2018 عاماً أسوداً وأكثر ظلامية على سكان العاصمة صنعاء

2019-01-26 02:42:08 أخبار اليوم/ تقرير خاص


لم يكن عام 2018م أقل سوداوية وظلامية على سكان العاصمة المحتلة صنعاء -كما أعلنها الرئيس الشرعي- من سابقه 2015م، فالأخير شهد المراحل الأولى للانقلاب على الشرعية الدستورية ممثلة بالرئيس المشير/ عبدربه منصور هادي، وحكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة، بينما كان 2018م شاهداً على انقلاب جماعة الحوثي المسلحة على حليفها وشريكها الأساسي في الانقلاب على الشرعية الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي لقي حتفه أواخر ديسمبر 2017م، خلال مواجهات مسلحة بين أنصاره ومسلحي جماعة الحوثي استمرت قرابة أسبوع واستخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة.
وفي كلا الحالتين، كان المدنيون من سكان أمانة العاصمة وحدهم من دفعوا الثمن باهظاً على حساب حياتهم وأرواحهم وأقواتهم وممتلكاتهم العامة والخاصة، ولا يزالون يسددون فاتورة ذلك الانقلاب الجاثم على صدورهم منذ سقوط عاصمتهم في 21 سبتمبر 2014م بيد ميليشيا جماعة الحوثي القادمة من كهوف مران، وحتى لحظة كتابة هذا التقرير، وسط صمت عالمي مريب.
اتساع دائرة العنف في العاصمة
غير أن الجديد هذه المرة هو أن دائرة العنف اتسعت لتشمل الجميع، وأن الانتهاكات والممارسات التعسفية والقمعية التي ظلت طيلة ثلاث سنوات حصرية على فئات بعينها متهمة بتأييد الشرعية صارت خلال 2018م تطال الجميع بما فيهم قيادات ومنتسبي حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح صالح) الذين لعبوا دوراً محورياً في تسهيل دخول جماعة الحوثي إلى العاصمة صنعاء، بل وسلموها كل مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية باستثناء عددٍ محدودٍ من تلك القيادات والقواعد المؤتمرية، التي رضخت تحت قوة السلاح لتوجهات وسياسة جماعة الحوثي، وأصبحت تأتمر بأوامرها على قاعدة مكرهاً أخاك لا بطل، وإن كانت هي الأخرى لم تسلم من بطش وعنف هذه الجماعة التي لا تؤمن بشيء من معاني وقيم ومبادئ التعايش والشراكة القائمة على أساس الديمقراطية والتعددية السياسية.
كما أن العام 2018م كان شاهداً على تحولات كثيرة في العاصمة صنعاء، ليس على الصعيدين الحقوقي والإنساني فحسب بل وحتى الاقتصادي والاجتماعي والأمني، إذ شهدت خلاله عدت أزمات مفتعلة انعكست سلباً على حياة السكان المدنيين، وإيجاباً على حياة القيادات السياسية والعسكرية والأمنية لجماعة الحوثي، ابتداء من موجات ارتفاع الأسعار ومروراً بالاختفاء المتكرر للغاز المنزلي وباقي المشتقات النفطية، وكذلك التلاعب بالمساعدات الإنسانية وصولاً إلى الانفلات الأمني المريع الذي تجاوز كل الإجراءات والتدابير الأمنية المتبعة من قبل الجماعة، ضمن سياسة القبضة الحديدية التي تحكم بها العاصمة وباقي المدن اليمنية الواقعة تحت سيطرتها.
مركز صنعاء الإعلامي، من منطلق تخصصه واهتماماته بالشأن المحلي للعاصمة صنعاء تتبع كل تلك التحولات وقام برصدها وتوثيقها عبر شبكة من المراسلين في مختلف المديريات والأحياء ليضمنها تقريره السنوي الرابع، والذي يضع من خلاله العالم أمام الانتهاكات الصارخة التي يتعرض لها سكان هذه المدينة، وطالت كل حقوقهم المكفولة دستوراً المحمية بقوة القانون الدولي الإنساني وباقي القوانين والتشريعات المحلية، وحتى المواثيق والمعاهدات الدولية المنظمة للحرب والمصادق عليها من قبل الحكومة اليمنية.

