حيث ينهشون الثروة

2014-11-30 13:55:10 الاقتصادي/ نبيل الشرعبي

يتسبب نفط الكلفة في إهدار كثير من النفط الذي كان سيعود لصالح الدولة، ويجمع الكل على أن نفط الكلفة في اليمن يعد أغلى نفط كلفة في العالم، ووفقاً لتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، بلغ إجمالي كمية نفط الكلفة لعام 2012م (8.551.110) برميل بنقص قدره (1.531.860) برميل بنسبة (15.19%) عن كمية نفط الكلفة لعام 2011م البالغ (10.082.970) برميل، بينما في المقابل انخفض الإنتاج خلال عام 2012م بكمية (10.930.762) برميل بنسبة (23.4%) عن كمية الإنتاج في العام 2011م.

إضافة إلى أن قيمة كمية نفط الكلفة لعام 2012م لعدد (10) قطاعات فقط بدون القطاع (14) المسيلة الذي أصبح باستلام (شكرة بتر ومسيلة) من تاريخ 27/12/2011م نظراً لانتهاء اتفاقية المشاركة في الإنتاج مع شركة كنديان نكسن، كما ارتفع متوسط سعر كلفة برمين النفط الخام المنتج عام 2012م حوالي (26.89) دولار أميركي/ البرميل بزيادة قدرها (3.57) دولار أميركي بنسبة (15.33%) عن العام 2011م والبالغ (23.32) دولار/ البرميل.

فيما بلغت حصة الدولة من النفط حسب الإنتاج المقسم حيث بلغت كمية نفط الكلفة المستقطعة من صافي الإنتاج القابل للتقاسم خلال العام 2012م ولصالح الشركات الأجنبية المنتجة للنفط الخام (8.551.110) برميل بنسبة (23.90%) من إجمالي صافي الإنتاج في عدد (10) قطاعات والبالغ (35.774.624) برميل بقيمة إجمالية بلغت (961.999.875) دولار بمتوسط سعر (112.50) دولار للبرميل وبماي عادل مبلغ (206.348.973.187) ريال بمتوسط سعر صرف قدره (214.50) ريال/ دولار.

بلغت حصة الشركات النفطية المنتجة للنفط الخام من (نفط الكلفة + الإنتاج المقتسم) خلال العام 2012م من عدد (10) قطاعات بدون القطاع (18) مأرب والقطاع (14) المسيلة كمية (15.451.059) برميل بنسية (43.19%)ـ تقريباً من إجمالي صافي الإنتاج القابل للتقاسم بالقطاعات المذكورة والبالغة (35.774.624) برميل، حيث بلغ حصة والشركات المذكورة من نفط الكلفة كمية (8.551.110) برميل بنسبة (23.90%)، بينما بلغت الحصة من صافي الإنتاج المقتسم كمية (6.899.949) برميل بنسبة (19.28%) من إجمالي صافي الإنتاج في القطاعات السالف ذكرها.

وبلغت حصة الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية خلال العام كمية (179.633) برميل بنسبة (4.26%) من إجمالي صافي الإنتاج بالقطاع رقم (5) جنة هنت البالغ (4.217.057) برميل، كما بلغت حصة الشركة اليمنية تحت التأسيس والتابعة للمؤسسة العامة للنفط والغاز خلال العام كمية 263.924) برميل بنسبة (2.84%) من إجمالي صافي الإنتاج بالقطاعات (حواريم (32)، شرق سار (53)، داميس (s1)، شرق الحجر (51)، جنوب حواريم (43)، مالك (9)، العقلة (s2ـ) البالغ إنتاجها (9.276.093) برميل.

ارتفاع التكاليف

وأكد الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، أن تكاليف إنتاج النفط الخام ارتفعت، خلال العام 2012م مقارنة بالعام 2011م في معظم القطاعات، وأرجع الجهاز المركزي ذلك إلى جملة أسباب هي: عدم اتباع الأسس العلمية والموضوعية في إعداد تقديرات الموازنات التشغيلية للشركات النفطية حيث لوحظ أنه يتم تحديد كمية ونسبة نفط الكلفة (التقديرية) على أساس النفقات التقديرية في موازنات الشركات المذكورة للعام السابق والأقساط التقديرية المرحلة للعام الحالي.

أيضا من مظاهر المغالاة الملحوظة في تحديد كمية نفط الكلفة في موازنات الشركات المنتجة للنفط استمرار استرداد مبالغ من نفقات نفط الكلفة المعتمد لتلك الشركات عاماً إثر أخر وفقاً لما يرد في كشوفات إيرادات النفط بالبنك المركزي اليمني وإشعارات التوريد المبلغة لوزارة المالية بذلك في ظل عدم الوقوف على المستندات والوثائق المتعلقة بتلك الاستردادات لدى الجهات المعنية، حيث بلغ ما أمكن الوقوف عليه من مبالغ مسترجعة من نفط الكلفة وموردة للحساب المختص (مبيعات نفطية) بالبنك المركزي خلال الأعوام 2007، 2008، 2009، 2010، 2011، 2012م بواقع (8.926.818.064) ريال، (25.128.507.645) ريال، (94/8.041.346.262)ريال، (66/13.750.786.666) ريال، (62/12.354.983.626) ريال، (98/124.871.677) ريال على التوالي.

 وتفاصيل ما تقدم على النحو التالي: قيام وزارة النفط والمعادن بتنفيذ التوجيهات الواردة بقرارات مجلس الوزراء ومنها القرارين رقمي (467، 87) لعامي 2008، 2010م اللذان يقضيان بضرورة تقليص الإنفاق غير المبرر في كلفة النفط وبالذات المصاريف التشغيلية للشركات الأجنبية والتنسيق مع وزارتي المالية والتخطيط والتعاون الدولي بشأن الإنفاق على المشروعات الاستثمارية التي تتبناها الشركات المنتجة للنفط، بالإضافة إلى وقف الإنفاق على المشاريع غير الضرورية في مناطق الإنتاج النفطي.

ناهيك عن القصور الواضح من قبل وزارة النفط والمعادن ممثلة بالهيئة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط في مجال ممارسة الدور الإشرافي والرقابي على أعمال وأنشطة وخطط الشركات النفطية المعتمدة سنوياً حيث تبين ما يلي: عدم قيام شركة توتال ق (10) شرق شبوة بإنشاء مشروع وحدة إنتاج الديزل من إنتاج النفط الخام في القطاع لتخفيف تكلفة الإنتاج على غرار ما قامت به بعض الشركات الإنتاجية في القطاعات الأخرى مثل المسيلة.

وبالرغم أن المشروع المذكور ضمن خطة الشركة منذ عدة أعوام وقد ترتب على ذلك القيام بشراء مادة الديزل من السوق المحلية وبأسعار عالمية، مما يؤدي ذلك إلى زيادة تكلفة الإنتاج وارتفاع نفقات نفط الكلفة، بالإضافة إلى عدم الزام الشركة في القطاع المذكور الاستفادة من الغاز المصاحب في الإنتاج لتوليد الكهرباء وفي الأغراض المختلفة لتخفيف تكلفة الإنتاج.

إضافة إلى عدم قيام شركة كالغالي الإنتاجية في القطاع (9) وكذا شركة (أو، أم، في) في القطاع (S2) العقلة بتنفيذ وإنجاز بناء المنشآت وخط الأنبوب للنفط بالرغم أن تلك المشاريع ضمن خطط الشركات المذكورة المستهدفة منذ عام 2009م، علماً أنه تم وضع تقديرات الإنتاج النفطي للقطاعين على أساس تنفيذ وإنجاز خط الأنبوب واستكمال المنشآت لتصريف زيادة الإنتاج النفطي عبر تلك الخطوط.

وكذلك القصور من قبل وزارة النفط والمعادن في الرقابة على مدخلات الشركات النفطية من المواد والمعدات والآلات والتجهيزات المختلفة التي تحمل كلفتها على نفط الكلفة، حيث لوحظ أن دور الوزارة ينحصر في المشاركة عند مناقشة الموازنات الخاصة بتحديد الاحتياجات فقط، بينما باقي المراحل الأخرى المتعلقة بالشراء مثل (تحديد المواصفات، التحليل، البت، الفحص والاستلام، الرقابة على المخزون، صرف المواد من المخازن) تتم من قبل المشغل في القطاعات الإنتاجية دون أي رقابة على ذلك وهذا القصور يعد خللاً واضحاً يسمح بإيجاد بيئة للتلاعب بإجراءات الشراء وقيمة وكمية ونوعية المواد المشتراة والموردة وحركة المخزون بالرغم من أن قيمة تلك المواد والمعدات محملة على نفط الكلفة، مما يساهم ذلك القصور والإهمال في ارتفاع قيمة نفط الكلفة وحجم الإعفاءات الجمركية وكذا انخفاض حصة الدولة من الإنتاج ومن الإيرادات والرسوم الجمركية.

وهكذا إن التكاليف الإنتاجية للنفط الخام في اليمن والذي تحصل من خلاله الشركات النفطية على نسبة عالية جداً من الإنتاج، تجاوزت في بعض القطاعات الإنتاجية نسبة 70% من إجمالي الإنتاج، بحجة انخفاض الاحتياطيات وارتفاع تكاليف الإنتاج وحاجتها إلى سرعة استعادة استثماراتها الرأسمالية في الشراكة.

وهذا يؤدي إلى استقطاع كميات كبيرة من النفط جراء هذا الاستثمار وعلى حساب الثروة الوطنية، في ظل عدم تحديد سقف معين لحجم رأس المال المستثمر الواجب استعادته من نفط الكلفة ولا تحديد الفترة المتوقعة لاستعادته، وتظل الشركات تستقطع نفط الكلفة لاستعادة الاستثمارات المستخدمة في عمليات الإنتاج ودون تحديد دقيق ومسبق لهذا الاستثمار.

 ومع أن الأصل هو التحديد المسبق كون التحديد المسبق لحجم الاستثمار الرأسمالي يسهل متابعة استرجاعه وجدولته على مدى زمني محدد من فترات الاستثمار، إلا أن اتفاقياتنا النفطية لم تولي هذا الجانب الأهمية الكافية التي تعكس الولاء الوطني أو الحرص على الثروات العامة، رغم أن بعض الاتفاقيات تضمنت تحديد نسبة استعادة التكاليف والمصروفات بما يساوي 30% كحد أقصى في السنة من النفط المنتج والمدَّخر، وتضمنت استعادة نفقات التنقيب والتنمية وغيرها من النفقات والمصاريف.

وفي اتفاقية القطاع رقم (34) البالغ مساحته 7015.99 كم2 والتي وصلت فيه نسبة نفط الكلفة إلى 50% كحد أعلى في كل ربع سنة من النفط المنتج وبعد خصم الإتاوة، وهذا البند في هذه الاتفاقية يعكس التراجع في الحرص على المصلحة العامة للدولة، مقارنة باتفاقية هنت، حيث إن الاتفاقية السابقة كانت في مضمون هذه المادة أفضل، من حيث إنها تكسب الدولة على الأقل 20% فارق نفط الكلفة وكذلك الإتاوة التي حُدِّدت بنسبة 10% من الإنتاج وليس وفقاً لشرائح الإنتاج كما ورد في هذه الاتفاقية الأخيرة.

ولم تتضمن الاتفاقية أسباب رفع نسبة نفط الكلفة أو تخفيض نسبة الإتاوة، وهذا بدوره يخفض من عائدات الدولة من استغلالها للثروة النفطية ومن إهدار واضح لها، وقد يعكس أيضاً القصور الرسمي في الحرص على رفع مستوى العائدات والإيرادات من مصادر الدخل المتاحة من الثروة، ولا اعتقد بأن ذلك وسيلة من حوافز الاستثمار في هذا القطاع، التي تراعي مصالح الشركات الأجنبية برفع أنصبتها من نفط الكلفة ومن تخفيض الإتاوة وعلى حساب المصلحة العامة.

وترتفع نسبة نفط الكلفة في العديد من القطاعات الإنتاجية، بسبب انخفاض حجم الاحتياطيات وانخفاض الإنتاج والارتفاع النسبي في مستوى التكاليف، إلى مستويات قياسية وصلت إلى 70% من إجمالي الإنتاج في قطاع (4) غرب عياد، وفي البعض الآخر تقرب من 50% في قطاعات S2 ، 9 ، 43 ، 51 ، وتتزايد في بعض القطاعات المسيلة شرق شبوة شرق سار وكما يتضح من الجدول رقم (1).

وللأسف لم يتم التمييز بين سنوات خصم نفط الكلفة مع تغير أسعار النفط، إلا في بعض القطاعات، حيث إنه من المفترض أن تتراجع نسبة نفط الكلفة حينما ترتفع أسعار النفط والعكس حينما تنخفض، لأن ارتفاع السعر يرفع من قيمة النفط المخصص لتغطية التكاليف السنوية المحددة في بعض الاتفاقيات عند مستوى حوالي 50% من الإنتاج كحد أعلى لكل ربع سنوي.

وبالتالي تقل الكمية المخصصة لذلك كما في اتفاقية القطاع رقم (34) و قطاع (53)،(4) إلا أن البيانات الرسمية المتاحة تؤكد إغفال هذا الاعتبار في معظم القطاعات الإنتاجية، وتظل الشركات تستقطع نفط الكلفة باستمرار، وبالتأكيد أن هناك تكاليف للتشغيل السنوي تُستَعاد أيضاً من نفط الكلفة، ولكن المشكلة هي في استمرار استقطاع نفط الكلفة دون تحديد لنهاية هذا الاستقطاع الخاص باستعادة التكاليف الاستثمارية للشركات وعلى حساب الثروة الوطنية، فضلاً عن عدم معرفة متى ستؤول الأصول إلى الملكية اليمنية بعد استيفاء ثمنها من نفط الكلفة.

ومن خلال الإحصاءات المتاحة يتضح تذبذب نسبة نفط الكلفة السنوية المستقطعة للشركات الأجنبية من إجمالي الإنتاج مع اتخاذها مساراً متزايداً بشكل عام خلال الفترة 2001-2009، حيث ارتفعت النسبة من 13.95% في عام 2001 إلى 16.72% في عام 2005 ثم إلى 24.69% في عام 2009. وقد تزامن ذلك مع تراجع الإنتاج السنوي للنفط من 160.05 مليون برميل إلى 146.09 مليون برميل وإلى 103.57 مليون برميل بين سنوات المقارنة، رغم تزايد أسعار النفط خلال نفس الفترة، إلا أن نفط الكلفة ظل تقريباً عند مستوياته في السنوات الأولى للمقارنة التي كانت فيه أسعار النفط متدنية، وكان يفترض انخفاضه مع ارتفاع الأسعار، إلا أن ذلك لم يحدث باستثناء عام 2008.

وقد تزايدت قيمة نفط الكلفة من سنة إلى أخرى وفقاً لمتوسط السعر السنوي، من 513.14 مليون دولار في عام 2001 إلى 1.26 مليار دولار في عام 2005 ثم إلى 1.62 مليار دولار في عام 2009 وبإجمالي وصل إلى 9.67 مليار دولار خلال تسع سنوات من الاستثمار في الصناعة النفطية اليمنية.

وما يلفت النظر مقارنة قيمة نفط الكلفة التي حصَّلتها الشركات النفطية خلال الفترة 2001-2009 والتي بلغت 9.67 مليار دولار، بحجم الاستثمارات المنفقة للشركات العاملة في مجالات الإنتاج والاستكشاف واستثمار الشركات المنسحبة من العمل خلال الفترة 1990-2002 والتي بلغت 7.6 مليار دولار.

وذلك يعكس كبر حجم المتحصلات التي تجنيها الشركات الأجنبية جراء الاستثمار الرأسمالي، والتي تجاوزت قيمة الاستثمارات الفعلية كثيراً. مع استمرار التحصيل من قبل الشركات المنتجة، وما تم تحصيله في السابق يرفع من مستوى قيمة نفط الكلفة المحصلَّ كثيراً، وهو ما يعكس الارتفاع الكبير لما تفقده الدولة من الثروة الوطنية للوفاء بهذا البند، في الوقت الذي يقل فيه نصيب الدولة صاحبة الثروة من العوائد والإيرادات النفطية بقدر هذه التكاليف الباهظة.

80 بالمائة للشركات

الخبير النفطي اليمني الدكتور محمد الزوبة، يقول: في نفط الكلفة في اليمن للعلم الشركات تأخذ بدايةً 50بالمائة نفط كلفة، ثم 30بالمائة حصتها ويكون الإجمالي هنا 80بالمائة تذهب لصالح الشركات، وفقط 20بالمائة وأحياناً أقل لصالح الحكومة، وفي اليمن فقط الحكومة الوحيدة التي لا تستفيد من نفطها، ويُنهب لصالح الشركات وهذه تعاظم من مشاكل هذا القطاع.

وتكمن المشكلة في تقسيم الحقول والتفصيل على مقاس المتنفذين، أي وبشكل أوضح في الكميات التجارية يكون نفط الكلفة أقل، لكن الحاصل في اليمن يجري توزيع الحقل الواحد لأكثر من متنفذ، وهذا المتنفذ يريد مقراً ومكتباً بمواصفات وأضف إلى ذلك هو وحده يريد إحداث سيطرة ولأبنائه ويريد يجامل هذا ويشتري ذاك وسفريات وموظفين وو... إلخ مما يزيد من حجم الإنفاق ويعوضها من نفط الكلفة.

والمستفيدون هم الشركات والمتنفذون، فالشركات في إطار الحقل الواحد تأخذ كل عدة آبار وفي الحقل الأخر نفس، الشيء، في حين يقتضي الأمر أن يكون الحقل في إطار شركة واحدة فقط، ويتحمل المسؤولية قيادة هيئة الاستكشافات النفطية، ووزارة النفط تتحمل كامل المسؤولية، فهذه مشكلة خطيرة، حيث يجب عليها أن تتعامل بمسؤولية وعقلية تجارية، فهذه ثروة بلد.

والحل في توحيد تكاليف الاستخراج ضمن البيئة الواحدة، وكذلك ترشيد الإنفاق على المعدات والذي تتم المبالغة فيه من قبل الشركات وفوق هذا تكون المعدات قديمة، إضافة إلى عدم توزيع الحقل على أكثر من شركة، حيث يعمل التقسيم على ارتفاع حجم النفقات، لأن كل شركة تحتاج إلى بنية ومعدات وموظفين، فيما لو تُسلم لشركة واحدة بنفس الإمكانات سيجري العمل وبنفس النفقات، وهنا نفط الكلفة سيكون أقل.

ما الجدوى من نفط يذهب للغير؟

وبحسب الدكتور محمد علي جبران- أستاذ المحاسبة المالية – جامعة صنعاء، نفط الكلفة ومع الأسف الشديد كنت قد ناقشت الموضوع مع صخر الوجيه، والذي كان ما يزال رئيس منظمة برلمانين ضد الفساد، ووعدني وهو ما يزال آنذاك عضو لجنة النفط، بإنزال المبلغ كما كان سابقاً وهو 7دولارات.

واليوم نفط الكلفة 23دولاراً في البرميل الواحد هذا في المتوسط، أما في بعض الحقول فيبلغ 80 دولاراً فيما تبيعه الدولة بـ100 دولار، إذاً ما الفائدة من استخراجه إذا كانت تدفع 80 دولار مقابل الاستخراج، ما الفائدة من هذا النفط والذي لا يستفيد منه سوى شركات الاستخراج.

وعموماً الكلب الفرنسي والأميركي التابع لشركات الاستخراجات النفطية في الحقول النفطية اليمنية، يتقاضى من نفط الكلفة أكثر مما يتقاضى الموظف اليمني، وهذا المجال سيوفر مليار دولار، على أقل تقدير، أي إذا تم تخفيض نفط الكلفة إلى 7 دولارات.

وفي إحدى المرات سألت أحد الأخوة الكويتيين وهو الأخ/ ناصر الصانع ـ عضو منظمة برلمانين العالمية ضد الفساد، كيف تفعلون في نفط الكلفة، أجاب لدينا الشركة الوطنية للخدمات النفطية تقدم كل ما تحتاجه الشركات الاستخراجية ولا يسمح لأي كان بالدخول في هذا المجال، ونحن في اليمن هناك 150شركة تقدم الخدمات النفطية، ويملكها أبناء مسئولين ومشايخ ومتنفذون، وأبسط مثال هذه الشركات تبيع قارورة الماء المعدنية بألف ريال للشركات النفطية، وكأنها استوردتها من الجنة، وشركات النفط لا يهمها ذلك فمعروف أنها تأخذ كل شيء، على حساب نفط الكلفة.

وطلبنا من مجلس النواب إلزام الشركات النفطية بتوفير كل ما تحتاجها، من قبل شركة خدمات نفطية حكومية، كما تقوم الحكومة بتوفير الحماية الأمنية وتغطيها من الجنود الذين لا يؤدون أي خدمة ويستلمون مرتباتهم.

نفط الكلفة أكبر حقل فساد

فيما وزير المالية الأسبق- البروفيسور سيف العسلي، يقول: في قطاع استخراج النفط في اليمن هناك عشر شركات محتكرة وتقوم بمنع الآخرين من الدخول وإحداث تنافس وتقديم أسعار واستثمار أفضل ليترتب عليه خدمة البلد وتحقيق المنفعة من النفط والغاز وهذه الشركات تعيد توزيع التقسيم فيما بينها بأسلوب احتكاري سيء جداً.

ونفس الأمر مازال قائماً في ظل حكومة الوفاق، التي جاءت على أعقاب ثورة.. إذ ما يزال تكلفة استخراج برميل النفط 23 دولار وهذه أعلى نسبة تكلفة استخراج في العالم أجمع، فيما تكلفة الاستخراج العالمية تتراوح ما بين 3 إلى 5 دولار، وأقول أن سبب ارتفاع نفط الكلفة في اليمن، هو الشركات التي تقدم الخدمات للشركات النفطية، وكذلك الشركات النفطية العاملة في اليمن، في استخراج النفط من الباطن.

في اليمن قطاع النفط يسيطر عليه المتنفذين، ولا يحكمه قانون بل يجري تسيريه وفقاً لمصالح النخبة التي تتحكم في إدارة الثروات، ومع أن فوارق مبالغ نفط الكلفة تؤخذ من التكلفة الإجمالية للإنتاج، فإن الشركات العاملة تكون مستفيدة من ذلك، إذ تدفع منها عمولات المتنفذين والشركاء في تقاسم الثروة.

 وعلى الطرف الآخر نستطيع القول إن شركات تابعة لمتنفذين يتم إعطاءها قطاعات للاستخراج بدون مناقصات أو دراسات محسومة ولا يوجد عليها أي رقابة، ويتم إنفاق مبالغ طائلة عليها بدون ضوابط أو محاسبة، وبالطبع تلك المبالغ تؤخذ من نفط الكلفة وتمثل مصدر فساد ورشاو تُصرف لمتنفذين تصل إلى ملايين الدولارات على حساب المواطن والوطن.

وهنا يجب تقديم العشر الشركات النفطية في اليمن إلى المحاكمة لأنها تعبث باقتصاد وثروات البلد وتنهب النفط وتقف سداً منيعاً أمام دخول أي شركات أخرى، ولا يخفى أن نفط الكلفة من أكبر مصادر الفساد في البلد ويتسبب في نهب الثروات وحرمان الخزينة من مليارات الدولارات.

 وأكرر: نفط الكلفة في اليمن أكبر حقل للفساد، ليس في اليمن فقط بل في العالم أجمع، حيث يذهب لمتنفذين من الباطن ولا يوجد رقابة على هذه المقاولة ولا على الشركات النفطية إطلاقاً، واتفاقيات النفط تركت الباب مفتوح، مع أنه بالإمكان عمل مقارنة، بين ما يتم مع عقود مع شركات النفط في العالم، والمقارنة بينها وأخذ المتوسط واعتماده كنفط كلفة في اليمن.

في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، كان نفط الكلفة يذهب في صفقات شراء الولاءات، الرئيس الحالي عبده ربه منصور هادي، يمارس نفس ما كان يمارسه سلفه من فساد وعقد صفقات من نفط الكلفة....

إن نفط وغاز اليمن تحتكره فقط عشر شركات وتمنع الشركات الأخرى من الدخول إلى اليمن للاستثمار في المجال النفطي والغاز، وتقوم العشر الشركات بنشر معلومات ودعاية مظللة وكاذبة ويوجد فيما بينها والحكومة اتفاق سري، لأن لا يتم قبول أي شركة أخرى.

ولذلك من الضروري إعادة النظر في الاستثمارات النفطية من خلال إجراء معالجات والحد من احتكار هذه العشر شركات لنفط اليمن، وسيكون زيادة عائدات النفط بأكثر من 30% مما هو حاصل من خلال إعادة احتساب كلفة الاستخراج فقط في الاتفاقيات الظالمة، لكن من القادر والذي يمتلك الإرادة السياسية الشجاعة لتطبيق اتفاقيات الاستثمار العالمي النفطي في اليمن.

ومن أسباب ارتفاع تكليف استخراج النفط في اليمن مقارنة بتكاليف الاستخراج العالمي، غياب الرقابة على قطاع النفط وثم ترك نفط الكلفة عائماً وسرياً يُحدد بين الشركات المستخرجة وشركة النفط، وإصلاح نفط الكلفة أهم من رفع الدعم عن المشتقات النفطية وكثير من الإصلاحات العقيمة.

وإصلاح القطاع النفطي يحتاج إلى جهاز فني متخصص يقوم عليه شرفاء وكفاءات وخبرات لا تنظر إلى مصالحها أبداً وعدم التوقيع على أي اتفاقية تمس مصلحة اليمن وألا تتم بدون رقيب ولا عتيد، أما إصلاح الاتفاقيات النفطية السارية فأمر مستحيل لأنها غير سارية ويتم نهب نفط وثروات اليمن من خلال عشر شركات هكذا لله وفي الله وهذه الشركات تستفيد عائدات مهولة وكونت ثروات لا يمكن لك أن تتخيلها وعليه أطالب بتقديم هذه الشركات إلى المحاكمة لأنها تنهب الوطن.. من مقابلة سابقة نشرها الملحق الاقتصادي- خلال العام الماضي.

ويقول رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد القاضية أفراح با دويلان: في اليمن لا يوجد قانون للنفط، وهذا بحسب تقديري أمر في غاية الخطورة والأهمية، ولابد من وجود هذا القانون ليعمل كضابط عام لمعايير التعامل مع الشركات ويجعل من المصلحة الوطنية مقياس ومرجع ويحمي مستقبل الثروة المادية والبشرية، وتلزم الشركات بذلك وتفرض عليها عقوبات وتعويضات.

وتضيف هذا معمول به في كل الدول النفطية وهو موضوع يتعلق بالسيادة والأمن القومي ويتوجب أن يكون مرجع تشريعي رئيس لكل اتفاقيات الثروة المعدنية والغازية، والتي تكتنفها العديد من الاختلالات وتعفي الشركات في الغالب من تنمية المجتمع والبيئة المحلية وضمان عدم تدميرها بما في ذلك تدمير صحة الإنسان والتربة والماء والثروة الحيوانية؛ فمسألة كالمسافة الآمنة لحقن الماء المعاد من عملية الحفر أو التخلص من النفايات بدفنها والأبخرة المتصاعدة وغيرها أمور يجب أن تحتكم إلى القانون لتعلقها بالأمن القومي والمصلحة الوطنية العليا، ويجب إلا تترك الاتفاقيات هكذا تشكل قانون لوحدها دون مرجع رئيس.

وأضافت بأن الهيئة تنظر عدداً من ملفات هذا القطاع الحيوي حيث توجد اختلالات في القطاع النفطي الخام والغاز المسال والاتفاقية النفطية الخاصة بالقطاع النفطي ٣٢؛ وهناك العديد من وقائع الفساد في هذا الملف, منها عمل بعض الشركات في ظروف غير قانونيه كالحصول على تراخيص مزورة ، وأحلنا عدداً من القضايا إلى النيابة.

الفساد أثقل قطاع النفط والغاز

وعن التطورات التي شهدها هذا القطاع، منذ تدشين أول بئر لإنتاج النفط في حقل أسعد الكامل بمأرب عام 1986، قال الخبير النفطي ورئيس قسم التفتيش المهني بإدارة السلامة المهنية في هيئة استكشاف وإنتاج النفط المهندس، ناصر اللهبي: إن إجمالي النفط المستخرج من الحقول اليمنية، منذ 1986، وحتى اليوم يصل إلى 3.2 مليار برميل، بقيمة إجمالية بلغت 220 مليار دولار حصة الحكومة منها تتراوح ما بين 20-25 بالمائة،.

واكد أن الاحتياطي النفطي للبلاد المحتمل والممكن والمثبت يصل إلى 11 مليار برميل من النفط، القابل للاستخراج منها تقدر بنحو 2 مليار برميل، وفند المعلومات التي تحدثت عن مخزون هائل من النفط في محافظة الجوف يصل إلى 30 بالمائة من نفط العالم.

وقال إن هناك مكامن للنفط والغاز، ولكن تقديرها يحتاج إلى حفر آبار استكشافية، ومعرفة النتائج عبر المختبرات البترولية، لا فتاً إلى أن الممارسات الفاسدة أثقلت كاهل قطاع النفط في اليمن، وأثرت بعمق على نفط الكلفة، وأثرت بالتالي على العائدات المستحقة للخزينة العامة للبلاد.

وأوضح المهندس اللهبي أن خدمات الحراسات الأمنية وحدها تستنزف مبالغ طائلة، وصلت عام 2013 إلى نحو 52 مليار ريال، وهو المبلغ الذي يقتطع من نفط الكلفة، مشيراً إلى أن السفينة العائمة الراسية في رأس عيسى، التي يتم ضخ نفط مأرب إليها، استغرقت خلال الـ24 عاماً الماضية استنزفت ما قيمته ملياري دولار لأعمال الصيانة، في حين أن كلفة إقامة ميناء نفطي لا تزيد عن مليار دولار فقط.

وطالب اللهبي بإنشاء قطاع خاص في الوزارة للهندسة والمشاريع لأهميته الكبرى في التنمية، وشطب الإيرادات والمصروفات النفطية، وتخفيض نفط الكلفة، ومعالجة الخلل الكبير في موازنة الشركات الأجنبية.

ودعا اللهبي إلى عمل قاعدة بيانات صحيحة عن النفط في كافة القطاعات، وإلزام كافة الشركات الأجنبية بفتح مكاتب فنية لها في الحقول والقطاعات وفي صنعاء بدلاً من بلدانها.. وطالب المحاضر اللهبي بعمل استراتيجية لتخزين المشتقات النفطية لمواجهة الأزمات والطوارئ.

المقالات

تحقيقات

dailog-img
كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ (تحقيق حصري)

حوّل خلاف موالين لجناحين (متشددين) متعارضين داخل جماعة الحوثي المسلحة “جلسة مقيّل” خاصة- بالعاصمة اليمنية صنعاء خلال عيد الأضحى المبارك- إلى توتر كاد يوصل إلى “اقتتال” في “مجلس” مليء بالأسلحة والقنابل ا مشاهدة المزيد

حوارات

dailog-img
وزير الدفاع يتحدث عن الحرب العسكرية ضد ميليشيا الحوثي ويكشف سر سقوط جبهة نهم والجوف ومحاولة اغتياله في تعز ولقائه بطارق صالح وتخادم الحوثيين والقاعدة وداعش

كشف وزير الدفاع الفريق ركن محسن محمد الداعري، ملف سقوط جبهتي نهم والجوف، بقبضة ميليشيا الحوثي، للمرة الأولى منذ تعيينه في منصبه. وأشاد الداعري، في حوار مع صحيفة "عكاظ" بالدعم بالدور المحوري والرئيسي الذي لعبته السعودية مشاهدة المزيد