ما أحلى التواصل عبر البر بين عدن وصنعاء والمكلا وتعز وغيرها من مدن ومناطق الوطن حيث نجد متعة لذيذة في مرافء الروح يتجدد فيها النشاط وتصفو فيها الرؤية وتزكو الإرادة لانتاج كل شئ جميل ومفيد على صفحة الحياة الجميلة في وطننا الجميل .
    ومع ذلك نرى أن حلاوة الصورة في رحلة الروح عبر وديان وسهول وجبال وصحاري ومدن وقرى الوطن لاشك ستكون أكثر طراوة وحلاوة واشراقا ً وستكون المتعة أكثر لذاذة وربما في مستوى الخيال لو أن المسؤولين المختصين أخلصوا في عملهم وخرجوا من أبراجهم العاجية ومكاتبهم الفاخرة الباردة إلى الحياة الدافئة في الميدان بين الناس وانتقلوا من جمودهم وبرودتهم إلى حرارة المسؤولية الملقاة على رقابهم .. ذلك أن الامور مازالت تسير وفق الهوى والمزاج وكيفما اتفق وبفطرية تامة وعلى البركة إلا ّ من رحم ربي .
     وعلى سبيل المثال - لا الحصر – تتحرك معظم مركبات النقل من حافلات كبيرة وصغيرة وسيارات أجرة مختلفة الاحجام والانواع حاملة أرواح البشر تسير بها مئات الكيلومترات في الصحاري والسهول والجبال عبر أحضان الوطن وهي لا تملك أبسط مواصفات التأهيل لمثل هذه المهمة والخدمة العامة الهامة.
   وفي مقابل الاجرة الباهظة مثلا ً من عدن إلى صنعاء التي تجاوزت الالفين ريال - بعد انقطاع خط الضالع – لا تجد لدى العديد من ملاك هذه الخدمة سوى مركبات تستنجد في كثير من الاحيان على الطريق من يرحمها وينقذها من عثرتها نتيجة ما أصابها من الاستهلاك والتدمير والتهجين ، والترقيع .. تشكو العذاب وما أصابها من المصاب وقد ظهر على وجهها الهوان وملامح طول الزمان وفقدت ابسط متطلبات الامان .. الأمر الذي يقودها غالباًإلى آخر رحلة العمر ولفظ أنفاسها الاخيرة في لحظة ربما تؤول مع من عليها من ركاب إلى خبر كان لترتفع احصاءات الضحايا وتسجل ارقاماً خيالية كل عام ،عند ذلك لا مكان للسؤال عن جودة المحتويات من كراسي وتكييف أو وسائل راحة وترفيه .. إنما السؤال عن عدد الخسائر في الارواح وما دمرمن الممتلكات .
     إن قضية كهذه تقع مسؤوليتها أولا ً على إدارة المرور وثانيا ً على الجهات الاخرى ذات العلاقة .. ولا تعدو القضية عن كونها متطلبات قرار إداري وتفعيله بآلية عمل يحيل مئات بل آلاف المركبات من النقل عبر المدن أو الخطوط الطويلة إلى النقل الداخلي في المدن وداخل المحافظات وتأهيل الصالح واللائق وفقا ً للمواصفات والضوابط المطلوبة مع الفحص بصورة جادة قبل الترخيص بالعمل في الخطوط الطويلة وبين المدن والمحافظات.
      بالتأكيد تطبيق هذه الآلية في نظام المركبات لن يخدم فقط راحة الناس بل سيخدم كذلك السياحة الداخلية ويحرك راكد الحياة ويحيله إلى معين لاينضب ينعش في حركته الابداع في مختلف أنشطة الاعمار والبناء والنماء وأوجه الحياة .
      هذا فقط مثل .. وهناك أمثلة أخرى تبصرها العين ولا يخطئها الاعمى سوف نطرحها في قابل الايام إذا لم نفقد العمر والعافية .. فما أجمل أن تكتمل الصورة الجميلة .. لنرحل إلى ارواحنا عبر مفاتن الوطن .. نجدد الحياة وننفض غبار الزمن ونغسل أجسادنا وأرواحنا مما أصابها من تعب وإجهاد .