ملخص تنفيذي
وثق فريق مركز صنعاء الإعلامي (3115) حالة انتهاك لحقوق الإنسان ارتكبتها جماعة الحوثي بحق سكان صنعاء المدنيين، موزعة على عشر مديريات هي: (السبعين، الوحدة، معين، التحرير، الثورة، الصافية، بني الحارث، شعوب، آزال، صنعاء القديمة)، وتنوعت بين حالات قتل وإصابة واختطاف واختفاء قسري وتعذيب وتجنيد أطفال وإقصاء وظيفي وقمع تظاهرات واحتجاجات سلمية وتضييق الخناق على السكان والمتاجرة بالمعونات والمساعدات الإغاثية واختلاق الأزمات الاقتصادية من خلال التلاعب بالأسعار وإخفاء مادتي البنزين والغاز المنزلي وفرض المزيد من الجبايات، إضافة إلى الاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة وتهجير الأسر المعارضة للجماعة أو المختلفة معها فكرياً ومذهبياً فضلاً عن جرف الهوية الوطنية والإسلامية من خلال تكريس أنشطتها الطائفية المتنافية تماماً مع عادات وتقاليد وأعراف بل ومعتقدات اليمنيين بما فيهم سكان العاصمة صنعاء.
وقد بلغ عدد القتلى (59) مدنياً بينهم (4) أطفال في مديريات الصافية، وبني الحارث، ومعين و(4) نساء بمديريتي بني الحارث، ومعين، بينما وصل عدد حالات الإصابة التي تحقق منها الفريق إلى (53) حالة إصابة بينها (10) حالات إصابة ارتكبت بحق أطفال في مديريات الثورة، والوحدة، وبني الحارث، وصنعاء القديمة، و(9) حالات بحق نساء في الوحدة، وبني الحارث، وشعوب، ومعين.
وسجل فريق مركز صنعاء الإعلامي (384) حالة اختطاف ارتكبتها ميليشيا جماعة الحوثي بحق مدنيين في جميع المديريات المشار إليها هنا، باستثناء صنعاء القديمة، ومن بين المختطفين (8) أطفال تم اقتيادهم من مديريات التحرير والثورة، ومعين، إضافة إلى (32) امرأة وفتاة من مديريات التحرير، والسبعين، والصافية، والوحدة، وشعوب، ومعين، و(2) مسنين من مديرية السبعين. وتعرض (143) مختطفاً في أمانة العاصمة خلال 2018م لأبشع أنواع التعذيب والمعاملة القاسية داخل سجون جماعة الحوثي قضى (7) منهم تحت سياط التعذيب، بينما لا يزال مصير (27) أخرين مجهولاً حتى لحظة كتابة التقرير ويشار إليهم هنا بالمخفيين قسراً.
كما رصد فريق مركز صنعاء الإعلامي (455) حالة تجنيد لأطفال دون سن الـ 18، قامت بها لجان التعبئة والحشد الشعبي التابعة لجماعة الحوثي في أمانة العاصمة خلال الفترة التي يغطيها التقرير، وذلك عبر سلسلة من الحملات والفعاليات الطائفية والتعبوية التي وصلت إلى كل المدارس الحكومية والأهلية ودور الرعاية والإيواء ومراكز التحفيظ والنوادي الرياضية والثقافية والأحياء السكنية، وتزعمها المدعو حمود عباد أمين العاصمة في حكومة الانقلاب، وعدد كبير من عقال الحارات والمشرفين الأمنيين ومدراء مكاتب التربية ومدراء المدارس والمشرفين التربويين المفروضين من قبل الجماعة على كل المرافق التعليمية.
إلى ذلك تحقق الفريق من قيام جماعة الحوثي بالاعتداء على (172) منشأة عامة بينها (59) مرفقاً تعليمياً، و(11) مرفقاً صحياً، و(39) دور عبادة، و(7) معالم سياحية، و(3) مقرات تابعة لمنظمات دولية ومحلية، وتنوعت أعمال الاعتداء بين الاستيلاء على تلك المنشآت وتحويلها إلى سجون، ومقرات، وسكن للميليشيات، أو ثكنات عسكرية في كثير من الأحيان، إضافة إلى نهب محتويات ومداهمة وتدمير وإتلاف وعبث بالمحتوى.
وينطبق الأمر ذاته على (137) منشأة خاصة، ثبت لفريق مركز صنعاء الإعلامي قيام جماعة الحوثي بمداهمة البعض منها ونهبها والعبث بمحتواها والاستيلاء على البعض الآخر وتحويلها إلى مقرات وسكن لميليشياتها أو ثكنات عسكرية للتمترس داخلها، ومن بين تلك المنشآت (44) منشأة سكنية، و(74) منشأة تجارية، وتتوزع بقية الإحصائية على منشآت أخرى ذات ملكية خاصة.
*مركز العاصمة الإعلامي

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد