"الأنفجار الغامض"..

منظمة تكشف حقيقة انفجار سعوان الذي أودى بحياة 14 طالبة وتورط الحوثيين فيه..

2019-05-08 10:09:00 أخبار اليوم/خاص



قالت منظمة "سام" للحقوق والحريات في جنيف، إن الانفجار الذي وقع بتاريخ 7 أبريل 2019، جوار مدرسة الراعي في منطقة سعوان بالعاصمة صنعاء، وأسفر عن مقتل 14 طالبة.. كان بسبب انفجار مواد شديدة الانفجار في ورشة تصنيع تابعة للحوثيين ولم يكن بفعل غارة جوية لطائرات التحالف العربي.
وأشارت المنظمة- في تقرير لها بعنوان "الانفجار الغامض" –حصلت "أخبار اليوم" على نسخه منه - أشارت إلى أن تقييم خبير عسكري أن الانفجار ناجم عن مواد شديدة الانفجار تستخدم في صناعة الصواريخ.

مقدمة
ظهيرة السابع من شهر أبريل 2019، دوى انفجار كبير جوار مدرسة الشهيد الراعي في منطقة سعوان في العاصمة صنعاء.
كانت المدرسة ممتلئة بالطالبات، والشوارع المحيطة بالمدرسة تعج بالعائدين إلى منازلهم حين بدأ دخان أبيض يتصاعد من سقف ورشة لتشكيل الألومنيوم، تبعته انفجارات متفاوتة القوة، تسبب أقواها في نسف مبنى الورشة تماماً، وإحداث أضرار متفاوتة في المنازل المجاورة.
وتزامن الانفجار مع حدوث حالة هلع في أوساط الطالبات اللواتي تدافعن في ممرات المدرسة وتعرضت بعضهن للدهس، وضاعف من صعوبة الموقف مواجهة الطالبات لأبواب الطابق الثاني المؤدية إلى الدرج وهي مغلقة، فاضطر بعض الطالبات للقفز من الطابق الثاني، وتسلق بعض الأهالي ليتمكن من الوصول إلى طفلته العالقة، كان مشهداً مريعاً، ووصفه بعض الأهالي بأنه جزء من يوم القيامة.
منذ بداية الحرب في أيلول 2014، يعد هذا الانفجار واحداً من أكثر الحوادث تأثيراً من حيث عدد الأطفال الذين قتلوا بسببه، كما أنه يثبت أكثر من ذي قبل أن أطراف القتال في اليمن لم تعد تكترث لقواعد القانون الدولي في الحرب، وتطبيق قواعد الأمان بحق المدنيين، حيث تتعمد هذه الأطراف استخدام ورقة الضحايا، للمزايدات السياسية، والتجييش ضد الطرف الآخر، دون التزام أخلاقي أو قانوني بحماية المدنيين.
إن تراخي المجتمع الدولي في معاقبة المتسببين في انتهاكات حقوق الإنسان، ساهم في تشجيع أطراف القتال على ارتكاب مزيد من الانتهاكات، خاصة بعد قصف باص أطفال صعدة في 9 أغسطس 2018، واستمرار عجز المجتمع الدولي عن تحريك ملف المساءلة الجنائية الدولية بحق منتهكي حقوق الإنسان في اليمن.
بدون ضمانات جادة بإحقاق العدالة في انتهاكات حقوق الإنسان في اليمن، وتحريك المساءلة الجنائية فإن الإنصاف سيكون بعيد المنال في اليمن، والحديث عن السلام حديث عن سراب، وتوزيع للوهم، بل سيشجع على استمرار ثقافة الإفلات من العقاب.
مازال اليمنيون بانتظار العدالة القادمة من خلف الحدود، بعد فقدانهم الأمل بجلوس أطراف الصراع إلى طاولة سلام، وتنفيذ اتفاق سلام شامل يجلب لهم الطمأنينة، ليعودوا لممارسة حياتهم في سلام، ويذهب أطفالهم إلى المدارس دون أن تقض مضاجعهم هواجس الفقد.
خلفية قانونية
تعرّف الأعيان المدنية بأنها: "كافة الأعيان التي ليست هدفاً عسكرياً والتي تهدف لخدمة الأغراض المدنية، في حال التعرض لها أو تدميرها لا يحقق ميزة أو نصراً عسكرياً".
وهي تشمل جميع المنشآت المدنية من مساكن ومبانٍ ومستشفيات ومدارس وأعيان مدنية لا تستخدم لأغراض عسكرية والمناطق الزراعية والمحاصيل والماشية والممتلكات الخدمية والحكومية ودور العبادة والأعمال الخيرية والمؤسسات الفنية والعلمية والآثار التاريخية والمتاحف والمؤسسات الثقافية والتربوية.
وقد عنيت هذه الأماكن بحماية خاصة لما لها من أهمية بالغة ومكانة إنسانية، فقد نصت المادة (53) من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقية جنيف لعام 1977..
"تحظر الأعمال التالية، وذلك دون الإخلال بأحكام اتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح المعقودة بتاريخ 14 أيار/ مايو 1954 وأحكام المواثيق الدولية الأخرى الخاصة بالموضوع:
أ‌- ارتكاب أي من الأعمال العدائية الموجهة ضد الآثار التاريخية أو الأعمال الفنية أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي أو الروحي للشعوب.
ب- استخدام مثل هذه الأعيان في دعم المجهود الحربي.
ومن هذا المنطلق تحظى المدارس بعناية خاصة، واهتمام كبير من قبل المجتمع الحقوقي، لارتباطها الكبير بالأطفال، التي منحها البروتوكول الأول لعام 1977 حماية خاصة أثناء النزاعات المسلحة، حيث نص على: "يجب أن يكون للأطفال موضع احترام خاص".
كما أن البروتوكول الثاني في المادة 4/3 ينص على أنه "يجب توفير الرعاية والمعونة للأطفال بالقدر الذي يحتاجون إليه لحماية للأطفال خلال النزاعات غير الدولية، ومن ذلك تجنيب المدارس الاستهداف المباشر، والابتعاد عن كل ما يمكن أن يشكل خطراً عليهم كتخزين أسلحة، أو بناء مواقع عسكرية، وبناء منشآت قد تشكل خطراً على حياتهم وسلامتهم.
وبالنظر إلى النزاع المسلح في اليمن، من خلال الإحصائيات، والتقارير الميدانية، التي تشير إلى استهداف المدارس سواء بالقصف المباشر، أو اتخاذها ثكنات عسكرية، أو مخازن أسلحة، يعد اعتداء صارخا على حقوق الطفل في اليمن، وتعد على القانون الدولي.
المدارس محمية بموجب القانون الدولي، واتفاقيات جنيف، حيث لا تشكل أي تهديد عسكري لأي طرف، وبنفس القدر من التحريم لا يجور استخدام المدارس لأي غرض عسكري من قبل أي طرف من الأطراف، ويجب أن تحظى باهتمام من قبل أطراف النزاع، خاصة في حالة وقوعها في أحياء سكنية، وتزداد هذه العناية والحرص في حالة اكتظاظها بالتلاميذ الصغار كما هو الحال في مدرسة الراعي في صنعاء، التي لا تشكل هدفاً عسكرية بأي شكل من الأشكال، واستهدافها سواء بالقصف المباشر، أو تعريضها للخطر من خلال تخزين الأسلحة أو المواد المتفجرة بالقرب منها يعد جريمة، وانتهاكا للقانون الدولي الإنساني، وخاصة اتفاقية لاهاي.

مقدمة


يعد حي سعوان من الأحياء السكنية ذات الكثافة السكانية العالية، يقع إلى الشمال الشرقي من أمانة العاصمة، وتسكنه الآلاف من الأسر المتوسطة والأسر ذات الدخل المحدود والفقيرة، ويتكون من عدد من الأحياء والحارات منها الحضرية ومنها الشعبية.
- لم يكن حي سعوان بمنأى عن الحرب التي تعصف باليمن منذ سبتمبر 2014، فقد تعرضت المدينة لثلاثة حوادث تعد من أعنف الهجمات التي شهدتها أمانة العاصمة، حيث تعرضت حارة الشِّعب لغارة جوية ليلية من قبل طيران التحالف في شهر مايو 2015، سقط على إثرها عدد من القتلى والجرحى غالبيتهم من الأطفال والنساء ودمرت عدد (5) منازل، تلتها حادثة قصف طيران التحالف لمدينة العمال منتصف شهر رمضان من نفس العام، راح ضحيتها عدد من المدنيين بين قتيل وجريح، جميعهم من فئة المهمشين وأغلبهم نساء وأطفال، وتلتها عدد من الغارات على العيادات الطبية العسكرية ومعسكر سلاح المهندسين المجاور لها خلال الفترات الماضية، جميع تلك الغارات تركت خسائر في أرواح المدنيين وممتلكاتهم.
- حي الأربعين بمدينة سعوان، محور تقريرنا هذا، يقع إلى الشمال من دوار الأربعين شمال شرق مدينة صنعاء، ويعد من الأحياء الجديدة والآهلة بالبناء يتفرع منه غربا شارع (24) والذي تقع فيه ورشة تصنيع الومنيوم منشأة منذ سنتين تقريبا على مساحة 400 متر مربع تقريبا، ومؤخراً لاحظ السكان ربط الورشة بصهريج غاز، ويقال إن مالكها السابق باعها لقيادي في مليشيا الحوثي، غير أن المنظمة لم تتمكن من الاطلاع على وثائق ملكية المنشأة للتأكد من دقة هذه المعلومات.
خلاصة


حصلت "سام" على تقييم خبير عسكري عمل في مجال التصنيع العسكري في القوات المسلحة اليمنية، عرضنا عليه مقاطع الفيديو والصور الفوتوغرافية المتوفرة، وقال إنه يعتقد أن الانفجار لم يكن بفعل صاروخ جوي أو ضرب طيران بل نتيجة فعل داخلي من الورشة نفسها وأن المدى الذي خلفه الانفجار والذي وصل إلى مسافة (5كم) مربع ناتج عن مواد شديدة الانفجار، ربما كانت تستخدم لتصنيع رؤوس صاروخية تستخدم في العمليات العسكرية"..
- نتج عن الانفجار وفاة ما لا يقل عن (14) من طالبات وطلاب المدارس غالبيتهن من فئات الأطفال المجاورة لموقع الحادث، فيما جرح العشرات من طلاب المدارس ومن المدنيين المجاورين لموقع الحادث، كما نتج عن الحادث مقتل وإصابة عدد من عناصر مليشيا الحوثيين المتواجدين في المعمل ومحيطه وقت الانفجار، لم نتمكن من الحصول عن أي معلومات عنهم.
- تسبب الحادث بصدمات نفسية شديدة لفئات الأطفال وخاصة في المدارس المحيطة بمربع الانفجار وأيضاً للمدنيين القريبين من موقع الحادث.
- تسبب الانفجار بأضرار جسيمة ومتوسطة في محلات تجارية ومساكن عدة تبلغ أكثر من 200 مسكن ومحل تجاري، تم حصر تلك الأضرار من قبل السلطات.

أطقم مسلحة.. وطوق أمني.. أجواء الانفجار.
- السابعة صباح من يوم الأحد 7 أبريل 2019، وكما هو معتاد تبدأ حركة الطلاب إلى المدارس والجامعات والموظفون إلى أعمالهم، ودَّع الآباء والأمهات أطفالهم إلى المدارس على أمل عودتهم بسلام في المساء، إلا أن الفاجعة كانت أسبق.
- قبل الواقعة بساعات فرضت قوات وأطقم تابعة لمليشيا الحوثي طوقاً أمنياً على مكان الواقعة وكانت تمنع الناس من الاقتراب من المكان وفقاً لشهادة أحد سكان الحي الذي أفادنا بأنه شاهد أطقماً عسكرية محيطة بمكان الواقعة ويمنعون المارة من الاقتراب منه.
دخان أبيض كثيف يعانق عنان السماء
بحسب مشاهدات المدنيين القريبين من مدرسة سعوان، التي وقع فيها الانفجار، سجل باحثو منظمة "سام"، ملاحظات مهمة عن لحظات ما قبل الانفجار وتمثلت في التالي: -
- في الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً، تصاعد دخان أبيض كثيف من سقف الورشة (مكان الحدث) وارتفع لمسافة عالية في السماء، وشوهد من أماكن مختلفة داخل مدينة صنعاء.
- استطاع العديد من الناس التقاط صور ومقاطع فيديو سجلت أصوات انفجارات صغيرة داخل الورشة.
- عقب تصاعد الدخان بدقائق تصاعدت ألسنة اللهب الأحمر لمسافة (4) أمتار تقريباً، بعدها حدث الانفجار الأكبر من داخل الورشة والذي نسف مبنى الورشة والسور المحيط بها بشكل كلي، إضافة لمنازل مجاورة.
- مدرسة الراعي للبنات تقع على بعد (400) متر إلى الغرب من الورشة، كان لها النصيب الأوفر من الضحايا، إذ تسبب الانفجار بحالة شديدة من الخوف والهلع وتناثر الشظايا وزجاجات المباني، وتدافعت الطالبات من أعلى المبنى ودهس الطالبات بعضهن البعض في الممرات والدرج، وقد غطى المنطقة سحابة من الدخان والغبار والأتربة وكان الآباء والأمهات في حال صدمة، الكثير هرعوا من منازلهم إلى المدرسة وهم في حالة خوف ورعب نتيجة الانفجار الذي تسبب لهم في منازلهم وحال كلا منهم: هل سأجد ابنتي على قيد الحياة؟
- مدرسة الأحقاف الأهلية تقع إلى الجهة الشرقية من الورشة وتبعد عنها مسافة (300) متر نالها نصيب من الحزن والأسى، حيث أصيب بعض طلابها نتيجة الانفجار.
- استمرت الانفجارات في مكان الواقعة لساعتين تقريباً عقب الانفجار الكبير.
- عقب الحادث مباشرة، هرعت مزيد من قوات الأمن والشرطة ومسلحون مدنيون تابعون لمليشيا الحوثي وضربوا عدداً من الأطواق الأمنية حول مكان الواقعة ومنعوا أي شخص من الاقتراب بشكل نهائي، الأمر الذي حال دون وصول فريق المنظمة إلى مكان الواقعة للمعاينة وجمع المعلومات.
- استمر الطوق الأمني من صباح اليوم الأول حتى اليوم الثاني، تم خلالها رفع كل ما تبقى من الآثار التي خلفها الانفجار، واستمر الطوق الأمني خلال اليوم الثاني.
- تم تنفيذ وقفات احتجاجية للرجال في اليوم الثاني وللنساء في اليوم الثالث.
- ورغم المخاطر وصعوبة الوضع الأمني وانتشار عناصر الأمن الوقائي من الرجال والنساء والذين يعملون بشكل خفي وينقلون صورة لكل من حضر أن الواقعة قصف طيران ويراقبون كل من ينقل صورة مغايرة لما أعلنوه، فقد تمكن فريق المنظمة من الوصول إلى أقرب مكان من الواقعة في الخامسة من مساء اليوم الأول، حيث تمكنا من معاينة مسرح الواقعة عن قرب وكانت الصورة كما يلي:
- أحاط الحوثيون مكان الواقعة بحراسة مشددة ومنعوا الناس من الاقتراب، كما قاموا بالاعتداء على من حاول التصوير، وهناك وقائع موثقة في هذا التقرير، وأغلقوا المنطقة وطوقوها بالمسلحين والأطقم، منعا من أي تصوير أو اقتراب، واكتفينا حينها بالمشاهدة من أقرب نقطة سمح لنا بالوصول إليها، وشاهدنا مساحة واسعة لبقايا ورشة على امتداد "عشر لبن " حولها مبان متباعدة، تتوسطها الورشة المنفجرة.
- من جهة الشرق مبنى واحد مسلح طابق واحد فقط، وجهة الغرب بيوت كثيرة وأرضية بيضاء، ومن الشمال وعلى بعد أربعة أمتار منزل "معين الفايق " الذي دمّر بالكامل مع منزل أخويه وابن عمه" أربعة منازل "تدمير كلي "بسام الفايق. جمال الفايق وعلي الفايق" وفي الجنوب مبانٍ تبعد شارعا واحدا من موقع الانفجار.
- تضرر بسبب الانفجار قرابة (200) منزل ومحل تجاري بين أضرار متوسطة وخفيفة.
شهادات تكشف الجزء الخفي من الواقعة
لمعرفة تفاصيل أكثر عن أسباب الانفجار الذي أدى إلى مقتل 14 طالبة وإصابة عدد من المدنيين، إضافة إلى تضرر عدد كبير من المنازل والمحال التجارية، فقد التقى باحثو منظمة "سام" بعدد من الشهود، سواء الذين يسكنون بالقرب من المدرسة، أو ممن وقعوا ضحايا لهذا الانفجار, وقد حرصنا في المنظمة على ذكر أسماء غير حقيقية, حفاظاً على سلامة الشهود, من أي مخاطر أمنية قد يتعرضون لها من قبل سلطات مليشيا الحوثي المسيطرة على المنطقة:-
1- الشاهد ن.ح قال لـ"سام": "أثناء تصويري للدمار الذي حل بمنزل صديقي علي الفايق والنار المتصاعدة وآثار الدمار في الورشة، وصلت أربعة أطقم محملة بمسلحين، من القوات الخاصة، وأرادوا أخذ تلفوني، فحاول صاحبي علي الفايق منعهم، فقاموا بضربه بأعقاب البنادق وهو مصاب أصلاً من الانفجار، فاحتجيت أنا وآخرون من الجيران، فقاموا بضربنا وأخذونا فوق أحد الأطقم إلى سجن المنطقة الخامسة، وبعضنا إلى قسم شرطة مدينة العمال، وحبسونا في المنطقة الخامسة إلى المغرب ثم أفرجوا عنا.
2- شاهد م.ع قال لـ "سام": الورشة لها سنتان من وجودها في الحي، ولم نعرف لمن هي، كانت ورشة أخشاب وألمنيوم، نرى أشياء تدخل وتخرج، لكننا مثل الناس لا نستطيع الحديث، ووجود الشظايا من الصواعق دليل على أنها ورشة تصنيع للمتفجرات.
3- عبدا لملك- أحد ضحايا الانفجار دمّر منزله مع اثنين من إخوانه وابن عمه أربعة منازل شعبية مكونة من طابق واحد فقط.. قال لـ "سام": إنه كان يوم الانفجار الساعة 12 ظهراً على بعد بسيط من منزلهم القريب من الورشة "شاهدت أحد العمال كان في يده حديدة ويشحذ سلك بها ثم سمعته يصرخ في أصدقائه "اهربوا .. ينفجر" دخلت للبيت وكنت أصيح للأطفال والنساء وبيت إخوتي، فكان الانفجار الثاني والذي أصيب فيه أخي علي بعدة جروح في الرأس والظهر والأطراف وأصيب أفراد أسرتي ببعض جروح وبعض الرضوض، أما منازلنا فقد دمّرت بالكامل مع إتلاف كل الممتلكات ومن ضمنها ثلاث دراجات نارية.
4- حسين- أصيب في الحادث بجروح في رأسه وظهره وأطرافه بسبب سقوط بعض شظايا المنزل عليه- قال لـ "سام": " كنت خارج المنزل وصلت إلى جنبه، سمعت الانفجار الأول، كنت أجري بقوة، وعندما مشيت مسافة جاء الانفجار الثاني انبطحت وكل شيء فوقي، انتظرت تحت الدمار ثم قمت وشفت جارنا وهو مغبر مع أطفاله وهو يهرب بهم بعيداً من المكان، وكنت أصيح في أهلي "أهربوا .. اهربوا" و دخلت البيت فوجدت أخي "يوسف " 23 سنة مدفون تحت البلوك والتراب والدماء تغطي وجهه الذي كان ظاهراً من بين الدمار، طلعت أخي وخليت الجيران يسعفوه، ثم وجدت زوجتي وأمي وزوجة أخي وأطفالي والأحجار فوقهم أخرجتهم بسرعة، أخرجت بقية أهلي، أطفالي متأثرين من البارود الذي جاء من الورشة"..
5- زين الدين قال لـ"سام": "كان القارح ( الانفجار) الأول صغير كأنه انفجار دبة (أنبوبة) غاز، عندما كان العامل يصرح في زملائه أهربوا. وبعدها جاء القارح (الانفجار) الثاني وكان أقوى من الأول، وعندما أخرجت كل أفراد أسرتي جاء الانفجار الثالث الأقوى امتلأت منازلنا بالشظايا والبارود والصواعق، ولازالت الشظايا موجودة".
في اليوم الثالث للانفجار ذهب باحثو "سام" مرة أخرى إلى المنطقة، مكان الانفجار، وكان موقع الانفجار ما يزال مطوقاً من أفراد مسلحين يتبعون مليشيا الحوثي، قابلنا بعض السكان، وشاهدنا المكان من مسافة قريبة، لم يكن في أرضية الورشة آثار حفرة لقصف، وفي المنازل القريبة شاهدنا آثار الشظايا ووجدنا بعض الشظايا- التي قال لنا السكان- إنها من بقايا الانفجار والتقطنا لها بعض الصور الفوتوغرافية.
-
6- الشاهد " ع . أ . ص "يقول عندما كنت وابنتي الصغيرة بالقرب من جامع المراون في الساعة 12 ظهراً سمعنا الانفجار أولاً ولم نسمع صوت طيران، ورأيت دخاناً كثيفاً أبيضاً من بعيد، فرجعت بابنتي للمنزل، وذهبت أنا وابن كريمتي إلى المدرسة لوجود بنات أخي وأختي هناك، وكنا نسمع انفجارات متتابعة، دخلنا إلى المدرسة كان منظراً محزناً والأهالي تتدافع لبناتهم، رأيت حوالي 15 طالبة فوق بعضهن كانت إحداهن تؤشر لي أن أنقذها وأخي كذلك وكان الصراخ والعويل، فسحبتها والأخرى لم أستطع فصحت في الناس يدفعوا بالبنات للداخل اللائي على السلالم لنتمكن من إنقاذ الفتيات، تم سحب الفتيات وآخرهن الذي رأيتهن طالبتان قد لفظن أنفاسهن"..
7- الشاهد ( ع . ع) قال في شهادته لسام: "عند وقوع الانفجار على المصنع القريب من المدارس توجهت للموقع، حيث كانوا الأهالي يهبوا للمدرسة، كل منهم يبحث عن أبنائه، صادفت العديد من الأسر المجاورة لمكان القصف وهي تهرب من بيوتها إلى أماكن أخرى، نقلت منهم من استطعت وأنا استمع إلى دعاء النساء والرجال أن ينتقم الله منهم، سمعت صراخ الأمهات يبحثن عن أبنائهن، رأيت طالبات أغمي عليهن وطالبات فقدن حياتهن"..
8- الشاهد / ( ح . أ . ن ) – 58 عاماً – يعمل حارس لإحدى العمارات المجاورة للورشة أفادنا بقوله: "الورشة المجاورة للمنزل الذي أقوم على حراسته كانت تشتغل في مجال صناعة أبواب ونوافذ من الألومنيوم وفي الفترة الأخيرة تم استحداث محطة غازل بجانبها وتوصيلها بالورشة، وكانت تأتي سيارات على متنها مسلحين من وقت إلى آخر، مما زاد مخاوفنا أكثر وفي يوم الواقعة تصاعد دخان كثيف من وسط الورشة وسمعت انفجارات خفيفة وبعدها سمعت صوت صاروخ وحدث الانفجار وفقدت الوعي ولم أستيقظ إلا بعد أن صبوا عليّ الماء"..
9- الشاهدة (سعيدة) -50 عاماً تسكن جوار مدرسة الراعي أفادتنا بقولها "سمعت في البداية صفير من الهنجر الذي تقع فيه الورشة استمر لمدة 10 دقائق بعدها شاهدت دخاناً أبيض يتصاعد بشكل كثيف وبعدها حصل الانفجار" وبسؤالها هل سمعت صوت طيران؟ أجابت: لا..
المأساة في عيون الطالبات

 

لرصد الآثار النفسية التي أصابت الطالبات بسبب الانفجار، حرص باحثو "سام" على زيارة المدرسة، في اليوم التالي للانفجار.
وجدنا بعض المسلحين التابعين لمليشيا الحوثي، منعونا من الدخول بحجة حماية أغراض الطالبات وأثاث المدرسة من السرقة.
كان مشهد الخوف مرسوما بوضوح في وجوه طالبات في المدرسة، الترقب في العيون، ومشاعر الحزن بادية على الجميع.
الطالبة "حياة" قالت لـ "سام": " في الساعة 12 عشر تقريباَ سمعنا انفجارا شديدا، جعل كل الطالبات تخرج من الفصول وهن مذعورات بشكل كبير، اختلطت أصوات البكاء وصراخات الفزع، ولم نسمع صوت طيران وإنما الانفجار الأول وبعده انفجار ثاني مع انفجارات صغيرة عديدة.. تدافعت الطالبات إلى السلالم، وجدت نفسي بينهن وسط الازدحام وبالكاد استطعت الخروج بعدما جرحت في رجلي، ورأيت كثيراً من البنات فوق بعض، كنت خائفة، وبحثت بين الناس عن إخوتي ثم ركضت إلى المنزل".
- المعلمة" د.م" تقول في شهادتها لـ "سام" إنها لم تسمع صوت طيران "كان صوت الانفجار شديدا، جعل الطالبات يتدافعن إلى السلالم بقوة وتركن حقائبهن وأشياءهن خلفهن مع الصراخ والفزع الشديد، أنا لم أستطع الحركة لأني احتبست وسط الطالبات وشعرت بصعوبة في التنفس وكاد يغمى عليّ وأنا أرى الفتيات تحت قدمي" .
- الطفلة " ملاك "عشر سنوات" قالت لـ "سام": دخلت زميلتي للفصل تقول للبنات " في سحابة كبيرة في السماء، خرجنا نشوف "فكان الانفجار الأول شديد" البنات خافين" وهربن للسلالم" كان في انفجارات خفيفة أنا خفت وذهبت أبحث عن أختي حتى وجدت عمي وابن عمتي يبحثون عنا ورأيت الكثير من الطالبات فوق بعضهن".
- الجريحة " مريم صالح عبد اليوسفي- العمر 77- أصيبت بشظية في ذراعها، منزلها قريب من جولة الأربعين، وبنات ابنتها يدرسن في مدرسة الراعي " تقول لـ "سام": "في الساعة 12 ظهرا سمعنا انفجارا كبيرا وسمعت الناس تصيح أن الانفجار بمدرسة الراعي، طار عقلي ولبست بسرعة خارجة للمدرسة وفي الطريق حدث الانفجار الثاني ولم أشعر بالشظية في يدي، وقتها، كنت أمشي وأنا أبكي وأسمع انفجارات متتالية، وعقلي عند أولاد بنتي، وجدني شخص من المارة وأنا أتخبط من نزيف الدم فأسعفني إلى مستشفى خاص وهناك رأيت طالبات جثثاً وطالبات مغمي عليهن وكنت مفجوعة لو بناتنا هناك".

وبجانبها كانت ابنة ابنتها" أمة العليم إبراهيم المسوري" العمر 14 سنة، أصيبت في رجلها أثناء تدافع الطالبات قالت لـ "سام": " سمعنا انفجارا وقت الظهر ومن الخوف هربنا إلى السلالم، احتشرت بين البنات، وأغمي عليّ وجدت نفسي بالمشفى".
الضحية مازالت تعاني من حالة نفسية، وخوف شديد كما ذكرت جدتها وأمها، وتفزع من النوم وهي تصرخ، وقالت إنها "لن تعود للمدرسة."
دمار طال كل شيء
- قام فريق "سام" بأكثر من زيارة للمربع الذي وقع فيه الانفجار، وتم معاينة الأضرار التي لحقت بالمباني والمحلات والمنازل وقد تفاوتت الأضرار وكان أشدها جسامة الأقرب من مكان الواقعة، حيث شاهدنا واجهات محلات تجارية ومنازل دمّرت بشكل كلي، تم توثيق البعض منها بمقاطع فيديو وصور ومقابلات لضحايا، والمثير للدهشة أن نطاق الحادث والأضرار التي تسبب بها قد وصل إلى مسافة كبيرة وصلت إلى 5كم مربع، وتقدر المحلات التجارية والمباني العامة والخاصة التي تعرضت للأضرار أكثر من (200) منزل ومحل تجاري، وهذا الأمر ليس مألوفاً في القصف الذي يكون مصدره الطيران إذ أن أضراره لا تصل إلى هذا المدى.
- الأضرار النفسية- التي خلفها الحادث- أكثر من أن يتم حصرها لدى الأطفال، الطلاب والطالبات والنساء في الحي، حيث يعاني الكثير منهم إثر الانفجار الذي تسبب لهم بإصابات ونوبات قلق وخوف وفزع لن يزول أثرها قريبا.
مواقف وردود عن الحادثة
- مليشيا الحوثيين سارعوا إلى تحميل "قوى العدوان" مسؤولية الانفجار، وأعلنوا في بيان أن الحادثة قصف طيران استهدف مدرسة للتعليم الاساسي بمنطقة سعوان، واستمروا في الحشد والوقفات الاحتجاجية بمكان الواقعة على مدار ثلاثة أيام، وفي يوم الأربعاء تم تشييع الضحايا إلى مثواهم بحضور شعبي كبير، كما حضر قيادات من مليشيا الحوثي، ونقلت وسائل الإعلام التابعة للحوثيين وقائع الجنازة، كما استفادت منها لحشد مزيد من المقاتلين.
- قناة الحدث وفي خبر عاجل بعد الواقعة بساعتين أعلنت أن قوات التحالف استهدفت معسكر للحوثيين (بسعوان) شرق صنعاء، وجاء هذا الاعلان موافق لما أعلنت عنه سلطات مليشيا الحوثي في صنعاء
- قوات التحالف العربي وعلى لسان الناطق الرسمي العقيد تركي المالكي في تصريح لقناة (سكاي نيوز) مساء الواقعة أن الانفجار الذي وقع في صنعاء ناجم عن انفجار في معمل حوثي لصناعة السلاح والمتفجرات، ونفى أن يكون التحالف قد نفذ أي عملية داخل العاصمة صنعاء في ذلك اليوم، وكانت هناك غارات استهدفت معسكر عمد بسنحان وأخرى في نهم.
- المبعوث الأممي لليمن، مارتن غريفيت والذي كان يومها في زيارة لصنعاء عبر عن أسفه لسقوط ضحايا مدنيين في منطقة سعوان بصنعاء، وفي بيان له عبر موقعه الرسمي قال: إنه ليؤسفني سماع خبر الوفاة المأساوية لمدنيين وغالبيتهم من طالبات المدارس صغار السن، وتقدم بتعازيه للمتضررين ولكل المدنيين في أرجاء البلاد
- منسقة الشؤون الانسانية في اليمن، ليز غراندي
- قالت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليز غراندي في بيان صحفي: إن حماية السكان وحماية البنية التحتية المدنية في اليمن هي مبادئ أساسية في القانون الدولي الإنساني، ويتم انتهاك هذه المبادئ حتى في الوقت الذي تكافح فيه الأمم المتحدة لمعالجة أسوأ أزمة للأمن الغذائي في العالم وإحدى أسوأ حالات تفشّي الكوليرا في التاريخ الحديث، وأوضحت أن التقارير الأوّلية تشير إلى مقتل 14 شخصاً مدنياً في غارة جوية أمس الأول، منهم خمس طالبات، وجرح العشرات من المدنيين في مديرية شعوب بمدينة صنعاء، وأضافت: «إن التسبّب في مثل هذا العدد المروّع من القتلى والجرحى عمل عبثي، ونتقدّم بأحر تعازينا لأسر الضحايا، ويجب أن تبذل كافة الجهود لفهم الظروف الحقيقية التي أدّت إلى وقوع هذه المأساة».
- وزير حقوق الإنسان في الحكومة الشرعية د.محمد عسكر
في تغريدة له على صفحته بتويتر دعا اللجنة الوطنية للتحقيق في ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان بالقيام بواجبها وكشف مرتكبي جريمة سعوان للرأي العام وتقديم ملفاتهم للقضاء

 

التوصيات

المجتمع الدولي
- فتح تحقيق في واقعة مدرسة الراعي في منطقة سعوان شرق أمانة العاصمة , يوم الاثنين بتاريخ 7/ ابريل / 2019 والذي تسبب بمقتل (14) من طالبات وطلاب المدارس وجرح العشرات
التحالف العربي:-

- - تجنيب المدن , والمناطق الآهلة بالسكان، بما في ذلك المنشآت العامة، أي ضربات جوية، قد تتسبب في إحداث أضرار بالمدنيين.
- مراجعة شاملة لبنك الأهداف وقواعد الاشتباك خاصة في المناطق السكانية والقريبة من المواقع العسكرية وفقا لقواعد ومبادئ القانون الدولي.

مليشيا الحوثي :-
- السماح بإجراء تحقيق جدي ومحايد في أسباب الانفجار الذي وقع بجوار مدرسة الراعي في منطقة سعوان شرق أمانة العاصمة، يوم الاثنين بتاريخ 7/ ابريل / 2019، وتسبب بمقتل (14) من طالبات وطلاب المدارس وجرح عشرات آخرين.
- الالتزام بقواعد القانون الدولي , وتجنيب المناطق السكانية , والمنشآت العامة , أي أخطار عسكرية،بما فيها مخازن الأسلحة، أو مواقع خدمات لوجستية لأغراض عسكرية.

منظمة سام للحقوق والحريات، جنيف

  

- كشف بأسماء ضحايا الواقعة ( الوفيات )


-
-

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد