جلسة استماع في عدن تكشف آلام وأحزان أسر المخفيين قسراً في سجون الإمارات

2019-02-07 07:35:32 أخبار اليوم/ خاص


شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، مؤخراً جلسة استماع ممزوجة بالدموع والقهر، لزوجات وأمهات المخفيين قسراً والمختطفين في سجون الإمارات والمليشيات الموالية لها في المناطق المحررة، بحضور عدد من الشخصيات الحقوقية، وبتنظيم من مؤسسة دفاع للحقوق والحريات.
تمهيد
منتصف 2017 كشفت وكالة «أسوشيتد برس» الأميركية عن شبكة من المعتقلات السرية لا تقل عن 18 سجناً تديرها الإمارات والقوات المحلية الموالية في جنوب اليمن، بينهم سجن بئر أحمد، حيث نشرت رسومات تكشف طرق التعذيب التي يتعرض لها المعتقلون فيه، إضافة إلى 4 سجون سرية أخرى.
ووفقاً لـ«أسوشيتد برس»، فإنه يتم رص المعتقلين في صف وأمرهم بخلع ملابسهم والاستلقاء قبل أن يقوم الضباط بتفتيش التجويف الشرجي لكل سجين.
وأشارت تقارير حقوقية إلى وجود أكثر من 150 معتقلا داخل السجن، منهم 62 معتقلاً بدون ملفات، ولم يتم التحقيق معهم منذ عامين، و4 معتقلين أصبحوا مختلين عقلياً بسبب التعذيب.
وتباينت ردود الفعل حول هذه الفضيحة فالمعتقلون بدأوا الإضراب عن الطعام بالتزامن مع استمرار الوقفات والأنشطة لاحتجاجية لأهاليهم وخصوصاً في عدن والمكلا، حيث يوجد سجن سري في مطار الريان الدولي الذي تتخذه الإمارات قاعدة عسكرية الذي كشف فيه موقع "ديلي بيست" الأميركي انتهاكات بحق المعتقلين هناك تتمثل في تكديس المعتقلين داخل حاويات الشحن وتركهم في درجات حرارةٍ تتجاوز الـ50 درجةً مئوية.
موقف مخيب من الحكومة
وفي ظل استمرار إضراب المعتقلين والمخفيين، التزمت الحكومة اليمنية، الصمت، قبل ان يخرج وزير داخليتها بموقفين متناقضين، بدأها بالهجوم على الإمارات ودعوتها إلى إغلاق السجون السرية وإخضاعها للنيابة، ثم نقضه لذلك بعد فترة بتأكيده أن السجون خاضعة للإشراف اليمني بعد عودته من زيارة غامضة إلى أبوظبي.
وإثر نفي وكيل وزارة الداخلية/ ناصر لخشع، وجود سجون سرية للإمارات في المناطق المحررة، وإعلانه في مجلس حقوق الانسان أن السجون جميعها تخضع للحكومة الشرعية والجهات الأمنية، وهو ما صعد احتجاجات الأهالي وانتقادهم للحكومة ودعا المنظمات لتنظيم جلسات استماع تروي الأسر فيها حقيقة ما يعانيه ذويها وصعوبة الحصول على معلومات عنهم.
دراجة زوجها تكشف اختطافه
زوجة لأحد المعتقلين تعسفيا في أحد أقسام الشرطة في عدن، تحول زوجها إلى مخفي قسرا، تقول إن زوجها كان يعمل على دراجة نارية، وتعرض للاختطاف ولم تكن تعلم أين هو، وبالصدفة رأت دراجته النارية مع شخص يعمل عليها، اندفعت نحوه لتسأله، وفوجئت به يخبرها أنه اشتراها من أحد الضباط في أحد أقسام الشرطة بمديرية "الشيخ عثمان"، وكانت هذه المعلومة الدليل الذي أوصلها إلى زوجها "أحمد سعيد زين" الذي تمكنت من زيارته ولقائه..
تسترسل في وصف حالته وآثار التعذيب التي وجدتها عليه في السجن، ويقطع البكاء حديثها، وتتعرض لحالة انهيار في القاعة قبل أن تعود لتواصل حديثها عن زوجها الذي أصبح بعد ذلك مخفيا قسرا، وعن معاناتها في البحث عنه والعمل من أجل الوفاء بمتطلبات حياتها وأسرتها.
الأمن لا يتعامل بشكل قانوني
في القاعة، تؤكد المحامية/ هدى الصراري- رئيسة مؤسسة دفاع- وجود العشرات من السجون الرسمية والأخرى غير الرسمية في عدن، وتعبّر- في كلمة افتتاح الجلسة- عن أسفها لتعامل الأمن في عدن الذي لا يتعامل بمصطلح قانوني مع بعض الإجراءات التي شابها التقصير وشابها أيضاً بعض الانتهاكات كمسألة القبض والمداهمة حسب تعبيرها.
وتؤكد أن هناك منظمات توقفت عن العمل في هذا المجال نتيجة الضغط والتهديدات الذي تلاقيه.
وتتحدث عن الألم من حدوث هذه الاعتقالات غير القانونية وحالات الإخفاء القسري في مناطق محررة توجد فيها مؤسسات دولة رسمية، وتتواجد فيها مؤسسات حقوق الإنسان والنيابة والقضاء، موجهة انتقادها لوجود جهات أمنية وضبطية تتخاذل عن مسؤوليتها في التصريح والكشف عن مصير بعض المخفيين حسب قولها. مطالبة الجهات الضبطية والمؤسسات الرسمية بالكشف عن المخفيين قسر وإحالة المعتقلين تعسفاً إلى القضاء والتحقيق في قضاياهم.
وعدها بإيصالها لأبنها لكنهم اغتالوه
وتتحدث إحدى أمهات المخفيين عن محاولاتها التي باءت بالفشل للوصول لطرف خيط يوصلها إلى ابنها، تقول إنها عثرت على شخص ينتمي لإحدى الجهات الأمنية كشف لها عن مكان ابنها، ووعدها بإيصالها إليه، لتفاجأ بعد أيام بتعرض هذا الشخص للاغتيال قبل أن يبدأ معها خطوة باتجاه ابنها المخفي. تتابع حديثها بألم وحسرة، وتحمّل رئيس الجمهورية وإدارة أمن عدن مسؤولية ما تعرض ويتعرض له ابنها.
إرهاب بعينه
تتواصل جلسة الاستماع لأمهات وزوجات وأطفال المخفيين لما يعانونه جراء غياب من المعتقلين تعسفيا والمخفيين قسرا، والصعوبات التي يلاقونها خلال البحث عنهم، والعيش بعيدا عنهم، لتقول "أم البراء" من جانبها: "ما نتعرض له هو الإرهاب بعينه، ابني طالب سنة رابعة تم إخفاؤه قبل حفل تخرجه بأيام وقتلوا الفرحة التي كنا ننتظرها جميعاً بحفل تخرجه، فنحن كأمهات نموت في اليوم ألف مرة.. لا أحد يستطيع الإحساس بما نعانيه إلا من يتذوقه.. طرقنا كل الأبواب للبحث عن أبنائنا لكن للأسف لم يستجب لنا أحد".
واستعرضت زوجة التربوي والناشط الإنساني "زكريا قاسم" معاناة أسرتها في البحث عن زوجها، وطريقة اعتقاله غير القانونية من قبل إدارة أمن عدن في السابع والعشرين من يناير من العام الفائت، ومن ثم إخفاؤه قسرا، وأنها وأسرته لم يعرفوا عنه شيئا حتى اللحظة سوى معلومات متداولة بأنه قد توفي تحت التعذيب.
ومن جهتها، توجهت "رندا فهد" ممثلة رابطة أمهات المختطفين في عدن بالشكر لمنظمي الجلسة، وكل المساندين لأمهات المختطفين والمخفيين قسراً. مؤكدة أهمية مثل هذه الفعاليات لمناصرة ومساندة قضايا المخفيين والمختطفين والانتهاكات التي يتعرضون لها.
وكانت منظمة العفو الدولية التابعة للأمم المتحدة، اتهمت في أوقات سابقة دولة الإمارات العربية المتحدة وقواتها المتواجدة في اليمن، والقوات التابعة للموالين لها في عدن، بتعذيب محتجزين في شبكة من السجون السرية بجنوب اليمن، داعية إلى ضرورة فتح تحقيق في هذه الانتهاكات باعتبارها جرائم حرب.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد