بعد أكثر من خمس سنوات من الاحتلال الأميركي الدامي في العراق، ماذا يقول حساب الربح والخسارة؟ ، هذا السؤال الكبير تطرحه الآن صحيفة «هيرالد تريبيون» الأميركية، وتستنبط إجابة عنه من خلال تحليل موضوعي.
تشير الصحيفة أولاً إلى التعاقدات الضخمة التي أبرمتها حكومة نور المالكي قبل بضعة شهور مع كبرى شركات النفط الأميركية، دون إعلان مناقصات عالمية، ما يهيئ لهذه الشركات وضعاً احتكارياً في تطوير المخزونات النفطية العراقية الأسطورية، والسيطرة على صناعة النفط الوطنية في العراق بصورة عامة. . ويبدو كما تقول الصحيفة إن هذا هو الهدف الحقيقي غير المعلن لشن الغزو على العراق. لقد ظل الرئيس بوش ونائبه ديك تشيني يقولان للشعب الأميركي وللعالم أجمع إن الهدف من الغزو هو محاربة الإرهاب أو تدمير أسلحة دمار شامل أو تحقيق الحرية والديمقراطية للشعب العراقي. لكن ما لم يفطن إليه الكثيرون تضيف الصحيفة هو أنه خلال تلك الفوضى العارمة التي اندلعت عقب سقوط بغداد في عام 2003، صدرت أوامر للقوات الأميركية لحماية مكان واحد معين ذي قيمة، ألا وهو وزارة النفط العراقية. . الآن تقطف أميركا الثمار من خلال التعاقدات النفطية التي حصلت عليها الشركات الأميركية دون أن تتعرض لأي منافسة عالمية. ومع تزامن هذه التعاقدات مع التصاعد الجنوني لأسعار النفط العالمية، فإن قيمة الثمرة ترتفع أضعافاً مضاعفة.
أجل، إنها مكافأة كبرى. . ولكن بأي ثمن؟
هذه هي إجابة «هيرالد تريبيون»: بالإضافة إلى مقتل الآلاف من الأميركيين (ومئات الألوف من العراقيين) فإن الحرب في العراق تسببت في تحويل الموارد الأميركية عن مجالات وشؤون حيوية داخل الولايات المتحدة نفسها. بإيجاز. . دخل الاقتصاد الأميركي مرحلة تراجع خطيرة، تقود بإيقاع متسارع إلى حالة انهيار شامل.
الآن تتهاوى أسعار الأسهم في البورصات الأميركية وتتصاعد أسعار الوقود نتيجة لهبوط قيمة الدولار، وتظهر مؤشرات بطالة يتسع نطاقها يوماً بعد يوم. ثلاثة تريليونات دولار خسرتها أميركا في حرب العراق حتى الآن، دون أن تلوح في الأفق أي دلائل على نهاية الحرب.
