نستقبل آراء القراء للكاتب على البريد الالكتروني Shukri_alzoatree@yahoo.com
تحدثنا في الحلقة الأولى في العدد السابق عن فوائد الصيام الصحية والبدنية لجسم الإنسان وفي هذا الحلقة سيكون حديثنا عن الفوائد النفسية للصيام، إذ أن للصيام فوائده النفسية العديدة وأول هذه الفوائد إنماء الشخصية. ومعناه النضج وتحمل المسئولية والراحة النفسية حيث أن الصيام يعطي الفرصة للإنسان لكي يفكر في ذاته ويعمل على التوازن الذي يؤدي إلى الصحة النفسية وبالطبع فإن الصيام يدرب الإنسان وينمي قدرته على التحكم في الذات. وانه يخضع كل ميول الدنيا تحت سيطرة الإرادة وكل ذلك يتم بقوة الإيمان . وتتجلى في رمضان أسمى غايات كبح جماح النفس وتربيتها بترك بعض العادات السيئة والتي يكون الإنسان قد تعود على فعلها كعادة شرب القهوة والشاي بكثرة أو عادة تناول القات في العصرية أو عادة تدخين السجائر طيلة النهار . كما أن الصائم يشعر بالطمأنينة والراحة النفسية والفكرية ويحاول الابتعاد عما يعكر صفو الصيام من محرمات ومنغصات ويحافظ على ضوابط السلوك الجيدة تنفيذا للحديث القدسي لتجنب أي رفث أو صخب أو سب و شتم أو جرح وألم سوى بالكلام أو الفعل للغير أثناء الصيام التزاما بأمر رسول الله إذ ورد في الحديث القدسي : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال الله سبحانه وتعالى (كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَالصِّيَامُ جُنَّةٌ وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلاَ يَرْفُثْ وَلاَ يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ يَفْرَحُهُمَا:إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ،وَإِذَا لَقِيَ رَبَّهُ فَرِحَ بِصَوْمِهِ)(متفق عليه) إذ يتحلي الصائم بصفات الهدوء والتسامح والود والعطف والرحمة للغير ... وقد أثبتت دراسات عديدة أن انخفاض نسبة الجريمة بوضوح في البلاد الإسلامية خلال شهر رمضان . كما إن شهر رمضان المبارك والصوم فيه يزيد من قوة الإنسان وقدرته على التغلب على الشهوات.. فالصيام ليس فقط امتناعا عن الطعام والشراب.. ولكنه قبل ذلك امتناع عن العدوان والشهوات وميول الشر. ومن فوائد الصيام الأخرى أنه يخضع الملذات لإرادة الفرد.. فعند الصيام يحدث نقص في سكر الدم.. وهذا يسبب نوعا من الفتور والكسل والسكينة.. وهذه الأحاسيس تؤدي إلى نوع من الضعف والقابلية للإيحاء ومن ثم يكون الإنسان في حالة من التواضع وعدم الاختيال بالذات.. مع إحساس برغبة شديدة في الاقتراب والتقرب إلى الله سبحانه وتعالي.. ومن هنا يأتي الخشوع والاتجاه الصحيح إلى الله وهو ما يعزز إيمان الإنسان ويقوي عقيدته. وهكذا نجد الصيام هو الذي يعمق الخشوع والإحساس بالسكينة والتحكم في الشهوات وإنماء الشخصية. والصوم يهب الإنسان السكينة والهدوء والخشوع و في الصيام تعزيزا للإيمان.. ويقول الدكتور العالمي ألكسيس كاريك الحائز على جائزة نوبل في الطب في كتابه الذي يعتبره الأطباء حجة في الطب ( الإنسان ذلك المجهول ) ما نصه : إن كثرة وجبات الطعام وانتظامها ووفرتها تعطل وظيفة أدت دورا عظيما في بقاء الأجناس البشرية وهي وظيفة التكيف على قلة الطعام ولذلك كان الناس يلتزمون الصوم والحرمان من الطعام إذ يحدث أول الأمر الشعور بالجوع ويحدث أحيانا التهيج العصبي ثم يعقب ذلك شعور بالضعف بيد أنه يحدث إلى جانب ذلك ظواهر خفية أهم بكثير منه فإن سكر الكبد سيتحرك ويتحرك معه أيضا الدهن المخزون تحت الجلد وبروتينات العضل والغدد وخلايا الكبد وتضحي جميع الأعضاء بمادتها الخاصة للإبقاء على كمال الوسيط الداخلي وسلامة القلب. وإن الصوم لينظف ويبدل أنسجتنا.
