;
فيصل الصفواني
فيصل الصفواني

الاعتصام ثورة أخلاقية في اليمن 1829

2011-04-05 07:10:26


ما يجري في اليمن حالياً اكبر من أن يكون مجرد صراع سياسي بين الحزب الحاكم وأحزاب المعارضة ، واعتصامات الشباب السلمية حققت ما هو أهم وأجدى من تغير رئيس وإسقاط سلطته.
الأمر الذي يدفعنا للقول أن ثورة الشباب اليمنيين اكتسبت بعداً إنسانياً يميزها ويرتقي بها عن الحدث السياسي المعتاد تكراره في قلب المشهد العام .
 الاعتصامات السلمية مكنت الشباب من العثور على وطنهم المفقود وفيها وجدوا أنفسهم وفي بيئتها المأهولة بقيم الحرية بدأوا يرسمون ملامح مستقبل اليمن الجديد (الوطن الحلم) .
في ساحة التغير أمام جامعة صنعاء ثمة يمن جديد أخذ في التشكل تتوافر فيه حقوق المواطنة ، وطن يخلو من السلاح والعنصرية والرشوة ،وتتألف فيه مكوناته المتناقضة بانسيابية عجيبة تحيل من التنوع الثقافي والاجتماعي، لوحة أسرة للدهشة حافلة بخصائص المجتمع اليمني وسلوكيات أبنائه الطيبين بمختلف مظاهرهم الثقافية .
وفقا لمقولة صديقي أوراس الارياني (الإنسان اليمني بدون سلاح يبدو جميلاً، كما هو في ساحات الاعتصام) ،والحياة أيضا بدون سلاح تبدو أكثر هدوءً في اليمن .
بيئة الاعتصامات السلمية وفرت للشباب المعتصمين من أجواء الحرية وقيم الديمقراطية ما لم توفره جامعة صنعاء الأكثر سوء والأكثر رتابة بين جامعات العالم العربي ، وفي أماكن الاعتصام وجد الشباب المتنزهات والأندية والمسرح الذي لم توفره حكومة صالح العبثية، وهناك يتعلم الشباب كيف يقبلون ببعضهم وكيف يديرون خلافاتهم وفيها يتحاور اليساريون مع المتدينين بهدوء وانسجام، بعيداً عن بوادر العنف المتوافرة في حوارات البيئة الرسمية خارج الساحة.
أما على المستوى العام، فان مردودات الاعتصامات السلمية أكثر من أن تحصى، ومنها رد الاعتبار الإنساني للهوية اليمنية بين الأمم والشعوب وعززت ثقة الإنسان اليمني بنفسه الذي وجد في هويته الآن ما يجعله يشعر باعتزاز بالانتماء إليها .
لقد أثبتت الاعتصامات السلمية للعالم مدى تحضر الإنسان اليمني وسمو أخلاقه وأنه أبعد ما يكون عن الإرهاب ، كما كانت تصوره وسائل إعلام الرئيس وممثليه في السلك الدبلوماسي.
فها هم أبناء قبائل اليمن الأبية ، يتوافدون إلى ساحة الاعتصام عزل من الأسلحة ويتحلون بأخلاق الصبر والسكينة في مواجهة الاستفزازات الأمنية والهمجية التي تحاول جرهم إلى مربعات العنف والمواجهات الدامية التي يسعى صالح إلى فرضها على اليمنيين قبل رحيله.
كما أن وحدة مكونات الثورة وتناغمها في ساحة الاعتصام اسقطا كل المراهنات المروجة لمشاريع التمزق والتناحر المتحوصلة في عقلية صالح المكتظة بأشباح الضحايا وويلات الحروب.
الآن نستطيع القول أن سلطة صالح سقطت فعلياً ولم يبق إلا أن نطوي مرحلة حكمه ونرميها في اقرب مقلب للنفايات التاريخية .
أما انفراط مسبحة شاغلي الوظيفة الرسمية واستقالات كبار دبلوماسيي اليمن في الخارج وكبار العسكريين في الداخل وانضمامهم إلى ساحة التغير،فهو دليل واضح على أن الاعتصامات السلمية أقنعت الضمائر الإنسانية والعقول المستنيرة بعدالة مطالبها، فاندفع غالبية اليمنيين من مختلف مواقعهم للانضمام إلى ساحات الاعتصام ، ولم يكتف بعضهم بمجرد تأييد مطالب الشباب بل أعلن استعداده وكلف نفسه واجب الدفاع عن المعتصمين ،كما فعل اللواء الركن علي محسن صالح ، الذي كان إعلان انضمامه لساحة التغير أشبه بالفتح المبين لثورة الشباب في اليمن ، خصوصا وان كبار قادة الجيش اليمني احتذوا حذوه وأعلنوا انضمامهم إلى ثورة الشباب عقب إعلانه .
في مشهدٍ يبدو فيه قذافي اليمن، معزولاً عسكرياً ومنبوذاً شعبياً خلف أسوار النهدين، محتمياً بكتائب إجرامية من البلاطجة والمأجورين.    
وهنا تتجلى المردودات الايجابية للاعتصامات السلمية في أزهى صورها ، ناهيكم عن أن مجزرة الجمعة البشعة كشفت الستار عن وجود صراع أخلاقي بين شباب ثوار تحتم عليهم أخلاقهم السامية انتهاج الوسائل السلمية في تحقيق مطالبهم ، وبين حاكم مستبد تدفعه أخلاقه الإجرامية إلى مباغتة الأبرياء بالقتل الغادر ، وهنا تتضح أهمية المقارنة بين أخلاق الفريقين ومشروعية مطالبهما .

alsfwany29@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد