;
محمد اللوزي
محمد اللوزي

البابوية في الكنيسة القروسطية وسلطوية (الديني/ الإعلامي/ الثقافي) في المعادلة السياسية اليمنية 2364

2011-10-11 04:55:27


بكل تأكيد الانتخابات في بلادنا يشوبها شائبة كبيرة، فهي ليست نزيهة، ولا تقوم على تكافؤ قوى سياسية، لأن هناك نظاماً يستقوي بالسلطة والثروة والقوة، وفي الضفة الأخرى معارضة في طور النشوء والحبو ليس لديها القدرة على المنافسة، لفارق الإمكانيات والتعزيزات الكبيرة التي يتمتع بها الحزب الحاكم وليس من قلة العدد.. لذلك كل الانتخابات أقرب إلى أن تكون تحصيل حاصل وإعادة إنتاج للنظام ذاته.. ومشاركة أحزاب المعارضة لا تمنح الانتخابات المصداقية إن لم تكن إدانة للحزب الحاكم وهو يستأثر بالحياة السياسية ويقدم نفسه أنموذجاً اقضائياً للغاية.. نرى هذا من خلال إعلامه أيضاً الأقرب في حقيقة الأمر إلى أن يكون(بطرركيا)، لا يتيح فرص التنافس ولا الحوار قدر ما هو إملاء وتمجيد لروح الفرد، والتأكيد أنه المركز وما عداه من قوى سياسية هي هامش.. لذلك تكون الرسالة الإعلامية في علاقتها بالديمقراطية تدجينية وصورة من صور القمع ومصادرة الرأي وتحويل الوسائل الإعلامية إلى نظام (كنسي)للفتوى وإقحام علماء الدين في قضايا سياسية حين الحاجة إليهم لتطويع الآخر وإدانته وإقصائه.. ويصير الدين على هذه الطريقة ضد الحرية وأقرب إلى أن يكون صورة مشوهة وغير بريئة من واقع الدكتاتورية المعاشة، باشتغاله على منظومة الفرد وتقديسه، وجعل الخروج على ولي الأمر وإن ظالماً مخالفا لشرع الله مروقاً عن الدين وزندقة، هذا على الأقل ما توحي به فتوى علماء السلطة.
وإذاً نحن أمام صورة من صور العصور(القروسطى)، حين كانت الكنيسة والبابا هو المهيمن والخروج عليه انحراف عن الله وكفر وعصيان.. ونحن هنا نشير إلى أن الإسلام برحابته لا يعترف بـ(البابوية) ولا بالفرد الطاغية ولا يقبل بهيمنة الواحد على المجتمع، ولعل الأخطر في كل هذا.أننا في الوقت الذي نجد ساحات التغيير تعج بالملايين، نجد في المقابل من يريد فرض (بابوية) ليتضافر في هذا السياق الإعلام وعلماء السلطان، كلاهما يمجد الفرد ويمنحه القدرة على أن يكون ولي أمر بلا حدود وأن يكون طغياناً لا يقبل التأويل أو الترجيح أو الظن، فهو من تخضع له الرقاب وتدين له الأمة بالولاء والسمع والطاعة والخروج عنه معصية..وإذاً ما الفرق بين الكنيسة وعلماء السلطان، في تقديري كلاهما يقعان في (البابوية)وكلاهما يحمل صكوك الغفران بيده، فهو المالك لكل شيء وهو من يتوجب عليه أن يقول والآخر يصغي، ويأمر والآخر يطيع.. لندخل في علاقة إرتيابية باسم الديمقراطية والصندوق أيضاً.
وهي ديمقراطية كما قلنا لا تنتمي إلى قواعد وضوابط وقوانين مرعية الجانب ولا يطبق فيها الدستور، وبالتالي يعتلي على المجتمع من يملك المال والسلطة والقوة، ولذلك تبقى الحياة في جمود وتعم المجتمع الفوضى، لأن مدخلات الصندوق غير حقيقية ومخرجاته على الدوام ذلك النظام الذي يريد أن يكون سيداً وحصوراً ونبياً، وقد رأينا من رفعه إلى هذا المستوى.
ويغدو الديني السلطوي والإعلامي في تزامن رسالتهما، أقرب إلى إعدام حياة لكل ما يريد أن يتشكل من حرية، وفي ذات السياق ينبري آخرون من جعبة النظام ليقدموا الديمقراطية أنها حجة الحجج، وأن النظام أتى عبر الصندوق، وأن لدى رقاب المسلمين بيعة لولي الأمر. 
وهكذا نجد أننا أمام بانوراما اعتباطية تعسفية تقهر الدين والحياة معاً، من أجل الفرد وحده المفكر بالنيابة عن وطن، فهو من يصدر التوجيهات ويسن القوانين كما يريد.. بمعنى آخر (البابوية)عبر الصندوق وباسم الديمقراطية.
 وإذاً فنحن أمام تداعيات خطيرة تمس الحياة وقبل هذا تمس الديني في الصميم حينما تلوي عنق الحقيقة وتريد الديني من يجيب على السياسي في بناء يمن جديد وتقمعهم باسم طاعة ولي الأمر مهما كان جائراً وظالماً وفي المقابل يسخر أعلام السلطة في ذات الاتجاه ليلعب بالسياسي ومعه الديني ونجد من يطل علينا ليحدثنا عن الأصوات والانتخابات والاحتكام إليها... وهنا نتساءل: متى كانت الديمقراطية كلها منزهة وتمثل شعباً؟ ألم يأت (هتلر) النازي من الانتخابات وهي أكثر صدقية بما لا يقاس بما نحن عليه و(موسليني) الفاشي ونظامه ألم يأت من ذات الصندوق؟ ومع ذلك رفضته إيطاليا.. ولعل أكثر طغاة العالم المبرزين في القرن الماضي مروا من ذات الصندوق والانتخابات الديمقراطية..ونستحضر هنا المعاناة البشرية وقتل 77مليون مواطن في الحرب العالمية الثانية التي دفع العالم إليها (هتلر) النازي وكانت باسم الديمقراطية.
علينا إذاً في هذا السياق، أن نؤمن بقيم الحرية والعدالة ومعها الديمقراطية ليكون النداء خالياً من (البابوية) واغتصاب السلطة وقهر الحياة التي يحلم بها البشر من خلال عقد اجتماعي صحيح لا مجال فيه لطغيان الاستبداد وأعلامه المزيف للحقيقة، ولا نريد إعلام (جوبلز) ونصحه أن لا ثقة بذاكرة الجماهير، ولا نريد إقحام (برجماتي )لرجال الدين في السياسي، يبررون للقمع ويفتحون حرباً إضافية ليس في الجانب (السياسي) القابل لأن يتلاشى ولكن في الجانب(الديني)، الذي يفرز مشاكل في سياق التاريخ من الصعب تجاوزها وتظل صراعاً لأجيال من خلال اللعب بأوراق الديني لتعزيز السلطوي والانتقال به من العادي إلى (الفو طبيعي)..
وعلينا إزاء هذا أن نقارن بين (الكنيسة) الرومانية الكاثوليكية إبان اجتمعت السلطة الدينية والسياسية في يدها وبين الفتوى التي أصدرها من يسمونهم علماء، فالكنيسة البابوية كانت تقوم على سلطة الفرد (البابا)المستند الى شرعية (الله)، وذات الموقف لعلماء السلطان منح (ولي الأمر )التفرد الذي يجب طاعته وعدم جواز الخروج عليه وإن كان ظالماً بذات المبرر الديني شرعية (الله) ممثلة في البيعة.. ويتعزز ذات الموقف في الإعلام الممنهج القائم على جعل الفرد مكان العقل ومناط الديمقراطية والتنمية ومصدر الإلهام.. فكل ما يقدمه من رسالة لا تعبر عن جماهير وإشباع رغباتها قدر ما تريد إشباع رغبة النظام وكسب وده وتبررضرورة انصياع الجماهير بكل تنوعها الإبداعي لذات الفرد وتضعه في مقام (البابا) الذي هو من يقرر ما يجب وما لا يجب، لتكون المسألة هنا متساوقة مع المثقف السلطوي الذي يربط الديني بالمديني (الديمقراطية).. ففي حين يقول الديني: بوجوب طاعة ولي الأمر، يطلق المثقف السلطوي وجوب الخضوع لمخرجات الصندوق، مهما كانت هذه المخرجات قائمة على مفارقات لا تشكل في محصلتها ديمقراطية حقيقية، ثم إن هذه الديمقراطية ليست كلها من صالح الأعمال وقد أسلفنا أن أبشع نماذج قدمتها الديمقراطية في هذا العصر هما على سبيل المثال (هتلر، وموسيليني)...في هذا السياق لابد من القول للديني والإعلامي والسياسي (البابوي): أن ثمة ولي أمر واحد يجب أن ينصاع وينقاد له المجتمع ليس الفرد ولا السلطة ولا الرهبانية ولكن ولي الأمر هنا ـ (الدولة) بمفهومها المعاصر، من خلال البناء المؤسسي السليم القائم على نظم وقوانين وهيكلة، وفوق كل هذا الدستور بهوية أمة..فالمسألة لم تعد ولي أمر منوط به المجتمع القرشي وما بعده واللامعولم.. نقول: لم تعد كذلك قدر ما هي الآن وعياً بالممكن والمتاح واكتساب هوية حضارية في سياق التحولات المعاصرة، في ظل عالم متشابك معولم أقرب إلى أن يكون واحداً تتحكم فيه المصالح في هذا العولمي.. ولا يمكن أمام هذه المتغير (العولمة) أن يظل فرداً ولي أمر وإن كان ظالماً، وينقاد المجتمع لإعلام واحد، وفرد واحد، وفتوى واحدة، وصندوق واحد معروفة سلفاً نتائجه...على هذا الأساس يكون ولي الأمر، هذا التداخل القوي والثري الذي يرفض (البابوية) أياً كان مصدرها الديني أو السياسي أو الثقافي ولا يعير هذا معنى، لكونه ينطلق من تكنولوجيا( العولمة) وعالم (سيبرنطيقي)، وبذات القدر يستطيع مجتمع ما أن يعزز حضوره من قدرته على الإبداع والتعايش الإنساني ومن حضور الآخر والاعتراف به ومن تمكين الدولة لأن تكون هي ولي الأمر بقوانينها ونظمها ودستورها وتشريعاتها المستمدة من فقه الشريعة الصافي، ومن واقع الضرورة والحاجة المعاصرة..
وهنا فقط علينا أن نقاوم أي (بابوية )جديدة تخلى عنها المجتمع الأوروبي لصالح مركزية أخرى وبابوية أخرى أكثر حذقاً ومهارة لا مجال للخوض فيها هنا، إنها (المركزية الأوروبية).. ولكن في ذات السياق علينا أن نستفيد من تاريخ سابق وأن نستحضر الصافي الإسلامي المعبر عن روح الأمة وتطلعاتها المستقبلية، وعن فكرة التعايش البشري، باعتبار العالم اليوم اقرب إلى أن يكون قرية واحدة، لا مجال للفرد والتفرد فيه، كون ذلك يتنافى مع قطار (العولمة) الذي لابد أن نصعد إليه ولا ندعه يفوتنا..وإذاً لابد من فهم معاصر وحقيقي لمعنى الديمقراطية دونما إحالتها إلى (البابوية) وتعزيز القمع بنصوص دينية مجتزأة والتلاعب بالعقول وغسلها إعلامياً وبما يقوم به المثقف الانتهازي المجرم في حق شعبه وتاريخ أمته وهو يبرر للسلطان أدوات القمع وفاعليتها، ليظل القائد وحده الملهم، والشعب ليس ملهماً ويجعل القائد ابن الدبابة وراجمة الصواريخ، وليس ابن الوردة والقصيدة والمصنع.. نستحضر هنا الإعلام المقيت حين يجعل القائد يطل من بين كم من الدبابات وهي صورة نزوعها دموي قمعي فاشي لاشك أن العصر تجاوزها.. ولكن يبقى سؤال مهم: هل هذا التجاوز يمكن تعقله من قبل النظام وبالتالي يحرك نفسه خطوة نحو إلمام منصاعاً لرغبة الملايين؟ أم أنه سيبقى في ذات المفاهيم البالية ليجد نفسه وجهاً لوجه أمام قطار العولمة السريع وقبله الحرية والمواطنة المتساوية؟.. سؤلان نلقي بهما على من يفقه قولاً أو يقرأ تاريخاً ويجيد فهم العصرنة.

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد