;
ماجد محسن فريد
ماجد محسن فريد

لقد ضلوا.. وأضلوا.. 1966

2011-11-07 12:49:34


لقد حبا الله هذه الأمة بعلمائها الأجلاء الذين يحملون على عاتقهم مسؤولية تبليغ الأمة أمر رشدها في كل جوانب الحياة، ولما كان دورهم كذلك قال الله مادحاً لجهدهم :(إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءً).. وقال (واسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون)، كما قال رسولنا الكريم :( العلماءُ ورثة الأنبياء ) والكثير من الأحاديث الشريفة.ومما لاشك فيه أن العلماء يحضون بمكانةٍ عالية بين الناس فمنهم من عكف على طلب العلم منذ الصغر إلى أن هرِم وهو لا يزال يطلب العلم،فالعلم لا يتوقف عند حد معين يبلغه العالم بل كلما تعلم الإنسان شيئاً أيقن أنه لازال جاهلاً للكثير، ورغم العلم الذي بلغه نبينا الكريم إلا أنه كان يقول (ربي زدني علماً)، فليس كل من تعلم شيئاً يسيراً من العلم يسمى عالما وليس كل من قرأ يسمى قارئا، ولاشك أن العالم في بعض الأحيان يخطئ ويصيب كما قال رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر)، ويقاس ذلك العلماء المجتهدون فهم ليسوا منزهون عن الخطأ، وكما قال عالم الأمة مالك بن أنس قال عن فتوى بعض العلماء آنذاك (كلاً يؤخذ من قوله ويرد إلا صاحب هذا القبر)، وأشار إلى قبر الرسول صلى الله عليه وسلم. ولكن مما عانت منه امتنا الإسلامية والعربية اليوم من تقليص لدور العلم ومكانته، حيث أصبح كل حاكم يتخذ حاشيته من العلماء يربيهم ويُعـدُّهم في قصره كيف يشاء فيفتون ويبررون له أعماله وقت ما شاء بحجج واهية، مستدلين على ذلك بأدلة صحيحة اُريد بها باطلاً فوضعوا الكَلمَ في غير موضعه وفسروا الآيات القرآنية تفسيراً ظاهرياً ليتناسق مع ما أراده منهم الحاكم، فسفكت الدماء وضاع الحق وساد الظلم، وانتشر الجهل، ضيقت الحقوق ، بفتوى واهية أهلكت الحرث والنسل، وقد صدق حديث نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ حينما قال:( إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعا ولكن يقبض العلماء فيرفع العلم معهم ويبقي في الناس رؤوسا جهالا يفتونهم بغير علم فضلوا وأضلوا)، يتكسّب بعض هؤلاء الدعاة من أمر الدعوة عبر الفتوى فيما يحقق لهم من مصالح، وربما هذا الذي جعل الفتوى للحاكم ميدانا لكل طامح، فكثر التنافس بينهم. ومما يجب أن يدركه الناس أنه ليس كل عالم عالما وليست كل فتوى صحيحة،فكلا يؤخذ من قوله ويرد، فالعالم الذي يجب أن يتبّع هو العالم الرباني الراسخ في العلم، الذي ظهر فيه الزهد والورع والوقار، يعيش بين البسطاء ويتفقد حالهم ويكون سندا لهم عند المصائب والمحن، أما من يأكلون ويعيشون في تلك القصور الراقية بعيدا عما يعانيه الناس من الظلم والقتل فهم ليسو إلا تجارا للفتاوى السريعة في هدم الشريعة. لا ينتظر من هؤلاء فتوى تتبع أو حقٌ يُصدع والناس تعاني و تكابد من أجل لقمة العيش يكاد الفقير لا يجد مسكنا يأوي به رعيته، و هؤلاء العلماء يتلقون الرواتب المغرية و يسكنون القصور الفاخرة التي أهداهم إياها الحاكم يعيشون في ترف ومتاع. لقد ضيع هذا الصنف من العلماء مكانة العلم وأهله بين الشعوب فأصبحت طريق للمكسب، فهلا تذكروا قليلاً سيرة علماء الأمة الأوائل أمثال ابن عباس و ابن مسعود، ألم يقرأوا عن مواقف العلماء أمام الفتن والإغراء آنذاك مثل سعيد بن جبير الذي صرخ في وجه الحجاج ابن يوسف الثقفي، رغم أنه كان يعلم أن مصير كل من يقول للحجاج (لا) مصيره الموت فنطق بالحق وقتله الحجاج بعدها، وكذلك الإمام أحمد وابن تيمية، صدحوا بالحق في وجوه حكامهم وعُذبوا أشد التعذيب فلم يردهم ذلك شيئاً، لقد كانوا لا يجلسون للدعوة أو للفتوى إلا بعد الشبع من الدنيا وهذا الشبع يتمثل في أمرين: الاستكمال العلمي والاستغناء المادي؛ ولم يكن أحد من الدعاة الصادقين السابقين متكسّباً من الدعوة ولا متقبلا لهدية ولا طرفاً في صفقة، ولا شريكاً في مشروع،، وما كان علماء السلف يتصدرون لأمر العامة إلا وهم مستغنون عن الناس مستكملون علمياً وخلقياً لشرائط التوقيع عن رب العالمين.،فهلا تحلى علماؤنا ولو بشيء يسير من أخلاقهم وصفاتهم وهلا غلّبوا مصالح المسلمين على مصالحهم الشخصية.
وأختم بقول الشاعر:  كن عالماً في الناسِ أو متعلماً * أو سامعاً فالعلـمُ ثوبُ فخــارِ
    من كـلِّ فنٍّ خذ ولا تجهلْ به * فالحُـــرُّ مطلعٌ على الأسـرارِ
    فاعمـلْ بـما عُلِّمتَ فالعلمـاءُ إِن * لم يعلموا شجرٌ بـلا أثمـارِ

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد