;
فيصل الصفواني
فيصل الصفواني

المتغير في أجندة الحوثيين الثورية 2335

2011-11-14 15:55:56


مع بدء الاعتصامات السلمية،كان لأبناء صعدة وحركة الحوثيين شرف المبادرة بالانضمام إلى ساحات الاعتصام، معبرين عن رغبتهم الحقيقية والجادة في مناصرة الثورة والمشاركة في صياغة تاريخ اليمن الجديد والمنشود بعد رحيل صالح ونظامه من سدة الحكم، لكن معطيات المشهد الثوري الراهن تفيد بحدوث تغييرات مهمة في إستراتيجية الحركة الحوثية والية عملها.
ومن الإنصاف أن نؤكد هنا أن موقف الحوثيين لم يتغير من الثورة ذاتها، لكن التغير في الموقف حدث من بعض القوى المؤيدة للثورة و أدى إلى تبني الحركة إستراتيجية عمل غير متجانسة مع بيئية الثورة وغير مساعدة على تحقيق أهدافها، وهنا تشكلت نقطة التماس بين أداء الحوثين باعتبارهم مكوناً ثورياً وبين بيئة الفعل الثوري الحقيقي الهادف لإحداث تغير سياسي شامل يتم بالتدريج المجدول ويبدأ بإزاحة صالح وأولاده من موقع الرئاسة وقيادة الوحدات العسكرية وينتهي ببناء دولة مدنية غير قابله للاستئثار من قبل أي حزب أو شخص أو جهة أو عشيرة ويكون الشعب هو مالك السلطة فيها وهو مصدر شرعية شاغليها.
 ومن محاسن الصدف أننا في بلد في، هذا البلد قد استهلكنا كل أشكال الحكم الماضوية واستنفذنا كل الأعيب السياسة التقليدية، ولم يعد بوسعنا جميعاً ما يمكننا أن ننجزه سوى الانتقال بواقع اليمن من أزقة الماضي الضيقة إلى آفاق المستقبل الواسعة عن طريق ثورة الشباب السلمية المباركة، فالثورة وحدها هي سفينة النجاة للجميع وما عداها هو الطوفان.
ولعل مشكلتنا الحقيقية في اليمن أننا لا نجيد إدارة ما هو مشترك بيننا بنجاح، والثورة ليست أكثر من مشروع عام ومشترك بين كل اليمنيين، تتوقف عوامل نجاح المشروع على أساليب إدارته من قبل الشركاء.
ومن الواضح أن كل فريق مؤيد للثورة دخل الساحات بقده وقديده وحجمه الطبيعي، الأمر الذي أثار لدى البعض المخاوف من عملية الإقصاء السياسي مستقبلاً، مع أن المرحلة وظروفها الإقليمية والدولية والمحلية لم تعدمواتية لممارسة الإقصاء السياسي، ربما بدافع الخوف من الإقصاء تبنت الحركة الحوثية إستراتيجية عمل جديدة مغايرة لبيئة العمل الثوري ومعيقة لتحقيق أهداف الثورة في أغلب حالتها.
إذ يلاحظ أن الحركة اتجهت نحو الاستقطاب السياسي داخل الساحات وخارجها استهدفت كل الأشخاص المسكونون بهواجس الخوف من الإقصاء وآخرين مولعون باستثمار مواقفهم السياسية في قلب الأزمات، وفي سياق عملية الاستقطاب انتهجت الحركة خطاباً تبريرياً يقوم على مزاعم "الإصلاح ابتلع أحزاب المشترك، القبيلة التهمت الثورة، علي محسن أعاق الثوار عن تحقيق أهدافهم ".
وفي هذه الحالة تكون أجندة الحوثيين قد التقت مع أجندة صالح وبقايا نظامه ربما بدون اتفاق مباشر بينهما، بل إن مطابخ الأمن القومي والدائرة الأمنية في الحرس الجمهوري وجدت في قنوات الحركة الحوثية وإستراتيجية عملها ممراً متاحاً وآمنا لتسويق منتجاتها المسمومة داخل ساحات الاعتصام في أكثر من محافظة بفاعلية أكبر مما كانت تتوقعها من قبل.
قبل عام واحد من هذا التاريخ كانت العلاقة بين الحوثيين ونظام صالح علاقة دم من خلال معركة مفتوحة وغير متكافئة حصدت أرواح الآلاف من أبناء صعدة ومنهم أطفال ونساء في حرب غامضة مازالت أسباب نشوبها مجهولة لا يعلمها إلا الله وصالح وآل الحوثي، ولا ندري كيف سيتقبل أبناء محافظة صعدة هذا التحول المريب والشائك في العلاقة بين الحوثيين ونظام صالح من علاقة حرب إلى تحالف سياسي، إذا افترضنا وجود تحالف مباشر بين الطرفين،
في معايير العمل الثوري الاستقطاب السياسي من بوادر الصراع الحزبي لا ينتمي إلى بيئة الثورة ولا يساعد على تحقيق أهدافها، والعمل مع مناوئي الثورة هو عمل مناهض للثورة من داخل صفوفها أياً كانت المبررات، لكن هذا كله لا ينفي صفة الثورية عن الحركة الحوثية ولا يقلل من أهمية دورها في الساحات،
كما أن اختلاف الحوثين مع التجمع اليمني للإصلاح أو تحفضهم على قيادات الجيش المؤيد للثورة لا ينبغي أن يدفعهم إلى نسف تاريخهم أو التراجع عن أهداف الثورة من خلال الأعمال المناوئة لها، فالثورة ليست ملكاً للإصلاح ولو كانت كذلك ما كان للحوثيين أن يكونوا من أوائل المنضمين إلى ركبها منذ الوهلة الأولى.
 وإذا كانت مصالح السياسة تقتضي التحالف بين صالح والحوثيين فمن الغباء السياسي أن يتمكن صالح وهو في ساعات الاحتضار من استغلال دماء أبناء صعدة وأرواحهم الطاهرة عبر الحروب الستة الماضية عن طريق الحوثيين، وبصراحة أكثر يمكننا القول أن الخوف من الإقصاء السياسي لا يبرر لأي قوة سياسية في اليمن في الشمال أو في الجنوب البحث عن موقع افتراضي غير ديمقراطي في مرحلة ما بعد الثورة من خلال صيغ سياسية أو تحالفات مخالفة لأهداف الثورة وغير متصلة بالعملية السياسية المجدولة إقليمياً ودولياً من خلال المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن الدولي رقم(2024)،
كما أن التحالفات مع قتلة أبناء الجنوب وأبناء صعدة تحت ذريعة الغاية تبرر الوسيلة سيكون بمثابة عمل إجرامي لن يغفره أهالي الضحايا ولن تتهاون في حقه الأجيال القادمة.
 لقد منينا بالهزيمة مرات عديدة خلال نصف قرن مضى بسبب التحالفات السياسية الإلتوائية على إرادة الشعب في التغير ولن يسمح بها اليمنيون مرة ثانية.
فالملاحظ حالياً أن مخاوف البعض من الإقصاء السياسي جعلتهم يعملون على إعاقة الانتقال باليمن إلى مرحلة الممارسات الديمقراطية والاحتكام للشعب في العملية السياسية عبر مؤسسات الدولة المدنية القائمة على شرعية الانتخاب الحر والمباشر، بل وجعلتهم يحاولون بإحباط شديد البؤس، إعاقة هذا النوع من التحول بوسائل شتى أهمها حالياً خلط الأوراق بهدف تعقيد المشهد السياسي وإكسابه صفة الاستعصاء على الحلول السلمية والديمقراطية ومن مظاهر الخلط المرضي للأوراق شعار" ارحلوا جميعا".
وعوداً إلى أجندة الحركة الحوثية، نجد أن السبيل الأمثل لقطع دابر الإقصاء السياسي مستقبلاً هو الدخول بشراكة حقيقية وفاعلة مع التجمع اليمني للإصلاح وبقية أحزاب اللقاء المشترك،
الشراكة الحقيقية هي الحل العملي وهي قدرنا المحتم للتعايش بسلام في هذا البلد، وفق أسس صحيحة، تتسم بالشفافية والوضوح وتتفق مع الأسس العالمية والدولية المعمول بها في كل إرجاء العالم، نريد شراكة بين القوى الممثلة جماهيرياً لانخبوياً، شراكة تقوم على التمثيل الحقيقي للمجتمع لا تقوم على التامرات والحروب المتنقلة والتوسع العسكري في بعض المحافظات شراكة يقررها الشعب ويتحكم بمقاديرها المجتمع من خلال ثقته التي يمنحها لممثليه في الهيئات المنتخبة، ومن خلال خروجه المباشر إلى الساحات والميادين العامة، 
Alsfwany29@yahoo.com

الأكثر قراءة

الرأي الرياضي

كتابات

محمد الجماعي

2024-05-06 23:20:44

"فسيلة" الزنداني؟

كلمة رئيس التحرير

صحف غربية

المحرر السياسي

وكيل آدم على ذريته

أحلام القبيلي

2016-04-07 13:44:31

باعوك يا وطني

أحلام القبيلي

2016-03-28 12:40:39

والأصدقاء رزق

الاإصدارات المطبوعة

print-img print-img
print-img print-img
حوارات

dailog-img
رئيس الأركان : الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر

أكد الفريق ركن صغير حمود بن عزيز رئيس هيئة الأركان ، قائد العمليات المشتركة، أن الجيش الوطني والمقاومة ورجال القبائل جاهزون لحسم المعركة عسكرياً وتحقيق النصر، مبيناً أن تشكيل مجلس القيادة الرئاسي الجديد يمثل تحولاً عملياً وخطوة متقدمة في طريق إنهاء الصراع وإيقاف الحرب واستعادة الدولة مشاهدة المزيد