حينما تزداد خفقات القلوب، وتتوقف حركة الشوارع، ولا يسمع فيه غير حفيف الأشجار وهفيف الرياح، حينما ترتفع أهازيج الجماهير في الاستراحات، فاعلموا أن الكلاسيكو قد دقت ساعته، فلا صوت يعلو فوق صوت الكلاسيكو...!
ففي ليلة كلاسيكو الأرض يحاول اليمنيون نسيان هموم الحرب، فهذه المباراة لها ظروفها الخاصة، إذ يستعد لها قطاع كبير منهم حتى الذين ليست لديهم ميول رياضية.
ويعيش الشارع الرياضي اليمني حدثاً قل ما يتكرر، وهو إقامة لقاءي كلاسيكو متتاليين أحدهما في الكأس والآخر في الدوري، حيث يستضيف ريال مدريد عدوه اللدود برشلونة اليوم الأربعاء في لقاء الإياب في نصف نهائي كأس الملك، على ملعبه سانتياغو برنابيو، علما أن مباراة الذهاب التي أقيمت في معقل برشلونة الكامب نو بدايات الشهر الجاري قد انتهت بالتعادل بهدف لمثله.
واللقاء الآخر سيقام السبت المقبل ضمن بطولة الدوري الإسباني التي يتصدرها برشلونة برصيد 57 نقطة، بفارق 9 نقاط كاملة عن الريال الثالث 48 نقطة، وكان لقاء الذهاب قد انتهى كتالونياً بخماسية مقابل هدف.
وعادة ما يحظى الكلاسيكو بمتابعة واهتمام الجماهير من مختلف دول العالم، ويكتسب الكلاسيكو شعبية كبيرة بين الشيب والشباب وصغار السن، فبرشلونة يمتلك أيقونته الأرجنتيني ليونيل ميسي، ولم تتحرك مشاعر المدريديين بحب فريقهم قيد أنملة، حتى عندما رأوا نجم فريقهم البرتغالي كريستيانو رونالدو يرحل لصفوف يوفنتوس الصيف الماضي.
يحرص كثير من المشجعين اليمنيين على جعل مباراة ريال مدريد وبرشلونة يوما رياضيا استثنائيا، ولا يقتصر الاهتمام اليمني بالكلاسيكو على الرياضيين والمشجعين، ففي موعد الكلاسيكو تنشغل مواقع التواصل الاجتماعي، ومعها المواقع الإخبارية ذات الطابع السياسي بمتابعة الحدث متابعة مباشرة، وترتفع وتيرة النقاش بين المتناقضين رياضيا.
ففي صنعاء مثلا يجتاح هوس الكلاسيكو البيوت والمقاهي والشوارع، ويعتلي سطوح الأبنية بأعلامه التي يرفعها عشاق الكرة، والإبداع، والفن، ومتعة التألق بكبرياء الأبطال.. إنه الكلاسيكو الذي يظل الشباب اليمني في ساعات الترقب التي تسبق صفارة الحكم الأولى، يقول سعد المخلافي مالك استراحة النصر بصنعاء: الكلاسيكو في اليمن له جو خاص خصوصا مع وجود التعصب الرياضي وانقسام الشارع اليمني بالتساوي بين ريال مدريد وبرشلونه، ويضيف المخلافي ندخل قبل انطلاق المباراة في نقاشات حاده ورهانات أما بعد انتهاء الكلاسيكو سترى ناس خافضي رؤوسهم وناس يحتفلون ويغنون ويتجولون في الشوارع احتفالا بالنصر.
كما تشهد مدينة عدن في اليوم الذي تقام فيه مباراة الكلاسيكو والأيام التي تسبقها وتليها أجواء رياضية رائعة تميزه عن غيره من الأيام الأخرى، حيث تتزين الحافلات والسيارات وكذا الشوارع بأعلام وشعارات الفريقين إلى جانب قيام وخلق جو رياضي من نوع آخر.
ويقول مروان القرشي نحن في عدن نستبق المباراة بالحديث عنها والدخول في نقاشات ومشاحنات مع الأصدقاء، مضيفا جميع المحلات عليها صور الفريق المفضل لديهم والبائعين لديهم أعلام وصور برشلونة وريال مدريد، على سبيل المثال في الحي الذي اقطن فيه كل طرف يقوم بمؤازرة فريقة أما من خلال تعليق أعلام فريقه على الجدران أو التجول بها في الشوارع أو وضعها على السيارات وعلى المنازل وعندما تدق ساعه المباراة يجتمع أبناء الحي في احد المنازل لينقسم المجلس بين ريالي وبرشلوني لكل فريق قسم خاص أو زاوية معينه من المجلس بعيدا عن الفريق الآخر تجنبا للمعارك، وبالنسبة لي فقد اشتريت علم برشلونة ولبست فنيلة فريقي المفضل حتى نهاية المباراة فحرب الكلاسيكو دقت طبولها منذ انتهاء مباراة الذهاب.
أما في تعز، أكثر المحافظات التي عانت من ويلات الحرب، فيبدأ المئات من الناس التوجه للاستراحات لمشاهدة المباراة، وتوّفر الاستراحات ملاذا مضمونا للشغوفين بمشاهدة المباراة، حيث يوفّر ملاكها مولدا كهربائيا، وشاشات كبيرة، وترتفع أسعار تذاكر الدخول للاستراحات، ففي الأيام العادية تتراوح أسعار التذاكر بين ثلاثمئة وأربعمئة ريال يمني للاستراحات العادية، لكن في يوم الكلاسيكو ترتفع الأسعار إلى خمسمئة وربما تصل إلى ستمئة ريال.
يقول مالك الجبري وهو من ملاك الاستراحات بتعز إن مباريات الكلاسيكو لها حضور مختلف، إذ يرتفع عدد الناس الراغبين في مشاهدة المباريات، ويشير إلى أن الناس يرمون خلفهم كل آلامهم في ليلة الكلاسيكو، ويضيف ما معنا إلا الكلاسيكو لنفرح فيه، ويضيف الحرب أتعبتنا.. كل يوم نعيش هموم من الحرب، سنترك كل شيء خلفنا في يوم الكلاسيكو.
وبعد توقف كل الأنشطة الرياضية في البلاد منذ اندلاع الحرب مطلع العام 2015، يستعيض الشباب الرياضي عنها بمتابعة الدوريات العالمية.
وكان الدوري اليمني قد توقف بعد ثلاث جولات من انطلاق مرحلة الإياب موسم 13-2014 تحديدا في ديسمبر 2014، بسبب الحرب، وحينها كان أهلي صنعاء متصدرا لترتيب فرق الدوري، ولم يستأنف منذ ذاك الحين أو تنطلق بطولة رسمية أخرى، باستثناء بطولات تنشيطية غير منتظمة للأندية تقام في صنعاء وعدن وحضرموت.