يومٌ بعد آخر تتكشف جرائم ميليشيات الحوثي الانقلابية بحق أبناء الشعب اليمني، وتتجلى بشكل أوضح عبر سجلها الحافل بالدماء والمآسي والأحزان، فمنذ نشأتها لم تسجل نقطة ضوء واحدة في حياة أي منطقة تدخلها عصاباتهم الإجرامية سوى الدمار والهلاك للحرث والنسل.
"محافظة حجة" من أكثر المحافظات التي نال أبناؤها قسماً كبيراً من جرائم عصابات الحوثي، والتي طالما تم الكشف عنها بشكل جزئي بين الحين والآخر، إلا أن ما تم الكشف عنه مطلع الأسبوع الجاري من جرائمهم بحق أبنائها خلال الأربع السنوات الماضية يبين حجم الجريمة التي لم يعرفها العالم ولم ترد في قانون للبشرية حتى يضع لها عقوبة محددة، كونها تفوق العقل البشري.
"أخبار اليوم" تلقت نسخة من تقرير صادر عن ائتلاف المنظمات الحقوقية بالمحافظة، والذي كشف فيه عن ما يقرب من مائتي ألف جريمة ارتكبتها ميليشيات الحوثي بحق مليوني نسمة، تنوعت ما بين قتل وتشريد وتدمير للمنازل ونهب للممتلكات، وإهدار لمقدرات الدولة وتدمير للحاضر والمستقبل... وفي التفاصيل ما يكفي لتعرية مرتكبيها وأهدافهم الهدامة:
أرقام فلكية من الجرائم
يؤكد التقرير ارتكاب مليشيات الحوثي الانقلابية لـ"١٩٢ ألفاً و٤٧٥جريمة" خلال السنوات الماضية ما بين ٢٠١٥م - ٢٠١٨م، وبحسب رئيس الائتلاف الحقوقي المحامي/ هادي وردان، فإن ما تضمنه التقرير لا يمثل بشكل حصري لكل جرائم المتمردين، وإنما ما تمكنوا من حصره، مؤكداً بأن هناك جرائم لم يتمكنوا من توثيقها او الوصول إلى بيانات ضحاياها.
وتنوعت تلك الانتهاكات بين (القتل والاختطاف، والتعذيب حتى الموت، والتهجير القسري، وتدمير المنازل، والتجنيد الإجباري وخاصة الأطفال، ونهب الممتلكات، وملاحقة المناوئين لهم، ومصادرة الحريات، وإشاعة الخوف بين الناس، ونهب المساعدات الإنسانية، وصولاً إلى تسخير مقدرات الدولة لصالح عناصرهم الإجرامية " وغيرها من الجرائم التي لم يسبق لأي جماعة إرهابية أن ارتكبتها.
قتل وإعاقة 
وعن جرائم القتل كشف التقرير عن مقتل (680) مواطناً في حجة بينهم (141) من النساء، لافتا إلى أن الضحايا تعددت طرق قتلهم ما بين قتل مباشر وأثر التعذيب في السجون أو من خلال استخدام المدنيين دروعاً بشرية أو ضحايا ألغام وعبوات ناسفة، فيما تعرض (463) مواطناً لإعاقات دائمة ومتوسطة.
اختطاف وتعذيب

يبين التقرير اختطاف الميليشيات لـ (1966) حالة ما بين قيادات سياسية ومعلمين وأكاديميين ومشائخ ووجهاء، كما أن من بين المختطفين (37) طفلاً، و (25) من النساء، مسجل وفاة ٩ مختطفين من بين (810) مختطفين تعرضوا للتعذيب.
وتفجير للمنازل
وسجل التقرير أكثر من (1378) حالة تفجير منازل ومداهمة قرى وحصارها ونهب ممتلكات للمواطنين والتجار، من بينها تفجير 27 منزلا، كما بثت الرعب والخوف بين الاطفال والنساء والمسنين اثناء تلك الممارسات الاجرامية.
وشحن طائفي عنصري
وفيما يتعلق ببث روح الكراهية والعنصرية والطائفية يبين التقرير اعتداء المليشيا على (1033) من المساجد ودور القرآن واستغلالها للتحريض وزرع الكراهية وتوسيع دائرة الصراع وفرض خطباء بقوة السلاح، وإلزام الخطباء بدروس وخطب من أفكارهم الطائفية.
انتهاكات بحق الطفولة/
وتحدث التقرير عن مأساة الطفولة في حجة، مبيناً بأن جرائم المليشيات بحق الأطفال بلغت (١٠ آلاف و٧٨٣ جريمة)، منها تجنيد (3364) طفلاً والزج بهم في معارك المليشيا، وقتل منهم (٣١٩ طفلاً)، كما تسببت في حرمان (7100) طفل من التعليم، إلى جانب إفراغها للمؤسسة التعليمية من محتواها واستخدامها للمدارس في عمليات التعبئة الطائفية التي ستؤثر على مستقبل الأجيال والسلم الاجتماعي.
الخوف بدلا عن الأمن
ولزعزعة أمن المواطنين ونشر الخوف بينهم، كشف التقرير عن استحداث الميليشيات (457) نقطة تفتيش لاختطاف الأبرياء وابتزاز المسافرين، إلى جانب تنفيذها حملات مسلحة على القرى والمحلات، موضحا بأن الانقلابين قاموا بزراعة (15800) لغم وعبوة ناسفة بالمحافظة والتي تهدد حياة المدنيين حاضرا ومستقبلا.
مصادرة حقوق الفقراء
ولم تكتف الميليشيات بجرائم نهب مرتبات موظفي الدولة وأموال التجار، بل وصل بها الحد إلى مصادرة المساعدات الانسانية الغذائية والدوائية والإيوائية، وحرمان مستحقيها منها، كما حرمت الأيتام من كفالاتهم، ومستحقي الرعاية الاجتماعية من مرتباتهم، وبحسب التقرير فقد بلغت جرائمهم بحق هذه الفئات (٨٦ ألفاً و٣٨٤ حالة انتهاك).
تقويض مؤسسات الدولة 

ومنذ الوهلة الأولى لانقلابهم على السلطة الشرعية، عمدت المليشيات على تقويض مؤسسات الدولة وإفراغها من محتواها وممارسة التعسف والإقصاء الإداري الذي سجلت فيه أكثر من (3957) حالة، إلى جانب تسخير مقدرات الدولة العسكرية والأمنية والمدنية لصالحها، والتدخل في صلاحيات مؤسسة القضاء والإقصاء الوظيفي، موضحاً بأنهم استبدلوا (3000) موظف بعناصر منهم.
تهديدات وتهجير/
ورغم هذا السجل الحافل بالجرائم والإرهاب إلا أن الميليشيات لا تزال تمارس ألواناً أخرى من الجرائم، فقد تعرض أكثر من (2784) من الناشطين والسياسيين والعسكريين والقضاة والأكاديميين وقيادات مدنية لتهديدات بالقتل أو الاختطاف أو الفصل من الوظيفة.
ويبين التقرير تعرض أكثر من (٨١ ألف) مواطن للتهجير من منازلهم إلى خارج المحافظة، سواءً بتحويل مناطقهم إلى ساحة حرب أو التهجير القسري أو التشريد والملاحقة.
متابعة حثيثة
رئيس الائتلاف بالمحافظة المحامي/ هادي وردان- وفي تعليقه على ما تضمنه التقرير- قال في تصريح لـ"أخبار اليوم" بأن (الائتلاف يحتفظ بأسماء الضحايا والشهود ومصادر المعلومات، وأن ما تضمنه التقرير ليس كل الانتهاكات التي ارتكبتها الميليشيات وإنما تمثل ما تمكن من رصدها)، مشيراً إلى أن لديهم فريق رصد ميداني يقوم بمهامه بشكل دقيق بكل مهنية.
ويضيف وردان " قد يتهيأ للمتابع أن الأرقام الواردة في التقرير مبالغ فيها، ونقول بأن هذا الحجم من الانتهاكات المرصودة لا تمثل إلا جزءاً يسيراً من حجم جرائم الميليشيات بحق أبناء المحافظة، مستشهداً بما تسببت به جانب واحد فقط وهو النزوح والتشرد، حيث بلغ عدد الأسر النازحة إلى ١٣٠ ألف أسرة، ما يعني أننا بصدد أكثر من مليون حالة انتهاك لأن كل فرد تضرر يعتبر قضية إنسانية مستقلة".
لافتا إلى أنهم في الائتلاف الحقوقي يعملون على رصد مختلف الانتهاكات التي تمارسها الميليشيات بالمحافظة، كما قاموا بإجراء تحقيق لبعض الحالات وإعداد الكثير من الملفات وفق المعايير القانونية المطلوبة لتقديمها امام القضاء الدولي و المحلي، ونهدف بهذا الرصد مبدئياً حماية حقوق الضحايا من الضياع وعندما يجد الضحية والشاهد الدولة التي تحميه لاشك انه سيتقدم بها امام القضاء ويطالب بحقه دون ان يؤثر العامل الزمني في ذلك كونها جرائم لا تسقط بالتقادم.
على العالم ان يفتح عينيه
وأمام هذا الرقم المهول من الجرائم بات من الضروري أن يطلع العالم ومنظمات المجتمع المدني ودعاة حقوق الإنسان على انتهاكات مليشيات الحوثي بحق أبناء محافظة حجة، كما يجب على المجتمع الدولي التعاطي مع الملف اليمني وجرائم الميليشيات ضد الانسانية بعيداً عن الحسابات السياسية.