النجاح أمل الجميع وهدف الكل، لكن الكثير يخطئ طريقها فيبحث عنها في الخارج أو من الخارج.. فينسى ذاته ومشروعه إذ أن لكل إنسان مشروعاً فلا يذهب ليقلد ويشتغل في مشاريع الآخرين الذين يراهم ناجحين، لأن العوامل النفسية والعقلية مسيطرة في مجتمعاتنا العربية الإسلامية، وهي من أسباب الإخفاق والفشل والعجز لأن النجاح الحقيقي يأتي من الداخل لا من الخارج لأن ما يصلح لفرد لا يصلح لفرد آخر والمتقمص مريض يضحك الناس بأقواله وأفعاله وحركاته فلا يبدع أو ينجح في أي مجال، لأن أشقي الناس هو الذي يود أن يكون أنساناً آخر غير ذاته التي يشعر تجاهها بالنقص وهو عندما يصل إلى حالة الشعور بالنقص فإنه يصل إلى درجة الشعور باستحالة النجاح ويقضى على كل محاولة للابتكار والإبداع، بل تشل كل نشاط والذي تمرس على الشكوى ورثاء نفسه وحمّل الآخرين سبب فشله وعجزه لعدم الاهتمام به أو لمحاربتهم له سيصاب بيأس قاتل، مقيت يحول حياته إلى حياة كئيبة وهذا هو سبب الركود المخيم على أمتنا العربية والإسلامية حينما أصبنا بالانهزامية والانبهار والولع بتقليد الغالب نسينا أنفسنا وهويتنا وخصوصيتنا وذهبنا نقلد الغرب تقليداً أعمى.. ففقدنا الهوية وأضعنا الذات وعطلنا الطاقات.. فصرنا مجرد تابعين مقلدين ظانين أن التطور والنمو يأتي من هذا التقليد، وكان ذلك قطع على حصول النمو الطبيعي الذي يأتي من الداخل.
وقد أثبتت التجارب المعاصرة للأمم والشعوب أن التي اتكأت على خصوصيتها نجحت وأن الذي لجأت إلى التقليد والمحاكاة فشلت وخير مثل لذلك مصر واليابان فعندما عرفت مصر الحضارة الغربية والتعليم الغربي قبل اليابان بمائة سنة ومقومات الحاضرة في مصر دين ولغة وتاريخ ومساحة وموقع وثروات أكبر من اليابان، بل لا مقارنة.
ولكن المقارنة بين مصر المقلدة واليابان المحافظة على خصوصيتها لا تكاد توجد.. فمصر تفشل ويخرج الشعب ثائراً لسوء أوضاعه واليابان تعد ثاني أكبر اقتصادي في العالم.
يقول "إيمرسون" إن التشبه بالغير انتحار للشخصية، ذات الأمر الذي ينطبق على المجتمعات وينطبق على الأفراد، بل إن ما يصيب المجتمعات وإنما جاء نتيجة إصابة الأفراد بهذا المرض القاتل.. فنظر الإنسان إلى نفسه بدونية ويرى غيره أفضل منه في عقله وجسمه وحاله وعمله وبلده.. فتغلب عليه الشكوى والبكاء فلا ينتج ولا يأمل ولا يبدع ولو أنه أعتد بنفسه وتقبل ذاته ورضي بشكله وعقله لنجح.