;
مصبح بن عبد الله الغرابي
مصبح بن عبد الله الغرابي

عندما تُصنع الزعامة من ورق 1937

2011-03-03 03:33:39


أرّق النوم من عيني التفكير في حال أمتنا العربية وما يجري لها هذه الأيام ، من مآسي ونكبات ومحن , على أيدي زعامات ورقيّة نصّبت نفسها على أكتاف هذه الأمة كأبطال وقادة لعقود من الزمان ( أبطال في العمالة وقادة في الخور والخيانة ) استخدمت هذه الزعامات كل موارد شعوبها وعرقها بل ودماء أبنائها , لتصنع مجداً زائفاً وتاريخاً مزوراً وزعامةً ورقيةً من ورق (التواليت) خدمت هذه الزعامة مصالح الشرق والغرب وقدّمت الولاء بعد الولاء , ولم تقل يوماً من الدهر لأسيادها لا.
وفي المقابل عادت شعوبها وناسها ولم تخلق معها علاقة مودة ورحمة، العلاقة السوية بين الحاكم والمحكوم , صبرت هذه الشعوب في انتظار تبدل الأمر وتغيره وفاءًً وإخلاصاً ، ودوام الحال من المحال , ظلت تلك القيادة والزعامة في غيها ورعونتها , ولم تعي مطالب المرحلة ولا آمال وتطلعات تلك الشعوب في غدٍ مشرقٍ وضاء , وبأن الزمان ليس الزمان وتجاوز تلك الزعامات بمراحل ومسافات طوال , وظلت هي تراوح مكانها , مما خلق حالة من الانفصام وعدم الالتئام بين الشعوب والحكام والزعامات التاريخية الأثرية.
 الشعوب تتطور وتتقدم وهذه تتأخر وتتقهقر,ولهذا الحال جاءت دعوات ونداءات التغيير والإصلاح، أولاً بالمطالبات الفردية النخبوية السرية ومن ثم بالإعتصامات الجماهيرية الشعبية العلنية وبعدها الثورات العارمة الجارفة، بدأت بتونس الخضراء وأطاحت (بزين عابديها) ومما قال وهو على وشك الرحيل قولته الشهيرة "الآن فهمتكم" ولكن جاء هذا الفهم متأخراً "23" عاماً ترجمة حقيقية ووصفاً دقيقاً لحال هؤلاء ثم جاء دور مصر العروبة عندما لم يفهم الحاكم كلمة (كفاية) احتشد الملايين من الشباب في الساحات العامة وميدان التحرير خاصة لإرادة التحرر من قرين أبو الهول مكوثاً , وكعادته لم يقدِّر صرخات الملايين التي تناديه بالرحيل ولم يفهم الدرس إلا متأخراً محاولاً المراوغة والمناورة لعلها تفيد شيئاً.
هذه هي محنة أمتنا الحقيقية في زعاماتها التي فقدت الإحساس بالأشياء إلا سِدّة الحكم والمجد الزائف وبريق الأضواء ولو فدحت التضحيات لأنها عاشت بعيدا عن شعوبها لم تعش معاناتها يوما ما.
والآن بدأت ثورة التغيير والإصلاح في ليبيا الذي طال ليلها "43" عاماً من حكم عسكري مستبد لشخصية غير مستقرة نفسياً ينُمُ مظهرها عن مخبرها نظُّرت وتشدقت بمعاني الحرية والاستقرار والنماء الفت الكتاب الأخضر وطلت ولونت لأجله كل شيء في أرض ليبيا باللون الأخضر فهي تتلوه صباحاً مساءً كورد يومي فلا شيء يعتمل إلا وفق هذا الكتاب الطاغوت الأخضر كيف لا وما ألّفته إلا أنامل القائد الملهم فضاقت الجماهير بهذا الوضع وبدأت في انتفاضتها المباركة ضد هذا الكتاب وصاحبه وأعوانه ، جن جنون هذا الطاغية كيف يخرج هؤلاء عن تعاليم كتابه والتمرد على طوعه أم كيف تنادي برحيله ، ظهر في خطابه لشعبه واصفا إيّاهم بالفئران والمخدرين والمقملين مفردات تنم عن حكمه هذه القيادات التاريخية.
 أما قوله في أثناء الخطاب لشعبه بالفئران أو الجرذان فيه إشارة للعلاقة الفطرية بين القط والفأر فالقط مسلّط على الفأر يلاحقه ملاحقة أبدية لالتهامه وهؤلاء قطط سمان تلاحق تلك الشعوب والأوطان يأكلون خيرات الشعوب وثرواتهم ويأكلونهم كما هو حاصل الآن بالقتل والتشريد وسفك الدماء كل ذلك للحفاظ على كرسي الزعامة وصولجان الحكم وما هي إلا أيام قلائل ويرحل ذلكم الطاغية وينشق الليل الطويل عن فجر وليد تذوق فيه أمتنا في ليبيا طعم الحرية والاستقرار والتقدم والنماء.
وفي الأخير ما على باقي هذه الزعامات العربية التاريخية إلا أخذ العظة والعبرة فيما مضى والاستجابة لصوت الشعب في إرادة التغيير والإصلاح فليصلحوا أو التنحي في هدوء دون سفك الدماء إن كانوا فعلا يحبون هذه الشعوب ويعتبرون أنفسهم زعماء فإن ضريبة الزعامة غالية فهل يفعلها هؤلاء وخاصة من كان في سلّم الترتيب قبل مجيء دوره وأوانه آمل ذلك ليفعلوا هذه الحسنة فقد تمح ذنوب سنوات وسنوات ولربما حسنة دفعت نقمة.
والله من وراء القصد

E-mail : MAG19692000@hotmail.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد