هل أصبحت سلطته شكلية أكثر من كونها فعلية؟

الرئيس هادي.. "شعرَة معاوية" في معادلة حرب التحالف باليمن؟

2019-06-22 05:16:37 أخبار اليوم/ خاص


لماذا أصبحت الشرعية في هامش ضيق يحكمه مزاج أبوظبي السياسي؟
شرعية هادي قليلة الحيلة في سيرورة الأحداث المتقلبة صعوداً وركوداً!
عودة الرئيس هادي إلى اليمن لا تقبل المساومة ومطلب شعبي جامع لمواجهة الجماعة الانقلابية ومشروعها الرجعي
مسئولون حكوميون يتهمون الإمارات بإعاقة الشرعية وحشرها في الخانة الضيقة..
مواقف أبوظبي وهواجس التوسع والسيطرة على حساب مصالح اليمنيين..
بقاء الرئيس في الخارج خدمة مجانية للانقلابيين وأشباههم من حركات التمرد في اليمن..
الإمارات تجاهر بالعداء لهادي والمعركة بالنسبة لها انتهت باستحواذها على نصيبها من الكعكعة..

رغم المماطلة التي يصفها كثير من المراقبين بــ "الإخفاقات" من جانب التحالف العربي في معركة "استعادة الشرعية" في اليمن، والتي يبدو واقعها بعيداً عن الأهداف التي وضعها التحالف لنفسه بداية التدخل العسكري الذي تقوده السعودية.. ما يزال التحالف مترددًا في التخلي عن التصرف بعيدًا عن الشرعية التي أصبحت في هامشٍ ضيق يحكمه المزاج السياسي لأبو ظبي ومواقفها التي تنسحب على مواقف الرياض.
طوال 5 سنوات ظلت السلطة الشرعية التي يمثلها الرئيس/ عبد ربه منصور هادي، واجهةً سياسية قليلة الحيلة في سيرورة الأحداث المتقلبة صعودًا وركودًا حسب المزاج السياسي لمزاج التحالف، الذي برز فيه دور الإمارات كلاعب محوري أضحى أكثر حضورًا من السعودية التي تقود التحالف العسكري في اليمن.
لكن المثير للغرابة في نظر المتابعين للشأن اليمني، هو بقاء الرئيس هادي كل هذه الفترة في الهامش القصي دون أن يبرح مقر إقامته في الرياض، رغم ما يمثله الرجل من رمزية سيادية للبلاد تجعل من عودته إلى اليمن حتمية لا تقبل المساومة ومطلبًا شعبيًا يمثل ما تبقى من تطلعات اليمنيين في مواجهة الهيمنة العبثية للجماعة الانقلابية ومشروعها الرجعي الذي يستفيد من عامل الوقت لتكريس نفوذه في جميع المحافظات الخاضعة لسلطة الأمر الواقع الانقلابية.
اللافت أن إعادة الشرعية في اليمن كانت على رأس أولويات التحالف العربي غداة انطلاق عمليات عاصفة الحزم في 26 مارس 2015، بالتالي كانت الفرصة سانحة في أن يتحقق هذا الهدف _جزئيًا_ بعودة هادي إلى العاصمة المؤقتة عدن بعيد تحريرها من فلول الجماعة الانقلابية، وذلك لاعتبارات عدة أهمها إثبات جدية التحالف وحسن نواياه في توطيد سيادة السلطة المعترف بها دوليًا على البلاد، إلا أن ما حدث كان العكس تمامًا، فبدلا من تهيئة المناخ لعودة هادي إلى العاصمة المؤقتة، عملت أبوظبي على الحيلولة دون حدوث ذلك، عن طريق وكلائها المحليين، الذين أصبحوا الأن يسيطرون كليا على معظم المحافظات الجنوبية تقريبًا.
مواقف أبو ظبي
موقف الإمارات الذي تؤطره اعتبارات المصالح التي يتداخل فيها السياسي بالإيديولوجي، وهواجس التوسع والسيطرة، على حساب مصالح اليمنيين الذين أنهكتهم الحرب التي باتت تتحكم بمجرياتها، وهو ما جعل مسؤولين في الشرعية يخرجون عن صمتهم ويتهمون الإمارات صراحة بإعاقة السلطة الشرعية وحشرها في الخانة الضيقة.
عمليًا، يرى كثير من المراقبين أن سلطة الرئيس هادي أصبحت شكلية أكثر من كونها فعلية، وبالتالي فإن قطبا التحالف (السعودية والإمارات) لا يزال لديهما تحفظاتهما الخاصة من عودة نهائية لهادي إلى اليمن، ولكل طرف منهما مبرراتها فالسعودية التي هي في نظر المجتمع الدولي تستمد شرعية تدخلها في اليمن بتفويض من حكومته المعترف بها دوليًا، تحرص على بقاء خط التماس المباشر مع رأس هذه السلطة القابعة في الرياض، وهذا يجعلها مطمئنة من انسجام جميع مواقفها تحظى بمباركة حكومة اليمن الشرعية.
ناهيك عن أن بقاء الحكومة الشرعية في الرياض يعزز مبرراتها في استمرار الحرب، ويقطع وسواس احتمال أن يتخذ الرئيس هادي قرارات قد لا تتفق مع الخاتمة التي تريدها المملكة لإنهاء الحرب في اليمن والتي كلفتها الكثير حتى الآن، أما من ناحية أن هذا التصرف هو من صالح اليمن أو لا، فإن هذا الأمر لا يعني للسعودية كثير شيء كما يبدو.
خلط الأوراق!
على الجانب الآخر، هناك الإمارات الطرف الأكثر فاعلية في خلط الرواق داخل التحالف، وبطبيعة الحال، فهي لا تجد حرجًا في المجاهرة بمواقفها الرافضة لعودة الرئيس هادي إلى عدن، فبالنسبة للإمارات فإن المعركة في اليمن قد انتهت، طالما أنها قد استحوذت على نصيبها المأمول من الكعكة، وكرست وجودها في المحافظات الجنوبية ولاسيما مدينة عدن، عن طريق إنشاء مليشيات مسلحة خارج نطاق الشرعية، والتي كانت الخطوة الأولى لإنشاء هيئة سياسية تحمل طموحات انفصال الجنوب عن الشمال، ممثلة في ما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الذي يرأسه محافظ عدن المال عيدروس الزبيدي، مع لفيف من الشخصيات العسكرية سيئة السمعة، والمعروفة بولائها المطلق للإمارات.
سلوك الإمارات!
ورغم أن سلوك الإمارات المجافي كليا لجميع المصالح الوطنية الجامعة، والمتناقضة مع القانون الدولي، كونها تتخذ منحى الهيمنة الاستعمارية في حق دولة أخرى، إلا أن السعودية _لسبب ما_ تتعمد غض الطرف، وجعل حليفتها طليقة اليد في جنوب اليمن، الأمر الذي خلق انقلابا ثانيا على الشرعية برعاية الإمارات وبيادقها في عدن وأخواتها.
وربما ليس من الجيد الاستطراد كثيرًا في قضية الدوافع الإماراتية في معاوقة عودة الرئيس هادي إلى اليمن، كون ذلك بات من أوضح الواضحات بعد 5 سنوات من الحرب تحت لافته فضفاضة مفادها إعادة الشرعية في اليمن، وإنها الانقلاب الحوثي.
مصالحة مع الحوثي!
على النقيض من ذلك ليس من المستبعد أن تدفع أبوظبي بحليفتها إلى مصالحة مع الحوثي في نهاية المطاف، كونها استوفت أهدافها أو معظمها على الأقل، هذا في الأحسن الأحوال، أما في أسوئها فمن غير البعيد أن يكون هناك تواصل مضمر بين وكلاء أبوظبي (الانقلابيين) في الجنوب وبين الحوثيين الانقلابيين في الشمال، غايته تهيئة الفرص التي تفضي إلى تنسيقٍ تجد السعودية نفسها مضطرة للموافقة عليه بحكم الواقع، يفضي إلى تقاسم النفوذ على أساس شطري، ينفرد فيه كل طرف بنصيبة من المحافظات.
بسط نفوذ
ما يقودنا إلى هذا الاستنتاج، أن كُلًا من الانقلابيين الحوثيين أو وكلاء أبوظبي الشطريين، يعلمون يقنًا أنه ليس بمقدورهم بسط نفوذهم إلى ما هو أبعد مما لديهم الآن، و وفق هذا التصور، فإن من مصلحة الكيانين الانقلابيين في الشمال أو الجنوب انتهاز أي فرصة تضمن لهما الانفراد بحكم نطاقهم الجغرافي، دون الحاجة حتى إلى اعتراف دولي يخولهم سيادة شرعية على هذا الإقليم او ذاك طالما ظل بأيدهم السيادة الفعلية.
خدمة مجانيه
وبالمجمل، فإن بقاء الرئيس هادي خارج اليمن، يعد خدمة مجانية للانقلابيين الحوثيين، وأشباههم من حركات التمرد داخل اليمن، وهو ما يجعل عودته أمرًا غاية في الأهمية في الوضع الراهن، ومطلبا شعبيًا جامعًا، في معركة استعادة الشرعية، ومقاومة الانقلاب، الذي استفاد كثيرًا من هذه الجزئية على أكثر من صعيد.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد