;
فيصل الصفواني
فيصل الصفواني

المبادرة والقرار تشخيص الداء واحد 1847

2011-11-03 04:12:51


إلى ما قبل الخامس من فبراير والوضع العام في اليمن شديد التعقيد، عصي الفهم وبالغ الرداءة إلى حد جعل أحد المهتمين يصفه بأنه وضع مبكي إلى حد النحيب ومضحك إلى حد الجنون، وكان الانطباع السائد عند غير اليمنيين أن مشكلة اليمن تكمن في خصوصية الواقع وذهب بعض السطحيون إلى أن مشكلة اليمن تكمن في وعي الإنسان اليمني نفسه باعتباره إنساناً متخلفاً.
لكن خروج اليمنيون إلى شوارع المدن الرئيسية، مطالبين بالتغير السلمي للسلطة في بداية فبراير قد غير الانطباعات الصور السائدة عن اليمن خارج الحدود اليمنية، إلا أن الرئيس صالح واجه مطالب شعبه بعنجهية بالغة نفى حاجياتهم للتغيير.
وقال: إن دعاة التغيير هم عبارة عن مرضى نفوس وإن الاحتجاجات العربية هي الأخرى ليست أكثر من حالة مرضية.
نعم يا صاحب الفخامة نوافقك الرأي أن اليمن بلد مصاب بداء، وقد أجمع حكماء اليمن ووجهائها أن علة الجسد اليمني تكمن في قمة الهرم السياسي، حيث توجد سلطة الرئاسة بتركيبتها العائلية، وحينها قررت قوى الثورة بمختلف مكوناتها في ساحات الاعتصامات وميادين التغيير، إخراج الكرت الأحمر للرئيس تطالبه بالرحيل السلمي من السلطة في جمعة الرحيل، لكن صالح تعامل مع اليمن وكأنها شركة خاصة لايقبل التنازل عن ملكيتها لأحد، ولم يقتنع صالح بالتشخيص المحلي ، بل طلب فخامته تدخل دول الجوار والاحتكام إليها.
وعلى الرغم من أن طلب الرئيس بأقلمة المشكلة اليمنية فيه خروج عن الشرعية الدستورية واستهجان بالغ لإرادة اليمنيين وحقهم في التغير السياسي ، إلا أن طلبه لم يقابل بالرفض من قبل قوى الثورة في الساحات ليس ضعفاً من الثوار ولكن احتراماً منهم لفرضية الشراكة الإقليمية بين اليمن ودول الخليج ، الشراكة التي تقتضيها علاقة الجوار، وإيمانا بعدالة مطالب الثورة.
ومن جانبهم تعامل قادة دول مجلس التعاون مع الحالة اليمنية بحرص واتزان كبير ، وخلصوا في نتائج تشخيصهم إلى أن مشكلة اليمن الحقيقية تكمن في رئاسة صالح ، وبإجماع دول الخليج الست أعلنت المبادرة الخليجية المتضمنة لمشروع الحل السياسي السلمي وفي مقدمة بنودها تنحي صالح من موقع الرئاسة باعتبار تنحيه هو بداية الحل لمشاكل اليمن.
ومع أن المبادرة منحت الرئيس امتيازات شخصية واعتبارات سياسية لم تكن واردة في حسبانه ووفرت له غطاءً سياسياً إقليمياً يحفظ له حقوقه الإنسانية والسياسية باعتباره أول رئيس عربي يقوم بنقل صلاحياته كاملة إلى نائبه ويعلن تنحيه السلمي عن السلطة، إلا أن الرجل لم يكن أهلاً للفضل ولم يرتق إلى مستوى الممارسات الدستورية كما يجيد التلكؤ بشرعيتها، وأبدى رفضه المموه بالمراوغة المقيتة كما هو معروف عنه.
ولم تقف الأمور عند حد رفض التوقيع على المبادرة بل تعداه إلى حد محاصرة سفراء دول الخليج في مبنى السفارة الإماراتية – مساء الثاني والعشرين من مايو- في موقف ينم عن وقاحة رسمية لم يسبق لها مثيلاً، بالإضافة إلى إساءة الرئيس لشخص الدكتور/ الزياني - أمين عام مجلس التعاون ومبعوث خادم الحرمين يومها. 
وبفعل التعنت الرئاسي انتقلت الحالة اليمنية من طاولة النظام الإقليمي إلى أروقة المجتمع الدولي عبر بوابة مكتب الأمم المتحدة ،وفي الـ 21من أكتوبر أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم (2014) بشأن اليمن وبموافقة كل أعضاء المجلس بدون معارضة أو تحفظ.
القرار الأممي هو الآخر ألزم صالح بالتنحي من موقع المسؤولية بطرق سلمية باعتباره رئيساً وفق بنود المبادرة الخليجية وأضاف إليها تشكيل لجنة تحقيق دولية بشأن جرائم قتل المدنيين والاعتداءات الإجرامية على المسيرات والمظاهرات السلمية من قبل قوات رسمية .
 وبهذا يكون القرار الدولي قد استلب صالح ومعاونيه ما منحتهم المبادرة من إعفاءات وضمانات كون قوانين الشرعية الدولية لا تجيز إعفاء القتلة والمجرمين أو منحهم ضمانات قانونية.
ما نخلص إليه هنا هو أن مراحل التشخيص الثلاث للحالة اليمنية ابتداء من التشخيص المحلي في الساحات، مروراً بالمبادرة وانتهاء بقرار مجلس الأمن ، تكاد تكون مجمعة على أن الداء الحقيقي في اليمن يكمن في رئاسة صالح ومراكز أبنائه القيادية ، وأن أي معالجات لمشكلة الواقع اليمني بدون إزاحة صالح من السلطة تعد نوعاً من العبث غير المجدي ، مع التنبيه أن التشخيص الدولي بحكم التفوق العلمي والالتزام القانوني أكد أن تحقق صحة الجسد اليمني مرهونة باستئصال الورم المحوري في الرأس مع بقية الخلايا الموبوءة في أماكن مختلفة من الجسد، والتي ستقوم لجنة التحقيق الدولية بتحديدها واستئصالها عن طريق محكمة الجنايات الدولية في القريب العاجل إن شاء الله.
Alsfwany29@yahoo.om

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد