في معادلة "الحماية مقابل النفط"..

تأجيل الحسم في اليمن = التمادي الإيراني يسقط المكانة السعودية

2019-09-18 07:23:36 أخباراليوم / تقرير خاص


"إطالة الحرب في اليمن لصالح التحالف ولو أردنا دخول صنعاء سندخلها في أيام"
"محمد بن سلمان"
يتجرد الحلفاء تبعاً، ويرتفع مؤشر المخاطر، الذي يزيد من نسبة الأرباح في بورصة الحماية مقابل النفط، محكوماُ بعدة محددات، على رأسها المصالح الخاصة.
استراتيجية تقوم على إحداث اخترق هائل للتوازنات السياسية العسكرية، في فترة حرجة تعيشها الضفة الخليجية، لفرض واقع مناقض للهدف الذي كان يحاول التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن بقيادة السعودية إنشائه والحفاظ عليه خلال السنوات الماضية.
دراماتيكي الحرب في اليمن أثبتت نقيضاً للمعادلة السعودية، والتي جاءت دون قراءة صحيح لواقعية الأخطار والتبعات والأحداث المفاجئة التي ترافقت مع بداية انطلاق عمليات التحالف، ما جعل العدو الأول لها (إيران) أكثر استفادة من المتغيرات، والتحولات السياسية والعسكرية خلال أربع سنوات من الحرب الدامية في اليمن.
إرصاهات التغيرات الإقليمية والدولية التي ليست بمعزل عن الملف اليمني، أفشلت معادلة المحمدين، (بن سلمان وابن زايد) لإطالة أمد الحرب، والتي كانت احد الذرائع التي تخمر مشروع تثبيت الملك للأول، وتسويق المشاريع التوسعية للثاني في الجنوب اليمني.
حتمية التخبط والفوضى العارمة، في إدارة ساحات المواجهة مع إيران من قبل الرياض، وتزايد مساحة التباين مع حليفها الثاني الإمارات في إدارة المعركة مع إيران أسفر عن.
سقوط مدوي للمكانة التي تحظى بها المملكة على المستوى العربي والإسلامي والعالمي، وتنامي التمادي الإيراني، باستهداف منابع الطاقة، والذي كان آخرة الهجوم منشآت النفط لشركة "أرامكو"، السبت الماضي.
* معادلة النفوذ
على امتداد الصراع السعودي الإيراني في جغرافيا منطقة الشرق الأوسط، فإن هناك علاقة عكسية في معادلة النفوذ، ترجح كفة إيران على حساب المملكة العربية السعودية
الأسبقية الإيرانية في صراع النفوذ مع المملكة السعودية يعود لأسباب كثيرة أهمها استغلال الثغرات التي تتركها ومناطق الضعف الموجودة في معسكر أعدائها السعودية، التي عرفت تحركاتها عمومًا ومجمل سياساتها، تخبطًا واضحًا، خصوصًا مع صعود ولي العهد محمد بن سلمان الذي قاد العديد من الإجراءات ضد المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط خاصة باليمن التي تمثل العمق الاستراتيجي للمملكة.
في المقابل فإن التخبط السياسي والعسكري في التحالف العربي وتباين أهداف المشاركين فيه حشر المملكة السعودي بين مطرقة وسنديان حلفاء إيران من الشمال مليشيا الحشد الشعبي في العرق، ومن الجنوب جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن.
معادلة إيرانية غيرت من قواعد الاشتباك السياسي والعسكري، وأزاحت الرياض نسبيا من موقع المهاجم إلى المدافع، باستغلال بعض تلك الثغرات في منظومة التحالف، التي كان من ضمنها، "انكماش الدور السعودي على المستوى السياسي والعسكري نتيجة انشغالها بحروب جانبية من جانب، والعبث من قبل دولة الإمارات التي تربطها علاقة تخادم مع النظام الإيراني في الساحة اليمنية من جانب أخر.
الرؤية الإيرانية في استغلال ثغرات التحالف بقيادة السعودية قوبل بتقارب مع دولة الإمارات، وضبط إيقاع التناغم بين حلفاء الطرفين في شمال اليمن (الحوثيون)، وجنوبه مليشيا المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي لأبوظبي.
إلى ذلك فإن تسخينات الصراع الذي تقوده منظومة الحرب الإيرانية ضد المملكة باستثمار الورقة اليمنية ينذر بسيناريوهات مخيفة قد تنعكس بشكل سلبي على الداخل اليمني وعلى المحيط الإقليمي للمملكة.
فبحسب مراقبين فإن أربعة أعوام ونصف من الحرب في اليمن، كانت كفيلة لتصعيد جماعة الحوثيين.
وتيرة زادت من حدتها خلال العامين الأخيرين، هجماتها على أهداف حيوية داخل العمق السعودي، جلها بطائرات ملغومة مسيرة، وصواريخ بالستية متطورة تزعم أنها صنع محلي، لتصبح الكثير من المدن السعودية ومنشآتها النفطية تحت رحمة الترسانة الصاروخية للجماعة المدعومة من إيران.
في المقابل فإن كيمياء الأيدولوجية بين إيران أذرعها ركزت في استهدافها للمملكة على منابع الطاقة وكان آخرها استهداف الإنتاج السعودي من النفط، السبت، ووقف إنتاج 5 ملايين برميل نفط في اليوم، في بقيق وخريص، والتسبب أيضا بارتفاع قياسي في أسعار الخام في الأسواق العالمية المضطربة.
وإحدى المنشأتين المستهدفتين هي أكبر مصفاة لتكرير النفط في العالم، وتزيد الطاقة التكريرية للمصفاة عن سبعة ملايين برميل من النفط الخام يوميا.
ونشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريرا، تقول فيه إن المسؤولين الأميركيين أخبروا السعودية بأن المكان الذي انطلقت منه الهجمات هو إيران.
وتفيد الصحيفة، بأن تقديرات مسؤولي الاستخبارات الأميركيين تشير إلى أن إيران هي مسرح لانطلاق الهجمات التي أصابت المنشآت النفطية السعودية، في وقت تدرس فيه واشنطن والمملكة طرق الرد على الهجوم.
وفي السياق قالت صحيفة بوليتيكن الدنماركية أن الهدف من الضربة الإيرانية هو إسقاط هيبة السعودية لا يتحمل أحد مسؤوليتها بقدر ما يتحملها ولي العهد".
وأضافت "يعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجوم شيء، وأن تبحث السعودية عن جواب أكيد عما إذا كانت الطائرات التي هاجمتها صناعة إيرانية هو شيء آخر، إلى جانب معرفة مكان انطلاقها إن من اليمن أو من العراق. فلو كانت إيران حقاً من فعلها فسنكون أمام شرق أوسط تتهدده أزمة كبرى، وما سيحسم ذلك، الوجهة التي انطلقت منها الطائرات المسيرة".
وأشارت في نهاية المطاف "تعرضت سلطة ولي العهد لتحد عنيف، فهذه الهجمات وقعت تحت سلطته أيضاً كوزير دفاع غير مجد، ويعرض بلده للإذلال والمهانة، هذا إلى جانب الآثار على الاقتصاد السعودي الذي لن يتحمل أن يتوقف نصف إنتاجه الحيوي من النفط، وإن كان لفترة وجيزة".
مصادر مطلعة قالت إن طهران تحاول إشعال بعض الصراعات الجانبية مع حلفاء أميركا في المنطقة لتخفيف الضغوط الاقتصادية والتسبب بحرج كبير لواشنطن إمام حلفائها، المتعهدة بحماية مصالح حلفائها في المنطقة الخليجية.
* البعبع الإيراني
في خضم هذه التصعيد الإيراني الحاد في المنطقة الخليجية، تواجه الرياض خيارات صعبة في التعاطي مع هذه الهجمات في ضل الخذلان الأميركي والبريطاني والأوروبي المتغاضي عن التمادي الإيراني رغم خطورتها الكبيرة.
ردة الفعل السعودية إزاء الهجمات المجمع عليها بأنها إيرانية، اكتفت بالتنديد واتهام طهران، ما يشير إلى تكيف السعودي مع الضربات التي تنفذ من قبل إيران وحلفائها في العرق واليمن، وهذا يدل على العجز السعودي في التصدي للتمادي الإيراني، والتعويل على الغرب بشن حرب على طهران بالوكالة عن الرياض.
في المقابل يتهم بعض الخبراء أن هناك من يستثمر البعبع الإيراني في وجهة المملكة لا ارضخها في ملفات عدة، خاصة بما يتعلق في الحرب في اليمن.
* مواقف دولية
يتجلى الموقف الأميركي لصناع السياسة السعودية، والذي يقوم على مبدأ الصفقات وليس الحروب.
ترى مصادر مطلعة في الشأن الإقليمي أن هناك استغلالا أميركيا للأحداث في الشرق الأوسط، وحرب اليمن التي تقودها السعودية، وخلافات الأخيرة مع إيران، وخلق منها فرصة للضغط بشكل مباشر وغير مباشر لرفد الخزينة الأميركية بالمال، دون تحقيق رغبة حلفائها بحماية أرضها، وفشلها في الرد على الاعتداءات التي تتعرض لها من قبل إيران وحلفائها في المنطقة.
وفي أول تعليق رسمي أميركي على الهجمات الإيرانية، أكد فيها الرئيس الأميركي ترامب رغبته في تجنب الحرب مع إيران، مع استعداده مساعدة السعودية مقابل المال.
وأضاف "أعتقد أن جزءا كبيرا من المسؤولية يقع على السعودية في الدفاع عن نفسها، وإذا كانت هناك حماية منا للسعودية فإنه يقع على عاتقها أيضا أن تدفع قدرا كبيرا من المال، أعتقد أيضا أن السعوديين يجب أن تكون لهم مساهمة كبيرة إذا ما قررنا اتخاذ أي إجراء، عليهم أن يدفعوا، هم يفهمون ذلك جيدا".
الموقف الأوروبي ليس بمعزل عن التقارب مع طهران، والذي يلعب دور الوسيط في التقارب مع واشنطن لتخفيف العقوبات الاقتصادي، مقابل الاستحواذ بشكل غير قانوني على موارده النفطية بسعر بخس.
التقارب الأوروبي الإيراني وصل مرحلة التقارب مع اذرعها المسلحة في اليمن، فقد التقى المتحدث الرسمي لجماعة الحوثي الانقلابية في أغسطس الماضي مع وفد للاتحاد الأوروبي في مقر الخارجية الإيرانية بالعاصمة طهران.
من جانبها قالت المملكة المتحدة البريطانية أنها لم تقوم بقيم الأمر، متجنبة اتهام إيران في الهجوم على منشئات شركة أرمكو السعودية.
الموقف الروسي كان قريب في استثمار الهجمات الإيراني على مصفاة تكرير النفط في السعودية، بترويج منظومات الدفاع الجوية لموسكو.
فقد أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه مستعد لمساعدة السعودية في وجه الهجمات التي تتعرض لها في حال أقدمت على هذه الخطوة.
ودعا بوتين، السعودية، إلى شراء منظومة "إس 400" أو "إس 300" لحماية البنية التحتية.
الموقف الإماراتي هو الآخر كان بعيدا عن مشهد الهجمات الإيرانية على جارتها السعودية، الذي اعتبره البعض خدمة مجانية تقدمها إيران لأبوظبي في اليمن، بإشغال الرياض بمعارك اقتصادية وعسكرية جانبية عن معركتها مع الحكومة الشرعية في الجنوب اليمني.
* الخلاصة
على الصعيد الدولي فقد كشفت هجمات "محافظة بقيق" و"هجرة خريص" ، للساسة السعوديين أن «حلفائها» في واشنطن وأبوظبي وأوروبا وبريطانيا لم يتركوها تتلقى الصدمات وأنواع الفشل والفضيحة فقط، بل يشاركون- في الوقت نفسه- في إضعافها وكشف هشاشة سياساتها الداخلية والخارجية.
وعلى الصعيد الإقليمي فإن الهجمات الإيرانية على منشئات النفط السعودية ستدخل الحرب مستوى جديد من المواجهة بين القيادة في التحالف وإيران وأدواتها في المنطقة بشكل عام وفي اليمن بشكل خاص.
وعلى الصعيد اليمني يرى الكاتب والمحلل السياسي "ياسين التميمي"، أن السعودية تتعرض لأسوأ هجمة عسكرية في عمقها الاستراتيجي بواسطة الطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى التي يطلقها الحوثيون، أو تطلقها باسمهم أطراف أخرى ضمن الحلف الذي يدور حول المصالح الإيرانية وأجندتها الطائفية في المنطقة.
ويضيف التميمي أن ثمة مؤشرات عديدة على تغير جوهري في الموقف السعودي؛ قد يدفع باتجاه التخلي عن الخيارات الكارثية التي وضعتها الإمارات إمام التحالف طيلة السنوات الماضية. إحدى هذه المؤشرات؛ اللقاء الذي جمع الرئيس عبد ربه منصور بنائب وزير الدفاع الأمير خالد، والذي أوضح أن لقاءه الرئيس جاء بتكليف من ولي العهد، مما يعني أن التنسيق مع السلطة الشرعية بات جزءا من أولويات ولي العهد السعودي؛ الذي كان على الدوام جزء من الأجندة الإماراتية.
وانسحاب وفد الشرعية من مدينة جدة وعودته إلى الرياض، دون أن يجري محادثات مع وفد المجلس الانتقالي الموالي للإمارات، وتلا ذلك زيارة يقوم بها نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، أحمد الميسري، إلى القاهرة، للقاء شخصيات سياسية، بهدف بناء جبهة عريضة لمواجهة التطورات الأخيرة على الساحة اليمنية، والتي تجري بضوء أخضر من المملكة.
ويتابع التميمي، يتعلق بمؤشرات الخطر التي تؤكد أن السعودية تتعرض لمكيدة كبيرة، الإمارات أحدُ أطرافها المؤثرين، خصوصاً أن هذا البلد لم يتردد في إعادة التموضع ضمن مسار الحرب في اليمن كطرف يواجه الإرهاب تحت المظلة الأميركية. وهذا لا يعني سوى أن الإمارات تسعى بوقاحة معهودة لتحقيق أهدافها، تحت مظلمة التحالف أو تحت المظلة الأميركية.
في الأخير، تمطر السماء صواريخ بالستية وطائرات مسيرة على المنشآت السعودية، وصنعاء لم تسقط.
*تطوق المملكة من الشمال والجنوب من قبل إيران وصنعاء لم تسقط.
*تجرد من حلفائها ويفكك تحالفها في اليمن وصنعاء لم تسقط.
*تستهدف منابع الطاقة من قبل إيران وأذرعها وصنعاء لم تسقط.
*يتوارى الحسم العسكري في اليمن من قبل السعودية التي تقود التحالف وصنعاء لم تسقط.
*تسقط العاصمة المؤقتة في عدن وصنعاء لم تسقط.
*تتهاوى المكانة الرمزية للمملكة العربية السعودية وصنعاء لم تسقط .
فعلى أي نصر يتحدث "محمد بن سلمان"

 

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد