الفقر، الجوع، المرض، كل هذه المصطلحات وشقائقها من المصطلحات الأخرى التي تعني شقاء الإنسان ومعاناته ومكابدته في هذه الحياة لها أسباب ومسببات، وهذه المعاناة التي يتجرعها الإنسان مرتبطة بالدرجة الأولى بعامل الفقر الذي إذا زاد عن حده كان سلاحاً خطيراً يفتك بمن يسيطر عليهم، ويجعلهم عناصر شر تعيث في الأرض فساداً، فالفقر إذا لم يكن هناك إيمان قوي وقناعة تامة فإنه يولد الجريمة بمختلف أنواعها وطرق متعددة، وقد ربما ابتكارات وإبداعات جديدة يتميز بها المنحرفون حسب الحاجة أو الدافع، شهر رمضان يقترب منا وسلطة التجار تزداد يوماً عن يوم، والمواطن المسكين قد نحل جسمه وشاب رأسه وهو يحاول أن يجد أفكاراً أو خططاً يتعامل بها أو يستخدمها مع هذا الوضع القادم وخصوصاً في شهر رمضان المبارك، يا الله ماذا جرى لهؤلاء الناس الذين أنعمت عليهم ورزقتهم من فضلك ولكنهم غير مقدرين لهذا الكرم الذي تفضلت به عليهم، إن البعض من التجار بعيدون كل البعد عن ما يعانيه الناس من سوء معيشة وارتفاع غير قانوني في الأسعار، إن مثل هؤلاء التجار لا يستسلمون إلا لقوة القانون والرقابة الميدانية العادلة التي لا ترى لهما وجوداً إلا الشيء اليسير، وهذا اليسير لا يجدي نفعاً ولا يساعد المواطن ولا يستطيع أن يزيح جزءاً من هموم المواطنين تجاه ما يفرضه مستغلون الحياة بمواسمها المختلفة، ما هو الفرق بين شهر رمضان المبارك وبقية أشهر السنة حتى يرخي هؤلاء المستغلون قبضتهم ويبسطوا نفوذهم على المواطن الذي أعياه الليل وأسهر عقله وفؤاده وهو يحلم باليوم الذي يرى فيه الدولة قد استطاعت أن تنفذ ما سنته من قوانين صارمة لو طبقت لعاش هذا المواطن في أحسن حال؛ لأن القوانين واللوائح لم تضع إلا من أجل هذا المواطن ابن الدولة، يجب أن تكون هناك نظرة مسؤولية لأبناء هذا الوطن من قبل جميع الجهات المعنية أو التي بيدها مسؤولية تجاه المواطنين في مختلف المجالات، يجب على الدولة أن تتخذ الإجراءات اللازمة التي تضمن للمواطن إيقاف هذا الجنون الموسمي للأسعار الذي يصدره ويقره عدد من المتهورين والجشعين الذين لا يوقفهم عند حدهم إلا القانون الذي نتمنى أن يطبق، لا حول ولا قوة إلا بالله لقد أصبح بعض البشر على مشارف أن يقعوا في الشرك، فقوة القانون إذا طبق تردعهم وتخوفهم وتجعلهم ينظرون إلى عقوبات البشر والتي تفرضها الجهات المسؤولة أكثر مما ينظرون إلى خالق هؤلاء البشر ومسير أمورهم وأوضاعهم، لقد أصبح الخوف من عقاب الدنيا أقوى من الخوف من عقاب الآخرة، الناس إلى الآن يعيشون على أمل الإنصاف والاهتمام بشؤون حياتهم من قبل الدولة، نتمنى أن لا تكون هناك عوائق تحول دون إيقاف كل من يحاول أن يفرض جنونه على هذا الشعب، ونتمنى ونفضل أن يبقى جنون الأبقار والدجاج وينتهي جنون الأسعار لأن الشعب قد ربما يستطيع الاستغناء عن صنف واحد، لكنه لا يستطيع أن يعيش بلا شيء.
محمد أمين الداهية
جنون الأسعار 1202
2008-08-19 02:46:02
