اليمن ..بين مطالب التغيير وحيرة المصير

2011-10-03 04:29:06 ينقلها/يونس الشجاع


يبدو أن يمننا الحبيب مقبل على فترة غاية في الخطورة في ظلّ التكهنات بنشوب حرب أهلية وبداية طريق الصوملة واللبننة والبلقنة وغيرها من تجارب الحروب الأهليَّة الأخرى، وهو ما أشار إليه جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة لليمن في ختام آخر زيارته..فلا شيء ينبئ بانفراج وشيك للأزمة السياسية بالبلاد، في ظل أوضاع أمنية باتت مقلقلة للغاية، كما لو أنها تعيش حالة ما قبل الانفلات الكامل.. ويبدو المجتمع الدولي كما لو انه اختار موقف المتفرج على ما يجري في اليمن بانتظار انفجار الوضع في بلد يترنح على حافة الهاوية.. فكل السيناريوهات التي تعتمل اليوم مخيفة وما يدور حصيلة أسباب متراكمة ونتيجة لحسابات قديمة أدت إلى تفاقم الأزمة، واستحكام حلقاتها وبذات التفاقم والتراكم تتطلب تسوية مرضية للجميع مالم فإن القادم ربما سيكون أكثر خطورة وسيقود جميع الأطراف إلى صراع مجهول النتائج.
إذاً اليمن اليوم على شفا حرب أهلية سيدفع ثمنها الجميع، وهذا ليس مزاحاً، فهنا القبائل بكل أنواعها وتفرعاتها ومشاكلها، وكذا السلاح بكل تنويعاته وفوق هذا وذاك فإن كل فرد في اليمن هو قطعة سلاح جاهزة، الأمر الذي سيدخل البلد في حالة من الفوضى العارمة والاقتتال الأهلي الذي لن يبقي ولن يذر...
وإيماناً منا بأنه لا يزال في اليمن شوارق حكمة، وفيها صلحاء من الناس يمثلون وسطية العيش والفكر والتدين خير تمثيل قمنا بنقل رؤى عدد منهم في هذه المساحة الأسبوعية من "هموم الناس" علنا نقف على الأسباب التي آلت بنا إلى هذه الحالة المفزعة، وأوصلتنا إلى حافة الهاوية إن لم نتدارك أنفسنا بأسرع وقت سقطنا جميعًا في قعرها ..
                                                                           
تحمل الحرب التي يسعى الكثيرون في الداخل والخارج إلى إشعالها الكثير من المخاطر ليس فقط على الذين سيخوضونها ولكن أيضاً على المخططين والمصفقين لها... ومن الصعب إن لم يكن من المستحيل تحقيق أهداف الثورة وفي مقدمتها إسقاط النظام عن طريق الحرب.. هذا ما نوه به أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور/عبد الله الفقيه ..مردفاً :فالحرب المتوقعة إما أن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر وسيكون على الطرف المنتصر بالتالي مواجهة قوى الثورة الأخرى بعد أن يكون قد حمل على ظهره الكثير من الأوزار، وهذا الاحتمال بالتالي ضعيف ,لأنه لن يكون هناك حافز لأي طرف من أطراف الحرب لكسبها.
ويتابع الدكتور/ الفقيه: والاحتمال الثاني هو أن تبدأ الحرب ثم لا تنتهي وان يزداد الأقوياء قوة والضعفاء ضعفاً وهذا هو الاحتمال الأقوى كما تبين الحروب الصغيرة الدائرة منذ شهور في كل من أرحب، وأبين، وتعز وكما تبين مجريات الثورة السلمية خلال الأشهر السبعة الماضية وكما بينت حرب الحصبة في أواخر مايو 2011.
وعن تقرير بعثة الأمم المتحدة الذي تم إشهاره مؤخراً أوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء بأنه قد جاء انعكاساً في مضمونه للبساطة التي تتعامل بها القوى السياسية اليمنية في السلطة والمعارضة ،حيث أشار التقرير إلى نقطة في غاية الأهمية وهي أن بقاء الشباب كل هذا الوقت في ميادين الحرية وساحات التغيير وتعرضهم لكل هذا القدر من القمع والاستخدام المفرط للقوة من قبل النظام يعرضهم لتبني مواقف وعقائد متطرفة وقد يجعلهم يتبنون العنف.
 وإذا كان هناك من يعتقد انه يمكن الزج بالبلاد إلى حرب أهلية شاملة وفي ذات الوقت الإبقاء على الشباب في الساحات فهو-بحسب الظاهري- واهم، معللاً ذلك بأن دخول البلاد في حرب أهلية لن يعني سوى فشل الثورة السلمية في تحقيق أهدافها والدفع بالشباب نحو تبني طرق أخرى في التغيير لا تحمد عقباها.
يشاطره في ذلك الدكتور/ محمد أحمد المخلافي ـ أستاذ القانون الدولي وعضو لجنة الحوار الوطني- ..ويضيف: إن الوضع في اليمن وصل إلى حالة كبيرة من الخطورة ولا ينكر هذا الوضع الذي وصلت إليه اليمن إلا أحد اثنين إما مستفيد من الحالة القائمة وتجار حروب، أو كاذب ومنافق ,مرجعاً أسباب ذلك إلى أن الدولة تستخدم القوة بصورة غير مشروعة، وكذلك عدم احتكارها للقوة المشروعة وهذا نتيجة طبيعية للسبب الأول ,مع أن الوظيفة الأولى للدولة هي أن تحتكر القوة المشروعة والتي تتمثل في تطبيق القوانين النافذة- حسب تعبيره.
ويردف المخلافي :وبناءً على ما سبق فإن الدولة قد فشلت في حماية أمن المجتمع، لأنها سمحت بوجود قوة أخرى تستخدم القوة والعنف سواءً كانت مليشيات قبيلة تتشكل بمبادرات مناطقية أو مناطقية تتشكل بمبادرات قبلية ، أو تتشكل أيضاً بفعل القائمين على السلطة، الأمر الذي أنتج –حسب الدكتور المخلافي- انفلاتاً أمنياً واضحاً تثبته الأحداث والوقائع اليومية التي تشهدها مختلف محافظات الجمهورية
ويردف المخلافي: إن الوقت الحاضر يشهد عملية ممنهجة للقمع يمارس ضد صاحب الرأي الآخر ويتم التعامل معه بالقوة، ويعتقد القائمون على السلطة أن إتباعهم لهذا النهج والإستراتيجية سيمكنهم من إدارة البلاد والاستمرار في ذلك.

لا حاجة لا لليمن في حرب جديدة

إن ما نراه اليوم من حروب وفتن وإسالة الدماء تحتم على كل إنسان مسلم يريد أن يعيش آمناً ويموت آمناً أن يجعل الحفاظ على الأمن من أولويات حياته ..ما سبق أكده العلامة /أبوبكر العدني بن علي المشهور- الداعية والمفكر الإسلامي المعروف ,مشدداً على حرمة الدماء والأموال والأعراض.
ويضيف العلامة المشهور:إن ما تشهده هذه الأيام البلد المباركة ـ اليمن السعيدة ـ وما يحدث من سيلان الدماء لا يرضي الله ,منوهاً بأنه لا حاجة لليمن السعيدة في حرب جديدة، ولا حرب إبادة ولا إسالة الدماء.
وأوضح العلامة المشهور مؤكداً :إن كثرة الأموال بيد الأغنياء والأفراد والجماعات ذلك الغنى يتحول إلى اغتيال، فتثار الحروب وتدفع الأموال على الأسلحة وعلى القتال والصراع كما هو الحال في الدول الكبرى، حيث تهدر الأموال ويتحول السلام إلى قتل وإلى اختراع للقنابل المدمرة لإفساد الشعوب.
وأشار العلامة/ أبوبكر المشهور إلى أن الحقيقة تقتضي نصح الحاكم والأحزاب والجماعات والمطالبة بإقامة حق الله ورسوله وحق الأمة وإعادة ترتيب المجتمع وتصحيح أي أخطاء بالتعاون المشترك بين المسلمين جميعاً، وألا يدعوا باباً للشيطان يدخل منه عليهم ليفرق بينهم ويفسد أخوتهم .. ويجب أن يشترك الجميع للإسهام في أمن واستقرار الوطن وإصلاح الناس وواقع المجتمع ، تجسيداً للمعاني العظيمة التي حملها مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل اليمن الصحابي الجليل معاذ بن جبل لتظل اليمن خالدة تنشر المحبة والسلام والأمن والأمان .
وتابع العلامة المشهور: إن التفرقة والصراع المتنوع القائم على المنافسة والتحريش هو الذي يدمر الشعوب ،مشدداً على الدور الذي يجب أن يضطلع به العلماء في إرشاد الناس من خلال المناسبات ومن فوق المنابر وعبر أجهزة الإعلام المختلفة إلى منهج السلامة، مشيداً بدور حملة الأقلام الأمينة والشريفة والنزيهة الذين يبذلون معظم جهدهم من أجل نشر المحبة والسلام.
وخاطب العلامة المشهور: يا أهل اليمن ,يا من مدحكم رسول الله بالإيمان والحكمة لا تضيعوا مدح أشرف خلق الله بالاختلاف فيما بينكم والصراع والنزاع.. لافتاً إلى أن الواجب الشرعي يلزم الجميع بإعادة ترتيب أنفسهم بدءاً من مواقع القرار وانتهاء بمواقع الاستقرار، وأن الفقه والحكمة يقضيان بالعمل على لم الشمل وجمع الكلمة، وتحقيق المواطنة التي دعا إليها الإسلام والقائمة على الأمن والسلام والرحمة والمحبة التي جمع النبي صلى الله عليه وسلم بها شتات الأمة ..منوهاً بأن الأمن والاستقرار لن يتحققا إلا بمعرفة المحبة المشروعة القائمة على معرفة حقوق الإنسان لأخيه الإنسان والمسلم لأخيه المسلم، سائلاً الله في ختام حديثه أن يوفق الجميع لما فيه حماية الأوطان وصلاح الإنسان.
من جانبه يؤكد الدكتور/ حسن الكحلاني ـ نائب عميد كلية الآداب بجامعة صنعاء رئيس الجمعية الفلسفية اليمنية ـ أنه من حق كل إنسان في هذا المجتمع أن يطالب بحقوقه ونيلها ولكن يجب أن يكون ذلك في إطار الثوابت الوطنية ..مستدركاً:لكن أن يذهب لقتل مواطن أو رجل أمن أو الاعتداء على ملك عام أو خاص فإنه يجب التصدي له، لأنه عدو للوطن وعدوٌ لنفسه قبل ذلك، أما من يطالب بحقوقه عبر الطرق السلمية والديمقراطية وبالوسائل المشروعة ،فالجميع معه أياً كان ومن أي جهة أو فئة كانت.
ويدعو نائب عميد كلية الآداب كل اليمنيين، بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم السياسية للوقوف صفاً واحداً ضد كل من يسعى للإخلال بأمن الوطن وزعزعة استقراره، وضد كل من يرفع السلاح ويستخدم العنف ضد المواطنين أو الدولة.
أما أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة عدن ورئيس مركز مدار للدراسات الدكتور/ فضل الربيعي فيقول إن مظاهر الاختلال الأمني تبعث في النفوس حالة من القلق والخوف في ظل الغياب الواضح لدور الأجهزة الأمنية..مضيفاً:إن الدول الاستبدادية لا تساعد على الاستقرار والأمن وإنما تكون سبباً أساسياً في خلخلة الأمن في مثل هذه الظروف، مشيراً إلى أن على النخب الاجتماعية والسياسية أن تسعى للبحث عن وسائل الحماية وسد دور غياب الدولة.

إنقاذ اليمن .. مسئولية من؟
يرى الدكتور/ الغيثي أن المكايدات والمزايدات الحزبية لدى السلطة والمعارضة أبرز أسباب الأزمة الحاصلة، مما جعل العلاقة بينهما قائمة على سوء الظن، ورصد السلبيات وتهويلها أو اختلاقها وافتعالها؛ فالمعارضة توصلت إلى قناعة تامة بأن السلطة لا تريد إعطاء الحقوق التي كفلها الدستور، ولا تستطيع أيّ جهة انتزاع بعض حقوقها من السلطة إلا بتهويل وتصعيد إعلامي قوي، والسلطة لا تستجيب في الغالب إلا لأدنى سقف من المطالب، ولمن له ثقل سياسي أو اجتماعي، وكلما وجدت فرصةً للتخلص من المطالب والحقوق، وفي ذلك مصلحتها تخلصت ولا تبالي بالآخر وحقوقه؛ مما جعلها مفقودة الثقة.
ويستطرد الغيثي معللاً: ولا مبالغة في اعتبار هذا هو أخطر سبب في تفاقم الأزمة وتعقيدها؛ لأنه يعتمد على أقوى سلاح في معركة العصر الحديث وهو الإعلام الذي يصنع الحياة أو يدمرها، وإذا استخدم بطريقة غير صحيحة من السلطة والمعارضة؛ فإنه لا يترك مجالاً للاعتراف بالأخطاء، فضلاً عن تصحيحها، ويولد ردود أفعال متشنجة تخلق من الأزمة أزمات، وتؤجج نار الفتنة، وتقود إلى تفجر الوضع، ولعله قد أخطأ في التقدير من قال: إن الإعلام السلطة الرابعة، والصحيح أنه السلطة الأولى؛ لأنه هو الذي تعتمد عليه بقية السلطات.
مختتماً حديثه: نحن بأمسّ الحاجة إلى نزع فتيل الفتنة، وتقريب وجهات النظر، وإقناع جميع أطراف النزاع بأنه لا بد من التنازل من أجل المصلحة العامة ، وذلك بقول كلمة الحق، والإنصاف في الطرح والحكمة في التعامل مع الأزمة، وأن لكل طرف حظَّه من الحق، وحظه من الصواب، وأن كل طرف محتاج إلى الآخر، والوطن بحاجة إلى الجميع.
تخوف عالمي على المحك
في حوار أجراه معهد كارنيغي للسلام الدولي منتصف العام الجاري ، قال كريستوفر بوشيك- المتخصص في الشؤون اليمنية في المعهد- إن هناك مخاوف تتعلق باندلاع حرب أهلية إذا لم يحدث تقدم في تشكيل حكومة جديدة وكلما أسرع اليمن في تجاوز الأزمة السياسية الحالية، كلما أمكن معالجة مشكلات الحوكمة غير الرشيدة، والبطالة، ونفاد الموارد، وانهيار الاقتصاد..مستدركاً:ولكن في الوقت الراهن، هناك احتمال أن يصبح الموقف عنيفاً للغاية في ظل محاولات النظام الأخيرة للحفاظ على النظام وسيطرته على الأوضاع.
ولفت إلى أن المملكة العربية السعودية سوف تتأثر أكثر من أي دولة أخرى بعدم الاستقرار في اليمن.. فالرياض ترغب في يمن مستقر وآمن وترغب في أن ترى تحولاً نظامياً بأقل قدر من الفوضى وترغب في ظهور حكومة في اليمن تساعد على تأمين حدودها وكلما تدهور الوضع الأمني في اليمن وتراجعت قدرة الحكومة على السيطرة على البلاد، فإنها تؤثر على مصالح دول الجوار ,كما أن فكرة وجود دولة منهارة إلى جانب أكبر منتج للبترول في العالم، المملكة العربية السعودية، سوف تمثل كارثة للاقتصاد العالمي.
وأضاف المتخصص في الشؤون اليمنية في معهد كارنيغي: لكي يتقدم اليمن ويتجاوز هذه الأزمة السياسية، من الضروري أن تتحرك الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية والحلفاء الأوروبيون بأقصى سرعة ممكنة لحل الأزمة الراهنة حتى نستطيع التعامل مع القضايا الأخرى مثل الحوكمة والبطالة ونفاد الموارد والاقتصاد اليمني المنهار.
واستطرد: إن الأزمة السياسية الحالية هي أكبر معضلة في التعامل مع القضايا المنهجية التي يجب التعامل معها وهي: الاقتصاد، نقاط ضعف الحوكمة، نفاد الموارد، البطالة, فهذه هي الأشياء التي يجب أن نركز عليها وكلما أسرعنا في التعامل مع هذه الأزمة السياسية وتجاوزها، كلما استطاع اليمن التركيز على الأسباب المنهجية للاضطرابات في البلاد, كما أن تركيز أميركا وحلفائها فقط على الإرهاب سيصيبنا بالخسارة وسيجعل كافة الأمور تزداد سوءاً وبالتالي تحتاج الولايات المتحدة لنقل تركيزها من التركيز الصرف على الإرهاب ومواجهته إلى التركيز على تحسين الوضع الاقتصادي والأمني هناك.
يشاطره الرأي الباحث الأميركي آنتوني كوردسمان ..مضيفاً: هناك تحذيرات من أجهزة أميركية باحتمال انزلاق الوضع في اليمن إلى استخدام العنف المسلح على نحو يهدد مستقبل اليمن وينذر بحمام دم كبير لن يفيد أحداً.
وأوضح كوردسمان في ندوة عقدت في واشنطن الأسبوع قبل الماضي أن الوضع في اليمن الآن بات معلقاً على خيط دقيق يفصل بين احتمالات نشوب حرب أهلية بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه ويمكن أن يكون الوضع هناك أسوأ كثيراً مما شهدناه في ليبيا.
وحول كيفية الخروج من الأزمة قال كوردسمان :الأمر يتوقف على حكمة شيوخ القبائل والشخصيات المؤثرة في المجتمع اليمني وعلى جهود الجيران لاسيما المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون بصفة عامة.

إمكانية تجنب الانزلاق في الهاوية
وعن إمكانية الخروج من الأزمة يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبدالله الفقيه أنه ليس هناك حرب لا يمكن تجنبها ..مستدركاً:لكن تجنب الحرب غالباً ما يتطلب تدخلاً نشطاً من قبل أطراف أخرى..ويستطرد: وإذا كانت بعض القوى الداخلية والإقليمية والدولية تنظر إلى الجيش اليمني وقوى الأمن ومراكز القوى القبلية والدينية على أنها أصبحت تمثل قوة معيقة أمام التغيير الذي ينشده الجميع فإن ذلك لا يعني أبداً أن الحرب هي الوسيلة الوحيدة لتعبيد الطريق أمام التغيير المنشود, فقوات الجيش والأمن يمكن تغيير قياداتها وإعادة بنائها على أسس وطنية ولأهداف تخدم الاستقرار والسلم داخلياً وخارجياً بدلاً من ضربها ببعضها.
واقترح أستاذ العلوم السياسية إرسال مراكز القوى بمختلف أنواعها سواءً أكانت داخل النظام أو خارجه إلى الخارج في إجازة طويلة أو قصيرة -كما يقترح الكثيرون من العقلاء على استحياء - إذا كان ذلك سيحفظ حياة الآلاف من اليمنيين ويقطع الطريق على العرقنة والأفغنة واليمننة والأخيرة قد تكون الأسوأ.
وقال الدكتور الفقيه إن تجنيب اليمن وجيرانه والمجتمع الدولي الخيارات المظلمة التي تبدو وشيكة التحقق في اليمن سيتطلب دوراً إقليمياً ودولياً نشطاً ومتناغماً ومتكاملاً وكلما حدث ذلك في وقت مبكر كلما قلت التكلفة وسهلت السيطرة على الأوضاع وعلى العكس من ذلك فإن انزلاق اليمن إلى حرب شاملة سيضرب أي تناغم ممكن بين القوى الإقليمية ذاتها من جهة وبين القوى الإقليمية من جهة والقوى الدولية من جهة أخرى.

حل سياسي وطني
وعن الحلول والمعالجات التي من شأنها إنهاء هذا الاختلال يرى الدكتور المخلافي أنه لا بد من حل سياسي ووفاق وطني ينقل البلاد إلى حالة أخرى، وهذا لن يتحقق إلا بالتغيير ويتطلب إعادة بناء الدولة، ويشمل هذا الأمر الأمن لأنه لا فائدة من وجود تمدد للأجهزة الأمنية وإفراغ المجتمع من فاعليته، وإنما يتعلق بتغيير سياسي شامل ، لأن الحالة الراهنة لليمن لم يعد بالإمكان معالجتها جزئياً أو معالجة الجانب الأمني بمفرده.
وأخيراً رحى الفتنة قد دارت هنا وهناك فأزهقت نفوسًا، وأسالت دماء، ومع ما قد حدث فالتعقلُ مطلوب خشية وقوع ما هو أعظم، وهو اصطلاء الجميع بنار الفتنة.

يا جدي من تحت القبة انهض
وأنظر ما فعل الأبناء..
 قد صرنا يا جدي
 أحزاباً شتى تتقاذفنا الأهواء..
نعيث فساداً في الأرض
 بعنا ثورتنا
وحدتنا
بعنا ذمتنا والعرض
فما ربح البيع أيا جدي
 وجنينا بلاء
******
 لا . .
لا تسأل عن ما حل بنا ..
لا..
 أنا لا أدري
لكن يا جدي سأقص عليك القصة
وسأحكي ما حل بنا وما قد كان..
صار الصف ثلاثة صفوف أو أكثر
 الأول قائده خليفتنا الأعظم
 ومعه بعض القادة والوجهاء المرتزقة
هذا صف السلطان..
والثاني بنيك وأحفادك وبعض ذوي القربى
قد وقفوا صفاً ضد الظلم كما يعتقدون
.. فالساكت والخانع للظلم جبان
وتفرق باقي الأتباع
بعضهمو للفرجة والبعض الآخر قرر أن الفرجة لا تكفي
 فأزمع صب الزيت على النار
وقرع طبول الفتنة
فلتهدر قيم الأديان
 ولتزهق نفس الإنسان
***
فالثورة ما عادت تمتد
 بأرجاء الأرض
 بل صارت يا جدي
.. أحزاباً وتجارة دين
 وتفرقنا ونسينا البيعة والعهد
وهربنا يا جدي والوطن حزين
***
 والمدهش حقاً يا جدي
 أن رفقاء الدرب العشرين
قد ضجروا منا
تركونا وانسحبوا
وفرحنا كالصبية قد حازوا الدمية
فتنازعنا من؟
 من منا الأجدر بقيادة ركب البشرية؟
العسكر؟
أم خريجو الكلية في القرن الواحد والعشرين؟
 ******
كل بني جلدي ياجدي
 يصطرعون
 هل نخرج أم نبقى حتى يأتون؟
وبقينا:
 من ذا سيقود الخيالة؟
ويكون ولياً للعهد
وبذا أنون..


الانفجار المخيف

في عصور قديمة كان اليمن سعيداً بأهله وطقسه وعزلته التي كانت تبعد عنه الأطماع وتقي أهله مضار الاختلاط بغرباء الأطوار والأفكار والمعتقدات؛ إلا أن صفة السعادة كانت تُسحب عن اليمن من حين لآخر لتحل محلها وصمة الشقاء.. كلما كان اليمن في عين عاصفة الأحداث التاريخية التي يصنعها محيط قريب أو بعيد..ويبدو أنه لم يعد اليوم مكان هنا لكلمتي اليمن السعيد، بل حل محلهما "الفاشل وحاضن الإرهاب".
كغيري من أبناء هذا الجيل الطامع بحياة سعيدة، نتساءل عن مصير اليمن، وعن الكيفية التي سيتعاطى معها القادمون إلى الحكم في حلحلة مشاكل اليمن الكثيرة،وإحداث تطوُّر تشهده البلاد بعد سنين عجاف من قتل الأحلام وتجريع الأيام ..خصوصاً وأن أولئك القادمين خصوم اتحدوا على رحيل النظام، وقد يفترقون على ما بعده، ومغريات السلطة ربما تفتح أكثر من بابٍ يقود إلى أزمات لا تقل عن سابقاتها ربما تنذر بحرب أهلية وبمآل أشدّ توتّرًا من ذي قبل .. وليست المسألة نقصاً في الوعي والتعليم؛ فلبنان لا يشكو هذه الأسباب وهو من أكثر البلدان العربية التي انفجرت فيها حروب أهلية عندما تعالت قيمة الطائفة والحزب على الوطن وموروثه.
لا بد أن هذا الطرح يرفضه البعض ويتخوف منه آخرون ,لكن المتأمل جيداً في المشهد السياسي اليمني المتداخل والمتشابك والشائك..سيدرك أن هذا ليس هذا تشعّباً مني ولا تشويشاً من قلمي، وإنما هذا واقع اليمن، وهذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع أن تكتب فيها عن حال البلاد إذا كنت منصفاً.
فالناظر في المشهد السياسي اليمني بعين المسترشد المتجرد عن العواطف يعرف بجلاء أن تمترس كل جهة وراء مطالبها زيادة في نحر اليمن، وزيادة في قتلها، وتقطيع ما بقي من عروقها...وسيكون ضحية هذا الضجيج هم أبناء الشعب اليمني، كما هم نتيجة له منذ عقود.
لذا فإن الوقت اليوم ليس وقت تلاؤم بل وقت تكاتف وتعقل وحزم، فلا مجال ولا وقت للمناورة، فانفجار الأوضاع الأمنية في اليمن لن يدفع ثمنه جهة بعينها أو شخص بعينه ، بل سيدفع الجميع الثمن ، ويخطئ من يعتقد غير ذلك.
                                                          Yonis210@hotmail.com


استقرار اليمن من منظور خليجي
أمن الخليج وأمن اليمن لا يمكن فصلهما ,لأن اليمن شمالاً وجنوباً امتداد طبيعي لهذا الخليج وشعب واحد وأنه مهما كانت الاجتهادات السياسية فإن منطق الأخوة في النهاية ومنطق المصلحة المشتركة ومنطق المصير سيفرض نفسه.
العبارات السابقة مقتطفة من تصريحات أدلى بها أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي عبدالله بشارة في مؤتمر صحفي عقده بالدوحة في 5/11/1983م.
ويرى الكثير من الباحثين أن الخليج العربي من ناحية الجيوسياسية، أكثر اتساعاً من الخليج العربي الجغرافي، حيث يتسع بهذا المعيار إلى عدد من الدول التي ليست لها سواحل على الخليج العربي، وعلى رأس تلك الدول تأتي دولة اليمن ,حيث يشكل اليمن مع دول الخليج كتلة إستراتيجية واحدة, كما أن اليمن يتمتع بموقع استراتيجي فريد، فهو يمسك بزمام مفاتيح الباب الجنوبي للبحر الأحمر، وهناك تداخل وثيق بين مضيقي هرمز وباب المندب، فهذا الأخير يُمثل طريقاً للناقلات المحملة بنفط الخليج باتجاه أوروبا,كما يربط حزام أمن الجزيرة والخليج العربي، ابتداءً من قناة السويس وانتهاء بشط العرب,وبالتالي فإن التواصل الجغرافي بين اليمن ودول الخليج يجعل كلاً منهما يتأثر بأية تطورات يمكن أن يشهدها الطرف الآخر.
وتشير الدراسات البحثية في هذا الجانب إلى أن اليمن بموقعه الجغرافي أصبح يمثل همزة وصل بين القارة الأفريقية ودول شبه الجزيرة العربية وأصبحت اليمن ظهيرًا آمناً لكل من السعودية وسلطنة عمان أولاً ولبقية دول الخليج ثانياً من خلال حمايتها لحدودهما البرية الجنوبية بالنسبة للسعودية والغربية بالنسبة لسلطنة عمان.
وبالتالي يمكن القول: إن أي اضطراب للأوضاع في اليمن، يُفضي بالضرورة إلى امتداد تداعياته باتجاه أقطار دول الخليج العربي.
فإذا كان اليمن يمثل تلك الأهمية لدول منطقة الخليج، فإن أزماته خاصة الأمنية والعسكرية منها تلقي بظلالها مباشرة على مجال الأمن القومي لتلك الدول جميعاً.
مخاطر الانفصال ..أنموذجاً
 ولعلنا سنلقي الضوء على أكثر الملفات سخونة وتأثيرًا على الواقع وهي: دعوة فك الارتباط , حيث الفوضى والتشرذم هي الصورة الأقرب للتصور إذا قدر لدعاة الانفصال أن يحققوا مآربهم حيث لا يمكن النظر إلى هذا الوضع بعيدًا عن التطورات التي تشهدها عدة دول في المنطقة، وخاصة في العراق والسودان والصومال، حيث أدت الممارسات الداخلية الخاطئة والتدخلات الخارجية، وطموحات السياسيين المحليين الضيقة إلى انفصال عرى البلاد التي خرجت أجزاء كبيرة منها عن سيطرة الدولة المركزية وأسست لنفسها نظاماً مستقلاً.
لذلك فإنه ليس من المستبعد أن تلحق اليمن بقطار تلك الدول، وعليه فلنا أن نتصور اليمن وقد تحول إلى صومال أو سودان جديد، لكنه هذه المرة في حدود مشتركة مع دول الخليج والتي ستقع بين فكي التفكك، من الشمال العراق بفسيفسائه العرقية والطائفية، ومن الجنوب اليمن أيضاً بتعقيداته السياسية والمشيخية، وليس من المستبعد سريان سرطان ذلك التفكك إلى دول الخليج.
الفرصة الأخيرة
وإجمالاً ، فلا قمع النظام أرهَبَ المتظاهرين، ولا هؤلاء تمكّنوا من إجبار الرئيس على التنحي، ما يجعل من المبادرة الخليجية نقطة انطلاق نحو حلحلة الأزمة، خاصة وأن دول الخليج ذات مصلحة مباشرة في منع تحول اليمن إلى "صومال جديد"؛ لاعتبارات الجوار المباشر وضمان أمن إمدادات النفط وتجنُّب وجود نقطة تمركز لتنظيم القاعدة عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، وإضافةً لكل ذلك فإن دول الخليج هي الوحيدة القادرة، والتي تمتلك مصلحة مباشرة في انتشال الاقتصاد اليمني من مأزقه ووضع خطة "مارشال" لضخِّ الدماء في شرايينه.. فهل تحمل الأيام القادمة ما يمهِّد لذلك أم أن الأسوأ لم يأتِ بعد؟.


المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد