;
عبد العزيز المقالح
عبد العزيز المقالح

ثورة مدهشة 2152

2011-02-20 03:03:26


في حدث جليل وعظيم كالثورة المصرية الجديدة 25 يناير 2011 لا بد أن يقف العالم إجلالاً وتقديراً لها ولشهدائها ولمفجريها من الثوار الشبان، ولا مكان معها للأحكام المسبقة عن أبعادها المستقبلة وعن أثرها الآني في مصر أولاً والوطن العربي ثانياً . وذلك لأن الثورات لا يمكن تصور نتائجها وملامح ما يمكن أن تحققه من إنجازات في الأيام الأولى ولا حتى في الشهور الأولى . وما أكثر الأحكام المتسرعة التي لا تعطي الوقت الكافي لقراءة مؤثرات هذا الحدث العظيم على محيطه المحلي والقومي والعالمي، وما يستطيع القارئ السياسي الحصيف أن يقوله بصدق وموضوعية أن حدثاً عظيماً قد تم في مصر، وأن مؤشراته الأولية تؤكد أن مصر بعده لن تكون مصر التي رسم صورتها السادات ومبارك .
لقد كان واضحاً أن مصر بدأت تشيخ من أواخر عهد السادات، وأن مظاهر الشيخوخة زادت ووصلت في السنوات العشرة الأخيرة من حكم مبارك إلى درجة محزنة، وأن أي ترقيع أو وصفات تنظيرية إصلاحية لن تجدي في إعادة الحيوية والنضارة التي كانت لها مهما كان حظ المجتهدين في اقتراح الحلول ووضع البرامج الآنية والمستقبلية، فالجسد الحي كان قد شاخ وبدأ في التآكل، ولن يعيد إليه حيويته وشبابه سوى الدماء السخية من أبنائه الشباب، وهذا ما يمكن لنا الآن قوله بوثوقية مطلقة، فقد خرج الشباب المصري من الحواري والقرى بعد أن وجدوا أن مصر التي أحبوها وخرجوا من رحمها باتت تعاني، وأن ليس في مقدور قوة من القوى الرافضة أو المعارضة لما يحدث على ترابها أن تعيد إليها عافيتها وتضع حداً لمعاناتها الطويلة والمؤلمة . ولا أريد لمصر، ولا لبقية أبناء الوطن العربي أن يتوقفوا كثيراً، أو قليلاً عند تلك التحليلات الجاهزة التي تذهب بالثورة الجديدة من اليسار إلى اليمين ومن اليمين إلى اليسار، وإلى كل الجهات التي تعرف ولا تعرف . لقد كانت ثورة مضاضة بكل المعاني، ومدهشة بكل المعاني أيضاً، وكان أهم ما فيها أنها شبابية، ولا علاقة للشيوخ أو الكهول في صنعها أو التمهيد لها، وتلك ميزة سوف تحسب لها في تاريخ هذه الأمة . كما أنها كانت ثورة سلمية لم تشهر السيوف ولا استعانت بالمدفع والبندقية، ولذلك كانت مدهشة وعظيمة بكل المقاييس، واستحقت أن تنال إعجاب العالم واحترامه، ولا يضرها بشيء إذا ما قوبلت من بعض الأنظمة والاتجاهات المعادية بالرفض أو عدم القبول .
ولعل أسوأ ما استمعت له من تحليلات متسرعة ومشبوهة أن هذه الثورة العظيمة سوف تقطع جذورها مع الثورة الأم 23 يوليو، وهو حدس كاذب، وإن صدق فلن تكون سوى انتفاضة عابرة . والأصح هو القول إنها ستعمل على ردم الهوة التي أحدثها نظام السادات وما تلاه من انفصام وانفصال عن مبادئ الثورة الأم ومواقفها التي جعلت من مصر قبلة للوطن العربي وقوة تحظى بتقدير العالم وتسهم في حل مشكلاته . لقد كان الخطأ الفادح الذي دفع إلى الثورة ناتجاً عن المحاولة اليائسة لإخراج مصر من محيطها وتحويلها إلى بلد تابع يحرس أحلام (الكبار) ويتجاهل عبثهم وغزوهم للوطن العربي وتدمير كل جهد لتجاوز الانتكاسة والخروج من زمن الهزيمة . والشيء الأكيد أن مصر الثورة الثانية (ثورة الشباب والطلاب والفقراء) لن تعود كما كانت، وما يجري اليوم من مطالب سياسية وحقوقية وديمقراطية للشباب وغيرهم تؤكد أنها استمرار ثوري شعبي ديمقراطي لثورة 23 يوليو ،1952 كما أن ثورة الشباب والطلاب والفقراء تطرح نفسها كثورة تسير وتتحرك باتجاه القطيعة مع الفساد والنهب والاستبداد والتبعية، وهي عودة للروح والهوية القومية في آفاقها الديمقراطية .
 نقلاً عن الخليج الإماراتية

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد