;
محمد الغابري
محمد الغابري

المشهد السياسي في اليمن.. بين (الصوْملة) و (السَّوْدنة) و (التوْنَسة)! 2204

2011-01-28 17:54:37

انفردت السلطة والحوثيون والحراك كقوى فاعلة في تشكيل المشهد السياسي في اليمن مع التفاوت بين تلك القوى في العمل والمساحة التي تشغلها، وبعد فشل جولات الحوار بين السلطة والمشترك، انضم الأخير إلى تحريك المشهد وبدأت مهرجانات ومسيرات في المحافظات فصارت عندنا مشاريعها تتشابه مع ما حدث ويحدث في بلاد عربية أنها بين الصوملة التي تتحدث عنها السلطة، وبين السوْدنة التي تعبر عن نفسها بالحوثيين (دار فور) والحراك (المحافظات الجنوبية) وبين التونسة التي تسعى إليها المعارضة ومنظمات مجتمعية، فأين تتجه الحالة اليمنية، وأي التعبيرات ستأخذ؟ هل يكون هناك مشروع مختلف عن كل ما سبق بحيث يمكن وصفه باليْمننة؟.

الحوثيون – الحراك (السَّوْدنة)

الحالة اليمنية تلتقي مع الحالة السودانية في تفجر بؤر، مناطقية، جهوية أهمها الحوثيون في الشمال والحراك في الجنوب، ومستوى كل من الحوثية والحراك انعكاس لمستوى السلطة ومراكز قواها، أنهما حركتان يجمعان البدائية والتخلف السحيق، وهما يستنزفان اليمن ووحدتها ويعملان فقط على الهدم.. الحوثية مشروعها مريض وظلامي قاتم يرتكز على المذهبية والأسرية السلالية العشائرية وهو من القبح بحيث لا تجرؤ الحوثية ذاتها على إعلانه وهي تصمد في وجه الانتقادات الموجهة لها التي تطالبها بإعلان مطالب واضحة وتهرب خلف شعارات لا معنى لها إلا قتل اليمنيين وجلب الموت على نطاق واسع.

والحراك يرفع أعلاماً وشعارات شطرية ويريد لليمن ان تبقى في حالة حرب أهلية دائمة وذلك فحوى دعوات الانفصال والتجزئة.

shape3

الحوثيون صنعوا مشكلة تشبه دارفوار، والحراك يريد ان يكون مثل الحركة الشعبية في السودان مع أنها ظلت مطالبها سودانية تبعاً لاسمها الحركة الشعبية لتحرير السودان ولم تفصح عن مطالب انفصالية إلا في السنوات الأخيرة.

لم يعمل الحوثيون والحراك إلا على تفتيت الشعب وتفتيت المطالب العامة وإعاقة قوى التغيير التي يمكن ان تقود ثورة شعبية عامة..

تلك هي انجازات الحوثي والحراك، إطالة عمر السلطة التي شعارها أنتم أيها الحوثيون خاسرون أما نحن إذا فقدنا جندياً جندنا عشرة، أنتم خاسرون أيها الحراكيون فلديكم من الثارات ما يجعلكم تتقاتلون من طاقة إلى طاقة..! السلطة الضيقة

ان خطاب السلطة وتحديداً رئيس الجمهورية يظهره عبارة عن طرف من أطراف الصراع في هذه البلاد، إنه لا يبدو رئيساً للجمهورية اليمنية، ولا يخاطب الشعب بتلك الصفة، إنه رئيس فقط لبعض اليمن ورئيس لأقلية من اليمنيين.. يقول لخصومه تعالوا للنزال، ثم يقول بصفته شيخ قبيلة أنتم في وجهي هكذا بكل بساطة، فلا يدري السامع منهم هل يأتي لمنازلة رئيس بعض اليمنيين، أم يأتي في ضمانه شيخ قبيلة غير محددة.

الخطاب السلطوي لا يفتأ يضرب المثل بالصومال وبالعراق تهديد مبطن يخبر عن إعداد لإغراق اليمن في بحر الصوملة فقد كشفت ثورة تونس عن الدور الذي أعد بعناية لقيادة قائد حرس الرئيس بنشر عصابات لقنص التونسيين وإثارة الرعب، واغراق البلد في الفوضى، الذي عصم التونسيين من ذلك المخطط الجهنمي وحدة الشعب ووحدة الجيش ووطنيته وهكذا التقت لجان الأحياء مع فرق الجيش الأولى من المواطنين لحماية أحيائهم والأخرى لمطاردة فرق الموت وإلقاء القبض على قائدها.

إن حديث أي مسؤول عن الصوملة جريمة في حد ذاتها هل المسؤولون عن الأمن والسلم والوحدة والنظام هم من يهددون بالصوملة أليس ذلك وحده كافياً لإسقاط الأهلية عنهم، وانتزاع السلطة منهم؟

التونسة

امتازت الثورة التونسية بوجود وحدة شعبية وطنية وخروج الناس إلى الشارع في منطقة سيدي أبوزيد – التي يسكنها محمد بوعزيزي – لم تكن وحدها بحيث يسهل التعامل معها إذ سرعان ما تجاوبت معها جميع مناطق تونس.

* استمرار الاحتجاجات، فلم يتسرب الملل إلى التونسيين ولم يرعبهم تعامل قوات الأمن، ولا بطش الأجهزة.. لقد استمرت الاحتجاجات الشعبية حتى استطاعت ان تتغلب على الأجهزة.

* الانضمام المثالي للاتحادات والنقابات فالاتحاد العام للشغل وهو اتحاد نقابات عريق، الأول من نوعه في المنطقة العربية تشكل عام 1919م، انضم في اليوم الثاني أو الثالث ثم اتحاد المحامين الذي قام بالإضراب وعطل المحاكم.

* يرجع المحللون تلك الثورة العامة للشعب التونسي إلى أسباب وعوامل متعددة لكن في طليعتها مستوى التعليم المتقدم والوعي العام المتراكم الذي أنتج ما يمكن وصفه بالعقل الجمعي التونسي.

* الجيش الوطني

ظهر الجيش التونسي فريداً بين الجيوش العربية، جيش دولة، وليس جيش سلطة، وجيش مهني، وليس جيشاً مسيّساً، هناك قيادة جيش موحد، وليس مفرقاً، هذا الجيش الذي يعي ويدرك مهامه واختصاصاته أنه لحماية التراب التونسي، والمواطنين التونسيين داخل الوطن وخارجه ولما كان كذلك فقد قال قائد الجيش الجنرال رشيد جعفر للرئيس المخلوع (لا، انه ليس جيشاً لحماية الرئيس من الشعب بل لحماية الشعب)، لذلك لم يطلق النار على المواطنين تلبية لرغبات ونزوات بن علي.. كان موقف الجيش إذاً حاسماً في التعجيل بسقوط بن علي وحمله على الهروب.

تلك حسنة تحسب للسلطة في تونس، منذ الحبيب بورقيبة، فقد نجح في اقامة جيش وطني، جيش دولة وليس جيش سلطة وربما ادرك بن علي ان الجيش خط احمر فلم يجرؤ على حرفه عن مهامه وإفساده ليغدو جيش بن علي أو أن الرئيس المخلوع لم يفكر في السيطرة على الجيش وافساده في كل الأحوال فإن ذلك مؤشر على وجود سقف للفساد وان هناك خطوطاً حُمر ممنوع ان يتجاوزها الفساد.. هنا فروق جوهرية في الحالة اليمنية لا يوجد ما يوصف بالقائد العام للجيش اليمني، ولا يوجد ما يعرف بقائد القوات البرية بل هناك وحدات عسكرية متناثرة ووحدات لجيش مواز (الحرس الجمهوري – القوات الخاصة – الأمن المركزي) أو جيوش موازية، هنا هيئة اركان معطلة، ووزارة دفاع شكلية، في كل بلدان العالم وزير الدفاع وهو شخص مدني هو القائد العام للجيش، ودوره أنه ضابط اتصال بين القيادة السياسية والقيادة العسكرية الممثلة في هيئة الأركان، والجيش لا صلة له بالسياسة، وهو دائماً على الحياد في حالة نشوب خلاف بين السياسيين.

عندنا السلطة تخاطب الجيش خطاباً تحريضياً، وتتعامل معه كأنه عبارة عن مليشيا شخصية تتبعها، وتتصرف السلطة السياسية بالرتب العسكرية وتزج به في حروب داخلية، حتى أفقدته أهميته وأحرقت معاني الوطنية فيه، وقتلت الروح المعنوية، وأشاعت الفساد بكل صوره.

هل تنجح المعارضة وجميع القوى في التّوْنسَة

ان التونسة هي أفضل الحلول لليمن، جاءت الثورة التونسية لترسي خياراً آمناً وإنقاذاً من التهديد بالصوملة، ليرفع الشعب في اليمن التونسة في وجه الصوملة، السلطة التي تخيف الشعب من السعي للتغيير بالصوملة حان الوقت للقول إننا نريد تغييراً على غرار تونس، تغييراً يسقط السلطة ويحافظ على الدولة ووجودها وليس تغييراً يسقط السلطة ويؤدي إلى الفوضى.. كلا، ونستطيع القول ان هذا ما يتبلور لدى المعارضة ممثلة باللقاء المشترك، انها - على الرغم من عيوبها - ربما تبقى الجهة الوحيدة المعبرة عن الوحدة الوطنية، وهي تكتل سياسي ربما تدرك ان من مهامها المحافظة على وجود الدولة وكينونتها وتفرق بين السلطة والأجهزة العامة للدولة ومؤسساتها التي هي اليوم شكلية وبتحديد أكثر ان المعارضة تستطيع ان تدرك الفرق بين السلطة التي تسعى لتغييرها وبين أجهزة الشرطة ووحدات الجيش، التي هي في الأصل مؤسسات وأجهزة دولة فهل تنجح المعارضة في تعميم التونسة على أشكال التعبير عن رفض التخلف والفساد والسعي للتغيير؟!

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد