نداء عاجل إلى الظلمة الذين غرهم حلم الله عليهم فتمادوا في الظلم والعدول عن الحق، نداء إلى من ظلم والديه بعدم طاعتهما، نداء إلى من ظلم أولاده بعدم تربيتهم على طاعة الله ورسوله ، نداء إلى من ظلم جاره ولم يعرف له حقاً، نداء إلى مغتصبي الأراضي والأموال وأخذها على أصحابها بدون وجه حق، نداء إلى من ولاه الله أمراً من أمور المسلمين فلم يقم بما أوجب الله عليه في ذلك، نداء إلى كل ظالم.
اسمعوا إلى الحديث القدسي الذي يقول الله سبحانه وتعالى فيه: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته محرماً، فلا تظالموا".
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً
فالظلم آخره يأتيك بالندم
واحذر أخي من المظلوم دعوته
لا تأخذنك سهام الليل بالظلمي
تنام عيناك والمظلوم منتهب
يدعو عليك وعين الله لم تنمِ
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "احذروا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة"، واسمع أخي إلى قصة سعد بن أبي وقاص الذي كان مستجاب الدعاء، وكان والياً على الكوفة في زمن عمر بن الخطاب فأرسل عمر رسولاً إلى الكوفة يسأل الناس عن حال سعد فذهب السفير إلى تلك الإمارة وسأل الناس في المسجد فقام رجل فقال: "أما والله إنه لا يقسم بالسوية ولا يمشي في السرية ولا يحسن الصلاة"، فرفع سعد يديه إلى السماء وقال: "اللهم إن كان عبدك هذا كاذباً قام رياءً وزوراً فأطل عمره وأطل فقره وعرضه للفتن"، فقيل أنه عمر طويلاً حتى سقط رمش عينيه وكان يسأل الناس في شوارع الكوفة ويغمز الجواري، فقالوا له: أنت شيخ كبير وتغمز الجواري فقال: "شيخ مفتون أصابته دعوة سعد"، فدعوة المظلوم مستجابة ترفع فوق الغمام كما ثبت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ولو كان كافراً.
ويروى أن أروى بنت أويس أدعت على سعيد بن زيد صاحب رسول الله والمبشر بالجنة، أدعت عليه أنه أخذ شيئاً من أرضها فخاصمته إلى مروان ابن الحكم فقال سعيد ابن زيد: أأخذ شيئاً من أرضها بعد الذي سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم:فقال له مروان بن الحكم: وما سمعت؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله يوم القيامة إلى سبع أراضين" فقال مروان: ذلك الظن بك يا أبا إسحاق، ثم قال سعيد: اللهم إن كانت كاذبة فعم بصرها واقتلها في أرضها، قال الراوي: فما ماتت حتى ذهب بصرها، وبينما هي تمشي في أرضها إذ وقعت في حفرة فماتت، فلا إله إلا الله: "اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب".
فمن الظلم أيضاً الغيبة والنميمة، ومن الظلم الغش في البيع والشراء، والامتحانات وغيرها، ومن الظلم أيضاً رد الحق، ومن الظلم ترك الصلاة، ومن الظلم عقوق الوالدين، ومن الظلم التطاول على العلماء ولمزهم ومحاولة إسقاطهم إلى غير ذلك.
فقد انتشر الظلم في زمننا وصارت له صولة وجولة وأخذت الأموال على الضعفاء والمساكين وقطعت السبل وضاع الصدق، فصار صاحب الحق الذي لديه مال والذي ليس لديه مال يعتبر ظالماً فإنا لله وإنا إليه راجعون، وصدق النبي صلى الله عليه وسلم حين يقول: "بين يدي الساعة سنوات خداعة، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين ويتكلم فيها الرويبضة؟" قالوا: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: "السفيه يتكلم في أمور العامة"، فنسأل الله أن يصلح حال المسلمين، وأن يردهم إلى دينهم رداً جميلاً هذا والحمد لله رب العالمين.
