أداء هش...!

2014-09-07 11:41:00 الاقتصادي/خاص


قال الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، إن عملية تحصيل الإيرادات الضريبية تتسم بالتواضع، مقارنة بالمطلوب تحصيله، إذ لم يبلغ المحصل العام قبل الماضي سوى (546.5) مليار ريال بنسبة (21.9%) من إجمالي الموارد العامة والتي تساهم في تمويل الإنفاق العام للدولة بما نسبته (19.4%) فقط، كما تمثل تلك الحصيلة ما نسبته (7.75%) من الناتج المحلي الإجمالي.

وحسب جهاز الرقابة ساهم الأداء الضريبي الهش في زيادة الفجوة الاقتصادية بين شريحة الموظفين محدودي الدخل وشريحة التجار ورجال الأعمال، حيث بلغت حصيلة ضريبة المرتبات والأجور لعام 2012 (134.0) مليار ريال بما نسبته (54.6%) وحصيلة ضريبة الأرباح التجارية والصناعية المستوفاة من شركات ومؤسسات القطاع العام والمختلط والتعاوني والقطاع الخاص مبلغ (111.5) مليار ريال بما نسبته (45.4%) وهو ما يشير إلى استمرار تحمل الأفراد لمعظم العبء الضريبي مما يعد إخلالاً بقاعدة العدالة الضريبية.

وأفاد تقرير لجهاز الرقابة والمحاسبة، أن تخطيط وتقييم الأداء الضريبي والحصيلة الضريبية في بلادنا لا يتم استناداً إلى مؤشرات الأداء الاقتصادي الرئيسية للناتج المحلي الإجمالي ومكوناته لتحديد الوعاء الضريبي المتاح ومن ثم ربط الضريبة على أساسه.

إضافة إلى مراعاة التوجهات المعلنة والمتمثلة بتضييق الفجوة بين دخول شرائح المجتمع والذي ترتب عليه عدم تمكن واضعي السياسات المالية الاقتصادية من الموائمة بين منقعة الحصيلة الضريبية وعبء الأثر الاقتصادي لها وتحديد القطاع الأكثر تأثراً بهذا العبء بهدف وضع السياسات الملائمة للحد والتخفيف من الآثار الناجمة.

وأكد التقرير بأن الحصيلة الضريبية المحققة تظل متدنية بصورة ملحوظة سواء كأرقام مطلقة أو كنسبة في هيكل الموارد العامة أو كنسبة للناتج المحلي الإجمالي مقارنة مع الطاقة الضريبية الممكنة في الاقتصاد الوطني والتي تتجاوز (16%) من الناتج المحلي الإجمالي.

 أو مقارنة بما هو قائم في بعض الدول الإقليمية (تونس، المغرب، لبنان، مصر، الأردن) ذات السمات الاقتصادية المتشابهة مع بلادنا، والتي تمثل الحصيلة الضريبية فيها بنسب تتراوح ما بين (57% ـ 88%) في هيكل مواردها العامة، كما أن العبء الضريبي في تلك البلدان يتراوح ما بين (14% ـــ 27%) كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي لتلك البلدان.

ولا حظ تقرير جهاز الرقابة تركز معظم الحصيلة الضريبية في عدد محدود من المكلفين مقارنة بالمجتمع الضريبي، إذ ضريبة الأرباح التجارية المحصلة من شركات الأموال (قطاع خاص) تركزت في عدد (11) مكلفاً بمبلغ (19.1) مليار ريال بنسبة 68.8% من إجمالي الضريبة المحصلة من مكلفي هذا القطاع البالغ عددهم (918) مكلفاً.

وانحصرت ضريبة الأرباح التجارية المحصلة من شركات القطاع العام في عدد (7) شركات في مبلغ وقدره (58.3) مليار ريال مع أن عدد مكلفي هذا القطاع يتجاوز (90) مكلفاً، كما أن حصيلة ضريبة المرتبات والأجور على العاملين في القطاع الخاص تركزت في عدد (15) مكلفاً بمبلغ (8) مليار ريال بما نسبته (41%) من إجمالي حصيلة ضريبة المرتبات والأجور الموردة من مكلفي هذا القطاع البالغ عددهم (140) ألف مكلف.

وعلى مستوى وحدات القطاع العام تركزت الحصيلة في المحصل من عدد (14) مكلفاً في مبلغ (11) مليار ريال وبما نسبته (51%) من إجمالي الحصيلة الموردة من مكلفي هذا القطاع البالغ عددها (90) مكلفاً.

ومن حيث مصادر ضريبة الدخل والأرباح بلغت الضريبة المحصلة من وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام والمختلط والتعاوني (173.5) مليار ريال بما نسبته (70.7%) من إجمالي حصيلة الضرائب المباشرة، مقابل (72) مليار ريال إجمالي المحصل من القطاع الخاص التجاري والصناعي، وهو ما يشير إلى اتساع حجم التهرب الضريبي في الأنشطة التجارية والصناعية للقطاع الخاص.

وأرجع تقرير جهاز الرقابة هشاشة التحصيل الضريبي إلى عدم استكمال منظومة التشريعات الضريبية والجمركية رغم أهميتها في تبسيط إجراءات المحاسبة والربط الضريبي وتحسين مستوى الامتثال الطوعي للمكلفين، ومن أهمها مشروع قانوني مكافحة التهرب الضريبي والتهريب الجمركي، مشروع قانون الإجراءات الضريبية، مشروع قانون الرسوم القنصلية، وكذا تعديل قانون ضريبة المركبات والآليات.

إضافة إلى عدم جدية الحكومات المعاقبة في تحقيق الإصلاحات التشريعية والتنظيمية والفنية لمواجهة أهم التحديات التي يعاني منها النظام الضريبي والجمركي، عدم وجود رؤية متكاملة لدى الإدارة الضريبية بشأن تطبيق قانون الضريبة العامة على المبيعات وقانون ضريبة الدخل الجديد.

ناهيك عن الأداء غير الكافي للنظام الضريبي، والذي يعود لضعف في بنيته وآليات تطبيقه وعدم توفر أسس العدالة الضريبية فيه، والناتج في جانب كبير منه عن ضعف وقصور في تطبيق التشريع الضريبي، وترجع أسباب ذلك بصورة عامة إلى عدم توفر الوعي الاجتماعي لدى المكلفين بالضريبة، وعدم فعالية الإدارة الضريبية في فرض الانضباط الضريبي، وضعف الصلاحيات المعطاة لجهاز الضرائب لضبط التهرب ومكافحته، إضافة إلى عدم توفر جهاز للاستعلام الضريبي يزود إدارة الضرائب بالمعلومات اللازمة عن أعمال ونشاطات المكلفين بالضريبة.

وكذلك استمرار منح معظم مكلفي قطاع الخدمات النفطية إعفاءات من ضرائب الأرباح استناداً إلى اتفاقيات الشركات النفطية الأم وبصورة أدت وتؤدي إلى إهدار الموارد الضريبية المتأتية من أنشطة غير خاضعة لنطاق الإعفاءات الضريبية تلك من ذلك مقاولي الباطن المتعاملين مع بعض الشركات النفطية العاملة في قطاع النفط وعلى النحو المبين في تقرير الجهاز عن الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة.

وأيضاً غياب الدور الفني المتعلق بوضع وتطوير إجراءات التحاسب الضريبي لكافة قطاعات المكلفين وغياب برامج المراجعة الفنية في الدورة المستندية المتبعة في تنفيذ إجراءات التحاسب الضريبي.

كما أكد جهاز الرقابة وجود تدني كبير في مستوى الإنجازات الفنية لدى الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين والمكاتب الضريبية بأمانة العاصمة والمحافظات، حيث بلغ عدد الملفات الضريبية غير المنجزة(409.349) ملفاً بنسبة (94%) من المخطط إنجازه.

بالإضافة إلى استمرار تراكم الملفات الضريبية الغير منجزة لدى مجموعات الإدارة الضريبية (لجان التسوية) ولجان الطعن الضريبية دون قيام مصلحة الضرائب باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه تلك اللجان.

وهذا حد تأكيد التقرير ترتب عليه حرمان الخزينة العامة من إيرادات ضريبية كبيرة مستحقة، من ذلك على سبيل المثال عدد (312) ملفاً غير منج من قبل لجان التسوية بالوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين بمبلغ إجمالي وقدره (24.7) مليار ريال، وعدد (195) ملفاً لدى الوحدة التنفيذية للضرائب على كبار المكلفين غير منجز من قبل لجان الطعن بمبلغ إجمالي وقدره (31.2) مليار ريال، ومبلغ (130.3) مليون دولار أميركي.

وكشف تقرير جهاز الرقابة حلال ذات العام ظهور العديد من البيانات الجمركية لمكلفين تم توقيف أرقامهم الضريبية من قبل مصلحة الضرائب لعدم التزامهم ضريبياً خلال عام 2010م، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر (6.515) بياناً جمركياً بقيمة إجمالية بلغت (47.1) مليار ريال.

وأيضاً ظهور العديد من الأرصدة الضريبية المستحقة على عدد من المكلفين في 31/12/2012م وفقاً لما أمكن الوقوف عليه بمبلغ وقدره _(24.9) مليار ريال ومبلغ (3.3) مليون دولار أميركي.

وقال التقرير بأن مصلحة الضرائب لم بوضع أي خطط أو برامج تستهدف رفع كفاءة الأداء المرتبط بضبط القيمة الجمركية للواردات، حيث لم يقف الجهاز على أي إجراءات بشأن معالجة الاختلالات الظاهرة في آلية رقابة القيمة الجمركية من خلال نظام التعاميم السعرية والتي سبق للجهاز تناولها في تقاريره للأعوام السابقة.. حيث تعد اختلالات ضبط القيمة الجمركية وما يترتب عليها من فاقد في الرسوم والعوائد الأخرى من أكثر الملاحظات المزمنة المرتبطة بالأداء الفني.

وعلى الجانب لا حظ التقرير انخفاض القيم الجمركية لبعض الواردات والتي تمثل إحدى الإشكاليات المزمنة في الأداء الفني، وبالرغم من التأثير السلبي لذلك على الحصيلة من الرسوم الجمركية والعوائد الأخرى الناجمة عن ذلك، إلا أن الآثار الأخرى لا تقل ضرراً على الاقتصاد الوطني.

ومن الآثار المترتبة على انخفاض القيم الجمركية عدم ملائمة قيم الواردات كمدخلات للتخطيط الاقتصادي واستخراج مؤشرات الأداء الاقتصادي الموجه للسياسة والخطط والبرامج الاقتصادية.

أيضاً حد إفادة التقرير انخفاض قيم الواردات المتأتي نتيجة عدم التعامل مع أصول الوثائق المعتمدة والمكتملة والذي من شأنه عدم حماية المستهلك فيما يتعلق بالجودة والقيمة وبالتالي تعريض الاقتصاد الوطني للخسائر المترتبة على ذلك، إذ بلغت البيانات الجمركية التي لم يتم معالجتها للفترة 2001 ــ 2010م وفقاً لما أمكن الوقوف عليه (156.068) بياناً بمبلغ إجمالي وقدره (314.8) مليار ريال الأمر الذي يساعد على التهرب الضريبي.

أضف إلى ما سبق ضعف وقصور في إجراءات التحقق من القيمة الجمركية والكميات والأوزان وخصوصاً في المنافذ البرية والتي أصبحت ملاذاً للتهريب الآمن، استمرار عمليات تجيير بوالص الشحن والبضائع في المنافذ الجمركية وهو ما يؤثر سلباً على الإيرادات الضريبية ويسهل عمليات التجارة المشبوهة وغسيل الأموال.

وحسب التقرير بلغ إجمالي البيانات المجيرة وفقاً لما تم الوقوف عليه خلال الفترة 2010 ـ 2013م (916) بياناً بمبلغ وقدره _38.2) مليار ريال منها عدد (561) بياناً بمبلغ (24.8) مليار ريال تم تجييرها في إطار مكلفي القطاع الخاص، وعدد (355) بياناً بمبلغ (13.4) مليار ريال، تم تجييرها من مكلفي القطاع الخاص إلى قطاع عام، علماً بأن المجير بأسمائهم تلك البيانات قد يتمتعوا بإعفاءات ضريبية وجمركية، وهو ما يترتب عليه تهرب ضريبي وجمركي ويحرم الخزينة العامة من موارد ضريبية وجمركية كبيرة.

وقال التقرير برغم صدور عدد من القوانين الاقتصادية خلال الربع الأخير من العام 2010م والتي تضمنت في جانب منها أحكاماً تحد من الإعفاءات الجمركية والضريبية، إلا أن ظاهرة الإعفاءات الجمركية للواردات المعفاة وتحت نظام السماح المؤقت، لا زالت مستمرة وتتصاعد قيمتها سنة إثر أخرى حيث بلغت قيمتها خلال عام 2012م _(547.5) مليار ريال وإجمالي قيمة الرسوم الجمركية الخاصة بها (30.6) مليار ريال والتي تمثل نسبة (35%) من إجمالي الرسوم الجمركية المستوفاة خلال ذات العام.

وفوق هذا وفق التقرير لا حظ استمرار الاختلالات الجوهرية في إجراءات التصفية لبيانات الإدخال المؤقت ولما يخص مدخلات الشركات العاملة في مجال النفط والغاز في ظل غياب قاعدة البيانات السليمة والمتكاملة لبيانات الإدخال المؤقت.. علاوة على التداخل الظاهر في صلاحيات ومسؤوليات هيئة استكشاف وإنتاج النفط مع الصلاحيات القانونية لمصلحة الجمارك في إلزام مقاولي الباطن بتصفية بيانات الإدخال المؤقت عبر الشركات الأم، وعدم وضع إطار مكتوب فيما بين الهيئة والمصلحة لتنظيم تنفيذ التسهيلات القانونية للاستثمارات النفطية المنظمة بموجب اتفاقيات صادرة بقوانين تضمن الالتزام بالتصفية وفقاً للقانون..

ومجمل ذلك حسب تقرير الجهاز مثل إشكالية مزمنة في تنفيذ أعمال التصفية للبيانات الجمركية المعلقة وفي متابعة المتخلفين وتحصيل الغرامات المستحقة قانوناً، وهو ما ترتب عليه وفقاً للبيانات المتاحة عن الإدخال المؤقت للشركات النفطية للأعوام من 2004م حتى 2012م بقاء مبلغ (30) مليار ريال مقابل رسوم جمركية وعوائد أخرى معلقة دون تصفية أو سداد.

كما استهجن التقرير استمرار المنافذ والدوائر الجمركية بالإفراج عن بعض السلع المستوردة بموجب تعهدات وضمانات مالية في ظل عدم كفاية وفاعلية الرقابة والمتابعة للتعهدات واستيفاء قيمة تلك الضمانات، حيث بلغ عدد البيانات الجمركية (المعلقة) على ذلك النحو كما في نهاية العام المالي 2012م وفقاً لما أمكن الوقوف عليه (10.060) بياناً، بالإضافة إلى البيانات الجمركية المعلقة على شركة مصافي عدن مقابل مستورداتها من المشتقات النفطية والبالغ قيمة الرسوم الجمركية عليها كما في 31/12/2012م (274.7) مليار ريال.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد