكثير من الخطباء والدعاة في الفرار من مناطق سيطرة الحوثيين والنزح إلى المناطق الخاضعة للشرعية في مأرب وعدن والخارج وتقدرهم وزارة الأوقاف 1200 عالم وخطيب.
توزيع خطباء وفرضهم بالقوة
لم تكتف المليشيات الحوثية بتغيير الخطباء واختطافهم وإلزامهم بالخطب التي تقرها كل أسبوع عبر وزارة الأوقاف الخاضعة لهم في صنعاء، بل لجأت المليشيات الحوثية إلى إرسال وتوزيع خطباء متنقلين على مساجد المديريات والمحافظات، يخطبون بالتحريض والتهديد والشتائم ويمجدون في الجماعة وقائدها وآل البيت الموالين لهم، ويطعنون في إسلام وإيمان المخالفين لهم.
وفرضت المليشيات الحوثية الخطباء بالقوة على المساجد ومنهم 90 خطيب تم فرضهم وإجبار الناس على الصلاة خلفهم في العاصمة صنعاء وحدها خلال العامين 2016 و2017، فيما أضطر خطاب المساجد الرسميين إلى الخضوع للمليشيات والسماح لخطبائهم باعتلاء المنابر وبث سمومهم في مسامع الناس وكيل الشتائم والتهم للمواطنين دون أي قيد أو شرط.
وأصبحت هذه الطريقة الأكثر، شعبية لدى المليشيات حيث انتهجت عمليات تدريب ميدانية للخريجين من الدورات الثقافية الطائفية التي نظمتها الجماعة بسرية تامة، وبمشاركة خطباء ومدربين إيرانيين ولبنانين، لتجع مساجد الله وبيوته أماكن للتطبيق العملي لخريجي تلك الدورات.
صرخات شتائم وتنهيدات هزائم
مع انحصار سيطرة المليشيات الحوثية يوماً بعد أخر في الساحل الغربي ومحافظتي صعدة وحجة، تحولت المليشيات في خطابها الطائفي الديني إلى صرخات تستنهض همم الشباب وتصفهم بأنهم أشباه النساء وأن الرجال القاعدين في المنازل هم مكالف، فيما الرجال هم من يقاتلون مع الجماعة في الجبهات ضد الغزاة، يدافعون بحسب خطابات المليشيات عن الأرض والعرض ويسطرون ملاحم بطولية.
وتناقل خطباء المليشيات روي وقص ملاحم خيالية، وبطولات أسطورية لمقاتليها وقتلاها وقياداتها في الجبهات، وتسرد التأييد الإلهي الذي شاهدوه والملائكة التي ساندتهم وشاركت معهم في القتال ضد الشرعية والتحالف، ولم تكن قضية الولاعة التي تحدث بقوتها زعيم المليشيات هي الوحيدة من تلك الخزعبلات والاساطير التي روج لها الحوثيين عبر المساجد والمنابر.
ومع اشتداد المواجهات تقاعس وفرار الكثير من عناصر المليشيات وتزايد خسائرها، تحولت المساجد إلى أماكن حشد وتجنيد، فبدأ خطباء الجماعة مطلع العام الجاري في المناداة للجهاد والذود عن الحديدة وحماية اهل صعدة من المحتلين، ووصل تحريضهم إلى المناداة بحماية أعراض نساء الحديدة وصعدة، ووقف التقدمات التي ستحصر اليمنيين وتجعل من نساءهم سبايا ومن رجالهم قتلى وعبيد.
ودشنت المليشيات عمليات تسجيل للشباب ومناداتهم ومخاطبتهم بالاسم من علاء منابر المساجد وإحراج بعضهم أمام المصلين بأنه من الرجال المستعدين للذهاب للجبهات، فيما نادت أهالي الشهداء للقيام بواجبهم والثأر لذويهم والانتقام من المرتزقة والمتصهينين.
بيوت الله والاحتفالات الطائفية
لم تكتفي المليشيات الحوثية باستغلال منابر المساجد وحلقات الذكر، لبث سمومها الطائفية والعقائدية الرجعية، بدل حولت المساجد إلى أماكن لإقامة الاحتفالات والمهرجانات، تحت مسميات مختلفة، منها الاحتفاء بذكرى مقتل الحسين وميلاد الحسين وعلي بن الحسين وزين العابدين بن الحسين، وغيرها من المناسبات كالغدير وعاشورا ويوم القدس العالمي ويوم الصرخة ويوم مقتل مؤسس المليشيات.
وجعلت المليشيات تلك الاحتفالات والشعائر الطائفية أداة لتدنيس المساجد وطبعها بالطابع الطائفي، وحولتها إلى أماكن لمضغ القات وجلسات المقيل، وشرب الدخان والتشييش، فضلاً عن إقامة فعاليات مشابهة للحسينيات الشيعية الإيرانية داخل المساجد، وطبع الصور والملصقات في المنابر وفي حيطان المساجد دون أي مراعاة لحرمتها وقدسيتها.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد