حروب مؤجلة بين الحكومة الشرعية والإمارات.. لمن الغلبة اليوم؟

2019-09-11 03:24:10 أخبار اليوم/ تقرير خاص

 

لم تدرك أن معركتها الحقيقية هي مع الوقت، وأن سر فشلها في عدم ترسيخ سيادتها الكاملة على التراب اليمني هو عدم استثمارها لذلك الوقت الذي هو أكثر ما تحتاجها في معركتها الوجودية، ضد الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانياً الذي أسقط العاصمة صنعاء وحاول السيطرة على محافظة الجمهورية تلو الأخرى في اليمن، وعزز من فكرة الانقلابات على السلطات الشرعية في المناطق الجنوبية.
مثّل الانقلاب الحوثي على العاصمة صنعاء بمساعدة حليفهم السابق/ علي عبدالله صالح، الذريعة الرئيسية للتدخل العربي في اليمن، بحجة طرد الحوثيين من المناطق التي سيطروا عليها، ولإعادة الحكومة الشرعية إلى صنعاء، وذلك في مارس (آذار) 2015، بتدخل 10 دول عربية عسكريًّا في اليمن، بناء على طلب من الرئيس هادي.
طلاسم الإستراتيجية في منظومة التحالف العربي وتباين الأجندات، التوسعية بين الحلفاء في التحالف خلطت أحجار السيادة اليمنية، وأثبتت مجريات الحرب أن تلك الدول التي تنادي بإعادة الشرعية في اليمن، كانت تسعى إلى إضعاف الشرعية اليمنية وتفتيتها، ونسف مرجعياتها الثلاث، وإيجاد المبررات والذرائع لتدخلها العسكري الذي سيحقق مصالحها الإستراتيجية طويلة الأمد.
معادلة الوقت بإطالة أمد الحرب في اليمن، أفرزت سلطتين للأمر الواقع، وعاصمتين للقرار السياسي، وتنذر على المدى القريب بتقسيم اليمن الموحد إلى يمنين، (شمالي وجنوبي)، يتقاسمها جماعة الحوثي الانقلابية المدعومة إيرانيا، بالهيمنة على القرار السياسي في صنعاء وبعض المناطق الشمالية، ومليشيا المجلس الانتقالي المدعومة إماراتياً، بالتفرد المطلق بالسلطة جنوباً.
عقب أكثر من (17520) يومأ، من التدخل العربي لإعادة الشرعية في اليمن، يشير المخطط البياني للحرب الدائرة في اليمن، إلى الانحراف في الديناميكيا التي قامت عليها وتحولها نحو منعطفات خطيرة تشير إلى اختمار جميع أركان الحرب الأهلية التي يتم التجهيز لها، والتي جاءت مدمرة للجميع، وضربت فكرة "اليمن الموحد" إلى الأبد، وتسعى إعادة تشكيل جغرافيا اليمن من جديد.
فمع مرور أيام الحرب اليمن، ما يزال مشروع تشريح الدولة اليمنية وتفكيها من الداخل من قبل دولة الإمارات مستمر، الأمر الذي سمح في ترسيخ جماعة الحوثي شمال اليمن، وأسهم في بزوغ جماعات متشددة ومليشيا لا تؤمن بالدولة، تنادي بالانفصال جنوب اليمن وتحظى بدعم إقليمي وخليجي، وساعد في ظهور لاعبين دوليين جدد في معادلة الحرب التي سقطت في مستنقع مشاريع التقسيم المناطقي والمذهبي..
تحولات الحرب اليمنية، كشفت عن متغيرات سياسية وعسكرية تحاول دولة الإمارات- الشريك الثاني في التحالف- فرضها، والذي بدأ بانسحابها من الحرب في اليمن، واستدارتها نحو إيران وتقاربها مع جماعة الحوثي الانقلابية ودعمها وإشرافها على الانقلاب على السلطات الشرعية في العاصمة المؤقتة عدن، وحث أذرعها (الانتقالي الجنوبي) بالتوغل نحو المحافظات الشرقية التي تصنفها الرياض ضمن أمنها القومي.
كل تلك التحولات السياسية والعسكرية، وضعت السلطات الشرعية أمام واقع جديد في اليمن، في ظل المتغيرات الإماراتية الإيرانية القائمة على إخلال التوازن السياسي العسكري والاستراتيجي، للحكومة الشرعية، ومحاولتهما إعادة صياغة المشهد الجنوبي والشمالي، بما يخدم مصالح أذرعهما الحوثيين وما يعرف بالانتقالي الجنوبي، وإزاحتها من معادلة الحرب.
منطلقات تقسيم التراب اليمني بين الإمارات وإيران، يضع الحكومة الشرعية أمام معركة مع حكومة أبوظبي في الجنوب اليمني، لا تقل أهمية عن تلك المعركة التي تقودها ضد المتمردين الحوثيين المدعومين إيرانياً بالشمال.
لكن ما هي سيناريوهات الموجهة المرتقبة بين الحكومة الشرعية ودولة الإمارات؟.. وماهي أوراق الحكومة الشرعية التي بدأ يضمحل آخر معاني سيادتها، في مواجهة التمرد الإماراتي في ظل التماهي السعودي مع مشروعها في الجنوب اليمني؟
* مشاريع متضاربة


يرى خبراء في الشأن اليمني، أن الإمارات حين دخلت اليمن كان لديها مشروع واضح، لا يقوم على القضاء على المتمردين الحوثيين، ولا على استعادة الشرعية، وإنما على بناء دولة منفصلة في الجنوب اليمني.. ولتحقيق هذا المشروع أوجدت ميليشيات يمنية انضوت تحت لواء ما يعرف بـ«قوات المجلس الانتقالي»، ثم سلحتها ودرّبتها ودفعتها للسيطرة على الأرض وعلى عدن العاصمة المؤقتة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا.
مع الهزيمة العسكرية الأولى التي منيت بها الإمارات وأذرعها في محافظة شبوة- شرقي اليمن- على يد القوات الشرعية التي استطاعت استعادة شبوة وأبين، وأجزاء كبيرة من العاصمة عدن، ما دفع الإمارات إلى استخدام سلاح الطيران لحسم المعركة لصالح ميليشياتها المتمردة.
بحسب الخبراء، فإن إقدام أبوظبي على استخدام سلاح الطيران، يدل على ضيق خياراتها، وهشاشة مليشياتها في المواجهة العسكرية التي دخلت فيها بشكل علني، مع الحكومة الشرعية والشارع الجنوبي الذي أيّد ودعم الحكومة في معركتها الأخيرة.
منعطف جديد للصراع، تتحول فيه دولة الإمارات والشريك الثاني في التحالف إلى عدو صريح لليمن واليمنيين.
* مواجهة مرتقب
قد لا يكون دقيقاً اعتبار الوضع الذي آلت إليه عدن بعد سيطرة الانفصاليين المدعومين إماراتياً، حالة خرجت من أيدي الشرعية على غرار صنعاء، إذ أن تقييم الواقع ما يزال مرهوناً بالسيناريوهات التي ستؤول إليها نتائج المساعي السعودية التي ترى أنه يسعى إلى تقسيم اليمن وتقسيم أهدافها.. ومع الوسائل القانونية المتاحة للحكومة الشرعية في التعامل مع العبث الإماراتي.
على الصعيد السياسي يحث مراقبون على عدم التعويل على المساعي السعودية في التعامل مع العبث الإماراتي جنوب اليمن، فالمعطيات السابقة أثبتت التناغم التام والمكمل بين السياسية السعودية والإماراتية.
تسريبات سابقة كشفت عنها صحيفة "أخبار اليوم"، تقول إن ترتيبات سعودية إماراتية تسعى إلى خلط الأوراق الحكومية وتمهّد لصيغة تشرعن بها الانقلاب الإماراتي في العاصمة المؤقتة عدن من خلال مؤتمر جدة الأخير.
الترتيبات تهدف إلى اختراق في الحكومة اليمنية من خلال منح أعضاء في الانتقالي الجنوبي من 4 إلى 5 وزارات في الحكومة تنتهي باختراق بعض الوزارات السيادية (الداخلية _ الدفاع).
المصادر قالت لصحيفة " أخبار اليوم" في حال تمكن ذراع الإمارات من السيطرة على وزارة الدفاع فإن النوايا المبطنة للرياض وأبوظبي تسعى إلى هيكلة شاملة لقوات الجيش الوطني.
وفي السياق قللت صحيفة الغارديان البريطانية، من أهمية البيان المشترك للسعودية والإمارات، والذي أكدتا فيه دعمهما للحكومة الشرعية في اليمن والدعوة للوقف الفوري للعمليات العسكرية والحملات الإعلامية، مرجحة أن لا تأثير له على أرض الواقع في جنوب اليمن.
وقالت الغارديان إن بيان المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، محاولة للتغطية على الخلافات والتباينات المتزايدة بين الحليفين في اليمن.
وأضافت الصحيفة إنه ليس هناك ما يضمن أن النداء السعودي-الإماراتي المشترك، الذي تم بعد أربعة أيام من اجتماعات جدة، "سيتم تنفيذه على أرض الواقع في عدن، مسرح أسوأ قتال".
‏وفي ذات الاتجاه نقلت مصادر حكومية عن مسئولين في الرئاسة أن الرئيس/ عبدربه منصور هادي، رفض مضمون البيان المشترك للإمارات والسعودية والذي أعلنا عنه يوم الأحد.
المصادر الحكومية، أكدت أن الرئيس دعا لاجتماع عاجل الاثنين، لمناقشة البيان المشترك والوقوف على ما ورد فيه والذي يتجاهل تماماً كل الأعمال التخريبية للإمارات ويصر على اعتبارها شريكاً في التحالف وكذلك شرعنة الانقلاب.
وتوقعت المصادر أن يقوم الرئيس بإنهاء مهمة اللجنة الحكومية المتواجدة في جدة برئاسة نائب الرئيس.
* خيارات حكومية
تتجه الأزمة بين الحكومة اليمنية ودولة الإمارات إلى أعلى درجات التصعيد المتبادل، ولا تبدو خيارات التهدئة مطروحة، خصوصاً أن الإمارات- ورغم لغتها الدبلوماسية الداعية إلى السلام والتهدئة جنوبي اليمن- فإن تمويلها العسكري لحلفائها على الأرض يتعاظم، الأمر الذي يُرغِم "الشرعية" على استخدام كل أوراق الضغط المتاحة ضد أبو ظبي.
ومن ضمن أورق الحكومة الشرعية، لمواجهة الدور الإماراتي في اليمن:
1- تحميل الإمارات كامل المسؤولية عن أحداث عدن والجنوب بسب دعمها "مادّيّاً وعسكريّاً" لقوات ما يعرف بـ "المجلس الانتقالي".
2- إجراء مراجعة شاملة للعلاقة مع التحالف العربي والمطالبة بوقف مشاركة الإمارات في التحالف.
3- تحذير التحالف من الانحراف عن هدف استعادة الدولة إلى التماهي مع مشروعات صغيرة".
4- رفض أي حوار سعودي قبل الحوار قبل انسحاب الانفصاليين من المواقع التي سيطروا عليها، فإن تحديد موعده والأطراف المشاركة فيه مرتبط باستجابة "الانتقالي" لشروط الحكومة.
5- التعبئة العامة ضد الإمارات وأذرعها المسلحة في المناطق الجنوبية.
6- التمترس الحكومي خلف المرجعيات الثلاث (الحوار الوطني والمبادرة الخليجية والقرار الأممي 2216).
7- كشف سجل الإمارات الإنساني الأسود في اليمن من السجون السرية إلى اغتيال العلماء.
8- إعادة بناء التحالفات الحكومية مع المكونات الجنوبية المناهضة للمشروع الإماراتي.
9- استغلال الالتفاف الشعبي في الجنوب من قبل الحكومة الشرعية وتوظيفه ضد المشروع الإماراتي.
10- التواجد الحكومي على الميدان وتفعيل عملها المؤسسي في المناطق المحررة.
11- رفع مذكرة إلى مجلس الأمن الدولي والمحكمة الدولية بكل الجرائم الإماراتية التي ارتكبتها في عدن وغيرها.
*الموجة العسكرية
تشير المعطيات على الميدان إلى "أننا أمام سيناريو تصعيد لاستئناف المعارك، لاسيما مع إعلان قبائل المنطقة الوسطى في أبين النفير العام.
وهي المرة الثانية التي تعلن فيها القبائل النفير، حيث اتهمت القبائل دولة الإمارات بارتكاب مجزرة بحق قوات الجيش.
وطالبت قبائل أبين، أبوظبي بالاعتذار عن وصفها الجيش الوطني بـ"الإرهابيين"، داعية الأمم المتحدة لإجراء تحقيق بمجازر تسببت فيها أبو ظبي راح ضحيتها المئات.
كما طالبت الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمنظمات الدولية بإدانة القصف الإماراتي، والتحقيق ومقاضاة دولة الإمارات العربية، بحسب بيان القبائل.
يأتي ذلك في ظل المعطيات التي تعزز فرص انفجار الوضع عسكرياً بين الانفصاليين الذين يسيطرون على مدينة عدن ولحج والضالع وزنجبار- المركز الإداري لمحافظة أبين، شرق عدن- وبين القوات الحكومية التي تتمركز في مديرية شقرة ومحيط زنجبار، مع تعثر المفاوضات التي تقودها السعودية في مدينة جدة.
وبحسب مصادر صحفية، فقد وصلت معدات وآليات حربية إماراتية عبر ميناء عدن، في اليومين الماضيين، دعماً لحلفائها الانفصاليين.
فيما القوات الحكومية تقول إنها تنتظر توجيهات القيادة الشرعية للزحف نحو مدينة عدن، وفقاً لما صرّح به قادة عسكريون.
مقابل ذلك، تثار أسئلة عدة حول السيناريوهات المتوقعة لأزمة التمرد التي يقودها انفصاليون تدعمهم أبوظبي في عدن، بعد إعلان السعودية عن موقفها من ذلك، وتشديدها على دعمها للحكومة الشرعية، حيث طالبت حلفاء الإمارات بالانسحاب من المقار الرسمية في عدن ولحج، والدخول في حوار فوري مع الحكومة.
هذا وكشفت مصادر إعلامية عن وصول تعزيزات سعودية إلى شبوة". موضحة أنه "ليس واضحا إن كانت التعزيزات السعودية دعما للجيش الوطني، أم أنها تأتي ضمن مهام اضطلاع بدور وسيط للتهدئة، لا سيما أنها تحدثت في بيانها الأخير عن رفضها لأي تصعيد أو اقتتال".
إلى ذلك ترى جهات سياسية وإعلامية، أن المواجهات بين القوات الحكومية وما يعرف بالانتقالي الجنوبي في شبوة وأبين وعدن أثبتت أن مليشيات الانتقالي لم تستطع الصمود أمام قوات الجيش الوطني بضع ساعات برغم الترسانة العسكرية الضخمة التي تمتلكها والدعم الغير محدود الذي تتلقاه من أبو ظبي.
وبناء على ذلك وموازين القوة العسكرية، ترجح انتصار عسكري ساحق للقوات الحكومية في حال تم تحييد الطيران الإماراتي، وأوجدت الرغبة الحكومية في بسط نفوذها السياسي والعسكري في العاصمة المؤقتة عدن.
* الخلاصة
يصعب القول إن المعركة بين الحكومة الشرعية والفرع الثاني في التحالف العربي قد تحوّل من الطور السياسي إلى العسكري ولكن أركانه قد بدأت بالتخمر.
إلى ذلك يصعب احتواء المشروع الإماراتي الداعم لانفصال الجنوب اليمني عن شماله، في حال المواجهة العسكرية، دون تقوية السلطات الشرعية في المناطق الجنوبية وترسيخ الوجود الحكومي السياسي والعسكري، فيها من رأس السلطة إلى أصغر مسؤول يمني في الشرعية.
أحد الحلول المطروحة- تقول مصادر حكومية لتحييد الإمارات من المشهد اليمني وعن التأثير في مجريات الحرب التي من شأنها أن تحدث حراكاً على مستوى الجبهات الأخرى في الشمال اليمني، والذي سينعكس على الرغبة السعودية في إحداث اختراق يمكنها من التحكم مجدداً في المشهد اليمني بعد أن تحولت من موقع الهجوم إلى موقع الدفاع أمام الحوثيين الموالين لإيران.
إلى جانب ذلك؛ يقول الكاتب اليمني/ عبدالناصر المودع، "لن تسمح السعودية، وهي الدولة صاحبة النفوذ الرئيسي في اليمن، للإمارات أن ترعى كيانا انفصاليا وتقوي نفوذها الإقليمي على حسابها ضمن حزامها الأمني، خاصة وأن السعودية في حالة صراع حيوي ضد الحوثيين ومن ورائهم إيران، والمشروع الانفصالي يعمل على ضخ مزيد من الفوضى في اليمن، الأمر الذي يقوي الحوثيين".
حديث المودع يعزّز من فرص انتصار الحكومة اليمنية على المشروع الإماراتي الذي، باتت طرفاً منبوذاً وفاقداً للمشروعية، وأولوياته القصوى أن يخرج بماء الوجه..

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد