;
عبدالباسط الشميري
عبدالباسط الشميري

لماذا سقط نظام مبارك سريعاً؟! 2279

2011-02-13 02:56:38


من الوهلة الأولى يا ترى كيف يقرأ النظام الرسمي العربي المشهد؟ وما هي الأسباب الحقيقية لثورة الشباب المصري؟ ومن يدفع بهؤلاء لواجهة المشهد؟ ولماذا وكيف تم تجميع هذه الأعداد الهائلة؟ ومن أين يستمد الشباب قوتهم؟ ولماذا الآن تحديداً؟ ومن يحدد سقف المطالب- الشباب أم الأحزاب- أم هناك أطراف أخرى خفية تدير وتحرك المشهد من خلف الستار، كما يشاع؟ وقبل هذا وذاك وبصراحة.. ألم تكن الأنظمة والحكومات العربية تدرك أن خيوط اللعبة بدأت تنسل من بين أيديهم ومنذ زمن؟
ألم يكن سقوط الصومال في الفوضى مفزعاً للنظام العربي ومن وقت مبكر؟ وإذا لم يكن كذلك احتلال العراق من قبل أميركا وتسليم هذا البلد لإيران على طبق من ذهب، ألم يكن مصيبة وكارثة حلت بالأمة العربية تشبه إلى حد ما سقوط القدس بأيادي العصابات الصهيونية؟
وكذلك حصار غزة وحرب الصهاينة على غزة ولبنان في 2008م و2006م واستخدام القنابل الفسفورية والأسلحة المحرمة دولياً في الحربين وكنا وعلى الهواء مباشرة جميعنا حكاما ومحكومين في الوطن العربي نشاهد ونتابع تلك الجريمة النكراء وكأننا نشاهد مباراة كرة، ثم جاءت أحداث السودان واتفاقية "نيفاشا" ومسلسل "انفصال الجنوب عن الشمال"، وصولاً إلى ثورة الخبز في تونس والتي أزعم أنها لم تكن سوى بالونة اختبار لقياس نبض الشارع العربي، لا أقل ولا أكثر، وما سبق ذلك ليس إلا استعداداً لما هو قادم والتالي هو أصل الحكاية ومربط الفرس؟
فما يحدث في مصر اليوم هو القابل للتقليد والتعميم عربياً ولا مجال فيه للتراجع أو خفض سقف المطالب، في مصر ثورة 25 يناير 2011م حققت أكثر مما كان متوقعاً ومطروحا على طاولة النقاش أبان الانتخابات المصرية الأخيرة وما قبلها وإن لم يكن هناك طاولة أصلا بين النظام والأحزاب في مصر لأن التفرد والإنفراد بكل شيء هو أحد أسباب النكبات والكوارث في الوطن العربي. وحتى لا نتوه ونتشعب سوف أحاول جاهداً تلخيص الأخطاء الكبيرة التي وقع فيها النظام المصري ووصوله إلى النهاية الحتمية المتوقعة وهي السقوط المريع والمخيف حقا وهي كالتالي:
أولاً: الخصخصة، عمليات بيع المصانع والشركات والمؤسسات المملوكة للدولة للقطاع الخاص ورفع الدعم عن السلع الغذائية والمشروع عبارة عن روشتة يصيغها خبراء صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والتي بموجبها وعلى إثرها يحرم ملايين من البشر من لقمة عيشهم ويسرح ألاف العمال من وظائفهم وتتسع الفجوة بين طبقات المجتمع الواحد فيزداد الأغنياء ثراء ويزداد الفقراء فقراً، وفي مصر وعن تبعات تلك السياسات الإفقارية المعروفة سلفاً حدث ولا حرج، والذي لم نقله في هذا الشأن أيضا هو صفقات البيع والشراء لتلك المؤسسات والشركات وإلى أين تذهب الأموال والكميشنات والعمولات؟ الفساد المالي-السياسي الذي يبرز هنا وتفسد الذمم ويتحول المال العام إلى غنيمة يعبث بها ثلة من المرتزقة والفاسدين المحسوبين على النظام.
ثانياً: تخلي النظام في مصر عن دوره القومي/العربي الرائد في المساهمة في حل قضايا الأمة وبصورة فجة غير مسبوقة.. فلم يسبق أن كانت مصر بعيدة عن المشهد العربي وعلى مر العصور التاريخية حتى ما قبل قيام ثورة يوليو 1952م، بل ما قبل ذلك بكثير تكون مصر المنافح والحامل الرئيس لهموم الأمة وعلى الدوام من المحيط إلى الخليج، بل وحتى إفريقيا.. فلو كانت مصر موجودة وحاضرة بثقلها ووزنها الدولي ما كان انفصال جنوب السودان ليتم وبهذه المسرحية الهزيلة!
لذلك أكرر بالقول لو كانت مصر موجودة وحاضرة ما كانت إسرائيل تجرأت وضربت غزة بالقنابل الفسفورية ونظام مبارك يُحكم حصاره على غزة فيمنع حتى إدخال الدواء والغذاء لإنقاذ الأطفال والنساء المحاصرين.. لو كانت مصر حاضرة ولم تكن مخطوفة فعلا، ما تجرأت طهران وتدخلت في شؤون العراق ولا في الشأن اللبناني ولا في الشأن اليمني.. لو لم تكن مصر مختطفة ما تجرأت طهران واقتربت من مياه القرن الإفريقي والبحر الأحمر.. ولو لم تكن مصر مختطفة ما ذهب الغاز المصري لتل أبيب وبأبخس الأثمان.
ثالثاً: وهي النقطة الهامة والتي قصمت ظهر البعير، حسب اعتقادي، نتائج الانتخابات المصرية الأخيرة والتي استحوذ فيها الحزب الوطني الحاكم على مقاعد البرلمان (مجلس الشعب) باستخدام التزوير والترغيب والترهيب وتسخير المال العام لخدمة الحزب وإيداع المعارضين السجون وتكميم الأفواه وفرض سياسة الأمر الواقع وبتلك الصورة السخيفة و السمجة.
كنت أتوقع حقيقة أن تخرج هذه الجماهير المحتشدة في التحرير وفي مختلف مدن مصر أبان حرب غزة في 2008م لتطالب بإسقاط نظام حسني مبارك لتواطؤه ودعمه الصريح لتل أبيب في حربها وحصارها لغزة والمساهمة في فرض طوق أمني على غزة ورفض نظام حسني مبارك لكل الدعوات الدولية والعربية بضرورة تخفيف الحصار والسماح للمواد الغذائية والطبية بالدخول إلى غزة.

وأخيراً لا أحد ينسى كيف تعامل نظام حسني مبارك مع القوافل الغربية والأجنبية التي كانت تحاول كسر الحصار الصهيوني على غزة وتجد تلك القوافل الدعم والتأييد من المجتمع الدولي بأسره، لكنهم يصطدمون بمواقف هذا النظام الذي ظل يقسط التنازلات بالقطارة وعلى مدى "18" يوماً ولم يفطن بأن مرحلة حكمه قد انتهت لأنه كان يعتقد أنه يستمد شرعيته من تل أبيب وواشنطن ولا يعير شعبه الاهتمام اللازم ففقد شرعيته في "25" يناير 2011م .. كما أنه ليس بوسع احد إنكار التغييرات الهائلة التي ستجتاح المنطقة ولو بالتدريج المريح لكنها ستكون وخيمة على المكابرين وبرداً وسلاماً أو أقل وطأة على الأذكياء والعقلاء.. فهل يدرك النظام الرسمي العربي ما يجري, نظن هذا ما ستكشفه الساعات القادمة وليس الأيام القادمة.
               
               أدوات السيطرة الحديثة !
هناك أدوات ووسائل ساهمت في سقوط نظام مبارك مبكراً ولم يسعفه الوقت للعودة إلى مربع الأزمة واستخدامها وأهمها بل أبرزها الإعلام الناجح الذي يعرف من أين تؤكل الكتف صحيح كانت قناة "الجزيرة" متحاملة ومتحاملة جداً على نظام مبارك وساهمت وبشكل كبير في تأليب الرأي العام على النظام المصري المخلوع وعجلت بالإضافة لوسائل إعلامية أخرى برحيله لكن هي ليست الأصل وكان يدرك مبارك مدى تأثير هذه القناة ومنذ زمن والذي نستغرب له نحن هو كيف لم يفكر النظام المصري بتحويل خمس قنوات فضائية من المئات التي يمتلكها لتنافس الجزيرة والعربية وغيرهما بل يمتلك أقماراً بكاملها وحتى الجزيرة تبث على "النايل سات" المصري ولا تمتلك قمراً قطرياً خاصاً بها لكن هي المشيئة والنهاية المكتوبة.. فمن كان يتصور أن يحدث مثل هذا وبهذه الصورة والطريقة!!.
abast66@hotmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد