الشرعية تلوح باستئناف العمليات العسكرية إثر فشل اتفاق الحديدة وتوجه تحذيراً للأمم المتحدة

الحكومة أمام اختبار السيادة ..هل تعيق السعودية والإمارات الحسم العسكري؟

2019-01-28 07:22:49 أخبار اليوم/ تقرير خاص


تزايدت مؤشرات فشل اتفاق ستوكهولم بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي المسلحة، الذي مر على إعلانه أكثر من شهر ونصف دون تنفيذ أي من بنوده على الأرض، في ظل الحديث عن استقالة رئيس المراقبين الدوليين في الحديدة، باتريك كاميرت، وعودته المفاجئة لاستئناف مهامه، بعد فشله في إقناع الأطراف اليمنية، خصوصاً الحوثيين، بتنفيذ وقف إطلاق النار والانسحاب من مدينة الحديدة وموانئها وفتح ممرات للمساعدات الإنسانية.
الحكومة اليمنية التي ظلت تتعامل بمرونة مفرطة مع التحركات الأممية، خرجت السبت، بمواقف سياسية شديدة اللهجة، وبيان ناري، حذرت فيه من انهيار اتفاق ستوكهولم.
وقالت الخارجية: إن اتفاق ستوكهولم مهدد بالانهيار في الحديدة، نتيجة تمادي الحوثيين في هجماتهم العسكرية، مشيرة في البيان إلى تجاهل المجتمع الدولي من تمادي الحوثيين.
وأكدت الخارجية، أن الوقت حان «لتسمية الطرف المعرقل وتحمّل المجتمع الدولي لمسؤوليته تجاه الشعب اليمني».
ولوحت الحكومة باستئناف العمليات العسكرية في الحديدة، مضيفة «أن ضبط النفس لن يستمر إلى ما لا نهاية إذا لم يتوقف الحوثيون عن إرسال المزيد من التعزيزات، وبناء التحصينات والاستمرار في خرق وقف إطلاق النار، واستهداف المدنيين واستمرار الاعتقالات وشن الهجمات العسكرية على بعض مواقع قوات الشرعية، في الحديدة».
واستنكرت الحكومة تراخي المجتمع الدولي والأمم المتحدة في تنفيذ اتفاق ستوكهولم، والأسلوب الناعم في التعامل مع الحوثيين، كما استغربت التصريحات المبهمة وغير الواضحة لمسؤولي الأمم المتحدة، وأكدت أن مثل هذه اللغة غير الواضحة لممثلي الأمم المتحدة تزيد من تعنت الحوثيين، ويشجعهم على ارتكاب المزيد من الخروقات والتعنت في تنفيذ الاتفاق، ما يسيئ إلى صورة الأمم المتحدة ودورها في اليمن، واعتبرت أن مرور قرابة الشهر والنصف على الاتفاق دون تنفيذه من قِبل الحوثيين، بات كافياً ليدرك العالم أن هذه الجماعة لا تؤمن بالسلام ولا الحوار.

هذا التصعيد السياسي للحكومة، إثر تصعيد عسكري كبير للحوثيين وهجمات بلغت ذروتها يومي الجمعة والسبت، وسقط فيها أكثر من 40 مدنياً معظمهم نساء وأطفال في قصف مدفعي للحوثيين، على بلدة حيس جنوب الحديدة، وقصف آخر استهدف مخيما للنازحين شرق مدينة حرض الحدودية شمال الحديدة.
وتزامنت اللهجة الحكومية الشديدة، مع عودة رئيس البعثة الأممية في الحديدة “باتريك كاميرت”، إلى العاصمة المؤقتة عدن بعد جولة من المشاورات في الرياض، برفقة “مارتن غريفيث” الذي بات يتهمه الكثير من اليمنيين بخدمة السياسات البريطانية في الملف اليمني، وسط اتهامات بأن المملكة المتحدة باتت تستثمر بشكل متزايد في الأزمة اليمنية، وكان الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” أقر الأسبوع الماضي بأن انعدام الثقة أصبح ”عاملا معقدا“ في محاولة إقناع الطرفين بالحوار.
جدية حكومية في تنفيذ الاتفاق
وخلال لقاء الفريق الحكومي، برئيس لجنة إعادة الانتشار الأممية برئاسة باتريك كاميرت، أكد اللواء الركن صغير حمود بن عزيز، جدية الفريق الحكومي في التعامل مع كافة البنود المتفق عليها مكتملة دون أي تجزئة أو تلكؤ.
وبحسب وكالة سبأ، فقد نوه صغير إلى استعداد قوات الأمن التابعة للحكومة الشرعية على الانتشار الآمن وفق ما نصت عليه بنود اتفاقات السويد.
داعياً إلى سرعة البت في فتح الطرق والممرات بغرض تسهيل تنفيذ الأعمال الإنسانية، ووصول الإغاثة للكثير من المناطق التي تعاني من ويلات الحرب والحصار الذي فرضته الميليشيات الحوثية.
لكن باتريك طرح في اللقاء جملة من المقترحات، تركزت حول إمكانية انعقاد لقاء مشترك مستقبلا، يجمع الفريق الحكومي مع المتمردين الحوثيين، وكيفية التنسيق وتحديد زمان ومكان انعقاد اللقاء، متطرقاً إلى ملامح وآلية إعادة الانتشار في الحديدة، وكيفية إدارة موانئ البحر الأحمر وغيرها من المرافق والمؤسسات، وفق ما ذكرت وكالة سبأ الحكومية.
الحوثيون وفد الحكومة رفض الحضور
وأعلنت جماعة الحوثي المسلحة، أمس الأحد، فشل أول لقاء للجنة المشتركة في الحديدة، بعد عودة رئيس لجنة التنسيق “باتريك كاميرت”، جاء ذلك في تصريح للقيادي الحوثي/عبد الجبار الجرموزي، حسب ما نقلته عنه قناة المسيرة التابعة للمليشيات.
وزعم الجرموزي المعين من الحوثيين وكيلاً لمحافظة الحديدة، إن قوات الحكومة والتحالف لم تسمح بفتح الخط المؤدي إلى مطاحن البحر الأحمر من الجهة الشرقية، وزعم أن إجراءات الحصار لا زالت كما هي عليه في ميناء الحديدة ولم يتغير شيء بعد إعلان ستوكهولم.
مصادر «أخبار اليوم» أكدت فشل عقد لقاء بين باتريك ووفد المليشيات الحوثية، حيث ما زالت جماعة الحوثي ترفض التعاون معه، وتتهمه بالانحياز والخيانة، وتصر على إقالته من مهامه.
وأشارت المصادر، أن مزاعم المليشيات حول رفض فتح الخط المؤدي إلى مطاحن البحر الأحمر، تكذبه تأكيدات الوفد الحكومي لباتريك ومطالبته خلال اجتماعهم يوم السبت الماضي، في عدن بفتح الممرات الإنسانية.
وسبق أن ارتكبت المليشيات الحوثية خرقاً فاضحاً للهدنة، عبر إطلاق مقذوفات صاروخية على مطاحن البحر الأحمر الخاضعة لسيطرة القوات المشتركة منذ عدة شهور، ما تسبب في اندلاع حريق كبير في المطاحن.
وأكدت الأمم المتحدة عبر تغريدة على حسابها في تويتر –رصدتها أخبار اليوم- تدمير صومعتين للقمح في مطاحن البحر الاحمر بمشارف مدينة الحديدة، مؤكدة أن الحريق الذي أدى لتدمير الصومعتين، ناجم عن قذيفة هاون.
ويستدعي خرق الحوثيين الفاضحة واستهدافهم للمطاحن وما تحتويه من مساعدات غذائية للجوعى في اليمن، موقفاً حازماً من الأمم المتحدة، ومن رئيس لجنة المراقبين، أقلها إعلان الطرف الذي يخرق الهدنة ويتعمد استهداف المواقع الحيوية ذات الطابع الإنساني والإغاثي.
توجه حكومي سعودي عسكري
وكان الرئيس عبدربه منصور هادي التقى السبت، الفريق الركن/ فهد بن تركي بن عبد العزيز آل سعود، قائد القوات المشتركة، وناقش معه جملة من القضايا والموضوعات المتصلة بالموقف العام في مختلف خطوط المواجهات مع مليشيا الحوثي الانقلابية.
ويرجح أن لقاء الرئيس والأمير تركي، جاء لبحث الموقف العسكري الحالي، وزيادة التنسيق العملياتي، في ظل تزايد هجمات الحوثيين في الداخل اليمني، والمناطق الحدودية داخل السعودية.

حراك دبلوماسي
وكثفت الخارجية اليمنية تحركاتها في الآونة الأخيرة، بغيت انقاذ اتفاق السويد وحشد مزيد من الضغط الدولي من أجل إجبار المليشيات على الانسحاب من المدينة.
والتقى -أمس الأحد- وزير الخارجية اليمني/ خالد اليماني، الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس.
وقال اليماني في تغريدة على حسابه بتويتر: إن غوتيريس تعهد بأن «اتفاق الحديدة سينفذ، وأن الحوثيين سوف يغادرون المدينة والموانئ كخطوة أولى باتجاه تحقيق السلام في اليمن».
وأوضح بأن «غوتيريس وعد ألا يخذل الشعب اليمني الذي تربطه به علاقة، خاصة منذ أن كان مفوضاً سامياً للاجئين».
مخاوف من إطالة الصراع
“قيادي ميداني” في القوات الحكومية المرابطة شرق مدينة الحديدة، أكد في تصريح صحفي، استعداد الجنود لاقتحام مدينة الحديدة والسيطرة على الميناء مهما كلف الهجوم من خسائر، ونقل «اليمن النت» إن جميع العسكريين لا يعولون على تحركات الأمم المتحدة، ومتأكدون بأن جماعة الحوثي لن تسلم الحديدة سياسياً، بل ستقاتل إلى آخر مسلح من عناصرهم، مشيراً إلى أنهم لم يتوقفوا يوماً واحداً عن بناء التحصينات واستقدام تعزيزات عسكرية، ومهاجمة مواقع تمركز القوات الحكومية.
وأضاف القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن وجود الأمم المتحدة في الحديدة سيطيل أمد الأزمة ويحول الحديدة إلى منطقة نزاع، تشبه الصحراء الغربية المُتنازع عليها والتي تقع في المغرب العربي شمال أفريقيا.
ويقول “محمد الأهدل” -وهو أحد الشخصيات الاجتماعية في القرى الريفية لمنطقة كيلو 16 شرق مدينة الحديدة-: إن السكان يعانون كثيراً وأرهقهم النزوح والتشرد، وتقطع الطرق وتجدد المعارك كل يوم، وأكد نزوح الآلاف من سكان قرى جميشة، ودير الشيخ، والكيمنية، وعلي سليمان، والكشوبع، وكثير من القرى الواقعة بمثلث الموت، في إشارة إلى مثلث كيلو 16 الذي يربط الحديدة بكلٍ من محافظات تعز وصنعاء.
وكشف “الأهدل” أن الحوثيين زرعوا آلاف الألغام في المزارع والقرى في المنطقة، مؤكدا أن السكان باتوا يفضلون اندلاع معركة كبيرة تكون الأخيرة، على هذه التهدئة الهشة، وسط تصاعد حملة الاعتقالات التي ينفذها الحوثيون، بتهم التخابر مع التحالف العربي-وفق ما نقل موقع اليمن نت.
خلاصة
الحكومة اليمنية أمام اختبار صعب في ظل استمرار مماطلة وخروقات الحوثيين، وتواطؤ الأمم المتحدة وليونة تعاملها مع المليشيات، والتي تستدعي موقفاً حازماً وجريئاً من الشرعية، يجبر الراعي الأممي، والمليشيات على المضي في تنفيذ الاتفاق، والبدء بإجراءات الانسحاب وإعادة الانتشار، أو المضي قدماً في معركة التحرير، وإعلان فشل الاتفاق بالتزامن مع عملية سريعة وخاطفة لاجتياح المدينة وتحرير أهم مواقعها، ولو عبر إنزال بحري وجوي واسع.
لكن السؤول الأهم والذي يحدد خيارات الحكومة.. هل سيقف التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات مع أي قرار جرئ تتخذه الشرعية؟ أم أن التحالف قد تخلى عن مساندة الشرعية وأصبح عائق أمام تحرير الحديدة؟
*اليمن نت *مصادر أخرى

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد