كيف تستغل الإمارات وإيران تبعثر حزب المؤتمر ؟

2019-10-26 07:15:05 تقرير/ خاص

 

عقب انطلاق ثورة الـ 11 فبراير باليمن، كامتداد لثورات الربيع التي عصفت بعدد من الدول العربي، والتي أسفرت عن دخول منظومة مجلس التعاون الخليجي لكبح جماح هذه الثورة، عبر المبادرة التي رعتها الرياض لعملية انتقال السلطة بشكل سلمي وسلس، بما يضمن بقاء النظام السابق، ودخول المنظومة الأممية في خط الأزمة، عبر تبنيها للقرار 2216، وتشكيل مؤتمر للحوار الوطني، وتغيير خارطة الأحزاب السياسية اليمنية، وتحالفاتها.

تشكل محور تحالف جديد برعاية دولية وإقليمية، بين حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة الرئيس السابق " علي عبدالله صالح" الذي أسقطته ثورة شباب الـ 11 فبراير من جهة، والمتمردين الحوثيين من جهة أخرى.

محور تبنى إستراتيجية معادية لما تمخض عن ثورة الشباب والمبادرة الخليجية، والقرارات الأممية، ومؤتمر الحوار الوطني الذي أفضى إلى تقسيم الجغرافيا اليمنية إلى عدة أقاليم بما يضمن أحقية بعض المحافظات الغنية والمهمشة، والتي عانت من عزلة متعمدة من قبل النظام السابق.

عقب سنتين من ثورة 11 فبراير تمكّن هذا المحور من إجهاض العملية السياسية في اليمن، ونسف كل مخرجات المؤتمر الوطني والمبادرة الخليجية، من خلال تبنيه للانقلاب على السلطات الشرعية في البلاد، وإسقاطه في أيلول سبتمبر 2014م.

متغيرات سياسية وعسكرية عصفت، بالبلاد الذي عانى من التشظي نتيجة للانقلاب الذي قاده حزب المؤتمر بتحالفه من المتمردين الحوثيين.

من ضمن هذه المتغيرات السياسية أن الجمود أصاب الحياة السياسية وتسبب ذلك في هجر معظم الأحزاب للعمل السياسي، وأسفر عن فرار الرئيس الشرعي "عبدربه منصور هادي" إلى عدن وإعلانها عاصمة مؤقتة للبلاد، أعقبه الزحف العسكري لحلفاء الانقلاب الحوثي وصالح.

وبشقها العسكري، فإن حلفاء الانقلاب قادوا عملية عسكرية كبيرة بدأت من صنعاء، وزحفت نحو المناطق الوسطى والجنوبية والشرقية، التي رفضت الانصياع لقادة الانقلابي (صالح، الحوثي)..

مع وصول الانقلابيين إلى العاصمة المؤقتة عدن اضطر الرئيس هادي إلى مغادرة عدن، وأعقبه بشكل مباشر، انطلاق عمليات التحالف العربي لإعادة الشرعية باليمن.

دراماتيكي التحولات السياسية والعسكرية في اليمن، عقب انقلاب سبتمبر (2014)، وانطلاق علميات التحالف العربي في 25 مارس 2015، تشظى حزب المؤتمر الشعبي العام إلى جناحين رئيسيين، جناح هادي الموالي للشرعية وجناح صالح الموالي للانقلاب.

منطلقات التحالفات التكتيكية الهشة، المبنية على المصالح المؤقتة، بين حزب المؤتمر بقيادة الرئيس السابق والمتمردين الحوثيين، تمخضت بإقدام الأخير على قتل الأول في 4 ديسمبر 2017، تحت ذريعة الطابور الخامس الذي يعمل مع التحالف العربي في إشارة إلى دولة الإمارات التي يعمل نجل صالح فيها سفيراً لليمن.

عملية قتل صالح من قبل جماعة الحوثي الانقلابية في 4 ديسمبر 2017، قسمت مؤتمر صالح إلى قسمين: جناح الحوثي وجناح الإمارات، ما جعل المؤتمر ينقسم ظاهريا إلى ثلاثة؛ جناح الحوثي وجناح الإمارات وجناح هادي، ولكل جناح خارطة جغرافية وسياسية وداعم خارجي.

في هذه الورقة نحاول أن نقرأ نشاط حزب المؤتمر الشعبي، بنجاحاته المتعددة التي تعمل على لملمة الصف الداخلي للحزب على حساب الحكومة الشرعية؟

وكيف يعمل بعض أعضائه المحسوبين على التيار الداخلي الموالي للمتمردين الحوثيين، بالتعاون مع بعض الأعضاء في الخارج على إعاقة لملمة صفوف الحزب المبعثر في أكثر من قطر عربي؟

وماهو دور أبوظبي التي تستغل حالة التشظبي في حزب المؤتمر الشعبي العام بتوظيف أعضائها الموالين للشرعية، لافتعال الأزمات وأثارت بشكل مستمر، بما يعيق عمل الحكومة في المناطق المحررة باليمن؟

* حزب المؤتمر

بالحديث عن حزب المؤتمر الشعبي العام الذي أعلن عن تأسيسه في 24 أغسطس 1982م، انضمّ آنذاك معظم النُخب السياسية والعسكرية والثقافية والاقتصادية والقبلية في الجمهورية العربية اليمنية (شمال اليمن قبل الوحدة اليمنية).

وانضوى تحت مظلة "المؤتمر" معظم المنتمين لأحزاب أخرى؛ ليصبح متنفساً وحيداً لهم، في وقت كانت الحزبية مُحرمة دستورياً.

تمت صياغة الميثاق الوطني لـ"المؤتمر" من قِبل كل تلك النخب المختلفة، ليصدر في قالب جامد من "المثالية".

ظل حزب المؤتمر في السلطة منذ تأسيسه في الـ24 من أغسطس 1981م، وتولى صالح أمانته العامة، ثم رئيساً للحزب طوال فترة الحكم التي قضاها كرئيس لليمن، ما جعل الحزب مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالنظام الحاكم، وخاض صالح به العديد من تطورات الصراع السياسي في مسيرته الرئاسية الممتدة لثلاثة عقود.

وكان أول اختبار في مسيرة الحزب عندما خرج صالح من السلطة بموجب المبادرة الخليجية، وتشكيل حكومة الوفاق الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة في السابع من ديسمبر 2011م، والتي شاطر فيها حزب المؤتمر بقية الأحزاب بنصف الحكومة، بعد أن ظل محتكراً تشكيلها منذ فوزه بأغلبية برلمانية مريحة في الانتخابات البرلمانية الثانية 1997م.

تحوّل وقتها المؤتمر إلى حزب معارض، وليس مشاركاً في الحكومة، فأداؤه السياسي والإعلامي كان يذهب خارج السياق الوطني، نتيجة استشعار صالح وحزبه أن حكومة الوفاق الوطني جاءت بها الثورة التي أطاحت بهم من الحكم، ولذلك كانت عوامل السعي لإفشالها تتصاعد، حتى انتهى الأمر بتحالف صالح والحوثيين في معارضة حكومة باسندوة وإسقاطها في الـ21 من ديسمبر 2014م.

* بداية الانقسام

تنص اللائحة الداخلية للحزب على أن رئيس حزب المؤتمر هو رئيس الجمهورية اليمنية، وصالح لم يعد رئيساً للجمهورية، قد ترأس الحزب منذ تأسيسه عام 1982، وكان عبد ربه منصور هادي يشغل النائب الأول لرئيس الحزب والأمين العام الذي بيده صلاحيات إدارة الحزب تنظيميا ومالياً منذ نوفمبر 2008.. واستمر صالح في ترؤس الحزب حتى بعد تنحيه عن رئاسة الجمهورية.

تولّى عبد ربه منصور هادي، رئاسة البلاد في 2012، وقام بعملية هيكلة الجيش التي هدفت إلى إضعاف نفوذ علي عبد الله صالح وعائلته على الأجهزة الأمنية المختلفة وحل الحرس الجمهوري بقيادة أحمد علي عبد الله صالح.

وقف جناح صالح ضد هادي خلال الفترة 2012 – 2014 م واُتهم صالح بالتنسيق مع الحوثيين ضد الرئيس هادي، وشهدت صنعاء احتجاجات على أزمة خانقة للمحروقات شارك فيها مسلحون حوثيون.

ردّ الرئيس هادي على الاحتجاجات بتعديل وزاري، كما أغلق هادي قناة اليمن اليوم وصحيفة اليمن اليوم التابعتين لعلي عبد الله صالح فعلياً ولحزب المؤتمر شكلياً.

وأدّت تداعيات الخلاف إلى قيام قوات عسكرية بفرض حصار على جامع الصالح للاشتباه بوجود مخابئ أسلحة ونفق أرضي فيه، ولكن مصادر مؤتمرية تحدثت عن وجود أجهزة بث تلفزيونية في مرافق الجامع، تُجهز لبث القناة المغلقة.

بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء، كَلّف الرئيس هادي أحمد عوض بن مبارك بتشكيل الحكومة في 7 أكتوبر 2014، حسب اتفاقية السلم والشراكة التي وقعت بين الأحزاب السياسية والمتمردين الحوثيين، وهو ما رفضه الحوثيون وجناح صالح في المؤتمر، وفي بيان الحزب وصف "بن مبارك" بالـ"متطرف"، وشكك في ولائه لوحدة اليمن.

ولم يشر البيان إلى الحزب الذي ينتمي إليه ابن مبارك ومتى أبدى موقفاً معارضاً للوحدة اليمنية..

 عبد الكريم الإرياني وصف موقف حزب المؤتمر الشعبي العام بالمتناقض وقال إن اللجنة العامة للحزب اجتمعت بعبد ربه منصور هادي قبل مدة وأقرت بالإجماع تفويض رئيس الجمهورية بتعيين رئيس الوزراء الجديد، واضطر هادي لاختيار خالد بحاح بديلاً عن بن مبارك لتشكيل الحكومة.

في 8 نوفمبر 2014 رفض جناح صالح المشاركة في تشكيل حكومة بحاح التي أصر الرئيس هادي وأعلن تشكيلها بمشاركة عدد من قادة المؤتمر وهم فريد مجور ومعمر الإرياني، فرد جناح صالح بإقالة هادي من منصبه نائباً لرئيس الحزب وأميناً عاماً له، وأعلن أن من شاركوا في الحكومة لا يمثلون حزب المؤتمر. واستندت حيثيات القرار إلى اتهام هادي بأنه هو من طلب من مجلس الأمن إدراج علي عبد الله صالح ضمن قائمة العقوبات على المعرقلين للعملية السياسية في البلاد..

بعد أحداث انقلاب الحوثيين واستقالة الحكومة والحرب الأهلية شهد المؤتمر انشقاقاً في قياداته، حيث انتقل العديد من قادة الحزب إلى الرياض للحاق بالرئيس هادي، بينهم أحمد عبيد بن دغر وعبد الكريم الإرياني.

عندما تقدم الرئيس هادي بطلب إلى السعودية للتدخل العسكري في اليمن، أصدر حزب صالح بياناً عبّر فيه عن رفضه للاعتداء على اليمن، واعتبر أن ما يجري هو شأن داخلي ونتيجة لصراع على السلطة بين بعض الأطراف ولا علاقة للمؤتمر الشعبي العام به من قريب أو بعيد. في إشارة منهم إلى أن هادي لا يمثل حزب المؤتمر جناح صالح.

أعلن جناح صالح في حزب المؤتمر إحالة من فروا إلى الرياض للرقابة التنظيمية في الحزب، وبأنهم لا يمثلون الحزب ووصف صالح قادة الحزب من خرجوا من اليمن ولم يقفوا في الحرب معه بالخونة وبأنهم "كانوا تحت أقدامه".

* جناح هادي

عينت اللجنة العامة لحزب المؤتمر، من الرياض، الرئيس هادي رئيساً للحزب، في 22 أكتوبر 2015، وأصدرت قراراً بعزل الرئيس السابق علي عبد الله صالح ومن معه وإحالتهم للمحاسبة التنظيمية في الحزب «لمحاسبتهم على ما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب اليمني، وما ألحقوه من أضرار جسيمة بحق الوطن ووحدته الاجتماعية، وبحق التنظيم الذي منحهم ثقته»

وأقر الاجتماع ترشيح أحمد عبيد بن دغر نائباً أول لرئيس الحزب، وعبد الكريم الإرياني نائب ثاني، واختيار النائبين متحدثين رسميين لحزب المؤتمر الشعبي العام وتمثيله في أي محافل دولية وكان من بين القياديين والبرلمانيين من المؤتمر الذين حضروا الاجتماع محمد بن ناجي الشائف، عضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام.

ويعد هذا التيار، هو الأقوى بين مكونات حزب المؤتمر الشعبي العام، بحكم رئاسة "هادي" لأمانته العامة.

إلى ذلك عملت الحكومة الشرعية مع عدد من الأحزاب المؤيدة لها، بدعم سعودي على بعث الروح في حزب المؤتمر واستقطاب أعضائه الفارين من البطش الحوثي عقب مقتل "صالح"، عبر الدفع بقياداته إلى الواجهة من جديد، وتمثل ذلك بتعيين سلطان البركاني الذي يتزعم تيار حزب المؤتمر في القاهرة رئيسا لمجلس النواب، واختيار القيادي في الحزب رشاد العليمي رئيسا لتكتل الأحزاب المؤيدة الشرعية، لكن هذه الخطوة قوبلت برفض إماراتي مستغلة تواجد نجل صالح في أبوظبي.

* مقتل صالح

كشف رحيل الرئيس السابق، رئيس المؤتمر الشعبي، كثيراً من الحقائق، والكثير من المعطيات، التي أثبتت أن قوة صالح هي القدرة فقط على إزاحة المتمردين الحوثيين من المشهد.

قتل صالح، واحتجزت جثته، من قبل جماعة الحوثي الانقلابية، في حين اختفى الأنصار واختفت الجموع، ومعهم اختفى الحرس الجمهوري وكل القوات التي كان يقال إن ولائها لصالح مطلقا، وأنها ستدافع عنه حياً أو ميتا.

معطيات جعلت من حزب المؤتمر الشعبي العام يقف أمام اختبار حقيقي له كحزب في الساحة اليمنية، بعد الضربة التي تلقاها نتيجة مقتل رئيسه السابق علي صالح والذي قتلته مليشيا الحوثي في الرابع من ديسمبر/كانون الأول، بعد احتدام المواجهات بينهما، رغم التحالف الذي جمع الطرفين منذ سبع سنوات.

*تبعثر الحزب

عقب مقتل الرجل الأول في حزب المؤتمر الشعبي العام تبعثر الحزب بين الداخل اليمني، الموالي للمتمردين الحوثيين وبين الفارين والمرتمين بين أحضان الحكومة الشرعية، وبين الذين حاولت دولة الإمارات استغلالهم من منظور تبعي مكمل لمشروعها التوسعي باليمن.

مؤتمر الداخل

بعد تمكن المتمردين الحوثيين من إحكام قبضتهم السياسية والعسكرية على الجغرافيا الشمالية التي كانوا يتشطرونها مع حليفهم في الانقلاب "علي عبدالله صالح"، عينت الجماعة الانقلابية "صادق أمين أبو راس" خليفة لصالح، في رئاسة حزب المؤتمر الشعبي العام، في اجتماع عقد بصنعاء في يناير 2018.

زعامة أبو رأس للحزب، وظروف اختياره، أثارت جدلا واسعا، ولاقى رفضا من قبل جناحي "المؤتمر" في الخارج، رغم أنه من أبرز القيادات التنظيمية الفاعلة في الحزب.

وكان لافتا صدور بيانين؛ الأول من "مؤتمر القاهرة" الذي يترأسه رئيس الكتلة البرلمانية في مجلس النواب/ سلطان البركاني، والثاني عن قيادة المؤتمر الموالية للرئيس/ عبدربه منصور هادي، وكلاهما عبّر عن عدم قبوله بمخرجات "اجتماع صنعاء".

ومن المفارقات أنه في اجتماع جناح المؤتمر الشعبي بصنعاء والموالي لجماعة الحوثي الانقلابية، في يناير 2018 أعلن الحزب في صنعاء تعيين أحمد علي عبدالله صالح- النجل الأكبر للرئيس السابق- نائباً لرئيس الحزب، بالإضافة لتعيين شخصيات أخرى بعضها مقيمة خارج اليمن في مواقع داخل الحزب.

ويعد هذا الجناح هو الجناح الأضعف في تيارات حزب المؤتمر الشعبي المبعثر.

في المقابل نجح الحوثيون في إنتاج قيادة مؤتمرية متماهية معهم، تؤمن بخياراتهم، وتؤيد نهج قادة الجماعة الموالية لإيران.

 ويضم هذا الجناح بجوار أبو رأس، يحيى الراعي رئيس مجلس النواب السابق، وأحمد الكحلاني، والعديد من الشخصيات.

بإعادة تشكيل حزب المؤتمر ستخفي الحوثية نفسها داخل أطره التنظيمية، وتعيد إنتاج نفسها من جديد، و باحتمائها بالمؤتمر في صنعاء.

* تيار الإمارات

وهو التيار الذي غادر صنعاء تحت تأثير الرعب من مقتل "علي عبدالله صالح"، وتوزع على عدة عواصم خارجية، وارتبط بشكل وثيق بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومثل طارق صالح، وعدداً من القيادات.

صعد هذا التيار بسرعة كبيرة، بفضل الدعم والرعاية التي تلقاها من دولة الإمارات، وتحولت مدينة عدن التي يسيطروا يشرف عليها قوات الإمارات مقصدا ووجهة مفضلة، احتضنت المنضمين له عسكرياً وإعلامياً وسياسياً، ووفرت له الإمارات كل عوامل البقاء، بما في ذلك عدم تعرضه للتحريض المناطقي التشطيري من قبل الجماعات والكيانات الجنوبية التي ترعاها أبوظبي في عدن، ومختلف مدن جنوب اليمن.

لم يعلن هذا التيار اعترافه بشرعية الرئيس هادي، ولا تبرؤه من ممارسات الحوثيين في صنعاء وغيرها من المدن اليمنية، بل واصل مهاجمة القوى التي تتقاطع توجهاتها مع جماعة الحوثي، وانخرط في الأجندة الإماراتية الواضحة في اليمن والمنطقة، وسعى لتقديم نفسه كطرف مختلف يجمع بين استعداء الشرعية ومكوناتها، والترويج للدور الإماراتي في اليمن.

على الصعيد العسكري جرى إسناد العديد من المهام العسكرية لهذا التيار الذي ابتدع لنفسه مسمى "حراس الجمهورية" وكانت جبهات الساحل الغربي هي أبرز الأماكن التي تواجد بها ليستلم المواقع التي تستردها جموع القوة السلفية والمقاومة التي رفضت القتال تحت قيادة هذا التيار.

يتخندق هذا التيار خلف الأجندة الإماراتية، مخالفاً التوجهات السعودية، ويسعى إلى عرقلة الحكومة الشرعية، ويتضح ذلك من خلال مقاطعة هذا التيار لجلسات مجلس النواب التي انعقدت في مدينة سيئون برعاية سعودية، وتأييده لأدوات أبوظبي في جنوب اليمن، وكلما ازداد الشرخ بين الإمارات والسعودية تزداد توجهات وانحيازات هذا التيار وضوحاً.

* إضعاف الشرعية

بالتزامن مع التحديث الأخير لدولة الإمارات العربية الشريك الثاني في التحالف العربي، بانسحابها من الحرب باليمن، واستدارتها نحو إيران، وتقاربها مع المتمردين الحوثيين، عملت على استغلال كل ذلك لضبط إيقاع محور الانقلاب السابق ممثل في تيارات حزب المؤتمر، المبعثرة في الخارج، وقيادات الحزب في الداخل، مع المتمردين الحوثيين، في الشمال، بتنسيق تام مع أذرع أبوظبي في الجنوب اليمن، بما يعرف بالمجلس الانتقالي الجنوبي.

بحسب مراقبين فإنها ضمن الترتيبات الإماراتية الإيرانية، التي تعمل على إضعاف الحكومة الشرعية، وتفتيتها على الصعيد السياسي والعسكري في المناطق المحررة، من خلال خلق قيادة جديدة في الشمال والجنوب من جغرافيا البلاد، محصورة في ثلاث قوى هي حزب المؤتمر الشعبي العام، الموالي للإمارات، في الخارج، والمتمردين الحوثيين وحزب المؤتمر في الداخل الموالي لإيران.

ويضيف آخرون، إن الإمارات استطاعت بتبنيها لأحد فصائل حزب المؤتمر، وارتباطها مع أعضاء الحزب القابعين تحت سلطات المتمردين الحوثيين، من اختراق بعض أعضائه المؤيدون للحكومة الشرعية، لتمرير أجندتها عبرهم، وسعت من خلال هؤلاء الأشخاص إلى عرقلة تحركات الحكومة الشرعية، ودعم عبثها في بعض المحافظات الرافضة لتواجدها العسكري كمحافظة تعز.

الإستراتيجية الإماراتية باختراق حزب المؤتمر جاءت، بعد استكمال مشروعها العسكري الذي كان يهدف لإنشاء كيان عسكري موازٍ للدولة عبر دعم حزب المؤتمر الموالي لها عسكرياً في الساحل الغربي عبر "طارق محمد صالح"، ليمر بعدها بعدة مراحل.

*دعم تيار حزب المؤتمر المؤيد للشرعية مالياً وسياسياً، ومحاولة استقطابه.

*الدفع بقياداته إلى الواجهة من جديد، وتمثل ذلك بتعيين سلطان البركاني رئيساً لمجلس النواب.

*التقارب مع أعضاء الحزب في الداخل والموالي لجماعة الحوثي الانقلابية.

*إعاقة لملمة صفوف حزب المؤتمر بشكل مؤقت.

*العمل ضد تولى الرئيس "هادي" رئاسة حزب المؤتمر.

*إعادة إحياء المنظومة الإعلامية لحزب المؤتمر في الخارج والتي تتماهى مع تيار الداخل.

* تفعيل أدوات حزب المؤتمر السياسية في الخارج كوزير الخارجية السابق في عهد "صالح" "أبوبكر القربي".

* الخلاصة

تفيد تسريبات إعلامية أن أبوظبي، أنشأت مؤخرا، خلية مؤتمرية تضم بعض أعضائها في الخارج مكونة من "أحمد على، و حمود الصوفي و أبوبكر القربي"، واستطاعت أن تستقطب "سلطان البركاني" رئيس مجلس النواب، وفي الداخل "يحيى الراعي، أحمد الكحلاني، وحمود عباد".

وقامت الإمارات- بحكم تقاربها مع إيران- بتقريب وجهات النظر بين حلفاء الطرفين، الانتقالي الجنوبي، والمتمردين الحوثيين، مع هذه الخلية المؤتمرية، بما يضمن ذبح الحكومة الشرعية من الوريد إلى الوردي.

يتركز عمل تلك الخلية على التنسيق بين أبوظبي، وأذرعها في الساحل الغربي والمناطق الجنوبية، مع المليشيات الحوثية في الشمال اليمن.

لا يقتصر عمل هذه الخلية فقط على التنسيق تقسيم مكونات حزب المؤتمر الشعبي العام في الداخل اليمني، بما يضمن الأجندة الإماراتية.

ترتيبات إماراتية إيرانية، أفضت إلى تقليص النفوذ الحكومي في الساحل الغربي عبر دعم واجهته العسكرية " طارق محمد صالح" وتجميد جبهات القتال في محافظة الحديدة.

وبحسب التسريبات فإن حكام الإمارات دعمت عبر "حمود الصوفي" بعض التشكيلات العسكرية التي لا تؤمن بالحكومة الشرعية وشجعت بعض الجماعات الرادكالية المتشددة في محافظة تعز.

وفي السياق قالت التسريبات إن حمود الصوفي حث رئيس مجلس النواب "سلطان البركاني" بعد تقديمه مبلغ قدرة مليوني درهم إماراتي لإعاقة مشروع قرار في مجلس النواب يدين دولة الإمارات في قصفها لقوات الجيش الوطني في عدن وأبين، في أغسطس الماضي.

في الأخير تثبت المعطيات أن هناك اختراقاً إماراتياً في معسكر الحكومة الشرعية عبر بعض الأعضاء بحزب المؤتمر الشعبي العام، تستند في عملها على شبكة دبلوماسية وإعلامية، تجسد الرؤية الإماراتية والإيرانية في رؤيتها للأحداث والتطورات باليمن، وتعمل على استهداف الشرعية وتحديداً الرئيس/ عبدربه منصور هادي والأحزاب المنضوية فيها للنيل منها، والتشكيك بأدوارها.

يقول الكاتب اليمني " محمد اللطيفي"، إنه لا يمكن تفسير تصرف قيادات حزب المؤتمر الشعبي داخل الشرعية، إلا بأنها لا تزال عملياً خارج نطاق الشرعية، وهي ليست في موالاة حقيقية لشرعية هادي، ووجودها في إطار الشرعية إما لأجل مصالح شخصية أو ضمن ترتيبات مشكوك فيها، ربما تصب لصالح المخطط المحلي الإقليمي الذي يعمل على إضعاف الشرعية، وتقوية المكونات غير الوطنية.

ويضيف: إن الذين لا يزالون يأملون خيرا من رجال صالح بجميع أقسامهم (الحوثي – الإمارات – الشرعية)، عليهم أن يعرفوا أن السياسة ليست عاطفة ولا تمني، الحقائق أضحت واضحة ولا تحتاج لأدلة، هؤلاء المؤتمريون لا أمل منهم، عدوهم الوحيد هو فبراير، وخصمهم الحالي هي الشرعية التي أنتجتها فبراير وأطاحت بزعيمهم من السلطة، لا يهم بنظرهم من قتله، بل من تسبب بزواله من الحكم، هذه بياناتهم الواضحة، وتلك مواقفهم البينة، فلا تتعبوا أنفسكم في محاولة كسبهم لصف الوطن، أو حب اليمن.

الأكثر قراءة

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد